أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - لقاء الله بين الميثولوجيا والدين السياسي















المزيد.....

لقاء الله بين الميثولوجيا والدين السياسي


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 7953 - 2024 / 4 / 20 - 09:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقاء الله الأخروي لقاء اعتقادي ، مصدره دعوات الرسل والأنبياء والكتب المنزلة ، ضمن سلسلة من الأفكار الدعوية التصحيحية التي دعت الى الاستعداد له ، عبر أنشطة إيمانية وعملية دنيوية ، لكن اللقاء خالي من الأدلة الملموسة ، التي تحث الفرد الى الإيمان به ، فالنصوص التي دعت إليه ، عبارة عن أمثال تقريبية ، إما اقتباس سيكولوجي من حالة الهلع الذي صيب الفرد عند تعرضه للعوارض المهلكة ، وإما أمثال مادية على التغيرات التي تطرأ على نبات الأرض بين الموت والحياة ، وأمثلة أخرى كثيرة في هذا الباب ، لقد أخفى الدين السياسي والميثولوجيا معالم لقاء الله الأخروي ، بمختلف المغريات الدنيوية ، فعندما طرح التنزيل على الوثنيين نمط اللقاء وجدوا صعوبة في استلهامه أو الإيقان به ، لأنه يتعارض مع المصالح السياسية والاقتصادية لعقيدة الملائكة بنات الله ، وقالوا أئذا ضللنا في الأرض ، ضللنا عبارة سياسية موجهة الى القاعدة الجماهيرية لتعكس استحالة البعث والنشور الأخروي ، ضللنا تعني تبعثرت أجسادنا وأصبحت كالتراب ، أئنا لفي خلق جديد ، في حياة أخرى جديدة ، بل هم بلقاء ربهم كافرون

وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ{10}

أكثر إنكارا للقاء الله الأخروي ، هم أصحاب المصالح السياسية والاقتصادية ، والمنتفعين من طقوس الميثولوجيا والدين السياسي ، والمؤيدين لهم من أصحاب الأهواء والرغبات الشخصية ، ولقد وسعت الوثنية المكية دور الملائكة بنات الله ، في هيمنتها على الأنشطة المعيشية لقربهن له ، لتخفي جانب أخر يضر في مصالحها ، وهو دور الملائكة في الموت ، وفي طرح جديد ضرب التنزيل صميم العقيدة الميثولوجية الملائكية ، فقال قل لهم يا محمد ، يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ، ثم الى ربكم ترجعون


قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ{11}

من أبعاد طرح لقاء الله الأخروي للإيقان به اعتقادا ، وقد لا يوقون به ، لعدم وجود الدليل الملموس ، ففي كلا الحالتين لابد من توضيح ماهية ذلك اللقاء، للاطلاع عليه قبل بلوغ اليوم المصيري ، مع ترك حرية الاختيار الذاتي للفرد للإيقان به ، فإذا ما وقع اللقاء فعليا ، وخرج من اللايقينية الى اليقينية الواقعية ، سيكون رد الفعل اللايقينية الوثنية مخالف لتوقعاتهم الاخروية ، ولو ترى يا محمد ترى رؤية تصورية وليس واقعية ، اذ المجرمون ، عبارة مجرمون ، لا تعني مرتكبي الجرائم في الدنيا ، إنما أجرموا بحق أنفسهم ، فالعبارة انبثقت من رد فعلهم الواضح في قولهم ، ربنا أبصرنا وسمعنا ، ولو ترى اذ المجرمون ، ناكسو رؤوسهم عند ربهم، ربنا أبصرنا وسمعنا ، فارجعنا نعمل صالحا أنا موقنون

وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ{12}

ان حرية الاختيار الذاتي للإيمان بلقاء الله الأخروي ، قمة الحرية والعدالة ، وان فرضه بالقوة لا يتلاءم مع الطبيعة الخلقية للإنسان، فالتخويف المادي يشل حركته ونشاطه في كافة المجالات ، كما ان الإيمان بلقاء الله الأخروي لا يعني العدمية ، على ان الحياة لا قيمة لها لطالما لها نهاية ، بل بالعكس الحياة فرض طوعي بيولوجي ، بينما الاعتقاد الأخروي أمر أختياري ، قال الله عنه ، ولو شئنا لأتينا كل نفس ، هداها ولكن حق القول مني لأملان ، جهنم من الجنة والناس أجمعين

وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{13}

الحياة الدنيوية فيها اختيارات متعددة ، ومتاحة لكل التوجهات ، دون أي عائق ، وهذا لا يقتصر على عالم الأنس، بل وحتى على علم للامرئي عالم الجن ، ولكن في يوم اللقاء الأخروي ، لا اختيار أمام العالمين ، والأمر كله بيد الله ، فالذين اختاروا الحياة الدنيا ، ليس في الآخرة من نصيب ، وهذا اختيارهم الحر دون وسائل ضغط ولا إكراه ، فمن المؤكد هم نسوا الآخرة ، لان لا مصلحة لهم فيها ، فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا ، أنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون

فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{14}

لقاء الله الأخروي ، لا يحتاج الى كم هائل من العبادة والعمل الصالح ، ربما اعتقاد واحد ، يكفي للحصول على مزايا اليوم الأخر ، قال الله ، ِانَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ، مصدر الشرك بالله الميثولوجيا والدين السياسي ، وان الابتعاد عنهما يكفي لنيل رضا الله وهذا اقل تقدير من عنده ، ولكن هنالك من يريد توسيع نشاطه العملي والإيماني خوفا منه ، وطمعا في مزايا الآخرة ، إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمده وهم لا يستكبرون ، تتجافى جنوبهم عن المضاجع ، يدعون ربهم خوفا من عذابه ، وطمعا بمزايا الآخرة ، ومما رزقناهم ينفقون ، وهذه الأعمال البسيطة تقابلها مزايا أخروية ، لا تعد ولا تحصى ، ولم تخطر على بال بشر، فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين ، جزاء بما كانوا يعملون

إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ{15} تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{16} فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{17}

في نهاية المطاف ، يستوي لقاء الله الأخروي ، على المصير التالي

أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ{18} أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{19} وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ{20}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوبيا الميثولوجيا أولياء الله وشفعائه
- من راحت الاشتراكية راحت البركة
- سوسيولوجيا المسخرات وسيكولوجية المخاتلة
- الأممية الاشتراكية والنضال ضد الصهيونية والإمبريالية.
- السوسيولوجيا - بين الكتب التراثية والكتب المنزلة
- غزة بعيون سليل ناجين من معسكرات الاعتقال النازية
- السوسيولوجيا والسيكولوجية في وصايا لقمان لابنه
- حرب الإبادة في غزّة، وانبعاث جيل جديد في الغرب
- صيام الأطفال في شهر رمضان
- الدورة الشهرية للمرأة في شهر رمضان
- اليد العاملة في شهر رمضان
- الحرب على غزة – ومستقبل الشرق الأوسط
- سيسولوجيا الحكمة بين الدين والتراث
- توقف فيسبوك وإنستغرام وماسنجر عن العمل
- حرب غزة: كيف تغيرت مواقف اليمين واليسار في الغرب؟
- تداعيات حرب غزة.. عزل الاحتلال وخروج دول عن السيطرة الأميركي ...
- الاستغلال الرأسمالي للفطرة المكتسبة
- حل الدولتين بين القول والفعل
- الفينومينولوجيا - صنمية المادة والمادة المتجددة
- الحرب على غزة في ميزان الجيوبوليتيك


المزيد.....




- مصر.. ماذا نعلم عن إبراهيم العرجاني بعد تعيينه رئيسا لاتحاد ...
- واشنطن وطوكيو تخصصان 3 مليارات دولار لتطوير صاروخ جديد يعترض ...
- هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟
- سيناتور أمريكي ينتقد تصرفات إسرائيل في غزة ويحذرها من تقويض ...
- خطأ شائع في تنظيف الأسنان يؤدي إلى اصفرارها
- دراسة: ميكروبات أمعاء الأب تؤثر على نسله مستقبلا
- بعد 50 عاما من الغموض.. حل لغز ظهور ثقوب بحجم سويسرا في جليد ...
- خبراء: هناك ما يكفي من الماء في فوهات القمر القطبية لدعم الر ...
- الضغط على بايدن لمخاطبة الأمة إثراندلاع العنف في الجامعات
- السلطات الإسرائيلية تؤكد مقتل أحد الرهائن في غزة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طلعت خيري - لقاء الله بين الميثولوجيا والدين السياسي