أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد عبد الرحمن النجاب - د.سيد القمني: من التقليد إلى التجديد في الفهم الديني















المزيد.....

د.سيد القمني: من التقليد إلى التجديد في الفهم الديني


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 7896 - 2024 / 2 / 23 - 22:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ولد المفكر المصري سيد القمني في مدينة "الواسطى" في محافظة "بني سويف" عام 1947، وحصل على درجة الدكتوراه في تاريخ علم الاجتماع الديني عام 1987، وهو مفكر مثير للجدل، يدّعي أنه معتزلي، بينما يعتبره البعض باحثاً في التاريخ الإسلامي من منظور ماركسي عالمي، بل ربما يكون أكثر من ذلك بكثير.
حمل سيّد القمني على الإسلام السياسي، وعلى الفكر الديني السلفي، وتصدى للفكر السلفي بعلمية وعقلانية. وقد هُدد عدة مرات، ولكن بعد مقالة نشرها إثر تفجيرات "طابا"، بعنوان: "إنها مصرنا يا كلاب جهنم"، اشتد الهجوم عليه فاضطر إلى اعتزال الكتابة وأعلن ذلك حوالى منتصف عام 2005. ولكنه عاد إلى الكتابة فأصدر الكتب التالية عام 2007 :" الدولة الإسلامية والخراب العاجل" ، "الدولة الإسلامية للخلف در"، "الحجاب وقمة الـ 17". وقد توفي عام 2022.
ناقش سيّد القمني مفهوم الشك في الإسلام، ففيما أصبح الشك كفراً في الفهم المعاصر، وضّح أبو حامد الغزالي أصول الشك ومشروعيته في كتابه "المنقذ من الضلال" بقوله: «من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في متاهات العمى والضلال». لقد بلغ الشك أقصى مداه عند الغزالي عندما مارس الشك المنهجي بوجود الذات الإلهية نفسها، ووصل بعد شكه هذا إلى الإيمان، ولكن عندما "قذف الله بنور من لدنه" في صدر الغزالي، فآمن به.
أورد سيّد القمني مثالاً آخر على الشك في كتابه" السؤال الآخر" عام 1998، مستمداً من تاريخنا، عندما شك عمر بن الخطاب وهو يحاور أبو بكر بشأن مسألة صلح الحديبية، والتنازلات التي قدّمت لقريش، والتمرد الذي تبع ذلك .
وعالج سيّد القمني مسألة الأساطير، التي اعتبرها بعض المسلمين معجزات، كقصة الإسراء والمعراج على ظهر"البراق"، الذي هو أسطورة يونانية تعود إلى الحصان المجنح "بيجاسوس Pegasus" ، وهو دابة الإله زيوس. فهذه مسألة إيمانية لها مدلولات وعبر، ولا يجوز الاعتقاد بها بأنها خرق لنواميس الطبيعة كما يرى. كذلك الأمر فيما يتعلق بالملك سليمان الذي حاور الطيور، وأيضاً قصة الطير الأبابيل، وما إليهما من روايات هدفت إلى ضرب الأمثلة وتقديم العبر ليس غير.

