أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - إزرا باوند: سبق للحقيقة أن وجدت لكنها تعرضت














المزيد.....

إزرا باوند: سبق للحقيقة أن وجدت لكنها تعرضت


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7913 - 2024 / 3 / 11 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


في بداية الألفية الثالثة وفي زمن مساءلة العولمة، تعطي قراءة “أناشيد” إزرا باوند الضوء الأخضر لعودة تذكارية إلى القرن الماضي وإلى عباقرته جويس، سيلين، باوند.
ولد هذا الشاعر الكبير بمدينة هايلي في ولاية إداهو الأمريكية سنة 1885 ومات بأحد مستشفيات البندقية سنة 1972. أنجز باوند ضمن إنتاجه الشعري، لاسيما في ديوان “الأناشيد”، العمل الجوهري في قرن شهد نشوب حربين عالميتين. وإذا كانت قصائد “الأناشيد” تقدم نفسها على انها نوع من الملحمة أو سرد شعري لأحداث تخص بناء الثقافة الأوربية، فإنها ترتبط ارتباطا وثيقا بمغامرة رجل، بحياة وحساسية كاتبها وبعصره.
إنه لأمر ذو دلالة أن يصرح باوند في حوار معه جرى في غضون 1962 بأنه شرع في كتابة أشعار “الأناشيد” حوالي سنة 1904، وهي السنة التي اكتشف فيها “الكوميديا الإلهية” لدانتي، مع العلم بأن مشروع قصيدته لم يبدأ في التبلور إلا في عام 1915.
بدأت قصائد “الأناشيد” تكتب تباعا بالموازاة مع اكتشاف كتاب دانتي في جامعة أميركية، وانطلق باوند في تحريرها النهائي بلندن في السنة التي جاءه خبر وفاة صديقه النحات هنري كوديي-بريزيشكا في أحد الخنادق. وبسرعة مفرطة أصبحت أشعار “الأناشيد” مسكونة بذكريات الحرب والأصدقاء المتوفين والحلات الاجتماعية، بحيث قاده عمله إلى أن لا يرى في الحروب الواحدة تلو الأخرى على أنها مجرد أحداث، بل على أنها جزء من النظام.
كان عليه أن يأتي من أمريكا، بلده الأصلي، وأن يكون هذا الأمريكي بالضبط حتى يتناول القياس والنطاق الشعريين للطامة المعلنة، وحتى يضطلع بمنظوره التاريخي. فانطلاقا من النشيد الأول، وهو عبارة توجيهية تصدرت مجموع إنتاجه الشعري يعلن باوند عن لونه وهو يترجم بشكل حرفي مشهد الهبوط إلى الجحيم واستشارة الأموات من طرف عوليس في النشيدين العاشر والحادي عشر من ملحمة الأوديسا.
في صدارة هذه الأناشيد، تطالعنا هذه الشذرة الشعرية لفكتور هيغو : “رأيت في المنام أن أسطورة القرون تبدت لي”. لكن في الوقت الذي يتبع فيه هيغو الخط العريض الغامض للمتاهة الإنسانية الذي هو التقدم، عاكسا ما هو منتظر من هذا التقدم، نجد أن باوند لا ينتظر شيئا على الإطلاق. لقد أقنعته تجربته الشخصية وتجربة أسلافه الأقدمين بأن الحقيقة سبق لها أن وجدت لكنها تعرضت للخيانة.
يقول باوند إن “أسطورة القرون” لفكتور هيغو لا تشكل حصيلة نهائية بل تجميعا لأجزاء من التاريخ؛ ذلك أن المشكل كان يتمثل في بناء مدار متناسق يعيد الفكر المعاصر إلى فكر العصر الوسيط، بعد تخليصه بعناية من الثقافة الكلاسيكية التي تم إغراقه فيها منذ عصر النهضة. لكن يجب إعادة التفكير في العصر الوسيط ذاته، كما أن المشروع يقتضي ضمنيا تأسيس وفتح تاريخ آخر. ذلك، إذن، هو معنى ثقافة يتعين أثناء انهيارها الحربي إعادة تناولها وإعادة التفكير فيها؛ أي الكتابة عنها بشكل مختلف.
