أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - تحول الدين من ظاهرة إلى مظاهرة














المزيد.....

تحول الدين من ظاهرة إلى مظاهرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7951 - 2024 / 4 / 18 - 02:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدين حينما يتحول إلى تراث فكري ومجرد تراكم أفكار وتجارب بشرية محضة يخرج من دائرة الفعل الأخلاقي القيمي، ليتحول إلى أداة أجتماعية وسلطوية تستخدم لقمع الإنسان الحر الطبيعي وتمسخه إلى كائن منسلخ عن وجوديته الحقيقية، وبذلك يفقد هذا الدين التحول صلته بالمنبع الأول وقيم وجوهر نشأته، فلم يعد الدين نصيرا للفقراء والمظلومين وأهل الحق وتنتزع منه روح الرحمة والإحسان والعمل الصالح، ما نجده اليوم في كل الديانات على مختلف مناشئها وأشكالها وتوجهات قادتها لا يدل على أنها لها صلة أكيدة ومباشرة مع الديان، اليوم أيضا نجد أن التدين والإيمان بالأديان خرج من طور العقلانية الطبيعية المبنية على حق الحرية وحرية الحق في الخيار البشري في سلوك الطرق الحياتية المناسبة، وترك الأمر في النهاية لسلطة الرب أو الإله الخالق ليقرر مصير الإنسان في نهاية العلاقة بينهما، هذا الخروج لم يولد فقط عنفا وكراهية بين الناس بل أيضا ولد كراهية خفية للدين، ومن ثم إلقاء اللوم على الله في أنه سن أديان تسمح لمعتنقيها أن يكونا أكثر كرها للإنسان من عدوه التقليدي إبليس.
فقد كانت كل الأديان عندما مارست ثورة القيم والمثل العليا لم تمارس العنف والتطرف والقسوة التي هي من أساسيات أدوات بناء الظلم والكراهية في المجتمع الإنساني، الديانات البوذية والهندوسية والمجوسية وديانات العراق القديمة التي قبل إبراهيم الخليل لم تكن تدعوا للعنف، ولكنها تدعوا الإنسان للخلاص من شعوره بالتعالي على الغير حتى لو كان حيوانا، لقد أعاد الدين بثوراته الأعتبار للذات الإنسانية وحض على فكرة أن الإنسان واحد لا يختلف فيه الجوهر باللون أو الشكل أو حتى في علاقته مع الديان، هذه هي فلسفة الإسلام كثورة وكفكرة أنطلقت من مقولة كلكم من آدم وآدم من تراب، هذه الثورة التي جمعت كل تجارب التحرر التاريخية وصاغتها في منظومة فكرية ترى في الإنسان محور الوجود، والذي يجب أن يكون مؤمنا بحقه في الحياة حتى دون تدخل الرب، إذا أيقن وتعقل أن خياره أفضل من خيار الرب.
الإيمان بالله وبالدين وبأشياء أخرى قضية خاصة لا تتعدى العقل الفردي واليقين الشخصي كمبدأ عام لا يجوز أن يتحول هذا الإيمان عن مساره الطبيعي، وكل إنسان بالطبيعية الجوهرية للدين كونه (كونه ظاهرة عامة حاضرة في التاريخ الإنساني كله)، فيكون وفقا لهذا التعريف الواسع من أن المؤمن والمتدين ومن لا يؤمن ولا يتدين غير ملزم أن يبرر لأحد أو يشرح لمتسائل عنها ولماذا أتخذ هذا الموقف أو ذاك، لأن الدين أصلا هو من حدد آلية السؤال والمسائلة والكيفية والأختصاص والوقت، أما علاقة الإنسان بالإنسان وبالأخر وبالمنطق العقلي تحتاج لترجمة وصدق في التجسيد وإخلاص في ما نؤمن به أو لا نؤمن، ولأننا معرضون دائما لمثل هذا السؤال ومطلوب منا تبرير كل تصرف بموجبها ينبع من كون أنها علاقة ظاهرية مادية ومعنوية متعددة الأطراف ومتشعبة بالنتائج، وحتى يكون الإنسان إنسانا طبيعيا عليه أولا أن يحترم قانون الطبيعة وأحكام الظاهرة التأريخية الإنسانية من عمقها الجوهري لا من شكليات محدثة ألصفت به وشوشت مبدأ الدين، والذي يرسم حدود الأنا ومن دون مزاحمة ولا تعد ولا طغيان من أحد لأحد.
