أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد حمدي سبح - ما هو الطموح ؟















المزيد.....

ما هو الطموح ؟


أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)


الحوار المتمدن-العدد: 7965 - 2024 / 5 / 2 - 04:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل الطموح هو البحث عن السلام أم المعنى ؟

فالبحث عن السلام قد لا يرتبط بالضرورة بالبحث عن المعنى ولكنه في النهاية بحث عن السعادة ، والبحث عن المعنى هو في حقيقته بحث عن السعادة ، والمعنى هو ترك الأثر الملموس .

والأثر الملموس هنا هو...
1- تحقيق الثروة.
2- الترقي المهني وحيازة السلطة والنفوذ .
3- تحقيق إنجاز علمي ومعرفي حقيقي وأصيل يؤثر في حياة الناس .
4- تربية وبناء أسرة قوية متماسكة ناجحة .
5- تقديم يد المساعدة والخير للناس charitable contributions .

وتتمثل العوامل التي تشكل المرجعية والسببية لنوعية الطموح وأشكاله في الآتي :

1- الجينات والطباع والإتجاهات العقلية والشخصية والرغبات والإهتمامات الذاتية المنشأ .
2- القدرات والصفات الجسمانية .
3- نوعية التربية الأسرية وخبرات وصدمات ومواقف الطفولة .
4- نوعية الثقافة المجتمعية المحيطة .
5- نوعية ومستوى وخبرات التعليم والإستجابة والتفاعل معها .
6- الحرمان والإشباع العاطفي والمادي .

والملاحظ هنا أنه لم يتم التطرق للقدرات العقلية ، التي ليس لها علاقة كبيرة بتحديد نوعية الطموح ، بقدر ما لها علاقة بتعزيز وتدعيم نوعية الإختيار المسبق للطموح ، والذي سبق وتحدد بناءً على العوامل السابقة .

فعلى سبيل المثال لا الحصر ، فالمريض مثلآ بمرض عضال جسدي أو نفسي يُعجزه عن الزواج والإرتباط لن يكون من طموحاته تأسيس أسرة خاصة به ناجحة وقوية ، ولكنه قد يعوض ذلك في المساهمة إن أمكن في تحقيق ذلك مع أقاربه وأصدقائه وجيرانه .

وكذلك قد نجد الباحث عن المعنى لا يجد راحته وهناءه إلا في العمل المستمر ، لدرجة أنه قد يصاب بالأمراض نتيجة كثرة العمل ، ويتحايل عليه الأطباء وأسرته لكي يأخذ قسطآ جيدآ من الراحة ، وأن يخرج معهم في نزهاتهم وأسفارهم التي ينفقون فيها ما يجنيه هو من المال بعمله الشاق المستمر ، ولكن هيهات فهو رافض باستمرار لذلك ومبتعد عن أسرته بذلك ، يستوي في ذلك لو كان سائق سيارة نقل ، أو صاحب حانوت أو مخبز صغير أو حتى صاحب مجموعة شركات .

فيما على الجانب الآخر نجد الباحث عن السلام ، بمجرد إنهائه لعمله يعود مسرعآ لبيته لا يبرحه إلا قليلآ (بيتوتيآ) ، وحيدآ كان أو مع أسرته المُحبة ، ويشاركهم مناسباتهم وسفرياتهم وأحوالهم .

ولا يمكن القول أن هذا أذكى أو أكثر احترامآ أو أقوى من ذاك ، بل كل منهما بحث عن سعادته وضالته في السعادة بطريقته وفقآ لعوامله وأسبابه المرجعية الستة التي تحكمه والتي سبق بيانها ، وإن شئنا توضيحها بلغة عامية طريفة أنها builtin في ال version بتاعه .

