أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج3 والأخير/ مسلسل -الحشاشين-: شيطنة الخصوم لخدمة أنظمة الاستبداد 3 من 3















المزيد.....

ج3 والأخير/ مسلسل -الحشاشين-: شيطنة الخصوم لخدمة أنظمة الاستبداد 3 من 3


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 7944 - 2024 / 4 / 11 - 02:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخارج من بئر الظلام: من مشاهد شيطنة حسن الصباح الصريحة مشهد سقوطه في بئر حين كان طفلاً، وظهور شبح المرأة الغامضة وهي تخيّرهُ بين إنقاذه مقابل أن يخضع لمشيئتها، مشيئة "الشيطان الأنثوي المسلح بالإغواء" في الأدب الذكوري الرجعي غالباً، أو أن تتركه بظلمة البئر. وحين تسأله المرأة الشبح أن يختار بين النور والظلام يختار الظلام فتنقذه، وتوصيه: "لو خيروك تقتل حسن على شان تعيش اقتلْ حسن"!
أي أن حسن الصباح كان شيطاناً ظلامياً منذ طفولته وما تبقى تفاصيل! أليست هذه هي الفكرة التي أراد المسلسل إيصالها للمشاهد، وربطها بـ "الشياطين المعاصرين" في حركات المعارضة الذين تم مسخهم وغسل أدمغتهم كما يقول الإعلام الحكومي الذي يحتكر لنفسه "الأدمغة النظيفة والمعقمة جيدا"؟
أما الروايات التي تتحدث عن زهد وورع وتدين هذه الشخصية التاريخية إلى درجة اعتبره بعضهم متدينا متشددا وعالما مرموقا في الحساب والفلك وكونه لم يخرج من قلعته طوال 35 عاما إلا مرة او مرتين وبعض المصادر تنكر حتى هذه المرة أو المرتين، وكونه أبعد أسرته زوجته وأطفاله إلى ليعيشوا من عمل أيديهم في الحياكة في قلعة أخرى، كل هذه الروايات والتي رود بعضها في مصادر مخالفين له مذهبيا فقد أهملت أو حرفت أو قلبت رأسا على عقب من قبل كتبة السلاطين المعادين له ولحركته وأخيرا من قبل مؤلف مسلسل الحشاشين الذي فاق الجميع في الخلط والتحريف والتبشيع بطريقة لا أخلاقية مفعمة بالإسقاط الأيديولوجي المعاصر خدمة لخطاب حكومي استبدادي أولا، ولتبرئة الوهابية كما قال البعض من مسؤولية جرائم منظمات إجرامية تكفيرية معاصرة مثل داعش والقاعدة ثانيا، والقول أن جذور هذه الحركات وغيرها كالإخوان المسلمين إنما تقع في الحركة الإسماعيلية النزارية التي أطلقوا عليها اسما تشنيعيا هو "الحشاشين"!
وبعد أن اكتملت عملية شيطنة الصباح يقترب المؤلف من تكفيره حين ينفي عنه حتى إيمانه بعقيدته الإسماعيلية ويتهمه بتأسيس شريعة جديدة لا حلال وحرام فيها (الحلقة 12)، ويربط سلوكه وأفعاله الدموية بمصلحته الشخصية ومجده الفردي وحبه للسلطة ويضع كلاماً بهذا المعنى على لسانه "ما فيش، إيمان، هو إيمان واحد بس.. إيمان بأيه؟ بحسن الصباح".
إنَّ فكرة إلصاق الكفر والعدمية بحسن الصباح والاسماعيلية عموما ليست جديدة بل هي مكررة كثيرا في الإعلام الحكومي المعاصر، وربما وجد عبد الرحيم كمال توثيقها التأريخي في رواية اليوغسلافي بارتول الذي نقل عن شخصية غامضة ولا وجود ترجمة لها في كتب الأعلام العربية الإسلامية وبلا توثيق هو "الداعية الإسماعيلي أبو نجم السراج" قوله: "إن قصة الإمام علي والمهدي المنتظر ما هي إلا سراب نستهدف به المؤمنين الذين يبجلون صهر النبي ويكرهون الخلافة ببغداد... العقيدة ناقصة بالضرورة وليس بوسع أحد معرفة الحقيقة، ونحن لا نؤمن بشيء ونستطيع أن نفعل أي شيء.. ص 186"، وربما كان يقصد الداعية أبو نصر السراج وهو أول داعية إسماعيلي بسيط تعرف إليه الشاب حسن الصباح – كما يذكر دفتري في دراسة له ومرَّ في حياته مروراً خاطفاً.
