أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سنية الحسيني - ملاحظات على هامش هجوم إيران الأخير















المزيد.....

ملاحظات على هامش هجوم إيران الأخير


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 7951 - 2024 / 4 / 18 - 16:20
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تمر منطقة الشرق الأوسط بتفاعلات سياسية خطيرة، تجسدت بحالة من الصراع الدموي المفتوح على مصراعية منذ ستة شهور متتالية، وقد يفتح ذلك الطريق لحرب إقليمية أوسع يمكن أن تغرق المنطقة بمزيد من الاضطرابات والمعاناة. وليس خفياً أن السبب المباشر والرئيس لذلك التدهور يرجع لصعود حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة لسدة الحكم، فالكيان المحتل رغم أنه طالما حافظ على حالة اشتباك وتوتر سواء مع الفلسطينيين أو تجاه لبنان وسوريا وإيران طوال السنوات الماضية، إلا أن حكومة نتنياهو الأخيرة افتتحت مرحلة جديدة من التصعيد المتصاعد والمفتوح مع الفلسطينيين ودول المنطقة. ويعود السبب الثاني لهذا التدهور الخطير في المنطقة لسياسة الولايات المتحدة والدول الغربية التي تدور في فلكها، والتي تطلق على نفسها "العالم الحر"، فقد أثبتت التطورات الأخيرة أن ذلك العالم الغربي لا يهتم إلا لضمان بقاء إسرائيل، ذلك الكيان الغريب والدخيل للمنطقة، حتى وإن تجاوز للحدود المقبولة والمرسومة، والذي يعكس منظوراً استعلائياً غربياً مصلحياً، يستوجب مراجعة. بات من الواضح أن التدخل الغربي في المنطقة يأتي على حساب استقرار المنطقة وحياة أبنائها، وبات من الضروري على دولها إعادة النظر فيه.

تمثل الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة اليوم قباحة الاحتلال وواقعه، الذي يعيش في ظله الفلسطينيون منذ عقود، مع بقاء الاحتلال الحقيقة الثابتة، بدرجات متفاوته من قمع سلطات الاحتلال، تضمن بقاء حاله من العجز والتبعية تخيم على واقع الفلسطينيين، وتضمن عدم قدرتهم على تحقيق الاستقلال الوطني والقرار الحر، بدعم كامل من الولايات المتحدة والدول الغربية، التي تعترف ظاهرياً وخطابياً بحل الدولتين، مع عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعدم قمع سياسات الكيان القائم بالاحتلال الرافضة لتحقيق حل الدولتين والمعطلة عملياً على الأرض تحقيقه، والتي تعاقب الفلسطينيين اقتصادياً إن انتقدوا سياسات محتلهم أو تصدوا لها.

خلال التطورات الأخيرة في المنطقة، لم تستطع الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاحتفاظ بقناع "العالم الحر"، وكشفت عن وجهها القبيح الاستعماري المنحاز ضد دول المنطقة. فبعد هجوم 7 أكتوبر، فصلت تلك الدول ذلك الحادث عن سياقه، متناسية تلك الدول الواقع الظالم الذي يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال منذ عقود، وسكتت عن جرائم حرب وإبادة وتدمير ممنهج بحق الأبرياء في غزة وممتلكاتهم. وكان ذلك مكافأتهم للفلسطينيين، الذين تحملوا ظلم الاحتلال، على مدار عقود طويلة، على أمل الخلاص منه، في ظل دعم تلك المنظومة الدولية الغربية له من ناحية، وتخدير الفلسطينيين من ناحية أخرى عبر عملية سلمية وهمية تواصلت لأكثر من ثلاثة عقود لتخدير الفلسطينيين، فلا اللاجئين الفلسطينيين عادوا، رغم مرور أكثر من سبعة عقود، ولا الدولة الفلسطينية الحرة قامت، رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود، بينما تستمر سياسات الاحتلال لاستكمال السيطرة على الأرض.

