أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سالم جبران - المتعصبون المتطرفون فقط-يخافون من الحوار والتفاعل















المزيد.....

المتعصبون المتطرفون فقط-يخافون من الحوار والتفاعل


سالم جبران

الحوار المتمدن-العدد: 1751 - 2006 / 12 / 1 - 11:15
المحور: المجتمع المدني
    


أحد الفلاسفة في مرحلة النهضة الأوروبية العاصفة، قال: "الإنسان حيوان اجتماعي، فإذا لم يكن اجتماعياً ماذا يبقى منه؟".
وإذا أردنا أن نحلل هذا القول العبقري، فإننا نقول إن علاقة الإنسان مع البيئة الإنسانية المحيطة، وعلاقة كل مجتمع مع المجتمعات الأخرى، القريبة والبعيدة، هي مصدر معرفة، مصدر تجربة، مصدر غنى. لا الإنسان الفرد يعيش وحده، ولا أي شعب يعيش وحده، أو بإمكانه أن يعيش وحده.
إن اللقاء هو مصدر غنى متبادل لطرفي اللقاء، مصدر معرفة إضافية لطرفي اللقاء. بل إننا نقول بلا مبالغة، إن الواحد منّا، من خلال لقائه وحواره مع الآخرين يعرف نفسه أيضاً، بشكل أفضل، يعرف ميزاته الايجابية ويعرف نقاط ضعفه، أيضاً.أنا أحب دائماً أن أعود إلى تجربة الحضارة العربية-الإسلامية. لقد خرج العرب من الجزيرة العربية مع الفتوحات الإسلامية، بدواً معزولين عن الحضارة العظيمة في عصرهم. الدولة العربية-الإسلامية القوية الشابة الفاتحة، انتصرت عسكرياً، وانتشرت من حدود الصين إلى الأندلس، ولكن العجيبة الحضارية هي أنَّ العرب تغيَّروا تغيُّراً جذرياً، تحت تأثير الشعوب الأخرى. كل الحضارة المعمارية التي كانت في ديار الشام قبل الإسلام صارت صميم الحضارة المعمارية الإسلامية، وكل تجربة الزراعة وشبكة الري في بلاد الرافدين صارت تجربة عربية إسلامية، وكل النظام الإداري والمالي الفارسي، نَسَخَهُ مع شيء من التغيير، النظام العربي-الإسلامي.
وفيما بعد، مع تجُذر الحضارة العربية الإسلامية، صارت فلسفة اليونان تترجم إلى اللغة العربية وتتفاعل مع الفكر العربي، بحيث صار الفكر الفلسفي العربي-الإسلامي في عصر النهضة العباسية مزيجاً سعيداً من الفلسفة اليونانية والفلسفة الفارسية والفلسفة الهندية والفكر العربي الذي ازدهر مع ازدهار الدولة العربية-الإسلامية.
إن نظرة عميقة إلى الشعر العربي تُرينا التغيرات المدهشة التي جرت في العصر العباسي والأندلسي، مقارنة مع الشعر الجاهلي، حتّى الأوزان الشعرية صارت في الأندلس، رقيقة أكثر، موسيقية أكثر، راقصة أكثر، مَدَنية أكثر من الشعر الجاهلي.
ويمكن القول، بدون مبالغة، إن الإمبراطورية العربية في أوج ازدهارها كانت ساحة لقاء حضاري وثقافي وفني وفلسفي بين العديد من الشعوب العريقة، وهذا أنتج ازدهاراً وغنى وتنوعاً وقفزة هائلة إلى الأمام، في الحضارة العربية الإسلامية التي تشكلت مع قيام الدولة العربية الإسلامية.
وكما أن الحوار والتفاعل والتلاقح بين الجماعات يقود إلى الإبداع والغنى، فإن الإنسان الفرد، أيضاً، يجف وينشف ويجمد، إذا لم يتفاعل مع الآخرين، إذا لم يأخذ، وإذا لم يعط، الإنسان بطبيعته يتعلم ويعلم في الوقت نفسه، وإذا كان حكيماً فهو يتعلم ويعلم، من المهد إلى اللحد.
إن الإنسان الجامد المتحجر المتطرف، الذي يعتقد أنه يملك كل الحقيقة وليس له ما يأخذه من الآخرين يحكم على نفسه بالمزيد من الجمود والتحجر والتطرف وضيق الأفق وبؤس التجربة، يحكم على نفسه بالتخلف الحضاري، والشلل الحضاري وهكذا أيضاً، الشعوب التي تنغلق على نفسها، وتخاف من التفاعل والتأثير والتأثر.
ومَن ينظر حوله يجد عجباً، أن الشعوب الراقية جداً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، هي الشعوب الأكثر إصراراً على بناء علاقات التفاعل والتواصل مع الشعوب الأخرى والحضارات الأخرى. المتطرفون والضعفاء والأغبياء والمحبطون والمصابون بعقدة النقص هم الذين يخافون من التفاعل مع الآخرين، وأحياناً يكرهون التواصل مع الآخرين بوصفه" خطراً".
وليس هناك رأي مثير للحزن والشفقة أكثر من القول إننا لا نأخذ عن الآخرين وفلسفتنا "تنبع من داخلنا فقط".أحقاً، لم تأخذ أوروبا كل كنوز الحضارة العربية عبر الأندلس؟ ألم تأخذ كل دولة في أوروبا من الدول المجاورة لها؟ ألم يأخذ العرب والمسلمون عن الهند؟ ألم يأخذوا عن الفرس؟ ألم يأخذ الهنود والصينيون علوماً ومعارف عن العرب؟
من هنا، فإننا نقول إن الحوار بين الشعوب وبين الأفراد هو مصلحة لكل المتحاورين، مصدر فائدة وغنى لكل المشاركين في الحوار.
وما هي شروط الحوار الناجح والمثمر؟ أولاً الافتراض أننا لا نعرف كل شيء، وربما يعرف الآخرون أموراً لا نعرفها، كما أننا قد نعرف أموراً لا يعرفها الآخرون. الحوار ليس مناطحة، ليس مبارزة، بل هو لقاء تعارف ودي، نأخذ خلاله ونعطي. وربما خلال الحوار-النقاش نسمع حججاً ونطلق نحن حججا، قد تزيد ثقتنا بمعرفتنا بالإضافة إلى تبني معارف جديدة لم نعرفها، وتبني حجج لم تخطر لنا على بال، قبلا، قد تغير معارفنا،وقد تغير مواقفنا من بعض القضايا.
الحوار يساعد على معرفة الآخر، ولكنه يساعد أيضاً على معرفة الذات معرفة حقيقية، عرفانية، منطقية تقوم على الحقائق لا على التمسك الأعمى بما نقول.
إن العالم المعاصر هو عالم واحد، وكل الدلائل تشير إلى أن الترابط بين الشعوب والدول والقارات، وبالتالي بين الثقافات، سوف يزداد من سنة إلى أخرى بل من يوم إلى آخر. إن ثورة الاتصالات تجعل كل اختراع أو مكاسب عرفانية جديدة، تصل خلال دقائق إلى العالم كله والأحمق الأحمق فقط هو مََن يغلق أبوابه وشبابيكه أمام موجات المعرفة القادمة من مختلف أنحاء العالم.
الحوار الحقيقي يتطلب الإدراك أن المعرفة هي معرفة وليست ديناً، وأن الجهل هو نقيض المعرفة. وإننا بإرادتنا أن نزيد معرفتنا باستمرار، أو نقف مكاننا جامدين، فيتقدم الآخرون ونتخلف نحن.
الحوار يتطلب مسبقا أن تشعر كل أطراف الحوار بالاحترام أحدها للآخر، للآخرين، وبإمكانه أن يكون لديهم شيء نافع، شيء جديد، إذا تعرفنا عليه نغني معارفنا. الحوار يتطلب أن تنظر إلى الإنسان، كل إنسان، على أنه قادر وجدير بالاحترام، أن ننظر إلى كل شعب على أنه قادر أن يبدع غير ما نبدع نحن، ولذلك نحن بحاجة إليه، وهو بحاجة إلينا.
الحوار هو عدو الجهل، وهو عدو التقوقع، وهو عدو التطرف، وهو عدو العنصرية. الحوار هو ما يعلمنا أن الإنسانية جمعاء هي كيان واحد. وكل ما يعرقل أو يعطِّل الوحدة الإنسانية يجب أن تتضافر كل الجهود ضده.
أنا أحاور- إذن أنا إنسان أنا أطوِّر باستمرار أدوات حواري-أنا إذن أطِّور إنسانيتي.



