أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل تومي - تأريخ الفن الأوربي الحديث 2















المزيد.....


تأريخ الفن الأوربي الحديث 2


نبيل تومي
(Nabil Tomi)


الحوار المتمدن-العدد: 1749 - 2006 / 11 / 29 - 10:34
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الأنطباعيه
لم يكـن فنـسنـت فان كوخ 1853 - 1900 ، والذي كان يعمل ُ كوسـيطاً فنـيـاً في شـبابه بـباريـس ، قد سمـع بعـد بالإنطباعيين ، وبالنسبه أليه فألمجددون كانوا "ميليه و كورو" وأتباعهمـا .وحيث أنهم لم يحصلوا على ألاعتراف الكامل بهم ألا بعد أن عرضت بعض أعمالهم وعلى مضض في متحف اللوفر ، وكان ذلك في عـام 1897 فعرفـهم الجمـهور وتقـبلهم .كان أدور مـانيه قد تخلى عن موقعه ُ كقائد الفنانيين المجددين أو المحدثين ، الى فنـان شـاب يصغرهُ سـناً وقبل وفاته بـ 15 سـنه ،وكان أسمهُ كلـود مـونـيه ( 1840 - 1926 ) رغم أنهُ ظـل كذلك في نـظر الجمهور . بـدء كلود مـونـيه وصحبه بأقامة المعارض العـامه في بـاريس متخليين عن الصالونات الرسّميه منذو 1874 وأرتظوا قلة الجمهور ..... ولكنه ُ أكثر أحترامـاً وتقـديـرا وتـعاطـفاً معـهم ...... رغم أنهم أقل بكثير مقارنة بـ الذين ، أرتـضوا التحدي في صالون المرفوضات من قـَبـل عشرة أعوام من ذلك التأريخ ،أمـا في عام 1897 ، فـقـد أصـبح أولائك الرجـال المتـضامنون مـعاً من قبل وهـم ( كلود مـونـيه 1840 -1926 ، و أوغـست ريـنوار 1841 - 1919 ، و أدغار ديـغـا 1834 - 1917 ، و بـول سـيزان 1839 - 1903 ، أبحوا طاعـنـين في الـسّن ، بعد مـا حقـقوا النـجاح بـمشـقة وأعترف بـهم كرسـامين أخـيراً .
ثـم كـالمتاد بـرزت هناك من جـديد ، مـواهب فـنـيه جديده ، أكثرُ جرأة وأندفاـعاً وتـحديـاً ...... فـطـغت علـيـهـم ...... وبـدآ كـأنـهم أزيـحوا الى الخلـف وكان ذلك قد حصـل في بدايـة القرن العـشرين مع ظـهور العديد من مختلف التسميات والمدارس الفنيه أمثال الوحـشية والتـكعيـبيه والتجـريـديـه وحـتى الـسوريـالـيه.وفي الحقيقه هوهذا حال الدنـيا ، الـجديد يفـرض نـفسهُ على الـقديم .... وفي أحيان كثيره يـكون ذاك القـديـم عـائـقاً أمام طريق التـقدم .... فـيكون الصـراع ..... وكـما أوراق الشـجر تـتـساقط فـي الـخريـف معطيـة مـكانـهـا للجـديد للقادم والأكثر حيويه ونشاط منـها في الربيع القادم . لكن سـيـزان بـقى في ذلك الـحين يـُعـد رائـد الحركات الفنيـه ، بالضد من موقع كـلود مـونـيه حـيث لم يـلتزم بـمكانته ، ألا حـديـثاً ، وهو يـحتل الأن منزلة مـماثـله لـسيـزان ، وهـما تـقاسما تـأسـيس لـغة الفـن الـحديـث ، واقـامـا صـرحـاً ، منذو أن بدء بـوضع لـبنـاته الأولى الـفنان الـكبـير أدوارد مـانـيه . أنه من الصعـب أسـتيعاب مسيرة أي إنسان إلأبعد أكتـمالها ، و هـكذا كان مع كـلود مـونـيه الذي تـأخـر تـقديره بعض الـشيئ ، كـما حدث لـمـاتيس من بعده بـثـلاثـين عـامـاً ، ويـتـكرر في جمـيع الأوقات الى يـومـنا هذا ..... !