في هذا السياق، يضع كمال كلاماً مماثلاً على لسان الوزير نظام المُلك حين يقول لسيده ملكشاه إن "ولاء حسن الصباح لحسن الصباح يا مولاي"! وهو معنى يكرره الإعلام الحكومي في عصرنا ضد المعارضين بصيغة "إنَّ هدفهم هو الوصول إلى الحكم وليس الإسلام أو الوطنية أو فلسطين"!
إسقاطات هوليودية وأخرى حكومية
ثمة إسقاط لمقولات معاصرة مما نراه في الأفلام الهوليودية كمقولة "يجب أن نغير العالم" وهتاف "عاش مولانا السلطان عاش"، و"عاش حامل مفتاح الجنة". ولو كان المؤلف موضوعياً ومنصفاً لساوى بين نظام المُلك الذي خاطب جيشه بقوله "أنتم سيف الإسلام وجنود الله ضد الفرقة الباطلة/ الحلقة 9" وبين خطاب الصباح لمقاتليه بأنهم حملة الإيمان القويم والحق والعدل، فكلا الخطابين يمثل رأياً أيديولوجياً تبريرياً، لا أن ينحاز - المؤلف - لخطاب الحكم ويشيطن خطاب معارضيه!
إن الاستشراق الاستعماري يعتبر "العنف الدموي الشرقي" لعنة ميتافيزيقية موجودة بطبيعة الإنسان الشرقي، وأن الشرق أصيب بها لأنه حيز جغرافي ديني ورث هذا العنف من كتابه المقدس، وهذه ترهات عنصرية ولا علمية تنضح بالإسلاموفوبيا وقد فندها مستشرقون غربيون منصفون كالمستشرقة البريطانية كارين آرمسترونغ في كتابها "حقول الدم: الدين وتاريخ العنف". أما الدراما العربية الخارجة من عباءة الإعلام والحكومي فتعلل هذا العنف المعارض بطموحات شخصية فردية لزعماء عدميين لا يؤمنون إلا بأنفسهم كـ "زعيم الحشاشين مخترع الاغتيال السياسي"، مكررةً اتهامات الحكومات الاستبدادية واستخباراتها لكل من يتمرد على ظلمها وفسادها؛ فمَن هم في السلطة اليوم يريدون احتكارها إلى الأبد، ويعتبرون كلَّ مَن يهدد سلطانهم مارقاً، متآمراً، حشاشاً، قاتلاً، عبثياً، كافراً خرج من بئر الظلام ولا يؤمن بحلال أو حرام بل بنفسه وبأطماعه في الحكم!
وأخيرا دعونا نتساءل بكل حيادية: ترى ماذا يتبقى من مسلسل الحشاشين الذي أراد له صُناعه ومؤلفه وممولوه أن يكون ضربة قاضية وعلامة فارقة في تأريخ الدراما المصرية؛ ماذا يبقى منه إذا:
*إذا تأكد للمشاهد أن ربط الفرقة الإسماعيلية النزارية بالاغتيالات السياسية وكأنها هي التي اخترعتها كذبة سمجة وأن الاغتيال السياسي وجد وبشكل متواصل منذ صدر الإسلام وحتى قيام هذه الفرقة ومارسه جميع المتصارعين فرقاً ودولاً وإمارات كما وثقنا بالأسماء والتواريخ؟
*وإذا ما ظهر أن قصة الربط بين الثلاثي الخيام والصباح ونظام الملك مجرد حكاية لا صحة وقيمة لها وقد ابتكرها مترجم رباعيات الخيام إلى الإنكليزية الشاعر والمترجم البريطاني إدوارد فيتزجيرالد (Edward FitzGerald)‏: (1809 - 1883)، وأنها خرافة غير قابلة للتصديق لأن نظام الملك أكبر من الصباح بعقدين من السنوات ومن الخيام بثلاثة عقود، والصباح أكبر من الخيام بعقد، فهل يعقل أن يكونوا أصدقاء طفولة وزملاء دراسة؟
*وإذا ما ظهر أن حكاية تعاطي الحشيشة والأجواء الإباحية مع الجواري في الجنات الاصطناعية هي مجرد فنتازيا من خيالات الرحالة الإيطالي الملفق ماركو بولو ورجال دين وسياسة أفرنجيين "صليبيين" كانوا في حالة حرب مع النزاريين وعموم المسلمين في المشرق؟
*وإن التشنيعات التي ألصقها صناع المسلسل بالنزاريين في قلعة آلموت وزعيمهم حسن الصباح هي تشنيعات بائسة ولا تأريخية لم ترد في مصادر محايدة أو حتى شبه محايدة أو حتى مصادر عربية إسلامية ناقمة على الباطنية ومنهم هذه الفرقة؟