وكذلك فإن اختيار أحدهم لطموح بناء الثروة على حساب طموح تحقيق مستويات تعليمية وعلمية أعلى ، لا يعني أنه أقل ذكاءً من ذاك الذي اختار استكمال مسيرته الدراسية ، بل قد يفوقه ذكاءً ومعرفة ومعلومات ثقافية عامة وخبرات حياتية أكبر ، ولكنه ليس من اهتماماته استكمال السير في هذا الطريق الأكاديمي ، لأنه ينشد السعادة عبر مسار وطريق آخر…. وهكذا مع بقية الطامحين .

وعلى نفس الحال والمنوال فإن الذي اختار طريق سعادته في العمل الخيري (قد) يكون أكثر ذكاءً بل وبمراحل من كليهما ، ولو أنه كان قد اختار أيآ من طريقيهما لكان حقق فيه نجاح أعلى منهما ، ولكنه هو الآخر يصبو لسعادته تحت راية أخرى .

وقد نجد أحدهم عاملآ في مهنة ما وبمجرد اطلاعه الموضوعي على بعض ما يخص جوانب مهنة أخرى قد حقق حلولآ لمعضلة ما عجز أمامها ثلة من متمرسي هذه المهنة الأخرى التي تصنف أنها أعقد من مهنته الأصيلة ، ومع ذلك لا يرغب في الإستمرار معهم حتى مع ماعرضوه عليه من إغراءات لأنها ببساطة ليست طموحه .

أو كالذي اضطر للدخول للدراسة في كلية معقدة إرضاءً لذويه ، ومع نجاحه وتخرجه منها بل وممارسته لمهنتها وتحقيقه نجاحآ فيها ، إلا أنه غير سعيد ولم يجد ضالته ولا راحته إلا بعد أن اتجه لدراسة وممارسة ما يحب حتى ولو كان يصنف أنه أقل مما اختاره يومآ له ذويه.

وكذلك فالذي اختار طموحه في سعادة السلام والهدوء والبساطة ، (قد) يكون فعليآ أذكى وأقوى من جميع ما سبق لكنه يؤثر ويفضل السلام والحياة البسيطة والهدوء النفسي والإجتماعي .

وأما الإنسان الذي يبحث عن السلام والهدوء دون أن يعنيه البحث عن المعنى ، هو (في الأغلب الأعم ، دون إطلاقية أو تعميمية في الحكم) هو إنسان بسيط يريد أن يعيش حياته بشرف وببساطة و ود ونزاهة وحب مع الذات والمحيط ، ولا يعنيه ترك أثر ملموس بقدر أن يكون ضيفآ مرحبآ به في حياته أو حتى ضيفآ غير مزعج ، أو حتى غير محسوس في حال اختياره للوحدة أو لو فُرضت عليه الوحدة كأسلوب حياة .

على عكس كثيرون (وليس الكل طبعآ) ممن يبحثون عن المعنى في فئة الباحثين عن الثروة و السلطة والساعين لشهادات وألقاب مصطنعة ضعيفة المضمون ، حتى ولو على حساب قيم ومبادئ المجتمع و تطوره ، وعلى حساب الإنتاج والإنجاز العلمي والمعرفي الأصيل والحقيقي ذا الأثر الكبير في مسيرة المجتمع نحو التقدم والحرية .

فكثير من كل هؤلاء قد يتورطون في سعيهم ذاك في أمور بعيدة عن الشرف والنزاهة والشفافية بل يتورطون أو حتى يشيدون ويبدعون طرقآ ووسائل لإيذاء الغير وتدمير المجتمع في سبيل تحقيق تقدمهم المادي والوظيفي .

كتجار المخدرات والسلاح والممنوعات والمتهربين ضريبيآ والمدرسون الفاسدون والأطباء الجشعون والمقاول الغشاش والتاجر المستغل والمحتكر والمسؤولون والديكتاتوريون الفاسدون والباحث الساعي خلف الألقاب والشهادات والترقيات الوظيفية والعلمية حتى لو نسبوا مجهودات غيرهم لأنفسهم أو وضعوا العراقيل في طريق زملائهم الباحثين أو أنتجوا أبحاثآ مصطنعة ضعيفة المستوى لا قيمة حقيقية لها مجتمعيآ وعلميآ .