رسم مـونـيه لأكثر من سـتين عـامـاً ، وكان دائم البحث والتمحيص ، مـحاولاً أسـتكشاف ذاته وأنفـعالاتهُ إزاء الطبـيعه ومـا حولـه من الأشياء
ومن المعروف أنهُ في بدء حياته الفـنيه كان رسامـاً طبيعيـياً ، وذلك في الستينات من القرن التاسع عشـر ..... ونراهُ في عـشريـنات القرن
العـشرين تـجريـديـاً كـبـيراً حـيث هو نـفـسه ُ أصبـح فـعل الرسـم لديه غـامـضـاً . نـشـأ كـلود مـونـيه في ـ الـهافر ـ شـجعـهُ ودربـهُ رسـام المناظر الـطبـيعيه المـكافح ( يـوجـين بـودان 1844 - 1898 ) ، على الرسـم في الـطبـيعه مـباشرة ، آي التواجد فـيها ورسـم مـا تراهُ من
حولـك رأسـاً ، وهو لم يكن في أيام شبابه المبكره يهـتم كثيراً بزيارة المـتاحف بـل كان مـكتـفـياً بألقـليل . وحيث أن مـونـيه كان ينـقـصهُ
إحـسـاس مـانـيه بـصـفة الرسم الأسـاسـيه و هو الذي عمل بـنصـيحة أسـتاذه متـقـبلاً جـمالـيـة الـطبـيعة كـمـا هي ..... وشـرع بـرسـم صـور صـادقـه للأشـكال وفي ضوء الـنـهار الـطبـيعي ...... هـجرالـتكويـنات الـسـابـقه لانـها لا تـشـكل طـموحـاً لـهُ ..... ثم بـدء مـونـيه اكـثر صلابه وعـزما ً وتوضح ذلك بـضربات كبيـرة من الزيـت تـحمـل أثـار فـرشاتـهُ الواظـحه ، و كمحصله ممـا تقدم كـان أكثرُ نـجاحـاً في المـحاوله الثانيه وبشكل خاص في لوحـة ـ نـساء في حديـقه ـ وهو العمل الذي أنجزه ُ في الهـواء الطـلق كـّلـية ، عـندمـا تكون الـشمس طـالعـه / مشرقه..... حـيث كان تـسجـيلاً صـوريـاً أكـثر صـدقـاً ... كانـت هـذه اللـوحـة مـتقـدمه عن صـورة ( ليز بمظلتها الشمسيه )التي رسـمـها صـديـقـه ُالحميم آوغـسـت ريـنوار ـ 1841 - 1919 ـ عرضـت صـورة ريـنوار في صـالـون عـام 1868 ، حـيث رفـضـت صـورة مـونـيه ، نـساء في حـديـقـه ، قبل ذلك بعام 1867 ، أصبـح رسم الـمشاهد الطـبـيعـيه شـغـل مـونـيـه الشـاغل ، ومـهـوسـاً بتأثيـر الضـوء وسـقـطاته في أوقات سـطوع الـشمس الـمخـتلفـه . في صـيف عـام 1869 ، عمـل مـونـيـه وصديـقهُ ريـنـوار في ـ غرينوبـيـر ـ على نهـر الـسّـين في ضـواحي ـ باريـس ـ وكان هذا المكان مـتنزه بالـقوارب وللأسـتـحمام ، وكانـت الـغايـة هـي تـعاملا تهم مع ضوء الـشـمـس وإنعـكاسـاتهُ عـلى الـميـاه ، أتجه ـ ريـنوار ـ الى أسـتخدام لـمـسات خـفـيفه ونأعـمه لــفـرشـاة ُ ، أما ـ مـونـيه ـ فـلجأ الى ضـربـات كـبـيرة من الـلـون الـخالص ، وهـذا هـو الـفرق بـيـنهـمـا وبـيـن ـ كـوّربــيـه ـ الذي كان يعلم علم اليقـين بأن لون الحـشيـش هو أخضـر ، ولكن ـ لمـونـيه ـ وريـنوار رأي آخر مثابهُ أن يـمكن لذلك الحـشيش أن يبدو رصاصيـاً أو أصـفر أو زرق ، معتمداً على كمية الضوء الساقط علـيه ووقـت ذلك الـفَعـل ، وكانت هذة الرؤيه هي الثورة بحد ذاتـها في الفن والتي ضهرت في أعمالـهما وفي الحقيقه كان ـ مـونـيـه ـ قد زار الـشمال الأفريقي وشـهد ستقوط الـضوء ، والظل الناتج فيه كان ا كـثـر حدة ً مـما في فـرنـسا ، شـأنـهُ شـأن ـ ديلاكروا ـ من قبل .... وبهذا أدرك ـ مـونـيه ـ أن الظلال مـلونه .... والسبب يكمن في تأثيرات بـصريه معينه تتعـلق بالـنغـمة والـلـون مـعاً وبالحس والأدراك ، وبألتالي الـكيـفـيه التي تجـذب بـها اللوان الخالـصه مكملاتـها اللونـيه ، وكان ـ مـونـيه ـ يسجل دومـاً ملاحـضاتـه ُ حـول ذلك ، وكان ـ لـجورج سـورا ـ الـشرف في تـجمـيهـا وتـنـسـيقـها في نـظـام مـعين بـعد سـنوات عـده . في نهاية الثمانينيات حقق ـ مـونـيـه ـ النجاح الذي كان يصبوا أليه ...... وذلك بتعاليه على المؤسسه " الـصـالونيـه " التي كانـت تـنهارُ و بـسرعه ، حـيث تـم نـجاحـهُ بـخلق واحداً من أكثر الأساليب قوة وتأثيراً في تأريخ الرسم وهو الأنطـباعـيـه . حاول ـ كلود مـونـيه ـ أن يكرس نفسهُ كليـاً لتـسجيل الـظواهر الـمرئيه وأصر على التصدي ، مـما عقد الأمور وزاد في المـشكله ، لآن ـ مـونـيه ـ كان لا يريد فقط وضع مـا يراهُ على الورقه أو على التقماشه ، وأنـما كان يريد أن يتسجل أنفعالاتهُ وأحاسيسهُ الذاتية فـيـها.... ولأن ـ مـونـيه ـ كان تـيـّاهـاً أحـيانـاً .... قـنوطـاً في الـغالـب ، لذلك أكـتـشف بأن حـالةُ العاطفـيه كانـت تـتأثـر بألاشياء التي يراهـا من حولـه وهذه بـدورهـا تـحاول أن التـأثيـر في ترجـمة أعـماله ُ الـفـنـيـه .... وبذلك نلاحـض أن الـموضوعيه كـانـت تـلازم الأنـطـبـاعـيه .... وأنـه حاول أكـتشاف طـريـقه جـديـده في الـتـعـبـير عن مـاهية تلك الظواهر والقوى الكامنة ورأهـا، وكما كان لدى ـ سـيزان ـ الذي تـولــّد لـديـه الـوعـي بحركة كونـيه وتـجلى ذالك في عـمل الـفرشـاة واللمـسات الـخـطـّيه التي أرسـت أسـس الـعمـاره الجـديـده في الرسـم . آخذ ـ مـونـيه ـ ينـتـقي المـوضوعـات العـويـصه ، كـضـباب الفـجر على النـهر ، وأشـياء آخرى ... وحـاول إقـتـناص صـورهِ في حـالات ضـوئـيه مـختلـفـه ، خـاصـة عـند رسـومه ُ لـواجـهة كـاتـدرائـية ـ روان ـ لـعدة مرات . وكـتب عـن قـائلاً [ ثـمة حاجـه تـسوقني بـحمـاس مسـعور لـسـبر غـور مـا أختبره ] وفـي العـشرين لوحة التي رسـمـهـا للواجهـه صـار لديـه ، وكـما قـال ـ جورج هبرد هاملتون ـ [ شيـئ جـديد في الـرسم يـكشف طبيعة الأدراك أكـثر مـما يـكشف طبيعة الـشيئ المدرك نـفسهُ ] ، برزت الـحـقائق هذه وغـيرها في صور وأعمال ـ مـونـيه