أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - أحزاب بسرعات متباينة.















المزيد.....

أحزاب بسرعات متباينة.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 7934 - 2024 / 4 / 1 - 20:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كثيرا من يُعاب على الدولة المغربية أنها تسير بسرعتين متباينتين: سرعة فائقة في المركز والشريط الأطلسي، وسرعة بطيئة في المناطق النائية. وإذا كان الاختلاف في السرعتين يجد تبريره في العوامل التاريخية، والاقتصادية، والجغرافية، فإن الاختلاف في مجال التشريع لم يعد له من مبرر ولا مسوّغ، خصوصا بعد اعتماد دستور 2011 الذي ينص في ديباجته على " جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.
على جعل المواثيق الدولية تسمو على التشريعات الوطنية ".
عقدان ونصف مرّا على دخول دستور 2011 حيز التنفيذ دون أن تتمكن بلادنا من المراجعة الشاملة لتشريعاتها قصد مواءمتها مع المواثيق الدولية ومع الوثيقة الدستورية نفسها. ولا يتعلق السبب في غياب المواءمة والمراجعة بعدم توفر شرط "الإرادة السياسية"، الذي غالبا ما تجعل منه الأطراف المنتقدة للدولة مادتها الإعلامية والدعائية. فمسوّغ كهذا فقد جدواه مباشرة مع لحظة المصادقة على الدستور كأسمى قانون في البلاد. فالأمر إذن، لا يرتبط بالقرار السياسي وإرادة الدولة في تأهيل منظومتها التشريعية، بقدر ما يعود أساسا إلى الأحزاب السياسية المسؤولة عن تدبير الشأن الحكومي. إذ لا يخفى لا أحد أن تجربة حزب العدالة والتنمية على رأس الحكومة تسببت في نكسة حقوقية عطّلت الدينامية التي شهدها الحقل السياسي والتشريعي في العهد الجديد. وكادت تكون كارثة حقوقية، لا قدر الله، لو تمت إجازة مشروع القانون الجنائي الذي جاء به مصطفى الرميد، وزير العدل في حكومة عبد الإله بنكيران، والذي شرّع وشرْعَن قتل النساء بدافع "الشرف". أي مشروع قانون يحرّض على العنف ضد النساء ويشجع على استعمال "شرْع اليَد" بدل الاحتكام إلى القانون. إنه هدْمٌ لدولة القانون وتعطيلٌ للمؤسسات وخرقٌ للدستور واعتداءٌ على الحقوق والحريات. لم يعرف المغرب الحديث قانونا جنائيا يتسامح مع "جرائم الشرف"، ولا تمييزا بينها وبين جرائم القتل، فكلها جرائم تستحق نفس العقوبات.
بعد أن تخلّص الشعب المغربي من سطوة البيجيدي الذي فشل في "أسْلمة" التشريعات الوطنية بفضل يقظة مكوناته السياسية والمدنية؛ ها هو الحزب يناور من جديد لتعطيل عملية التحديث وفرض أجندته على الدولة والشعب معا عبر استغلال محطة مراجعة مدونة الأسرة، كما استغلها سنة 2000 للاستئساد، ظنّا منه أن الظروف السياسية لازالت هي نفسها، وأن الشعب المغربي لم ينفض يديه، بعدُ، من تجّار الدين وسماسرة العقيدة. فغاية البيجيدي ومعه تيار الإسلام السياسي، هي عرقلة جهود الدولة في تحديث منظومتها التشريعية والارتقاء بها؛ لأن من شأن تطوير المنظومة وعصرنتها أن يعصف بمخططات الإسلاميين وإستراتيجيتهم لبَدْونة المجتمع والقضاء على تطلعاته إلى الرقي والازدهار. ذلك أن قيم الحوار والانفتاح والمساواة لا تتناسب إطلاقا مع قيم البداوة المتمثلة في فرض الوصاية على الآخرين وإلزام الإناث بالطاعة للذكور وحشرهن في وضعية التبعية والاستغلال بكل أشكاله، مما يجردهن من كرامتهن. فالأنثى، بالنسبة للإسلاميين، مجرد وعاء جنسي وظيفتها الأساس هي الخلف والعلف. لهذا يرفض الإسلاميون احترام المغرب لالتزاماته الدولية في مجال حقوق الطفل، ويهاجمون، في المقابل، الهيئات الحقوقية والجمعيات النسائية التي تطالب الحكومة المغربية بمواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل. إذ لم يتردد بنكيران في نعت تلك الهيئات "بالكذابين" عند تسمية القاصرات بالطفلات. ففي خرجة له عبر فيديو قال مهاجما "تُسمّونهم طفلات، ألكذّابين، أنتم كذّابين هاذوك ماشي طفلات وماشي قاصرات.. الأطفال التعريفات الدولية كلها تَتْوقّفهم إما عند 14 أو 15 سنة، والراجح هو 15 سنة. كضّحْكو على الناس". هذا النوع من التهريج يعكس جهل وتجاهل بنكيران لمضمون الاتفاقية الأممية للطفل والتي تعرّفه في المادة الأولى كالتالي:
(لأغراض هذه الاتفاقية، يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة). كما يعكس ميل بنكيران إلى إجازة السب والتجريح واللمز في حق مخالفيه وخصومه السياسيين. فالذي يكذب حقا و"يضحك على الناس" هو بنكيران الذي تكذّبه الاتفاقية الأممية في تعريفها للطفل وفي إلزام الدول المصادقة عليها باحترامها في تشريعاتها. ومما تنص عليه هذه الاتفاقية، في المادة 3: مراعاة "المصلحة الفضلى للطفل". ولعل تزويج الطفلات وحرمانهن من فرص التعليم والتربية والتكوين يتنافى مع المصلحة الفضلى للطفل.
ولا تقتصر مناهضة بنكيران وحزبه للمصلحة الفضلى للطفل في الجانب المتعلق بتزويج القاصرات، بل شملت باقي حقوقه الأساسية، خاصة إثبات النسب والحفاظ على هوية الطفل وصلاته العائلية التي تنص عليها المادتان 7 و 8 من الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل كالتالي:
المادة 7
1. يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه وتلقى رعايتهما.
المادة 8
1. تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته، واسمه، وصلاته العائلية، على النحو الذي يقره القانون، وذلك دون تدخل غير شرعي.
رغم التنصيص الأممي على حق الطفل في الانتساب إلى أبيه البيولوجي، فإن البيجيدي يصر على مناهضة المطالب النسائية والحقوقية والحزبية بإلحاق الطفل بأبيه الطبيعي. وهو في هذا يخالف حتى الشريعة الإسلامية التي يزعم أنها مرجعيته، والتي تلزم المسلمين بتنفيذ الأمر الإلهي (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله).
إننا أمام مفارقة تتمثل في وجود أحزاب حداثية ديمقراطية تسعى لتحديث الدولة وعصرنة تشريعاتها لمواكبة ركب التطور والتقدم، وأحزاب إسلاموية غاية وجودها عرقلة جهود التحديث والتطور وذلك بالتصدي لكل الأصوات والمبادرات التي تطالب الدولة بتحيين التشريعات ومواءمتها مع الدستور والاتفاقيات الدولية تحقيقا للمساواة والمناصفة والكرامة وإلغاء كل أشكال التمييز والعنف القائمين على النوع. ولا يمكن تجاوز هذه المفارقة إلا بالانتصار لتيار التحديث والعصرنة والانفتاح على قيم العصر ومبادئ حقوق الإنسان.



