أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكري شيخاني - محطات جورج- 1 -














المزيد.....

محطات جورج- 1 -


شكري شيخاني

الحوار المتمدن-العدد: 7953 - 2024 / 4 / 20 - 09:40
المحور: الادب والفن
    


الحياة كالقراءة تحتاج إلى صبر.. تحت هذا العنوان كتب الاستاذ جورج طرابيشي ---- في 23شباط/ 2015 عن ست محطات هامة في حياته ..بكل شفافية وقراءة واقعية سنقرأ معا"ما جاء في هذه المحطات بعد نقرأ المقدمة النفيسة لهذه المحطات :
ست محطات في حياتي.
وأنا في رحلة نهاية عمر، وبعد عقود ستة من صحبة القلم الذي آثرته – عدا زوجتي وبناتي – على كل صحبة أخرى، أجدني أتوقف أو أعود إلى التوقف عند ست محطات في حياتي كان لها دور حاسم في أن أكتب كل ما كتبته وفي تحديد الاتجاه الذي كتبت فيه ما كتبته وحتى ما ترجمته.
المحطة الأولى: ولدتُ من أسرة مسيحيّة وتديّنت تديّناً مفرطاً فــي الطور الأوّل من مراهقتي. وكنت أؤدي كلّ واجباتي الدينية بحساسية تثير حتّى سخرية أخي الأصغر منّي.
ذات يوم في المدرسة ، وفي السنة الثانية من المرحلة الإعدادية – وكنت صرت في نحو الرابعة عشرة من العمر- كان من جملة دروسنا درس التعليم الديني الذي كان يتولاه كاهن معروفة عنه صرامة الطبع. وكنا في تلك المرحلة قد تكونت لدينا فكرة واضحة بما فيه الكفاية عن خريطة الكون وكروية الأرض ودورانها وحجمها. وفي أحد دروس التعليم الديني قال لنا المدرس الكاهن:” تعرفــون أنتم يا أولادي الآن ما هــــــي الكرة الأرضية، وتعرفون حجمها. أريدكم الآن أن تتصوّروا كرة أرض أكبر من أرضكم بمليون مرّة، وأنّ هذه الكرة الأكبر بمليون مرة من كرة الأرض ليست من تراب وماء بل هــي من حديد فولاذي صلب.هذه الكرة الأكبر من الأرض بمليـــون مرّة والأصلب من الحديد الصلب، يمرّ عليها كل مليون سنة طائر، فيمسحها بجناحه. فكم وكم – وهذه الكلمة لا زالت ترنّ في أذني إلى اليوم- كم مليون.. مليون.. مليون سنة يحتاج هذا الطائر إلـى أن يمسح بجناحه مرة واحدة كلّ مليون سنة ليذيب هذه الكرة الحديدية الأكبر من الأرض بمليون مرة؟ تذوب هذه الكرة ولا يذوب عذابكم في جهنّم إذا متّم في حال الخطيئة”.
سمعت هذا التحذير الحسابي فأصابتني رعدة. – فقد فهمته بكل أبعاده إذ كنت في حينه تلميذاً متفوّقاً – وخرجت مـن المدرسة وسرت في الطريق وأنا أطأطئ رأسي. ذلك أن المدرسة كانت تقع في حيّ عتيق جدّا وكئيب، تفوح منه روائح الأماكن المغلقة. وعلى بعد حوالي 200 متر كنا نخرج من الدرب الضيق والمقفل عليه ليلاً بباب حديدي الى شارع عريض ومفتوح تطالعنا منه ، أول ما تطالعنا، بناية حديثة نسبياً تقطن في الطابق الثاني منها أسرة إيطالية، لها ثلاث بنات جميلات جدّاً، وغالباً ما نجدهن جالسات في “الفيرندا” ومرئيات للناظر من الشارع في إطلالة آسرة . وما إن نظرت إليهن عصرئذ حتى أسرعت أخفض نظري وأغمض عينيّ. لماذا؟ هنا لا بدّ أن أعود الى المسيحية التي ولدت فيها وعمّدني أهلي عليها. ففي المسيحيّة يقال إن الخطيئة مثلّثة: خطيئة بالعمل وخطيئة بالقول وخطيئة بالفكر. وحتى هذه الخطيئة الأخيرة قد تكون خطيئة مميتة، وعقابها جهنم إلى أبد الآبدين حسب اللاهوت المسيحي إذا كان مدارها على الجنس نظراً الى الوصية التي تقول : لا تشتهِ امرأة غيرك. والحال أن كل امرأة هي امرأة للغير ما لم تكن زوجة شرعية. ومن ثم، إن الشهوة الجنسية تغدو بحد ذاتها مسبِّبة لخطيئة مميتة ولا يغفرها الله للإنسان ولا ينجيه من عذابات جهنم ما لم يعترف بها للكاهن. وكان الكاهن يركِّز على خطيئة الفكر هذه في درس التعليم الديني لعلمه أن مدار تفكير الصبيان في طور المراهقة هو على الجنس. وعلى هذ النحو توزعت نفسي وأنا أخرج من درب المدرسة الضيق الى الشارع المفتوح على فيراندا الصبايا الإيطاليات الثلاث بين الرغبة في النظر وبين الخوف من العذاب الأبدي في نار جهنم على ذلك النحو المرعب كما صوّره لنا الكاهن من خلال مثال الطائر والكرة الحديدية الأكبر من الأرض بمليون مرة. وهكذا لم أكتفِ بإغماض عينيّ، بل رحت أمشي في الطريق إلى البيت وأنا أحاول أن أطرد من فكري صورة الإيطاليات الثلاث وكلّي خوف من أن تشاء المصادفة أن يسقط فوق رأسي من إحدى الشرفات أصيص زهر من الأصص التي كان من عادة سكان بلدتي حلب أن يزيّنوا بها شرفاتهم فأموت وأنا في حالة خطيئة مميتة. ووصلت إلـــى البيت وأنا في شبه هذيان وأصابتني حمّى حقيقيـــة وبقيت يومـــين طريح الفراش، ثم لما أفقت كان ردّ فعلي الوحيد أنني قلت بيني وبين نفسي: لا، إن الله ذاك الّذي حدثنـي عنه الكاهن لا يمكن أن يوجد ولا يمكن أن يكون ظالماً إلى هذا الحدّ. ومن ذلك اليوم كففت عن أن أكون مسيحيا.



#شكري_شيخاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاربعاء الأحمر 17 نيسان
- 17 نيسان.((الجلاء))؟؟
- تدمير كوردستان وابادة شعب 2 -
- الدولة الثابت والنظام المتحرك
- تدمیر کوردستان وابادة شعب 1 -
- الأنفال ..والأنذال
- فن اعطاء النصيحة
- من البالون حياه ومنهاج ودستور
- خير الكلام
- نظرة الست
- عندما تكذب الأم
- عيد الفطر...والأمل
- النبتة الصالحة
- لا تكثروا من الفضفضة
- هكذا تنجح لأمم
- حب جارف..وكراهية حارقة
- 7 نيسان ..كان فجرا- داميا-
- الكردي السوري - 2 -
- الكردي السوري
- المرأة...إكسير الحياة


المزيد.....




- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكري شيخاني - محطات جورج- 1 -