*ألا يظهر مسلسل الحشاشين في نهاية المطاف مجرد فقاعة ملونة تختزن روائح فاسدة ولا أخلاقية من الشيطنة والتشنيع والتضليل وقد ألحقت العار بصناعها وأوقعتهم في مشكلة كبيرة جديدة مفادها أن قطاعات واسعة من الجمهور المشاهد صار يتعاطف مع حسن الصباح وتجربته، فيصابون بالذعر والارتباك ويرجعون هذا التعاطف إلى سبب مضحك هو الجاذبية "الكارزما" التي يتمتع بها الممثل كريم عبد العزيز الذي قام بدور الصباح!
*لقد شهدنا في هذا المسلسل وبأسف شديد كيف يتحول كاتب ومؤلف مرموق، صوفي المنهج والتفكير والاهتمامات بدليل بعض أعماله الجميلة هو السيد عبد الرحيم كمال من أديب عرفاني صوفي إلى كاتب يشتغل في خدمة خطاب السائدين في الحكم الاستبدادي وكيف صار جزءا من البروباغندا الحكومية ضد معارضيها. أو إن شئنا الدقة كيف تكرس تحوله الذي بدأ - كما يلاحظ رشيد وحتي بصواب - في مسلسل "جزيرة غمام -2022" والذي حاول فيه وضع الرؤية الصوفية الدراويشية (تمييزا لها عن الصوفية القطبانية الثورية) في خدمة مشروع أنور السادات الانفتاحي الاستسلامي.
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ج2/مسلسل -الحشاشين-: هل اخترع الاسماعيليون الاغتيال السياسي؟ ...
- ج1/مسلسل -الحشاشين-: إسقاط للحالتين الإخوانية والداعشية على ...
- قصة موسى وفرعون بين الخطابين الديني والآثاري: هل يمكن التوفي ...
- هوية العراق دستوريا منذ 1925 وحتى إقرار دستور 2005 المكوناتي
- ج3/ تعقيباً على وجدي المصري وصفية سعادة: جذور الانعزالية في ...
- ج2/ الآشوريون والكلدان المعاصرون سريان آراميون متأشورون! ردا ...
- كيف نستخلص الحقائق من خرافات جداتنا على طريقة واسيني لعرج
- ج1/ رداً على وجدي المصري: هل تنقض مقولة الهلال السوري الخصيب ...
- هل حاول حزبا الدعوة والمجلس الأعلى المصلحة مع نظام صدام؟
- الرئيس لم يستولِ على القصر بل اشتراه ثم أجَّره!
- النص الكامل/ المقاومة انتصرت وواشنطن والرجعيات العربية تحاول ...
- لماذا تغتال المخابرات الغربية والصهيونية عملاءها أحيانا؟
- نظام الدويلات الطائفية الثلاث في العراق على حقيقته
- العدل الدولية تنحاز لإسرائيل وترفض إلزامها بوقف إطلاق النار
- صدور -معجم اللهجة العراقية- لعلاء اللامي
- مع روابط التحميل/ ثلاثية شلومو ساند في ندوة لأنطوان شلحت
- العدوان الأميركي الجديد في قلب بغداد وهوان حكامه
- شهادات من سنوات القمع والحديد والنار العراقية
- المسلسل التلفزيوني -الحشاشين-: هل هم حشاشون أم حركة ثورية مس ...
- تجاوزات المترجمين العرب في علم الآثار لدوافع أيديولوجية


المزيد.....




- -لاس فيغاس آسيا-..كيف يبدو العيش في ماكاو؟
- شاهد ضباط شرطة لوس أنجلوس يزيلون مخيمًا مؤيدًا للفلسطينيين ف ...
- -خطوة مركزية في بناء دولة الاتحاد وتحصينها-.. أنور قرقاش يشي ...
- قيادي في -حماس-: سنُهدي -النصر المبي-ن للسيسي وكل الزعماء ال ...
- ثاني توهج قوي يحدث على الشمس في يوم واحد!
- الخارجية الروسية: الغرب نسي دروس الماضي ويمضي نحو سباق التسل ...
- بوتين يوجه ببدء الاستعدادات لإجراء تدريبات على استخدام الأسل ...
- سياسي بريطاني يحذر من تصريحات كاميرون -غير المنتخب- عن حق أو ...
- هل فقدت فرنسا صوابها؟
- أردوغان يلعب ورقةَ مناهضةِ إسرائيل


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج3 والأخير/ مسلسل -الحشاشين-: شيطنة الخصوم لخدمة أنظمة الاستبداد 3 من 3