يقف "العالم الحر" اليوم، الذي يعيش الاحتلال بدعمه العسكري والاقتصادي والسياسي، متفرجا على ذبح عشرات الآلاف من الأبرياء وتشريد مليوني إنسان وتدمير بيوتهم في غزة، والاعتداءات اليومية على حياته الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم في الضفة والقدس. ركزت قناة الفوكس نيوز الاميركية واسعة الشهرة على إصابة طفلة فلسطينية بدوية من سكان صحراء النقب بجراح خطيرة، من شظايا صاروخ إيراني، بينما عشرات الألف من الفلسطينيين الأبرياء، بينهم آلاف الأطفال يسقطون شهداء أو تقطع أوصالهم يومياً، بسبب صواريخ إسرائيلية مباشرة تسقطها عليهم آله الحرب الاسرائيلية، المدعومة أمريكياً وغربياً، تبقى بدون تغطية، بل تحول تلك القنوات دون وصولها للشعب الأميركي. وأوعزت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى الصحفيين الذين يغطون الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بتقييد استخدام مصطلحي "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي"، وتجنب استخدام عبارة "الأراضي المحتلة" عند وصف الأراضي الفلسطينية. إن ذلك العالم الغربي، الذي لم يتجرأ على انتقاد إسرائيل عندما أقدمت على قصف قنصلية إيران في سوريا، منهكة القانون الدولي بحق إيران وسوريا، بينما اعتبرت الرد الطبيعي والمحسوب لإيران على ذلك الانتهاك، يعرض الأمن والسلم الدوليين للخطر، بل وشاركت في حماية إسرائيل والدفاع عنها.

إن ذلك الانحياز الغربي الأعمى لإسرائيل على حساب دول المنطقة، مع إقرار بذلك الإنحياز اليوم دون مواربة، يحتاج لمراجعة. فالتدخل للدفاع عن حق الاحتلال بالوجود على حساب وجود وحياة السكان الأصليين في فلسطين، ودول المنطقة الأصلية والراسخة فيها، يعتبر أمرا شاذا ويحتاج للوقوف عنده ومواجهته، حماية لمستقبل المنطقة بأسرها.

يأتي ذلك مع الوضع بعين الاعتبار عدد من الحقائق، على رأسها أن واقع الكيان المحتل اليوم في أسوء حالاته، والذي يتضح من خلال وجود حكومة يمينية متطرفة فقدت السيطرة على تصرفاتها. فالإجرام الذي يرتكب بغزة اليوم من الصعب أن يرتكب من قبل حكومة حكيمة، والإقدام على ضرب قنصلية دولة أخرى على أرض دولة ثالثة، أبعد ما يكون عن الحكمة. وتدخل الولايات المتحدة والدول الغربية التابعة لنهجها لحماية إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر من أي ضربات خارجية، وفتح ممر جوي وبحري لا يتوقف لإمدادها بالسلاح والعتاد لمواجهة حركتي حماس وحزب الله المقاومتين للاحتلال في غزة وجنوب لبنان، وهي تلك التي تعهدت عبر عقود لضمان تفوقها العسكري عن جميع دول المنطقة، يرفع علامة سؤال كبيرة حول مقدرة إسرائيل للصمود، دون دعم أميركا وحلفائها، والقرار السياسي الغربي بفرضها في المنطقة على حساب استقرار دولها.

وتؤكد الحقيقة الثانية أن التزام الولايات المتحدة باسرائيل، بصورتها الحالية، بات على حسابها ومصالحها. فاليوم لا تقوى إدارة بايدن على تحجيم إسرائيل أو حتى حمايتها من ذاتها، بل باتت تتماشي مع قرارتها الهوجاء. ففي غزة، لم تنجح الولايات المتحدة بتحقيق صفقة تبادل تخرج المحتجزين في غزة، ولم تنجح بثني إسرائيل عن جرائمها المنتقدة عالميا، حتى وإن كان ذلك على حساب مستقبل بقاء ادارة بايدن في الحكم. كما لم تنجح الولايات المتحدة بتقويض مساعي حكومة نتنياهو، والتي تشير التحليلات أنها لا تمانع في استمرار الحرب في غزة وفتح جبهات قتال أخرى في لبنان أو مع إيران، من أجل ضمان بقائها في السلطة، رغم تصريحات الولايات المتحدة الصريحة بعدم رغبتها بتمدد الصراع والحروب في المنطقة. ويبدو أن الولايات المتحدة لا تستطيع منع إسرائيل من الانخراط في مزيد من الصراعات، من أجل ضمان بقائها واستمرارها فحسب، بل تفرض إسرائيل عليها الانخراط فيها على غير رغبتها. فالولايات المتحدة لا تريد حرب مع إيران، لكنها شاركت في الدفاع عن إسرائيل، في هجوم عليها تسبب إسرائيل به، وتصر على استكمال المعركة، على غير الرغبة الأميركية، إلا أن الالتزام الاميركي باسرائيل سيفرض عليها الانزلاق معها في حرب لا تريدها الولايات المتحدة.

