أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - العذاب الأدنى















المزيد.....

العذاب الأدنى


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 7961 - 2024 / 4 / 28 - 00:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


العذاب الأدنى عذاب دنيوي اهلك الأمم السابقة ، بعد ان قدم لها الرسل ، ما لديهم من أدلة مادية ، تؤكد على صدق رسالتهم في الدعوة الى الله ، مسلطا عليها أنواع مختلفة من الكوارث الطبيعية ، كالغرق والرياح القطبية والوباء والانهيار الاقتصادي والبراكين ، ومع تقدم المجتمعات البشرية وظهور الكتابة في أقدم الحضارات أنهى الله آلية التعامل بالدليل المادي في دعوة الأمم اللاحقة ،لأنها غير مجدية للإيمان من ناحية الدليل التاريخي ، لأن من المؤمنين الناجين من الكوارث الطبيعية ، تشكلت أمم أخرى كفرت بالله ، غير الله إستراتيجية الرسل ثم اسند الدعوات بالكتب ، كما غير آلية العذاب الأدنى ، كان حكم فرعون فاتحة التغير التاريخي الجديد حيث أنهى الله قدرته العسكرية الساندة لأحكامه قوانينه وأوامره الإدارية ، أما الآلية التي انتصر بها عيسى ابن مريم ، غير الله موقعه الجغرافي ، فبعد محاولة اغتياله على يد معارضيه ، انتقل هو أمه من الصحراء الى الأرض التي بارك الله فيها ، الى مجتمع أكثر انفتاحا حيث لاقت دعوته استجابة واسعة ، وبنفس الطريقة انتصر محمد بعد ان غير الله موقعه الجغرافي ، فانتقل من مكة الى المدينة ، رافقه استعداد عسكري وإبرام الاتفاقيات الأمنية مع أهل الكتاب والمشركين العرب من خارج مكة ، ولكن التغيرات العسكرية والأمنية المفاجئة قلبت موازين العهود والاتفاقيات الى خسائر عسكرية ، العذاب الأدنى ، لا يأتي بشكل مفاجئ ، إنما تسبقه بعض المؤشرات ، كالانهيار الاقتصادي أو النقص في الأمن الغذائي ، أو التهديد الأمني ، وبعض العوامل المناخية المؤثرة على النشاط الإقليمي لمكة ومن حولها ، حتى انتهت عسكريا في سنة ثمانية للهجرة ، هذا هو مفهوم العذاب الأدنى ، ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر ، العذاب الأخروي ، لعلهم يرجعون

وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{21}

لا تقتصر آيات الله على التي تدعو الى عبادته أو الإيمان بلقائه الأخروي ، إنما كل ما جاء به القران ، من تفاصيل تاريخية وعقائدية منذ بداية الخليقة الى نهاية رسالة محمد ، وتشمل الأمثال التاريخية ، والأنشطة الإيمانية والعملية ، والمسخرات المادية ، والتأثيرات المناجية ، والاختلاف بين الظواهر الطبيعية للمسخرات ، والاعتقادات التاريخية والتراثية ، وسيكولوجية الانقلاب العقائدي تحت تأثير العوارض ، ومصير المكذبين من الأمم السابقة ، وازدواجية المعاير العقلية بين صنمية المادة ، والمادة المتجددة ، وآيات كثيرة أخرى ، فقال ، ومن اظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم اعرض عنها ، أنا من المجرمين منتقمون

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ{22}

قلنا في مطلع سورة السجدة ، ما بعد سورة السجدة ، لن تشير السور الى الآيات ولا الى التنزيل ، إنما الى كتاب ، تنزيل الكتاب ، بمعنى اخذ القران منزلة نهائية ككتاب ، مشابهة لكتابي التوراة والإنجيل ، بما ان القران اخذ منزلة كتاب ، دخل على خط الحوار الميثولوجي المكي ، الدين السياسي على استناد هم أصحاب كتاب موسى ، ونظرا لارتباط المصالح السياسية والاقتصادية بين الميثولوجيا المكية ، والدين السياسي ، توحدت الآراء حول إنكار البعث والنشور الأخروي ، بمعنى لا صحة للقاء الله الأخروي ، أدى الاصطفاف السياسي الى زعزعت إيمان محمد بلقاء الله ، يا محمد لقد امن موسى من قبل بلقاء الله وبكتابه ، ولقد أتينا موسى الكتاب ، كما أتيناك الكتاب ، فلا تكن في مرية من لقائه ، والمرية التذبذب بين مصدق ومكذب ، وجعلناه هدى لبني إسرائيل

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ{23}

وصل الدين السياسي الى القرن السادس الميلادي ، وهو يحمل خلافات سياسية وعقائدية على التراث الديني ، ما بين مؤمنين حقيقيين ، وبين مؤمنين بالدين السياسي ، ولكي يطلع الله الطائفة السياسية على طبيعة إيمان إسلافهم ، قال ، وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ، وكانوا بآياتنا يوقنون ، هكذا كان إيمان المؤمنين الأوائل والمعاصرين للدعوة القرآنية ، أما رد الله على الطائفة السياسية التراثية المعارضة لتوجهات المؤمنين الحقيقيين ، ان ربك يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون

وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ{24} إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{25}

