أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكري شيخاني - محطات جورج 2














المزيد.....

محطات جورج 2


شكري شيخاني

الحوار المتمدن-العدد: 7954 - 2024 / 4 / 21 - 10:07
المحور: الادب والفن
    


الحياة كالقراءة تحتاج إلى صبر.. تحت هذا العنوان كتب الاستاذ جورج طرابيشي ---- في 23شباط/ 2015 عن ست محطات هامة في حياته ..بكل شفافية وقراءة واقعية سنقرأ معا"ما جاء في هذه المحطات بعد نقرأ المقدمة النفيسة لهذه المحطات :
ست محطات في حياتي.
وأنا في رحلة نهاية عمر، وبعد عقود ستة من صحبة القلم الذي آثرته – عدا زوجتي وبناتي – على كل صحبة أخرى، أجدني أتوقف أو أعود إلى التوقف عند ست محطات في حياتي كان لها دور حاسم في أن أكتب كل ما كتبته وفي تحديد الاتجاه الذي كتبت فيه ما كتبته وحتى ما ترجمته. لمحطة الثانية الّتي حددّت اتجاهي النهائي في الحياة، عدا قصّة خروجي من المسيحيّة، كانت عند انتقالي في المرحلة الثانويّة إلى مدرسة رسميّة تابعة للدولة. كان ذلك علـى ما أذكر عام 1955 . وقد كان ذلك بعد سقوط حاكم سورية الديكتاتور والجنرال العسكري أديب الشيشكلي. وكان تحالف حزب البعث والحزب الشيوعي والإخوان المسلمين هو من أسقطه. فلمّا تفاوضوا فيما بينهم، سئل الإخوان المسلمون: ماذا تريدون؟ أي وزارة؟ فقالوا: نحن لا نريد وزارة، نحن لنا مطلب واحد وهو إدخال التعليم الديني إلى المدارس الثانوية. التعليم الديني كان مباحاً بل واجباً في المدارس الابتدائية والإعداديّة ولكن ليس في الثانوية. في الثانوية كنّا ندرس علوم الأخلاق والتربية الوطنيّة وليس هناك تعليم ديني. وعلى هذا النحو تقرّر إدخال التعليم الديني إلى المدارس الثّانوية، وأنا ذهبت في تلك السنة إلى المدرسة الثّانوية.
ويومئذ، لمّا قيل لي هناك حصّة تدريس تعليم دينــــي، قلت لرفاقي، وكنت قد بدأت أميل إلــــى أن أصير حزبياً اشتراكياً من “حزب البعث”: أريد أن أحضر درس التعليم الديني لأني أريد أن أطّلع أكثر، فأنا كنت في مدرسة لم أتلقَّ فيها سوى التعليم المسيحي، ولكني أريد الآن أن أعلم المزيد عن الاسلام الّذي هو دين الغالبية السورية. حضرتُ الدرس. شيخ طويـــل القامة بعِمّة. أذكر إلى الآن لون جلبابه الرمادي الأنيق. وكان قد كتب علـى اللّوح بالطبشور سلفاً: “كلّ من هو ليس بمسلم فهو عدوّ للإسلام”. كان هذا موضوع الدّرس. وبدأ يشرح ويشرح ورفـــاقي ينظرون إليّ، كلّ واحد منهم رمقاً، ليدركوا ردّ فعلي. ومضى نصف وقت الحصة وأنا أسمع الدرس. ثم قـــال الشيخ المدرٍّس: الآن أفتح باب النقاش. فسارعت أرفع يدي، فقال :تفضّل، ما اسمك؟ فقلت وأنا أشدّدعلى اسمي: “جورج طرابيشي”، وجورج اسم لا يطلق في سوريا إلاّ على المسيحيين. فوجئ هذا الشيخ وانبثقت حبات عرق على جبينه . وتابعت قائلاً: يــــا أستاذ، أنا لست مسلماً، أنا مسيحي بالمولد، فهل أنا عدوّ لك؟
قال: أعوذ بالله ، من قال هذا الكلام؟ كيف تقول ذلك؟
قلت له: يــا أستاذ منذ أكثر من ثلاثين دقيقة وأنت تقول: كل من ليس بمسلم فهو عدوّ للإسلام، فهل أنـا عدوّ لك؟؟ فطفق الرّجل يتدارك خطأه، ويقول: لا، لا، فالمسيحيون أهل كتاب. وطبعاً كان السؤال الذي دار في نفسي: لماذا لم يتدارك ويستثنِ من البداية؟ وحتى لو لم أسأله فهل يكون كل من هو ليس بمسلم عدواً للإسلام؟ وقد كان ينبغي عليّ أن أضيف السؤال:حتّى وإن لم أكن من أهل الكتاب فهل أنا عدوّ لك؟ ولكني أمسكت.
ابتداء من تلك اللّحظة وعيتُ أن مهمّة كبيرة جدّاً لا تزال تنتظرنا في مجتمعاتنا وأن القضية ليست قضية تغيير سياسة ولا وزارة، بل هي أولاً وربما أخيراً قضية تغيير على صعيد العقليات. وشاءت الصدفة فيما بعد، لمّا صرت أُدرِّس في الثانوية بدوري، ويوم افتتاح الموسم الدراسي، أن أفاجأ بوجود نفس الشيخ في قاعة الأساتذة ليكون مدرس التعليم الديني أيضاً في نفس الثانوية الّتي عُيّنت فيها مدرِّساً للغة العربية. قام عن كرسيه للحال وهجم نحوي وعانقني قائلاً: عذراً يـا أستاذ ، خطيئة ارتكبتها في حياتي لن أكررها أبداً.



#شكري_شيخاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محطات جورج- 1 -
- الاربعاء الأحمر 17 نيسان
- 17 نيسان.((الجلاء))؟؟
- تدمير كوردستان وابادة شعب 2 -
- الدولة الثابت والنظام المتحرك
- تدمیر کوردستان وابادة شعب 1 -
- الأنفال ..والأنذال
- فن اعطاء النصيحة
- من البالون حياه ومنهاج ودستور
- خير الكلام
- نظرة الست
- عندما تكذب الأم
- عيد الفطر...والأمل
- النبتة الصالحة
- لا تكثروا من الفضفضة
- هكذا تنجح لأمم
- حب جارف..وكراهية حارقة
- 7 نيسان ..كان فجرا- داميا-
- الكردي السوري - 2 -
- الكردي السوري


المزيد.....




- وفاة الفنانة الروسية ناتاليا تينياكوفا نجمة فيلم -الحب والحم ...
- من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا ...
- بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة ...
- تكريما لمسيرته... الممثل الأمريكي توم كروز سيتلقى جائزة أوسك ...
- جو بايدن يقتحم موقع تصوير مسلسل شهير أثناء مطاردة الشرطة (صو ...
- باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني ...
- انهيار منزل الفنان نور الشريف في السيدة زينب.. وابنة تعلق! ( ...
- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكري شيخاني - محطات جورج 2