أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام عقيل - هل ثمّة اشتراكيّون اليوم؟














المزيد.....

هل ثمّة اشتراكيّون اليوم؟


هشام عقيل
كاتب

(Hisham Aqeel)


الحوار المتمدن-العدد: 7939 - 2024 / 4 / 6 - 10:29
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إذا كانَ القارئ يبحث عَن إجابةٍ سريعةٍ للسّؤال المطروح، سنُجيب بـ : لا.

الرّياحُ المشتّتةُ ليست إعصاراً، وبالمثل إذا وُجدَ أناسٌ يتّخذونَ الاشتراكيّةَ كمثالٍ لَهُم هُنا وهناكَ فإنّ ذلكَ لا يعني أنّهم قَد أصبحوا قوّةً اشتراكيّة.

لا يوجد حزبٌ سياسيّ أو حَرَكةٌ سياسيّةٌ واحدة يُمكننا أن نعدّها قوّةً اشتراكيّةً اليوم.

فكّروا في الأمر: هَل ثمّة نظريّةٌ اشتراكيّةٌ فِي العالمِ أجمعه، قادرةٌ على توحيدِ كُلّ المؤمنينَ بها تحت شريعةٍ واحدة أو ميثاقٍ واحد؟ هل ثمّة نظريّةٌ اشتراكيّةٌ يُمكننا عدّها كدستورٍ نظريّ؟

الجوابُ الواضحُ لذلكَ هو: لا.

كُلّ المذاهبِ تفرّقت، وانتهت صلاحيتها التّاريخيّة؛ وكُلّ مذهبٍ يقولُ إنّ الآخرَ ليسَ على شيءٍ، وكلٌّ يقولُ أمثولتهُ، صنمهُ، سَفَرهُ على حقٍ، في حين جميعهم معوجّونَ، منحرفونَ، ضالون.

إن افترضنا أنّ أحداً، بسحرهِ وتراكيبهِ الخيميائيّة، قالَ سأوحّدها كُلّها، فإنّه لَن يستطيع حتّى لَو استطاع، وذلكَ لأنهُ، هوَ بحدِّ ذاته، مشتّتٌ وضائعٌ، ولا يقومُ على أسسٍ علميّةٍ حقيقيّة.

المبدأ هو: لئن كانت أيّ هذه المذاهبِ قادرةً على ما أشرنا إليه، لفعلت منذُ زمنٍ بعيد. لكنها لم تقم بشيء.

اليوم، نحن أمام فرصةٍ جديدةٍ لهذا التّوحيد، إذ الكشفُ العلميّ تمكّن مِن إيجادِ طريقٍ جديدٍ وفعليّ نحو ذلك، إذ كَشَفَ لنا أنّ لا اشتراكيّة إلّا التآلفيّة.

لتعلموا أنّ كُلَّ مذهبٍ يدّعي الاشتراكيّةَ وهوَ ليسَ على العقيدةِ التّالفيّة، هوَ - في الحقيقةِ - نكوصيّ. لهذا السّببِ يتوجب علينا إقامة خطوط الفصل بينَ التّآلفيّة والنّكوصيّة، بوصفِها -النّكوصيّة- الشّكلَ المعاصر للاشتراكيّة الطوباويّة.

في العصرِ الراهن، تكتسبُ النّكوصيّةُ شكلها الكامل، إذ ساهمَ صعود البلدان الكولونياليّة المهيّمنة (مثل روسيا، والصين، والهند، إلخ)، وسيساهمُ على نحوٍ متعاظم، في صعودٍ آيديولوجيّ بورجوازيّ جديد، يُمكننا أن نسميه بآيديولوجيا ما-بعد-الاستعمار، أذ أثّر مباشرةً على جميعِ التيارات اليساريّة (والليبراليّة أيضاً) في العالم. هذه الآيديولوجيا، حالما تسيطر على هذا التّيار أو ذاك، تُعطي اليسار طابعاً نكوصيّاً بالطبع، إذ ينتكص إلى حالة اللاعلم.


 آيات النّكوصيّةِ الرّجعيّةِ التّعويميّة هي: العالم المتعدّد الأقطاب، والعدالة الكونيّة، والتّبادل المتكافئ، والمساواة بينَ الطبقات، وتقديس البرلمان، والتّعويم الآيديولوجيّ، وتقديس الاتّحاد السوفيتيّ (في بعض الحالات، كما نجد في البحرين والخليج)، والعالم المتعدّد الهويّات، والتّوزيع ”العادل“ للثروات، وسياسات الهويّة، إلخ.

بعضهم يُطالبُ بكُلّ ذلكَ مِن منطلقٍ سلطويّ: الدّولة الأبويّة الّتي تقوم بالتّأميم، والتي تقود ”الاقتصاد“، وفيهِ يتغلّبُ ”القطاع العام“ على ”القطاع الخاص“. وهذا كلّه، بالطبع، محض هراء. وهناك بعضٌ آخر يطالب بكُلّ ذلك مِن منطلقٍ ليبراليّ-ديموقراطيّ: التّعددّيّة السّياسيّة والحزبيّة، ودولة الرفاه الاجتماعيّ، وتقليص ”الفارق“ بينَ الطّبقات. وهذا كلّه، أيضاً، محض هراء.

هؤلاء هُم النّكوصيّونَ الرّجعيونَ التّعويميّون.