في دعوة جديدة ، طرح التنزيل على الطائفة السياسية مصير الأمم السابقة ، لاستلهام العبرة قبل ان يحل بهم العذاب الأدنى ، أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون ، يمشون في مساكنهم ، ان في ذلك لآيات أفلا يسمعون ، وفي طرح أخر دعاهم الى الانتباه على التغيرات الموسمية التي تطرأ على الأرض ، كدليل مادي على عظمة الله في تغير شكل الأرض ، فقال أولم يروا أنا نسوق الماء الى الأرض الجرز، وهنا الخاصية الفيزيائية للماء التي تنساب مع الانحدارات ، باتجاه الأرض المنبسطة ، فيستغله الإنسان لزراعة الحبوب ، الأرض الجرز المحروثة بعد حصادها ، فنخرج به زرعا تأكل منه ، أنعامكم وأنفسكم أفلا يبصرون

أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ{26} أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ{27}

منذ بداية الدعوة وعد الله المؤمنين بالله واليوم الأخر ، بفتح عظيم ، ينهي به معاناتهم واضطهادهم ، ولكن ما هو شكل الفتح ، هل سينهي الله المشركين بعذاب أدنى كالأمم السابقة ، أم لديه آلية أخرى ؟ لا احد يعلم ، عندما طرح التنزيل على الطائفة السياسية مصير الأمم السابقة ، والأرض الجرز ، استشعروا بالخطر فبادوا الى الاستفسار ، لا عن الإيمان بالله واليوم الأخر، إنما عن مصير المصالح السياسية والاقتصادية المرتبطة بتجارة الأوثان ، وما هو نمط الوضع الاقتصادي الجديد ما بعد الفتح ، فالطائفة الرأسمالية السياسية لا تريد ان تتخلى عن تجارة الملائكة بنات الله ، حتى تتأكد متى الفتح ، قالوا ، ويقولون متى هذا الفتح ان كنتم صادقين ، بمعنى البحث عن وقت حقيقي فعلي للفتح لإنهاء نشاطهم الاقتصادي مع الأوثان ، ثم بعد ذلك يفكرون بالإيمان بالله واليوم الأخر ، قل يا محمد يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ، ولا هم ينظرون ، النظر في أمرهم الى وقت أخر

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{28} قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ{29}

غلقت الطائفة السياسية أفق الدعوة بشكل كلي ، ووصل الحوار معها الى طريق مسدود ، اعرض عنهم يا محمد ، وانتظر، انتظر الفتح ، أنهم منتظرون ، منتظرون الفتح أيضا ، كان فتح مكة في سنة ثمانية للهجرة ، نهاية الظلم والاضطهاد للمؤمنين ، ونهاية الرأسمالية الميثولوجية المكية ، وحليفها الدين السياسي ، فالعذاب الأدنى الجديد ، هو انهيار اقتصادي وسلطوي وعقائدي وجغرافي ومجتمعي شامل

فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ{30}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء الله بين الميثولوجيا والدين السياسي
- فوبيا الميثولوجيا أولياء الله وشفعائه
- من راحت الاشتراكية راحت البركة
- سوسيولوجيا المسخرات وسيكولوجية المخاتلة
- الأممية الاشتراكية والنضال ضد الصهيونية والإمبريالية.
- السوسيولوجيا - بين الكتب التراثية والكتب المنزلة
- غزة بعيون سليل ناجين من معسكرات الاعتقال النازية
- السوسيولوجيا والسيكولوجية في وصايا لقمان لابنه
- حرب الإبادة في غزّة، وانبعاث جيل جديد في الغرب
- صيام الأطفال في شهر رمضان
- الدورة الشهرية للمرأة في شهر رمضان
- اليد العاملة في شهر رمضان
- الحرب على غزة – ومستقبل الشرق الأوسط
- سيسولوجيا الحكمة بين الدين والتراث
- توقف فيسبوك وإنستغرام وماسنجر عن العمل
- حرب غزة: كيف تغيرت مواقف اليمين واليسار في الغرب؟
- تداعيات حرب غزة.. عزل الاحتلال وخروج دول عن السيطرة الأميركي ...
- الاستغلال الرأسمالي للفطرة المكتسبة
- حل الدولتين بين القول والفعل
- الفينومينولوجيا - صنمية المادة والمادة المتجددة


المزيد.....




- أمير الكويت يأمر بحل مجلس الأمة ووقف العمل بمواد دستورية لمد ...
- فرنسا.. الطلبة يرفضون القمع والمحاكمة
- البيت الأبيض: توقعنا هجوم القوات الروسية على خاركوف
- البيت الأبيض: نقص إمدادات الأسلحة تسبب في فقدان الجيش الأوكر ...
- تظاهرات بالأردن دعما للفلسطينيين
- تقرير إدارة بايدن يؤكد أن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لا ...
- بالنار والرصاص الحي: قرية دوما في الضفة الغربية.. مسرح اشت ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق العمل جزئيا بالدستور حتى أربع ...
- مجلس الأمن يؤكد على ضرورة وصول المحققين إلى المقابر الجماعية ...
- بالفيديو.. إغلاق مجلس الأمة الكويتي بعد قرار حله ووقف العمل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - العذاب الأدنى