ـ لـحديـقته ُ الـمائـيه التي أسـتحوذتهُ لمـدة 30 سـنه الأخـيرة من حـياتهُ ...... والحقيقه إنه ُ لـم يـرسم سـواهـا ..... ورسـومه ُ " الـنـمـفـيـات "او أحـواض الـزنـبـق ومن حولهـا الإزهار الـطافـيه ، وظـلال الأشـجار الـساقطـه والـمـمتـزجه في المـياه ، وإنـعكاساتـها مع الغـيوم المـنسابة فـوقـها ........... كان يـرسم كـل هـذه الأشـياء ، كـأنهُ جـالـسا ً ومـتأملاً في أمكانية الـكشف عن سـر الـمكنـون فـي الـوجـود . وفي الأخر اسـتـطاع أخـتراق حـجاب سـر الـحقـيقه الـكامـنه وراء الـرؤية الـمـاديـه ، حـيث تـحولـت الاعـمال الـطبـيعـية لـديـه الى نـوعـاً من الـرمزيـه مـسـت الـفـن الـتجـريـدي لاحـقـاً ، ولذلك يـكـّن ـ موندريـان ـ و ـ كـاندينـسكي ـ كـل الحـترام والتـقدير لـه،ُ وعلى حـياتـهم الفـنـيه و يـعتـبرون ذلك ديـنـا ً أو جـمـيلاً فـي عنـقـهم و لا يـنسّـى . في الـحقـيقة إن مـسار ـ كـلود مـونـيه ـ الـفني مـوازٍ لـمسـار ـ بـول سيزان 1839 ـ 1906 ـ . وكـأنهـما كـانا مـتعـاصـران ، رغـم أن ـ مـونـيه ـ عـاش عـشرون عـامـا ً بـعد رحـيـل ـ سـيزان ـ لـم يـتـعارفـا مـطـلـقـا ً ، وكـانت هـناك مـنافـسه بـيـنهـمـا وكـان لـدى الأثـنان إهـتمامات في الـبحـث و التمحـيـص و الإدراك ..... ولـكن الـحلول الـمكـتـشفه كـانـت مـخـتلـفه ، بألضبط كـأمـزجـتهـما الـمخـتلـفه والـمـتبايـنه .
أهمل ـ مـونـيه ـ مـشكلـة بـناء الـصورة ، وذلك كان قـد آرق ّ ـ سـيزان ـ طـويلا ً ، شـارك ـ سـيزان ـ زميـله ُ ـ مـونـيه ـ ولعـه ُ بـفن الـمـاضي ولكل واحـد كانـت لـديه رؤيـه خـاصـه ، فـعنـدمـا كان ـ مـونـيه ـ مـنشـغلا ً بــتأثـيرات ضـوء الـشمس على سـطح المـاء ، كـان ـ سـيزان ـ قـد أتـخذ من ـ آدوارد مـانيـه ـ رائـدا ً لـه ُ ..... حـيث أن ـ سـيزان ـ أراد في بدء بـتجربة الأدراك الـبصـري ذاتـها و الـمـقـصود هـنا( إن لـنا عيـنين وهـما في حركـة دائـمه ودائبه، مـصوبـتان في كـل الإتـجاهـات تـسـتكشـفان الأشـيـاء قـاطـبة ) ومن هذه الرؤيا أنطلق ـ سـيزان ـ في أعماله الفنيه وكمثل " منـظر رعـوي " حيـث أضـحت المـحاولة الى مـمارسـة مـألوفة لـديه وهي الإنـتفاع من الـتقاطعات والإسـتقامـات وقواعدهـا الـسهـله، فـأن الخط المـستـقـيم مـوجود في الـطبـيعه ، فيــنـبغي أن يـرسم متـقـطـعـاً في الـصوره وبألـعـكس ، فـمنـظـرالرعـوي يـمثل فـكرة ـ سـيزان ـ الـبصـريه وهي تـتكـرر كـثـيراً عـندهُ ، كان ـ بول سـيزان ـ يـنفر من الـنظام " الـفلورنـسي " للمـنـظـور الخـطي وهو يـفـضـل الـنظام الـنغـمي " الـفـيـنـيـسي " ، بـديلا ً ودليلهُ على ذلك في لوحة " تقاطع