أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكري شيخاني - عندما تكذب الأم














المزيد.....

عندما تكذب الأم


شكري شيخاني

الحوار المتمدن-العدد: 7943 - 2024 / 4 / 10 - 23:03
المحور: الادب والفن
    


يقول المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد.. كنت أظن أن الأم لا تكذب و لكني أدركت أن ظني خاطئ بعدما كذبت عليّ امي ثماني كذبات.. و إليكم أكاذيب أمي لتعرفوا كيف تكذب الأم :
▪️ تبدأ القصة عند ولادتي.. فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا.. و عندما كنا نأتي بأرز قليل لنسد به جوعنا.. كانت أمي تعطيني نصيبها.. و بينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز فأنا لست جائعة.. "و كانت هذه كذبتها الأولى ..
▪️و عندما كبرت أنا شيئا فشيئا.. كانت أمي تذهب للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا.. لتأتي لي ولو بسمكة واحدة أسد بها جوعي.. و في مرة من المرات استطاعت بفضل الله أن تصطاد سمكتين.. أسرعت إلى البيت و أعدت الغذاء و وضعت السمكتين أمامي.. فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا.. و كانت أمي تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك.. فاهتز قلبي لذلك و وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها.. فأعادتها أمامي فورا وقالت: يا ولدي ألا تعرف أني لا أحب السمك.. و كانت هذه كذبتها الثانية ..
▪️ وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، ولم يكن معنا من المال ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل وتعرض الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ، هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي أنا لست مرهقة
وكانت هذه كذبتها الثالثة
▪️ وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ، وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت وفجأة نظرت إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها :اشربي يا أمي ، فردت : يا ولدي اشرب أنا لست عطشانة
وكانت هذه كذبتها الرابعة
▪️ وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ، واصبحت مسؤولية البيت تقع عليها وحدها فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ، كان عمي رجلا طيبا وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ، وعندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة ، ولكن أمي رفضت الزواج قائلة : أنا لست بحاجة إلى الحب
وكانت هذه كذبتها الخامسة
▪️ وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، وكانت في ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا في السوق وتبيع الخضروات كل صباح فلما رفضت أن تترك العمل خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة : يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني ..
كانت هذه كذبتها السادسة
▪️ وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ، وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة ،
وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ، وبعدما سافرت وهيأت الظروف اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، ولكنها لم تحب أن تضايقني وقالت : يا ولدي أنا لست معتادة على المعيشة المترفة
وكانت هذه كذبتها السابعة
▪️ كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها مرض السرطان ، وكان يجب أن أكون بجانبها في مرضها ، ولكن ماذا أفعل فبيني وبين أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ليست أمي التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني
فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...
كانت هذه كذبتها الثامنة
وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبداً .



#شكري_شيخاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد الفطر...والأمل
- النبتة الصالحة
- لا تكثروا من الفضفضة
- هكذا تنجح لأمم
- حب جارف..وكراهية حارقة
- 7 نيسان ..كان فجرا- داميا-
- الكردي السوري - 2 -
- الكردي السوري
- المرأة...إكسير الحياة
- الولادة المتعسرة
- متى نصحوا ؟
- إلهام أحمد .. قيادة وريادة
- ابريل ...الحياة
- متى يعتذر الحاكم؟؟
- قال لي صديقي :
- هنيئا- ...لمن ابواه على قيد الحياة
- 27 اذار ..القمة العربية بدمشق - 4 -
- 27 اذار... القمه العربيه بدمشق - 3 -
- 27 أذار ..القمة العربية في دمشق - 2 -
- 27 اذار ..القمة العربية في دمشق - 1 -


المزيد.....




- قمصان بلمسة مغربية تنزيلا لاتفاق بين شركة المانية ووزارة الث ...
- “ألحقوا اجهزوا” جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 للشعبتين ...
- الأبعاد التاريخية والتحولات الجيوستراتيجية.. كتاب -القضية ال ...
- مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم ...
- ركلها وأسقطها أرضًا وجرها.. شاهد مغني الراب شون كومز يعتدي ج ...
- مهرجان كان: الكشف عن قائمة الـ101 الأكثر تأثيرا في صناعة الس ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 70 مترجمة باللغة العربية بجودة HD ...
- السحر والإغراء..أجمل الأزياء في مهرجان كان السينمائي
- موسكو تشهد العرض الأول للنسخة السينمائية من أوبرا -عايدة- لج ...
- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكري شيخاني - عندما تكذب الأم