أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - الدين السياسي تاريخ مخزي للشعوب















المزيد.....

الدين السياسي تاريخ مخزي للشعوب


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 7973 - 2024 / 5 / 10 - 10:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مملكة سبا حضارة تاريخية عريقة يعود تاريخها الى 1500 ق.م ، أقيمة الى جانب حضارات أخرى في المنطقة العربية ، كحضارة وادي الرافدين، ومملكة تدمر، كانت المملكة تتمنع بنظام سياسي ديمقراطي برلماني ، بالإضافة الى القدرات العسكرية الهائلة التي بنتها الملكة لردع الأخطار عن البلاد ، لقد كان في نبذ ميثولوجيا عبادة الشمس والإيمان بالله واليوم الأخر، دور كبير في توسيع قدرات المملكة الصناعية والزراعية والتجارية ، ففي مجال الزراعة تم انجاز سد مأرب ، لزراعة الأشجار المثمرة على جانبيه ، لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ، كما ان اكتشاف الحديد والنحاس على يد داوود وسليمان احدث طفرة نوعية في مجال الصناعة ، فاستبدلت الصناعة الفخارية بالصناعة المعدنية ، ذلك مما ساهم في تطوير القدرات العسكرية في مجال التسليح والدروع ، فتحولت المملكة الى مركزا صناعيا للمستلزمات العسكرية والبشرية والحيوانية ، كالجواب والقدور والحراب وللوازم المنزلية ، وبعد التطور الحضاري الواسع على كافة الأصعدة ، أصبحت المملكة جاذبة للاستيطان ، فتشكل على الحور الإقليمي الممتد الى الحضارات الأخرى ، قرى كثيرة ارتبط نشاطها الاقتصادي والتجاري بالمملكة ، وبفضل الإيمان بالله واليوم الأخر ، ساد الأمن التجاري بين الإقليم والمركز والحضارات الأخرى ، فكانت القوافل التجارية تسير ليالي وأيام أمنة

لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ

بعد موت سليمان انفصلت مملكة سبا عقائديا عن قرى المحور الإقليمي ، لتنفرد بعقيدة جديدة مخالفة لعقيدة الإيمان بالله واليوم الأخر ، صنعها الدين السياسي تستند على عقيدة ظنية ادعت علمية عالم الجن الغيبي ، مستمدة أفكارها من ما سخره الله لسليمان من جن، فأهمل الدين السياسي المظاهر الحضارية والصناعية والاقتصادية والزراعية ، متوجها الى الخرافات والأساطير والنصب والاحتيال باسم عالم الجن ، فمن المشاريع التي أهملت سد مأرب ، حيث توقفت إدامته من الرواسب الطينية التي تنقها مياه الإمطار من الأودية والمنحدرات ، كما أهملت فتحة تصريف الماء الزائد ، ولما اعرضوا عن الإيمان بالله واليوم الأخر، سلط الله عليهم السيل العرم ، فدمر السد بالكامل ، ذلك أنهى النشاط الزراعي ، فتحولت الأشجار المثمرة والبساتين الى أشجار صحراوية كالأثل والسدر

فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ{16}

رغم توقف آلية العذاب الدنيوي بالكوارث الطبيعية ، إلا ان خيارات العذاب الأدنى، مفتوحة للإطاحة بمصالح الدين السياسي ، الاقتصادية والسياسية والأمنية ، مملكة سبا أنموذج على تدمير الدين السياسي ، لأعظم حضارة في التاريخ

ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ{17}

حافظت قرى المحور الإقليمي على الإيمان بالله واليوم الأخر، فلم تتأثر عقائديا بمركز المملكة السبئية ، وبعد تدمير السد ، نزح سكانها الى القرى الآمنة ، ففي النزوح عبرة وفرصة لهم للعدول عن عبادة الجن والإيمان بالله واليوم الأخر ، من المميزات التي تفضل الله بها على القرى ، انه قسمها الى قسمين ، قرى بارك الله فيها ، أي متكاملة اقتصاديا وزراعيا وتجاريا وعمرانيا ، وقرى ظاهرة جديدة النشأة مستقرة استيطانيا لكنها غير متكاملة اقتصاديا ، وبهذا التفاوت الاقتصادي والعمراني ، شكل نشاطا تجاريا بينها ، كما ان أيمانهم بالله واليوم الأخر وفر لهم أمنا إقليميا ، فلا مؤوى لعصابات السلب والنهب داخل القرى تعترض الطريق التجاري ، فالقوافل التجارية كانت تسير ضمن قدر مؤمن، كتبه الله ليكون سببا في انتعاش اقتصاد القرى ، وقدرنا فيها السير ، سيروا فيها ليالي وأياما امنين

وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ{18}

توزع النازحون من مملكة سبأ على القرى التي بارك الله فيها ، وعلى القرى الظاهرة ، فلم يعتبروا مما حل بهم من دمار شامل ، بل أردوا الإطاحة بسكانها ، من خلال التنظير السياسي لعبادة الجن ، بعد طمس الإيمان بالله واليوم الأخر، ولما فشلت محاولاتهم قالوا ، فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ، أي اجعل القرى بعيدة بعضها عن بعض ، إبعاد هذا القول ، هو للإطاحة بالنشاط الاقتصادي والتجاري للقرى ، لينزحوا منها ، وظلموا أنفسهم مرة أخرى ، فمزقوا وشردوا مرة أخرى بعد طردهم من جميع القرى ، فجعلناهم أحاديث ، اي أصبحوا مثلا يضرب على شتاتهم ، ومزقناهم كل ممزق ، ان في ذلك لآيات لكل صبار شكور

فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ{19}

المحور الفكري للعقيدة الظنية ، يتمحور حول علمية عالم الجن الغيبي، للتشكيك بالبعث والنشور الأخروي ، لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ، فإبليس الأول شك بالبعث والنشور الأخروي ، لذا اعرض عن الإيمان به ، فاختار الدنيا على الآخرة ، وبنفس الطريقة ، إبليس منظر الدين السياسي للمملكة السبئية ، شكك بالبعث والنشور الأخروي من خلال ادعائه الكاذب بعلمية عالم الجن الغيبي ، على استناد ان جن سليمان اخبره بان لا وجود للآخرة ، فجاء بفكر ظني سياسي مطابق لما يظنون به ، ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه ، إلا فريق من المؤمنين ، وما كان له عليهم من سلطان ، ليس عنده دليل فكرية أو مادية يأمرهم بذلك ، غير انه جاء بفكر ديني سياسي ظني يتلاءم مع أهوائهم ورغباتهم الدنيوية ، المفرغة من الإيمان بالله واليوم الأخر ، وما كان له عليهم من سلطان ، إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو في شك منها ، وربك على كل شيء حفيظ

وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ{20} وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ{21}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الريح والجن وسليمان بين الدين السياسي والتنزيل
- الدين السياسي وميثولوجيا عالمي الجن والإنس
- العذاب الأدنى
- لقاء الله بين الميثولوجيا والدين السياسي
- فوبيا الميثولوجيا أولياء الله وشفعائه
- من راحت الاشتراكية راحت البركة
- سوسيولوجيا المسخرات وسيكولوجية المخاتلة
- الأممية الاشتراكية والنضال ضد الصهيونية والإمبريالية.
- السوسيولوجيا - بين الكتب التراثية والكتب المنزلة
- غزة بعيون سليل ناجين من معسكرات الاعتقال النازية
- السوسيولوجيا والسيكولوجية في وصايا لقمان لابنه
- حرب الإبادة في غزّة، وانبعاث جيل جديد في الغرب
- صيام الأطفال في شهر رمضان
- الدورة الشهرية للمرأة في شهر رمضان
- اليد العاملة في شهر رمضان
- الحرب على غزة – ومستقبل الشرق الأوسط
- سيسولوجيا الحكمة بين الدين والتراث
- توقف فيسبوك وإنستغرام وماسنجر عن العمل
- حرب غزة: كيف تغيرت مواقف اليمين واليسار في الغرب؟
- تداعيات حرب غزة.. عزل الاحتلال وخروج دول عن السيطرة الأميركي ...


المزيد.....




- بعد انقلاب الكونغو الفاشل ..أصابع الاتهام توجه للموساد والاس ...
- أمريكية الصنع ـ مروحية الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ...
- قديروف: تلقينا بحزن عميق نبأ وفاة الرئيس الإيراني
- الحرب في غزة: هل من تأثير على قطاع السياحة في مصر؟
- كيف تؤثر الحرب في أوكرانيا وغزة على حملة الانتخابات الأوروبي ...
- كاليدونيا الجديدة.. موقع استراتيجي يثير اهتمام القوى الدولية ...
- علي باقري كني.. من مفاوض نووي إلى وزير للخارجية الإيرانية
- قبيل إعلان مصرعه.. قصة صورة قديمة أعيد تداولها للرئيس الإيرا ...
- مسؤول بحماس: قرار مدعي -الجنائية- مساواة بين الضحية والجلاد ...
- مريم رجوي تعلق على مصرع -رئيسي- وتعتبره -ضربة للنظام-


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - الدين السياسي تاريخ مخزي للشعوب