الـسّكه الحـديديه " ، وقد سـبق له أن طلـب من ـ بيـسارو ـ عـام 1872 ان يريه كيـفـية إسـتعمال الإنطـباعـيون اللون للإحداث إثاره جـديـده لضوء والـفضاء في الـرسم . كان ـ كاميل بـيسـارو 1830 ــ 1903 ـ طـيـبـا ً رفـيـعـاً، ولكنـه ُ لم يكـن رسـامـاً أصـيلاً إن قارناه ُ بـمعـاصريـه ، رغم أنهُ تـنبـأ بـعـظـمتهـم الوليـده وهو الذي شـجع ـ غـوغـان ، سـورا ، فان كوخ ، سـيزان ـ منـذو نـشأتـهم ، وأخـيراً أخـذ من الـفنان ـ كـلود مـونـيه ـ مـثالا ً لهُ رغم صـغر سـّن الأخـير . ومن ناحـيه أخرى كان ـ الـفريد سـسلي 1839 ـ 1899 ـ رسـاماً بـهيـجـاً ولكـنه ُ لم يـضف شـيئـا ً للأنـطـباعـية ـ كـلود مـونـيه ـ سوى حسـية كـونـستابل لـتأثيـرات الـغيـوم . رغـم أنه ُ قـيل بأن ـ سـيزان عـلّـم ـ بـيـسارو ـ كـثيراً في " بـونـتواز " ألا أن الحـقيـقـه هي الـعكـس ، وعند المقارنه بين أعمالـهما في تلك الفتره نجد أمامنـا تنـاقـضا واضـحـاً في هـوية كل مـنهـما ، فصورة ـ بيـسارو ـ " الدخول الى القريه " كان مترد الأعراض للألوان الأرضيه أو التـخلي عن الوصفات التـكوينيه الـتقليد يه . أمـا ـ سـيزان ـ في عمـله ُ " بيت رجل المشنوق " فكـانت محاولـه منهُ للـتقدم الى الأمام وكانـت تـتـسم بـالصراحـة والفظـاظة والجـهد الـفائض المـستخدم ، وهذا ما كان يـفتقده ـ بـيسارو ـ . وفي آخر المطاف قرر ـ سـيزان ـ بأنه ُ لـيس إنـطـبـاعـيـاً ، لأنه ُ أراد إخـتراق الظـواهر لبـلوغ الـحقائق ... ورسومـهُ في الـثمانيـنيـات و التـسعـينتيات دلـيل إعـادة تـكويـناتـهُ المـنظـمه بـشكـل صـوري لأحـاسيس مـضـطـربه ، وكـان أسـهل لـسيزان رسـم الـحياة الـساكـنه حيث كان يتـحـكم بـمـادة مواضيعهُ . وتـتعـذر في المـناظر الـطبـيعيه والـرسوم الـشكلانـيه ...... مـثله ُ ذلك فـي لـوحة " المـزهريـه الـزرقـاء " ومـعالجتـهُ جـزئيّ الـصحن على طـرفي اللوحة وهو يقصـد أنـهُ من المحال رؤيـة الـصحن كـلهُ .... بـل جـزاً فـجـزاً في لـحظات زمـنيه مـختلـفه ومن زوايـا مخـتلـفه ، وحـين تـقدـم الـعـّمر ـ بـسـيزان ـ بـدأ يـحقـق تـكاملاً مـطرداً في وسائل صـنع اللوحـه أو الصوره ، فـكان من الصـعب الفـصل بـين الـتشكـيل واللون والـتخطـيط والـنغمة والـتكوين في مـنـظر طـبـيعي مـتأخر ، كـلوحة " جبل سـانت فـيتوار " ..... وهو الـقائل [ إن الـشيئ الأسـاسـي في الـصورة هو تـحقـيق المـسافـه ، وآنـا أحـاول مـعالجة الـمنـظور بواسـطة اللون حـسـب ] وفي سـنواتـهُ الأخيـره قـبل وفـاتهُ عـام 1906 ، عـاد ثـانية الى ولـهـهُ الـقديـم بألـتكوين الـكبير لأشـكال عـاريه في الـمناظر الـطبيعية ، وعـلـهُ عـاد بـذاكرته ُ الى أيـام الـخوالي أيـام طـفولةِ التي كان ـ سـيزان ـ قـد قـضاهـا مـع رفـاقه في غـابـات جـبل سـانـت فـيـتوار . كـان إحـساس ـ سـيزان ـ بألخـيبه وعـدم قناعته ُ على أشـده ُ في " المـستـحمات " وقـبل ومـوته تـسائـل [ ترُى ..... هـل سأكون مـثل مـوسـى فـأموت قـبل أن أصـل الى أرض الـميـعاد ] ، . آمـا الإنـطباعيان الـعظـيمان ـ ريـنوار و ديـغـا ـ فلا حـاجه للأفـاضه كـثيـراً ، فـ ـ آوغـسـت ريـنوار 1841 ـ 1919 ـ كان رسـامـاً طـبيعـياً ، و رسـامـاً للصـور الـشـخصيه ، وكان غـالبـا ً غـير ملـتزمـاً في أعـماقـه ُ بـ المواقـف التي إلـتزمـهـا رفـاقه ُ ، و بصوره أدق كان رسـام الـصبايا
الـفاتـتنات ، وكان مـعجبـاً بـفنانين القرن الذي سـبقهُ كـأنـهُ هو وريث لـ " لواتـو ، بـوشيه ، فراغونار ، من هذه الـعـلاقـه بألـماضـي نرى أن
ريـنوار كان فـنانـاً تـقليـديا ً ولـيس ثـوريـاً ، ومـحافـضـاً في ذوقه ُ ، يـقتـفي خـطوات سـابـقيه مـثل " آنغـر ، ديلاكروا ، كـورو ، كـوربـيه ، ومـانيـه " ...... ولم يـكن لـرنـوار إمـكانيات خـاصـه ، كان عـليه أن يـحصل على رزقـه ُ من رسـومه ُ ، خـاصة بعد رفـضهُ في " صـالون "
للعـديـد من المرات ، فـصار واحـد من أنـشط منـظميّ معارض مجموعة الأنطباعيين الأولى عـام 1874 ، وفي الـحقيقه طبق ـ ريـنوار ـ
قـواعـد الانـطباعـيه مـدة مـحدوده في أواخـر سـبـعيـنيات من ذلك الـقرن ، حتيث أنه رسـم في الـهواء الـطلق ، مـشخـصـاً اللون ،الـظل ، و
الإنـعكاسـات مع الإهـتمام بـتأثيرات الـضوء الـمنـعكس الـمرقـش . عـاد ـ ريـنوار ـ بعـد خـيـبة أملـهُ الـكبـيـره من ردود فعـل الـجمهـور تـجاه مـعـارض اللانـطـباعـيـين ألاولى ، عـاد يـتلمس عرض صـوره في " الصالون " بين عـامي 1878 و 1879، وذلك بـمساعدة تـاجر اللوحات الـمدعو ـ دوران رويـل ـ ، حصل على تأيد شـعبي فوري وأعجاب بـعضـاً من أصـحاب الـمال والـسلطه وكانت تلك الـعلاقه الـشخصيه بـهم غيرت مجرى حـياته ُ ، إذ ذاك حاول ـ ريـنوار ـ الـتخلص من حيرته ُ بألسـفر الى شـمال آفريـقـيـا وأيـطاليا ، وهـناك عاد الى تـقاليدهُ الـكامنه في طبعهُ وتـحول الى ـ رافائـيل ـ ورسوم ـ أنغـر ، وبومـبي ـ كشواهد أصيله وحين أحـس أنه ُ لم يعد يتـعاطـف مع الـجيل الأصـغر من الـفنانين بـبـاريس وخاصة ـ سـورا ـ وأتباعه ُ تحول عن الرسم في المواضيع الـمعاصـره ، وكان قمة أعماله ُ حينئذاً " الـمـستحـمات " كان هذا الـعمل رفـض مـقصود لـفن زمـانه ، كانت الأشـكال تـبدوا منحوته والـفكره كانت رسـم حوريات يـستحمّـن حـول بـركة ، وهذه الـفكره كانت عـوده مستفزه لموصـوع