يجب أن نعلم أن باوند كتب ونشر العديد من الدواوين الشعرية قبل أن يتفرغ حصريا خلال أكثر من نصف قرن لكتابة “الأناشيد” التي لم تر النور إلا انطلاقا من اللحظة التي عثر فيها الشاعر على شكل قابل لتحقيق نظراته الدقيقة المتشطية ،المتقطعة والشمولية إلى التاريخ.
لقد فرض الإنتاج الشعري لإزرا باوند ذاته وخلق حدثا غير مسبوق في مغامرة الشعر الحديث؛ وذلك يوم اكتشف دراسة فينولوزا حول الخط الصيني أفادته خلال سيرورة تشكل الرمز بأن شيئين وقد ضم أحدهما إلى الآخر لا يكونان شيئا ثالثا بل يوحيان بعلاقة أساسية بينهما. مدعوما بهذا الاكتشاف الذي قضى بأن قراءة اللغة الصينية ليست لعبا بالمفاهيم، بل هي ملاحظة للأشياء وهي تحقق قدرها، سعى إزرا باوند إلى إقامة حوار بين الأشكال المجزأة والمتناثرة للحضارات واللغات والثقافات، وبشكل أساسي بين الثقافة الغربية والثقافة الشرقية عبر دانتي وكونفوشيوس.
هكذا يتعين علينا أن ندرك أن شارات التنبيه التي تظهر في”الأناشيد” تفرض ذاتها كمظهر برنامجي في الديوان. ففي سياق النشيد 127 يواكب إزرا باوند حضور رمزين صينيين بهذا التعليق: “معرفة ما فات وما سيأتي يساعدك على فهم أحسن لما يجري.
ختاما، نعتقد أن تذكارية المشروع وإمكانية تحقيقه لا تمران في المحصلة النهائية دون إثارة صعوبات كثيرة لا من حيث التأويل ولا من حيث القراءة. فإذا أخذ كل “نشيد” في ارتباط بنسيج معقد من العلاقات التي يقيمها بين عناصر تاريخية متداخلة (استشهادات، موضعات، استحضارات، إحالات سياسية، اقتصادية، لسانية، فنية..) نجد أن قراءته تعاني من صعوبات وعتمات من غير اللائق السكوت عنها. ففي رسالة موجهة إلى طوماس هاردي صرح بأنه يريد من القارئ أن يقف مطولا عند دلالة كلماته كما لو كان أمام نص إغريقي أو لاتيني صعب المراس إلى حد ما.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشبيبة الاتحادية بفرنسا تعلن عدم توصلها من القيادة الحزبية ...
- حفل توقيع كتاب -أزمة الفكر العربي وأسئلة الميتافيزيقا- للدكت ...
- اختيار اختيار الألسكو للدكتور محمد المختار ولد اباه رمزا للث ...
- منصة تيك توك تواجه مشاكل في كل من الولايات المتحدة والاتحاد ...
- جون كوبر: سقراط والفلسفة كأسلوب في الحياة
- عاجل.. فرنسا تدستر حق المرأة في الإجهاض
- الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نيكي هيلي حصاة في حذاء دونالد ...
- وتستمر الجزائر في مكائدها ضد المغرب.. رغم فشلها في فصل الصحر ...
- مجزرة الزيتون التاريخية: لا أعذار للكيان الصهيوني
- هنري لوفيفر: الفكر النقدي حول المجال المصمم والمجال المجهز ( ...
- هنري لوفيفر: الفكر النقدي حول المجال المصمم والمجال المجهز ( ...
- فرنسا: الشبيبة الاتحادية تنتفض ضد الفساد الذي يمارسه قياديون ...
- الاستراتيجية الرقمية في المغرب: واقع وآفاق
- مارك فيرو.. مؤرخ دشن طريق الاشتغال على الصورة في السينما وال ...
- هل من الضروري أن يقدم مناضل استقالته من الحزب لأنه انتقد الأ ...
- امحمد كريمين: من منصات التتويج إلى عكاشة أو سقوط -إمبراطور ب ...
- إسماعيل العلوي: التفكير في المغرب الجديد يجب أن يخرج من الدا ...
- جان فرنسوا بنساهل: من قتل سبينوزا؟
- قبسات من بعض مقالات العدد السنوي الأخير الذي أفردته مجلة الف ...
- الحروب الأنجلو-أفغانية


المزيد.....




- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - إزرا باوند: سبق للحقيقة أن وجدت لكنها تعرضت