ورأى القمني أن الاعتقاد بالمعجزات قد فتح الباب أمام الاعتقاد بمعجزات جديدة ممكنة هدفها تخليص المؤمنين من مصابهم عندما يقنطون، فعندما تحيق بنا الهزائم نرفع شعار "إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، فنركن إلى الجانب الطقوسي والأخلاقي من أداء الشعائر، ونترك العمل بانتظار أن تحدث المعجزة وتصلح نفوسنا، أو تدمر أعداءَنا!
نقد سيّد القمني قراءَة الدين في مستويات ثلاثة؛
- يتعلق المستوى الأول بمنهج البحث في الدين والذي يتمثل في تحويل التاريخ الإسلامي إلى تاريخ جامد ثابت غير فاعل، كما يتمثل في اجتزاء النصوص واستخدامها حسب الحاجة الزمانية والمكانية، لتلبية حاجات السلطة السياسية والدّينيّة في المجتمع.
- ومضى القمني إلى المستوى الثاني المتمثل في تحريم الأبحاث العلمية التي تمس الاعتقادات الراسخة، كنظرية النشوء والارتقاء، والتكيف البيئي التي هي أساس علوم الطبيعة اليوم. كذلك بلغت بعض الاتجاهات البسيطة مبلغ التوفيق بين العلم والدين؛ فأدت إلى تسفيه العلم والادعاء أننا نمتلك علوم الدنيا كلها، ما أنجز في الماضي، وتلك التي سوف تنجز في المستقبل، الأمر الذي استبعد الحاجة إلى العقل والبحث العلمي.
- أمّا على المستوى الثالث، فقد أدى القصور في نقد المنهج التقليدي إلى إنكار الحريات التي بلغتها الإنسانية في العالم المعاصر، فأخذنا ننكر أن الإسلام لم يلغِ الرق أو يحرمه، وظل في مستوى التحبيب والترغيب في العتق. وأشار القمني بهذا الخصوص إلى ما ورد في كتابه المعنون "السؤال الآخر" حيث قال: "ولم تزل تتلى آيات العبيد وملك اليمين دون أن نحاول اجتهاداً يعوض فارق القرون الطوال منذ عمر بن الخطاب الذي خالف ومنع وحرم وأنكر؛ ولمّا يمض على سكوت الوحي بضع سنوات". ولم تزل المرأة عندنا اليوم نصف رجل، جاهل بليد، وناقصة عقل ودين، حتى لو كانت حاصلة على أعلى درجات العلم والمعرفة.
وضع سيّد القمني قوانين ثلاثة للتخلف بدأت تسود بعد عصر الخليفة المتوكل، وأخذت تضع قواعد التحريم، وفتحت باب التكفير، وهي:
- أولاً: تكفير من يتجاوز المألوف في الاعتقاد، وقد استخدمت هذه القاعدة الأولى في لجم المعارضة السياسية، كما حدث مع محمود طه في السودان، وقتل حسين مروة ومهدي عامل في لبنان وقتل فرج فوده في مصر، وتكفير نصر حامد أبو زيد.
- ثانياً: وهو قانون "لا اجتهاد مع نص"، بالرغم من أن النص يقبل أكثر من تفسير انطلاقاً من قول الإمام علي: « إن القرآن حمّال أوجه لا ينطق بلسان بل ينطق به الرجال».
- أشار القمني إلى الإنتهازية كقانون ثالث التجأ إليه ذوو السلطان ووسطاؤهم لتبرير المظالم، بحيث يتم نزع الآيات من سياقها الداخلي لتمرير المصالح وترهيب الناس.
وفي كتابه "الفاشيون والوطن" نظر السيد القمني إلى الأحاديث في ضوء منهجه النقدي، فقد رأى أن النص المستمد من الوحي قد تأنسن، أي كتبه بشر وقام البشر بتفسيره، وكي تكتسب الأحاديث قدسية القرآن يستدعي هذا أن يكون النبي معصوماً. ورأى أن نوازع البشر وأهواءَهم غير المستقرة هي التي دفعت البخاري إلى عدم تدوين سوى 4000 حديث من أصل 600,000 حديث جمعها. في حين لم يصح عند أبي حنيفة سوى سبعة عشر حديثاً فقط.
كما أشار القمني إلى دور أبي هريرة في نقل الأحاديث، وقد هدده عمر بن الخطاب بالكف عن التحدث بأحاديث النبي، ولكنه عاد إلى ذلك بعد أن احتضنه قصر معاوية بالشام. (المصدر نفسه كما أشار إلى راوٍ ثانٍ من رواة الآحاد هو عبد الله بن عبّاس (الملقـّب بحبر الأمة) والذي كان في العاشرة من عمره عندوفاة الرسول الكريم، وقد روى 1660 حديثاً معظمها أحاديث آحاد.(المصدر نفسه)
إستشهد سيّد القمني بكتاب الخطيب البغدادي"تقييد العلم " بقوله إنّ النبي نفسه نهى عن تدوين الأحاديث، وجاء في صحيح مسلم ج 18: «لا تكتبوا عني غير القرآن، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه» أمّا السيدة عائشة فتروي عن أبي بكر أول الخلفاء الراشدين: «جمع أبي الحديث عن رسول الله وكان خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيراً، فلما أصبح قال: أيّ بنية، هلمي بالأحاديث التي عندك، فجئته بها فدعا بنار وأحرقتها»، (تذكرة الحفاظ للذهبي ج1) وقام عمر بن الخطاب بجمع وإحراق ما كتب عن الرسول، وكتب إلى الأمصار أن يتلفوا ما عندهم من أحاديث السنة. ورأى ذلك اجتناباً لما وقع به أهل الكتاب الذين دوّنوا كلام أنبيائهم فتحوّلت النصوص المدونة إلى نصوص مقدسة.
واستخدم السيّد القمني منهجه النقدي في كشف التضليل الموجود في التوراة، ويكشف زور ادعاءات الصهاينة بحقهم في فلسطين استناداً إلى التوراة. كذلك، ظلت القبائل الإسرائيلية منقسمة ولم يتوحدوا في كيان متماسك منذ زمن الخروج إلى زمن الملك شاؤول، بالرغم من المجازر التي ارتكبوها بحق الأمم الأخرى. وفيما تتهم التوراة الهكسوس القادمين من الشمال بالعنف والبشاعة، كانوا هم أنفسهم من أقسى وأبشع أمم العالم، كما حدث في جريمة إبادة كل أنواع الحياة عند فتح أريحا على يد النبي يوشع بن نون. وكذلك ملوك ممالك شرق الأردن.
وهكذا توصل سيّد القمني إلى أن الإسرائيليين زوروا التاريخ لصالح التنظير التاريخي للقومية الإسرائيلية، وكشف عن الخرافات في العهد القديم وترجماته المتوارثة والمتهافتة، وقدّم وثائق فرعونية وبردية (ورق البردي) تثبت هذا التزوير وتضحده.



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صادق جلال العظم: المادية والتاريخ
- هادي العلوي: جدلية الفكر الديني
- طنطورية رضوى عاشور وهذا النداء للتوثيق
- أنا و الكتابة ، من ألف باء اللغة إلى بحر الكلمات
- فرح أنطون أحد رواد الفكر العلماني والديمقراطي
- شبــلي الشمــيل، رائـــد من أعــلام الفكـــر الــــعـــلمي ا ...
- أحــــــمــــد لــــــطــــفــــي الــــسيد – رائد الليبرالي ...
- سلامة موسى .... من رواد الفكر التنويري العربي
- أنت تشرق ....أنت تضيء
- محمد شحرور في تجديد الفكر الإسلامي المعاصر
- محمد شحرور، حول الحاكمية في الفكر الإسلامي المعاصر
- الصادق النيهوم ورؤيته التحديثية في الدين
- ثلاثون يوما في الفردوس
- نماذج من التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر
- نماذج من مجددي الفكر الإسلامي الحديث
- بيت الفن في عمان
- يوم شاق جدا
- نماذج من الفكر القومي العربي
- تيار الفكر العربي المناهض للصهيونية في موسوعة أعلام الفكر ال ...
- رائدات في الفكر العربي الحديث والمعاصر


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...
- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد عبد الرحمن النجاب - د.سيد القمني: من التقليد إلى التجديد في الفهم الديني