من الـماضي ولا يـخضع للزمن الذي صنع فيه العمل . حـتى أصـدقائه ُ اصيـبوا بـخيبة أمل كبيره حين كتب ـ بيسـاروـ الى أبنه ُ يقول عن ـ ريـنوار ـ [ بـتُ لا أفـهم ما الذي يـحاول فـعله ُ ] وحـتى هـو نـفسهُ قال [ الكل أجمع على أني سـقطتُ ، والأخريين أني لم أعد أحس ُ بمـسؤليه ] . من الجائز القول إن ـ بول سيـزان ـ هو الـوحيد الذي بقى قـريـبـاً منـهُ وأحـس بـشـئ من الـمحاباة لـتطلعات ـ ريـنوار ـ رغم عـدم رغـبتهُ بألـوسائل الـمستخدمه . وأن قارنـا ـ ريـنوار ـ بـ الأنـطباعي . الرابع الـعظيم الفنان ـ أدغار ديـغا 1834 ـ 1917 ـ وكان هذا أيضـاً ..... مـهوسـاً بـرسم الـنساء ، ومعالـجاتهُ هذه كانت تـنقـصها الـحراره والإنـسانيه التي كـانت موجوده عـنـد ـ ريـنوار ـ أقتران أسـم ـ ديـغـا ـ بـمصطلح ألانـطباعيـه يــّولد إشـكالاً في الـتعريف .... كان هـو مـجـرد فـنان إشـترك مع مجموعة من الفنانيين الـشباب والذين لم يـشاركوا في معرض الـصالون ، وهو الذي تبنى ولو مـتأخراً مـادة الـموضوع الـمستمـده من الـحياة ، ولـكنهُ لم يـنصرف لـرسم الـطـبـيـعه ، ولم يطور قـابلياته ُ مـثل مـونـيه ، في الـضوء واللون والـفرشاة الـمتتكسره ..... وإن نـبرر إنطباعية ـ ديـغـا ـ فـهي أولا ً ولـعة ً بألحركـه ورصـده ُ أيـاهـا ، هذا كان هـاجسـه ُ الـوحـيد الذي ظـهر مـبكرا ً في اعمالـه ُ ، مـثل " مـأسي مـديـنة نـيوآورليانز " . من الـمؤكـد أنـهُ اراد رسـم تـكوينات شـخصيه كـبيره مع مـوضوع كـلاسـيكي أو تأريخي ، وأراد لـعمله ُ وضـوحـا ً وأنسـجامـاً في الخط الذي مـيّز أسـاتـذتـهُ الـقدامى أثـناء دراسـته ُ في إيـطالـيا ، ولـكن مع ذلك أنـهار كل شـيئ ........ ولـم يــعـد مـقـتنعـا ً بـصورة مـا ، رغـم أنـه ُ رسـم هذه القـطع الـتـأريـخيه للـصالون ، وتـولع ـ ديغـا ـ بألـكاميرا فلوحتـه ُ الأولى في الـرسم الطبيعي كان أقرب الى الـتصوير الـفوتوغرافي ........ مـثل لـوحـته ُ " أسـرة بـيـلـيـلي 1859 ـ 1862 " وهذا بـحد ذاتـه كان نوع من الـثبات آي تـوقـف الـزمن . إن ـ ديـغـا ـ لم يـرسـم بتتكليف من احـد ، كـما الـحال مـع ـ ريـنوار ـ ، ومن ثـم أقـترب ـ ديـغـا ـ من روايـات ـ أمـيـل زولا ـ و ـ غـونـكور الـطبـيعـيه فـصورتـه ُ " شـراب ألافـسـنتـين " كـأنـها تـوضـيحا ً للروايـه ، كـان إهـتمام ـ ديـغـا ـ بـ الفـن الـسـردي والقصصي قـير الـعمر رغـم أنـه ُ لم يـكن الـوحيد ، فـقد شـاركـه ُ فـنانـين آخـريـن أمـثال ـ جـيـمـس تـيـسو ـ و ـ دبـيليو آر سـيكرت ألانكليزي . هـناك مـا يـؤكد أهـتمام ـ ديـغـا ـ بالـبناء الـمنظوري ، أمـا ـ مـانـيه ، مـونـيه ، سـيزان ـ فكـانوا يعـملون على تـسطيح صـورهـم وتجـنبوا الأرتـداد الـفضائي ، وأعـتبر الصـورة سـطـحاً مـسـتويـا ً في الأصـل تـكـسوه ألوان مـُرتـبه بـموجب نـظام خـاص ، وهي التي أضـحت أساسـا في الـفن الـحديـث بـلا ريـيـب . ...... لـكن ـ ديـغـا ـ قـد رفـض هـذه الـفكـره ، وعـمـل ضـد تلك الـتضـادات بـين الـفـضـاء الـضـحل والـمتراجع