من نتائج تحول الدين من محرك دائم للحركة وقيادة الإنسان نحو الفضيلة بما يقدم من عوامل دفع وتشجيع إلى مجرد تراث تقليدي نسير عليه وبه بالمسلمات والبديهيات دون فحص ومراجعة، هو أيمانك الواهم بما تعتقده على أنك الأقرب إلى الله من غيرك، وأنك الأصلح لوحدك لتمثيل مبادئ السماء وقيمها وقوانينها دون غيرك من البشر، ولا يستوجب عليك أن تكون أكثر قربا من الإنسان كل الإنسان خارج المسميات الخاصة، ولا أشد حرصا على الوجود الإنساني من العبث به أو التعدي عليه لأنك تتبع تضخمات الأنا المريضة بداء العظمة، هنا يكون موقعك وموقفك الحقيقي ليس فقط كم الله والدين والوجود هو سعيك لأن تفسد في الأرض بعد إصلاحها، لأن الحال لا يعجبك أولا يتوافق مع فهمك والقيم التي أستلمتها من كان قبلك دون أن تكسبها من تجربة عقلية أو أجتهاد في البحث عن موقف ما، التراث قد يخدع البعض ممن عقولهم ما زالت تحبو على إيقاع كلماته وأفكاره ولكها لا تخدع الله أبدا، إذا كن ما تكون الحساب ما زال يروي كل حركاتك وسكناتك ولا يغادر أي جزئية مهما تصاغرت، ولا تغتر بصمت الله عنك فصمته يعقبه انتقام رهيب وويل للمنذرين.
إن أخطر ما يمكن أن يمر على الإنسان أو ما مر، هي عملية تحول القيم الدينية ووضعها في قوالب جامدة لا يمكنها أن تتحرك مع تحرك الإنسان فردا أو مجتمعا، فكلما مر عليه الزم صار عبء ثقيل حتى يصل لدرجة منع الإنسان من الحركة وتقيده بأفكار ونظريات ورؤى لا تنتمي لا لزمانها ولا لمكانها، وهنا يقع الإنسان ضحية والدين ضحية وينسب المظلوم مظلوميته لغير الجهة الحقيقية فيتجرأ على ما علاقة له بما حدث، هذا الوهم أو لنقل هذا الفهم الخاطئ لدور الدين كرسه المعبد المتزمت، المعبد الذي لا يعرف الله وإن وجد أصلا وتكلم وتحرك وهو يدعي أنه يمثل الله، فالله ليس إدعاء بل حضور مطلق وفعل مستمر وإرادة لا يمكن تجيرها لأحد، لكن أيضا الله قد ترك الدين في حياة الإنسان مثل حكمة إن تقلدها وعمل بها فقد كسب النجاح دون أن يتكلف شيئا سوى أنه أستخدم عقله للاستدلال على الطريق الصحيح وأتباع الحكمة ومرادها الخاص والعام.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والطبيعة وفهم العلاقة بين الإحساس والوجود.
- الدرس العشرون والاخير من دروس شهر رمضان لهذا العام
- الدرس التاسع عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الثامن عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس السابع عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس السادس عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الخامس عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الرابع عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الثالث عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الثاني عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الحادي عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس العاشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس التاسع من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الثامن من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس السابع من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس السادس من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الخامس من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الرابع من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الثالث من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الثاني من دروس رمضان لهذا العام


المزيد.....




- فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية
- المجلس اليهودي الأسترالي يتضامن مع مظاهرات طلاب الجامعات الد ...
- طالبة أمريكية يهودية ترفع دعوى قضائية ضد جامعتها المتهاونة م ...
- -نيتسح يهودا- - هل تعاقب واشنطن وحدة عسكرية إسرائيلية لأول م ...
- السلطات الفرنسية تحذر من خطر إرهابي كبير خلال فترة الأعياد ا ...
- فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية قرب الكنائس بسبب المستوى العالي ...
- نزلها عندك.. نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على الأقما ...
- شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل ...
- سيدة بريطانية يهودية تفضح محاولات وسائل الإعلام والسياسيين ف ...
- تونس: قرض بقيمة 1.2 مليار دولار من المؤسسة الدولية الإسلامية ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - تحول الدين من ظاهرة إلى مظاهرة