بل منهم من قد يدمر المجتمع ككثير ممن ينشرون أفكار التطرف والخرف والتخلف ويسمونها علمآ ، وغيرهم من كل الذين يقضون في طريق مسيرتهم وصعودهم الموهوم على كل القيم والمبادئ ويزيحوا ويدمروا بكل قسوة المعارضين وحتى الناصحين .

كل هؤلاء في بداية طريقهم كانوا يبحثون عن المعنى في هيئة ثروة أو سلطة أو ألقاب وشهادات صورية ، فسلموا أنفسهم للشيطان والشر ليكون مرشدهم على طول طريقهم نحو هدف السعادة المنشودة .

ومنهم للأسف من وجد التأييد والدعم بل والإشادة والدعاية من المجتمع ، بسبب تخلف أو جهل أو سلبية هذا المجتمع أو استسلامه لموروث فقهي أو عرفي جاهل ومزيف ، وعدم سنه لقوانين وتقاليد تقضي على وتحط من قدر الجشعين والمستغلين كالتعايش بل والتقدير والإعجاب مثلآ لا حصرآ لنمط المدرسين الخصوصيين أو الأطباء الجشعين أو المتهربين ضريبيآ....إلخ .

ولكن سيظل دائمآ وأبدآ أن المشترك الحقيقي والنهائي بين كلا الفريقين (الباحثون عن السلام والباحثون عن المعنى) هو بحثهم عن السعادة ، فالسعادة عند الباحث عن المعنى متأتية ومتأينة في المعنى والأثر الملموس نفسه ، أما الباحث عن السعادة فقط كمطلق وكفكرة ، فسعادته المنشودة متأتية ومتأينة في ترادفياتها للهدوء والسلام والبساطة والرضا .

ويظل الطموح الأسمى والأرقى من نصيب من يجمع محاسن كلا الفريقين ، طالما وجد سعادته في ذلك .



#أحمد_حمدي_سبح (هاشتاغ)       Ahmad_Hamdy_Sabbah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن العار
- في ضوء قرارات البنك المركزي المصري
- ثمة غزو صيني لتايوان
- القائد والزعيم
- لايبدين زينتهن
- غيوم حرب في أفق أميركا اللاتينية
- موجز تاريخ المغرب العربي
- كيف يكون الربا حرام ، والسبي والغنائم حلال؟!
- صراع العقل العربي
- مشروع الربط الهندي الأوروبي الجديد وشكل الرد الصيني
- لماذا لم تقبل الجزائر في عضوية بريكس؟!
- انقلاب النيجر ... ما الجديد؟!
- حجاب الكُنُف
- وأتموا الحج والعمرة لله
- أزواج يجب مفارقتهم
- أوهام عذاب القبر
- ردآ على شيخ الأزهر
- المصريون بالخليج ودعم مصر
- المشكلة ليست في الدين
- الدعاء بين الوهم والحقيقة


المزيد.....




- حريق في طائرة يجبر المسافرين على الهروب إلى المدرج.. شاهد ما ...
- لحظة إطلاق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا وإلقاء القبض على ا ...
- -من على بعد أمتار-..-القسام- تستهدف قوة إسرائيلية راجلة بقذي ...
- الخارجية الأمريكية: واشنطن غير مستعدة لتثبيت مبدأ عدم استخدا ...
- وزيرا الدفاع الروسي والبيلاروسي يبحثان في اتصال هاتفي التعاو ...
- بايدن وترامب وجها لوجه بمناظرة في يونيو -دون جمهور-
- بوتين في برقية لرئيسة سلوفاكيا: الهجوم على فيتسو جريمة وحشية ...
- -حزب الله- يشن هجوما جويا بمسيّرات انقضاضية على قاعدة -إيلان ...
- مجازر جديدة بغزة والاحتلال يتكبد المزيد من الخسائر بجباليا و ...
- عقوبات أميركية على قائدين بالدعم السريع ومعارك بالنيل الأبيض ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد حمدي سبح - ما هو الطموح ؟