كـما في أعـمالـه ُ " سـوق القـطـن " و " شـراب ألافسـنتين " في أعـمال ـ ديـغـا ـ الأخـيره تـرى الـبـساطه والـتركيز الـموجـودين أيـضاً عـند ـ مـونـيه ، و سـيزان ـ الـمنـحصر اهـتمامهم بألمرأه أنـموذجـا ً .... وخـاصة ـ ديـغـا ـ الذي رسـمها في كل ألاشكال ومـخـتـلف الافـعال وكـان يريد إعادة الـثقة الى نـفـسه ُ بـعـد بـعد أن ضـعـف بـصره ُ ...... كـان ـ لديـغـا ـ ولـعـا ً بـمهـنة الـرسـم وكـان ذو قـابلـيه مـدهـشه في الـتـخـطـيـط ، إنـهُ جـاب كـل أنـواع الـمواد الـمتاحـه وإسـتخدمها للـرسـم ...... مـثل الـفحم و الـبـاسـتيل الـعادي والـمسّال و الألوان الزيـتيـه وغيـرها . و تـبقى أفـضل الأعـمال المـنجزه ـ لـديـغـا و سـيزان و مـونـيه ـ هـي الأعـمال الـتي أنـجزوهـا في نـهـاية مـسيرتـهـم الـطـويـله . وهـم الـذين أوشـكوا أن يـدركـوا غـوامـض الـرسـم الـقـصيّـه والـمـجهـوله ، وهـم الـذين خـلـفـّوا لـنا صـورا ً وأعـمالا ً مـذـهـله بـعــمـقـهـا وأصـالـتهـا . وعـنـد حـلول قـرن الـعـشـريـن ظـل شـيـوخ الـقـرن الـتاسـع عـشـر الـمرجـع الـذي لا غـنى عــنـه ُ . أنـتـهى الـجزء الـثاني



#نبيل_تومي (هاشتاغ)       Nabil_Tomi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحق ... الحق أقول لكم ...وأكثر
- تأريخ الفن الحديث في أوربا
- العلم العراقي وأشياء أخرى
- اليمني ..عبدالله الغير صالح
- نداء الغد الأفضل


المزيد.....




- خلال مقابلة مع شبكة CNN.. بايدن يكشف سبب اتخاذ قرار تعليق إر ...
- -سي إن إن-: بايدن يعترف بأن قنابل أمريكية الصنع قتلت مدنيين ...
- ماذا يرى الإنسان خلال الأسابيع الأخيرة قبل الموت؟
- الفيضانات تستمر في حصد الأرواح في كينيا
- سيناتورة أمريكية تطرح إقالة مايك جونسون من منصبه بسبب الخيان ...
- ماتفيينكو تدعو لمنع المحاولات لتزوير التاريخ
- -سفينة الخير- التركية القطرية تنطلق نحو غزة (صورة + فيديو)
- أصوات الجمهوريين تنقذ جونسون من تصويت لإقالته من رئاسة مجلس ...
- فرنسا والنازية.. انتصار بدماء الأفارقة
- مسؤولون إسرائيليون يعربون عن خشيتهم من تبعات تعليق شحنة الأس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نبيل تومي - تأريخ الفن الأوربي الحديث 2