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدونة الأسرة والقانون الجنائي يكشفان نفاق الإسلاميين.
- تهافت انتقادات البيجيدي لمذكرة مجلس بوعياش(2/2).
- تهافت انتقادات البيجيدي لمذكرة مجلس بوعياش (1/2).
- جهالة بنكيران وجهله.
- لا تْكبّر الشّانْ لْبُوجعْرَان.
- هل وصلت رسالة جماعة العدل والإحسان إلى الأحزاب السياسية؟
- قراءة في -الوثيقة السياسية- لجماعة العدل والإحسان (4/4).
- قراءة في -الوثيقة السياسية- لجماعة العدل والإحسان (3/4).
- قراءة في -الوثيقة السياسية- لجماعة العدل والإحسان (2/4).
- قراءة في -الوثيقة السياسية- لجماعة العدل والإحسان (1/4).
- قراءة في مذكرة اقتراحات جماعة العدل والإحسان لتعديل مدونة ال ...
- قراءة في مذكرة اقتراحات جماعة العدل والإحسان لتعديل مدونة ال ...
- قراءة في مذكرة اقتراحات جماعة العدل والإحسان لتعديل مدونة ال ...
- قراءة في مذكرة اقترحات جماعة العدل والإحسان لتعديل مدونة الأ ...
- الأدوار الاقتصادية والأمنية والدينية للمغرب في إفريقيا.
- دعم الانفصال والإرهاب إستراتيجية الجزائر في إفريقيا.
- الإسلاميون يسبحون خارج التاريخ والواقع.
- تناقضات مذكرة حركة التوحيد والإصلاح لإصلاح مدونة الأسرة(3/3) ...
- تناقضات مذكرة حركة التوحيد والإصلاح لإصلاح مدونة الأسرة(2/3) ...
- تناقضات مذكرة حركة التوحيد والإصلاح لإصلاح مدونة الأسرة(1/3) ...


المزيد.....




- -اليهودي المقدَّس-.. قصة فلسطيني اعتنق اليهودية وقتلته نيران ...
- أغاني البيبي تفرح وتسعد طفلك..حدث تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- رأي.. بشار جرار يكتب عن مستقبل -الإخوان- في الكويت والأردن: ...
- 3 أحفاد يهود.. هل تؤثر روابط بايدن العائلية على دعمه لإسرائي ...
- الشرطة الفرنسية تقتل جزائريا أضرم النار في كنيس يهودي
- أبو عبيدة: التحية لأخوتنا في المقاومة الإسلامية في العراق
- دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا
- جدل وسخط بين الأوساط الدينية في مصر ضد انطلاق -مركز تكوين ال ...
- قلوب ولادك فرحانة.. تحديث جديد لـ تردد قنوات الأطفال نايل سا ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقعي ‏بياض بليدا و‏البغد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - أحزاب بسرعات متباينة.