أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام عقيل - تحدّيات أمام اليسار















المزيد.....

تحدّيات أمام اليسار


هشام عقيل
كاتب

(Hisham Aqeel)


الحوار المتمدن-العدد: 7442 - 2022 / 11 / 24 - 23:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



اعتدنا في (واحة الفكر)، وفي أمكانٍ أخرى كذلك، على نشر مقالاتٍ مترجمةٍ تخصّ كلاسيكيات الفكر الماركسي، وذلك لنشر وعيٍ عامٍ للبّ الحقيقي الذي يحمله هذا الفكر. هناك قراءٌ وجدوا ما يفيدهم في هذه المنشورات، وما يُصقل وعيهم، وما يعيد تذكيرهم بما تعلموه في الماضي. لكن الحق يقال، ولا سبيل لنا سوى قول الحق، إن العدد القليل ممن استفادوا ليس لهم القدرة، حالهم حال كاتب هذا المقال، على إحداث أيّ تغييرٍ عامٍ في توجّهات اليسار البحريني عموماً.

سأكون منصفاً إن قلت، باسم هذه الأقلية، إننا نرى أن هذه الكتابات، مهما لها سلطةٌ نظرية، ليست قادرةً على نزع الغشاوة من على أبصار غالبية اليسار. فلو ملأتْ كُلّ هذه الكتابات الصحف والمواقع، ليلاً نهاراً، ولو قرّر أصحابنا الاستغناء عن حياتهم اليومية، والاعتكاف على قراءة تلك الكتابات، لبقوا على ما يرون. لعمري، لو قرّر التاريخ أن يبعث ماركس، وانغلز، ولينين عليهم، لبقوا على نفس الحال.

لا بأس ! عربةُ التاريخ انطلقت، ليلحقها مَن له قدمان، ومَن لا تسعفه قدماه ليستلف قدمين، ومَن لا يقوى على الحركة ليعلم أن العربة لن تنتظره أبداً.

فليقرأ مَن له عينان.

1- ما يُعرف عادةً بالماركسية (لا نعني الفكر الماركسي، بقدر ما أن الخلدونية لا تعني الفكر الخلدوني)، أي تلك المنظومة النظرية التي من المفترض أنها قد تُمّمت منذ القرن التاسع عشر، هي وهمٌ ابتكره “الماركسيون” أنفسهم.

ما هو موجود فعلاً هو علم عمران نمط الإنتاج وتاريخه، أو باختصار علم العمران.

قام ماركس وانغلز باكتشاف نظريةٍ علميةٍ لم يتسنَ لهما إتمامها أبداً. هذه النظرية هي علم التاريخ؛ علمٌ موضوعه نمط الإنتاج. أول مَن دشن هذا العلم هو ابن خلدون، إذ موضع العمران، أي الإنتاج (وليس الحضارة، كما يظن الكثيرون)، كموضوع علم التاريخ. لكن لم يتسنَ لابن خلدون، لأسبابٍ كثيرةٍ لا يُمكننا الخوض فيها الآن، إتمام تدشينه ولا تحقيق اكتشافه.

أما ماركس وانغلز فهما حقّقا هذا العلم، وحدّدا أن نمط الإنتاج (وليس الإنتاج فحسب) هو موضوع دراسة علم التاريخ. طبّقا اكتشاف علمهما على نمط الإنتاج الرأسمالي، وتمكّنا من استنباط قوانينه العامة، وتمكّنا من قيادة طفرةٍ علميةٍ في مجال النظرية التاريخية عموماً من دون أن يخطّا نظريةً عامةً لنظرية نمط الإنتاج.

بعد ماركس وانغلز، تمكّن لينين من تنظير مفهوم الامبريالية، وبذلك أضاف إضافةً علميةً على هذا العلم، من دون أن يكمل أحدٌ أسس هذه النظرية. تمكّنت كُلّ “مذاهب الماركسية” من تصوير تلك النظرية العلمية كما لو كانت فكرةً جاهزةً تنتظر التطبيق لا أكثر ولا أقل. وفي مرحلة ثورة التحرر الوطني، لم تتمكّن هذه المذاهب، رغم غنى محتوياتها النظرية عند بعضها (مثل إضافات ماو تسه تونغ)، من ابتكار نظريةٍ علميةٍ للتبعية.

حين درسنا التبعية، استنبطنا قوانين نمط الإنتاج الكولونيالي، وعبر هذه القوانين اكتشفنا حلقةً مفقودةً من علم التاريخ ككلّ، شيئاً لم يأتِ على ذكره مؤسسو هذه النظرية، أي نظرية اقتران الأنماط الإنتاجية. أدّى هذا الاكتشاف إلى استنباط أسس اقتران الأنماط الإنتاجية، وقدرتها على التعمير، فصار العمران بالنسبة إلينا يُشير إلى بنية المقدرة الإنتاجية في نمط الإنتاج نفسه، وهذا هو هو موضوع علم التاريخ حسب تفسيرنا، أي علم العمران.

هكذا كان طريق تطوّر علم العمران.

2- كُلّ الأحزاب الشيوعية التقليدية، ومعها تلك الأحزاب والأشخاص الذين ينتمون إلى اشتراكيات القرن العشرين، أصبحت تمثّل الاشتراكية الطوباوية الحديثة. الاشتراكية العلمية الحديثة هي تآلفية، ولا يُمكنها أن تتطابق وتتساوي مع الاشتراكية الطوباوية.

كُلّها أصبحت عاجزةً أمام واقع اليوم، وأكدّت على هذه الحقيقة حادثتان: جائحة كورونا (2020) والحرب في أوكرانيا (2022).