مَن تظهر عليهِ آياتُ النّكوصيّةِ الرّجعيّةِ نعدّه مِن اليسار التّخالفيّ (الذي يؤبّد العلاقات التّخالفيّة)، ولكنهُ ليسَ اشتراكيّاً على الإطلاق. لا مجالَ للنّقاشِ في هذه النّقطةِ أبداً.

أمّا النّكوصيّةُ العقائديّة، الّتي لم تقع تحت سطوة هذه الآيديولوجيا بعد، ولكنها ما زالت في الحالةِ العلميّةِ القديمة مِن دونِ أن تتبنّى جديدَ علم العمران، هي بطبيعةِ الحال أمام خيارين: إمّا أن ترتقي إلى التّآلفيّةِ وإمّا أن تقبع في المراحلِ السّابقة للعلم، فتصبحُ، بالتّالي، أحدَ عناصرَ الاشتراكيّة الطّوباويّة المعاصرة.

هؤلاء همّ النّكوصيّونَ العقائديّون.

يَقودُ بعض النّكوصيّين صراعاً حقيقيّاً فِي صراعاتهم السّياسيّة نستطيع أن نؤيّدهم فيها، في حدودِ أنّها تُمثّلُ موقفاً تآلفيّاً فقط. لكن لَن تتماثل التّآلفيّة بهم أبداً.

هل يُمكن للتآلفيّةِ أن تدعو إلى مناصرة الصين-روسيا كقطبٍ مناهض للإمبرياليّة الّتي نصارع ضدّها؟ لا. لماذا؟ لأنّها تؤمنُ أنّ الجماهيرَ وحدها قادرة على تقويضِ الإمبرياليّة.

هل يُمكن للتّآلفيّةِ أن تكتفيَ بأحلامٍ ديموقراطيّة ودستوريّة، والمطالبة ”بالعدالة“ و”المساواة“ وغيرِها مِن المطالبِ الفارغة؟ لا. لماذا؟ لأنّها تؤمن بتقويضِ الطبقات (وليسَ المساواةُ بينها)، لأنّها تؤمن، على العكس مِن كُلّ تيارٍ يساريّ واشتراكيّ في العالم، بتحويل الشعب إلى مؤتلَفٍ متآلف.

تآلفوا، ترونَ أنّ كُلَّ سنوات الفشل، والانحطاط، والسّقوط، ستعوض دفعةً واحدةً. لكن أغلبكم لَن يتآلف، وسيعيشُ في جَهلٍ إلى أن يحينَ أجله، وسيتجنبُ التّآلفيّةَ بكلِّ ما لديه كمَن يُغطي عينيه أمام البرقِ ناسياً الرّعد.

التّآلفيّة نارٌ مقدّسةٌ: تؤلفكم دفئها، وتفرّقكم سُعارها. مَن شعر بدفئها تآلفنا معهُ، ومَن شَعَرَ بسعارِها قلنا له: ذلكَ هوَ بؤس الشّقاء الّذي استحقتموه.



#هشام_عقيل (هاشتاغ)       Hisham_Aqeel#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم المتعدّد الأقطاب: شعارٌ رجعيّ
- أأنتَ هو مكدرُ إسرائيل؟ حول فلسطين وطوفان الأقصى
- ما التآلفية؟ (حوار مع هشام عقيل)
- رأس المال الكولونيالي
- تحدّيات أمام اليسار
- انطونيو غرامشي
- من أجل مستقبل غير مؤجل
- هنريك غروسمان وقانون الإنهيار الرأسمالي
- يسارنا بحاجة إلى ثورة ثقافية!
- في ضرورة المادية المناضلة - فلاديمير لينين
- لقاء لينين وكروبوتكن ( 1 – 2)
- قراءة نقدية في كتاب (الجائحة!) لسلافوي جيجك ( 2 – 2)
- الصين بعد ماو
- قراءة نقدية في كتاب (الجائحة) لسلافوي جيجك – 1
- دع مئة زهرة تتفتح! [مقتطفات]
- لينين في مواجهة هيغل [مقتطف]
- ثلاث رسائل من إنغلز (مقتطفات)
- حاجتنا إلى برنامج اشتراكي!
- الدولة، والثورة، والأزمة [مقتطفات] لوي آلتوسير
- الماركسية: علم أم فلسفة؟ [مقتطفات من كتاب تقديم الفلسفة للا- ...


المزيد.....




- بمناسبة ذكرى الثورة السورية، السويداء شرارة ثورة تعيد امجاد ...
- م.م.ن.ص// 138 سنة مضت والوضع يعيدنا لما مضى..
- ربيع کوردستان، تلاحم المأساة والهبات الثورية
- لماذا لا يثق العمال بقوتهم؟ حركة سلم الرواتب نموذجا
- الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل، مسرحية إجرامية عُرضتْ فوق ...
- سياسيون بحزب العمال البريطاني يدعون لتعجيل موعد الانتخابات ا ...
- بمناسبة اليوم العالمي للسلامة في أماكن العمل
- حزب العمال البريطاني يدعو لانتخابات تشريعية بعد تفوقه في الم ...
- خسائر كبيرة للمحافظين في انتخابات المجالس المحلية وموقف حزب ...
- أول فوز انتخابي لحزب العمال البريطاني قبل صدور نتائج مصيرية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام عقيل - هل ثمّة اشتراكيّون اليوم؟