#سالم_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيان الختامي للإتحاد العام للأدباء مثل بيان ختامي لوزراء ا ...
- الدفاع عن سيادة لبنان الديمقراطي دفاع عن كل المستقبل العربي
- لمواجهة قوى التطرف الديني والاستبداد
- لا قيمة للإنسان وحياة الإنسان
- ربيع الثورة يعم أمريكا اللاتينية
- -أدولف ليبرمان يدعو إلى ..تنظيف- إسرائيل من العرب
- تقول إنك قومي ماذا تقصد؟
- لماذا يقرر كل متطرف متخلف أنه إمام فينا
- المهاجرن العرب إلى الغرب.. غيتوات مغلقة..أم شركاء في المجتمع ...
- البطل غير قابل للتدجين
- جامعات أم مصانع
- الدين سماء لا زنزانة
- الطريق للخروج من المأزق واللحاق بالتقدم الإنساني العاصف
- لبنان بتجربته الحضارية أكبر بكثير من مساحته
- الشعب لا يأكل أوهاماً
- - العرب الجيدون - - العرب الساقطون في خدمة نظام القمع الاسرا ...
- الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل تعيش أزمة قيادة غير مسبوقة
- دور المثقف في نظر إدوارد سعيد
- ماركسية الحقبة الجديدة-ثورية,إنسانية,ديمقراطية
- أكبر من أزمة ثقافية


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سالم جبران - المتعصبون المتطرفون فقط-يخافون من الحوار والتفاعل