فليقرأ مَن له عينان.

يمكننا الحديث عن (نهاية اليسار التقليدي)، ونحن نعني ذلك بالمعنى الكامل للكلمة. لا نُشير إلى السقوط المزعوم للاشتراكية، وبالتالي إمكانية بعث اليسار كما كان عليه في وضعه السابق؛ لو كان الأمر باليد لأرجعنا، لأرجعتم، الحياة إليه، لكن لا حياة لمَن فقدها.

الطريقة الوحيدة التي يُمكن للاشتراكية عبرها أن تكون علماً اليوم هي أن تستند إلى علم العمران كما ذكرناه آنفاً. هكذا، في استنادها هذا، تكتشف أن عليها أن تكون تآلفيةً، أي تقوم على اقتران ذي علاقاتٍ تآلفيةٍ للنمط الإنتاجي الشيوعي. إنه نمطٌ إنتاجي يعيّن المؤتلف كمالكٍ للوسائل الإنتاجية الاجتماعية، وهو نمطٌ يخلو من طبقاتٍ، ومؤسسات الدولة (من ضمنها الديموقراطية البرلمانية)، ونظامٍ مالي وسلعي، واستغلالٍ سياسي، وأيديولوجي، واقتصادي.

لنرسم الخطوط الفاصلة بين التآلفية (تلك الاشتراكية العلمية الحقيقية) وشكلٍ من أشكال الاشتراكية الطوباوية، أي النكوصية.

النكوصية هي سمة اليسار التقليدي المنهار، يسارٌ قد فقد ظرفه التاريخي الذي شكّله، يسارٌ تائهٌ في معجمٍ قديمٍ لا يتجاوز سبعينيات القرن الماضي على أبعد تقدير. النكوصية هي تشبث هذا اليسار بأيّ غصنٍ يجده كي لا يقع على قفاه، لكننا نقول له: احذر! فإنك واقعٌ على وجهك!

ماذا يقول النكوصيون؟ الاشتراكية تعني غياب السوق فقط، وإحلال الدولة محلّها كالناظم الاقتصادي. هكذا، يدعون إلى دولةٍ حرةٍ تُؤله دور الدولة، أي بورجوازية دولاتية، في دعم مبادئ طوباوية مثل العدالة الاجتماعية، والمساواة، والحرية؛ تقتصر فقط على دعم التأمين الاجتماعي، والصحة، والتعليم، “والحياة الكريمة”.

يقولون البرلمان هو الحلّ لكلّ شيءٍ ممكن، ويتخاصمون فيما بينهم: ما إذا يقبلون بالبرلمانات كما هي في تشويهها، أو يسعون نحو مقاطعتها حتى تتطوّر إلى “شكلها الأمثل”.

يقولون علينا الدفاع عن البورجوازيات الكولونيالية المهيمنة الصاعدة في العالم (مثل البورجوازية الروسية)، للدفاع عن مبدأٍ تحريفي أعورٍ أعرج: عالم متعدد الأقطاب.

ماذا يقول النكوصيون؟ ليس هناك في بلداننا بورجوازيةٌ، ولا عمالٌ، وحين تسائلهم عن الموجود، يقولون: هاه؟ هاه؟ لا علم لنا بعد.

للنكوصيين استراتيجيةٌ سهلةٌ للغاية: يستعلمون كُلّ مصطلحٍ ثوري يعرفونه فقط حين يتكلّمون عن الذكريات، فقط حين يحللون بلداناً بعيدةً عنهم، فقط حين يتناولون أكثر الأفكار تجريديةً. أما في أوطانهم أنهم بورجوازيون لا أكثر. ليس لهم مذهبٌ نظريٌ حقيقي؛ مذبذبون، ليسوا شمالاً وليسوا شرقاً، أفكارهم عصيدةٌ تجمع بين الإصلاحية، والقومية، وشيءٍ من مصطلحات الماركسية، وشيءٍ من الأيديولوجيا الكولونيالية السلطوية.

سيكون على ذوي العقول الاختيار بين النكوصية، اليسار التقليدي المنهار، وبين التآلفية، أي يسار جديد خلاق. أما الضالون المنتكصون سيقولون:

”ربما غداً، ربما أبداً، لكن من المؤكد ليس اليوم“.



#هشام_عقيل (هاشتاغ)       Hisham_Aqeel#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انطونيو غرامشي
- من أجل مستقبل غير مؤجل
- هنريك غروسمان وقانون الإنهيار الرأسمالي
- يسارنا بحاجة إلى ثورة ثقافية!
- في ضرورة المادية المناضلة - فلاديمير لينين
- لقاء لينين وكروبوتكن ( 1 – 2)
- قراءة نقدية في كتاب (الجائحة!) لسلافوي جيجك ( 2 – 2)
- الصين بعد ماو
- قراءة نقدية في كتاب (الجائحة) لسلافوي جيجك – 1
- دع مئة زهرة تتفتح! [مقتطفات]
- لينين في مواجهة هيغل [مقتطف]
- ثلاث رسائل من إنغلز (مقتطفات)
- حاجتنا إلى برنامج اشتراكي!
- الدولة، والثورة، والأزمة [مقتطفات] لوي آلتوسير
- الماركسية: علم أم فلسفة؟ [مقتطفات من كتاب تقديم الفلسفة للا- ...
- شبح مهدي عامل في شوارع بيروت
- العمالة الوافدة في أزمة كورونا
- واحة الفكر – اشتراكية الأعمال الخيرية: مقتطفات من كتاب (حول ...
- العودة إلى هيغل؟
- من يخشى النقد؟


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام عقيل - تحدّيات أمام اليسار