استطاعت الإدارات الأميركية السابقة منع إسرائيل من شن حرب على إيران. بعد أن شنت الولايات المتحدة حربها على الارهاب مطلع الالفية الجديدة، واعتبار إيران أحد دول محور الشر، توجهت إيران لبناء ترسانة نووية ردعية، في ظل تلك التطورات في المنطقة، ومع وجود إسرائيل النووية الغربية فيها والمعادية لإيران. منذ ذلك الوقت أصبحت إيران من بين أهم أهداف إسرائيل، وسعت لإقناع الولايات المتحدة لشن حرب ضدها. لم يتجاوب الرئيس جورج بوش الإبن ولا أوباما ولا حتى ترامب، مع مخططات إسرائيل، بشن هجوم عسكري عليها، رغم تعاون الادارات الأميركية المختلفة في فرض عقوبات على إيران وفي دعم إسرائيل بحروب الظل عليها السايبرانية والاغتيالات والسفن. إلا أن ادارة بايدن الضعيفة والمتخبطة بتصريحاتها وسياساتها، تكشف عن عجزها حتى الآن بالتصدي لمخططات هذه الحكومة اليمينية الطائشة، فهل تنجح إسرائيل باشعال المنطقة، وتوريط الولايات المتحدة في مخططاتها، على غير رغبتها ومصلحتها؟

نجحت إيران من خلال ردها على هجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية، عبر رد محسوب بدقة، لا يسعى لتوسيع المعركة، بترسيخ معطيات جديدة لمعادلة الصراع في المنطقة، فمعادلة الردع بين البلدين اختلفت، ولم تعد إسرائيل حرة طليقة في اعتداءاتها على دول المنطقة. وقد يعود التطور المهم الذي رغبت إيران بارسائه فيما يتعلق بمعادلة الردع، لتبدلات جديدة حدثت في الميزان العسكري الإيراني، وعلى إسرائيل والغرب وضعها بعين الاعتبار، عندما يقرران توسيع المعركة. يأتي ذلك بالإضافة إلى حدوث تبدلات سياسية إيرانية على مستوى صقل التحالفات، والتي يمكن أن تكون قد تبلورت في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وبتحولات استراتيجية ميدانية على جبهات متعددة في المنطقة بدءاً من فلسطين ومروراً بلبنان وسوريا والعراق ووصولا لليمن. تقف منطقتنا اليوم على شفا بركان، يتسبب به حكومة يمينية متهورة، وأميركية متخبطة، وليس من مصلحة أي دولة من دول المنطقة حدوث ذلك الانفجار. إن اعادة مراجعة الحسابات والتصدي لأي مخططات تقوض استقرار ومستقبل منطقتنا بات أمر ضروري اليوم، والمطلوب التكاتف العربي لمنع تفجر البركان، الذي ستكون دول المنطقة وشعوبها الخاسر الأكبر فيه.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أصبحت الحرب الاقليمية وشيكة؟
- قرار مجلس الأمن وتراكم الضغوط على نتنياهو
- حقيقة التصريحات الأميركية الأخيرة
- غزة ومؤامرة العصر
- حقائق يكشفها عدوان الاحتلال على غزة
- هل الهدنة في غزة ممكنة قريباً؟
- الدور الأمريكي بين الأقوال والأفعال
- مستقبل الهجوم الإسرائيلي على غزة …عناصر محددة (3 من 3)
- مستقبل الهجوم الإسرائيلي على غزة …عناصر محددة (2 / 3) الولاي ...
- عن تصفية «الأونروا» ومؤامرة التهجير
- مستقبل الهجوم الإسرائيلي على غزة … عناصر محددة (1 من 3)
- إرهاب إسرائيل المسكوت عنه
- غزة تتحدى إسرائيل من داخل محكمة العدل الدولية
- فلسطين وحرب الأيديولوجيات وغزة وحرب الإرادات
- غزة مفتاح التطورات الإقليمية في المنطقة
- الفلسطينيون والعدالة الضائعة
- ملاحظات على هامش الحرب على غزة
- مستقبل غزة إلى أين؟
- والحرب الاعلامية لا تقل ضراوة
- سيناريوهات نهاية الهجوم على غزة: السيناريو المتجاهل


المزيد.....




- -انطلقت ووصلت إلى هدفها-..الحوثيون يعرضون مشاهد من استهداف س ...
- الولايات المتحدة تواصل تشييد رصيف بحري عائم على شاطئ غزة
- الخارجية الأمريكية تصدر بيانا بشأن مباحثات الأمير محمد بن سل ...
- نتنياهو: سندخل رفح باتفاق أو بلا اتفاق
- الكونغرس يضغط على -الجنائية الدولية-
- حفل فني روسي في تونس
- هل استخراج الغاز حلال في أمريكا وحرام في إفريقيا؟ وزير الطاق ...
- الرئيس المصري وأمير الكويت يؤكدان ضرورة وقف إطلاق نار دائم ب ...
- السيول تجتاح مناطق عديدة في لبنان (فيديوهات + صور)
- -داعش- يعلن مسؤوليته عن هجوم على مسجد بأفغانستان


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سنية الحسيني - ملاحظات على هامش هجوم إيران الأخير