أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لغز -أوراسيا-














المزيد.....

لغز -أوراسيا-


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7881 - 2024 / 2 / 8 - 13:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتخطّى اسم أوراسيا الكلمة المركبة، التي تجمع أوروبا وأسيا، ليصل إلى جمع الجغرافيا بالسياسة (جيوبوليتيك)، في إطار استراتيجية دولية، تتصارع فيها وحولها قوى كبرى من داخلها ومن خارجها. وقديمًا قيل من يمتلك أوراسيا يهيمن على العالم.
تبلغ مساحة أوراسيا 55 مليون كم2، أي ما يعادل 37% من مساحة اليابسة على سطح كوكب الأرض، ويسكنها 70% من سكان العالم (نحو 5 مليارات وثلث المليار نسمة)، وكان بريجينسكي، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر (1977 - 1981)، يُدرك أهمية البعد الجيوستراتيجي لهذه المنطقة، ولاسيّما نفوذ الولايات المتحدة فيها، خصوصًا صراعها الأيديولوجي مع الدب الروسي في فترة الحرب الباردة، وهو ما تناوله بعمق في كتابه "رقعة الشطرنج الكبرى".
ويُعتبر المنظّر البريطاني هالفورد ماكيندر، المتخصص بالجيوبوليتيكا، من أبرز دعاة فكرة الأوراسيا، منذ مطلع القرن العشرين، وهي الفكرة التي عاد وطرحها المفكر الروسي ألكسندر دوغين، إثر انهيار الاتحاد السوفيتي، وهو ما تبناه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ العام 2000.

قدّم دوغين "الأوراسية" باعتبارها النظرية الرابعة بديلًا للنظريات التي سادت في القرن العشرين (الاشتراكية والفاشية والليبرالية) بدعوته تعزيز القوة الجيوبولوتيكية لروسيا، والتكامل مع المحاور البرية التابعة في "الحزام الأوراسي" و"الحزام الباسيفيكي"، و"الحزام الأورو أفريقي"، والشرق الأوسط (وبضمنه العالم العربي)، الذي أصبح ساحة اشتباك جيوبوليتيكي مع الولايات المتحدة.
وحسب دوغين، فإن هدف روسيا هو تكوين قطب عالمي منافس للقطب الأمريكي. وقد أثارت أطروحاته اهتمامًا من لدن نخبة من الأكاديميين والمعنيين العرب، وكنت قد التقيته واستمعت إليه في محاضرة تفصيلية بهذا الخصوص.
أما بريجينسكي فتحليله يرتكز على ضرورة هيمنة الولايات المتحدة على البر الأوراسي، الذي يوجد فيه الجزء الأكبر من سكان العالم، وأيضًا الموارد الطبيعية والنشاط الاقتصادي، ويمتد من البرتغال إلى مضيق بيرينغ (يفصل بين قارة آسيا وقارة أمريكا الشمالية)، ومن لابلاند (أقصى الجزء الشمالي من فنلندا) إلى ماليزيا، وهي التي تمثّل رقعة الشطرنج الكبرى، والذي يسيطر عليها، سيتم الاعتراف له بالقوّة والتفوّق.
وبالعودة إلى ماكيندر، فإن "المنطقة المحورية" الأوراسية، هي تلك التي تضمّ سيبيريا والجزء الأكبر من آسيا الوسطى، إضافة إلى الأرض المركزية، التي تشمل وسط أوروبا وشرقها بوصفها تشكّل نقاط الانطلاق الحيوية لتحقيق السيطرة على القارة، وبالتالي على العالم، في حين أن بريجينسكي حدّد 5 قوى جيواستراتيجية في أوراسيا هي: فرنسا وألمانيا وروسيا والصين والهند، مستبعدًا دولًا مثل بريطانيا واليابان وإندونيسيا على أهميتها، أما دولًا مثل أوكرانيا وأذربيجان وكوريا الجنوبية وتركيا وإيران، فيمكن أن تؤدي دور المحاور الجيوبوليتكية الثابتة المهمة.
وانطلاقًا من هذا المفهوم، نلحظ أن التوجّه الأمريكي نحو دول آسيا الوسطى وأفغانستان والعراق خصوصًا، والعالم العربي عمومًا، وأوروبا الشرقية والقوقاز وجورجيا، ازداد كثافةً وتأثيرًا، بما فيه الصراعات الدائرة اليوم مع إيران وفي وسوريا ولبنان واليمن، وهو جزء من المواجهة مع روسيا وحليفتها الصين، سواء كان الأمر على نحو مباشر أو غير مباشر، والأمر يبدو أكثر وضوحًا في أوكرانيا وسوريا.
وإذا كان هذا هو الفهم الأمريكي لأوراسيا، فإن الفهم الروسي الأوراسي يعاكسه بشدّة، بما فيه تبريره للحرب في أوكرانيا باعتبارها "دفاعًا عن النفس"، في حرب مفتوحة اقتصاديًا وسياسيًا واستراتيجيًا، لاسيّما فيما يتعلّق باستيراد بعض دول أوروبا الغاز الروسي (ألمانيا وفرنسا).
وكان بريجينسكي يُدرك أنه "من دون أوكرانيا، لا يمكن لروسيا أن تصبح قطبًا سياديًا لعالم متعدد الأقطاب"، والتعددية القطبية التي نظّر لها، منذ مطلع السبعينيات في كتابه "بين عصرين - أمريكا والعصر التكنوتروني"، هي التي أخذت تتبلور بعد صعود التنّين الصيني وبداية معافاة روسيا لتشكيل محور موازي للمحور الغربي.
وإذا كانت الحروب في أوراسيا قديمة ومعتّقة، فهي تتجدّد باستمرار تحت عناوين إثنية أو عرقية أو دينية، وهي حروب موروثة من الماضي السحيق، حتى وإن كانت تختفي وتظهر، فإن الجديد فيها هو الدور غير الأوراسي، بدخول الولايات المتحدة طرفًا أساسيًا بمحاولة نصب صواريخ بالستية لحلف الناتو على الحدود الأوكرانية - الروسية، بهدف إضعاف روسيا المتحالفة مع الصين، منافسها الاقتصادي والتكنولوجي الأول.
صحيح أن الروس والأوكرانيين ينتمون إلى العرق السلافي، ويدينون بالديانة المسيحية وفقًا للمذهب الأرثوذكسي، ويرتبطون تاريخيًا بعلاقات عميقة ومتشابكة، إلّا أن الحساسيات القومية القديمة، وخصوصًا في الحقبة السوفيتية، تركت ندوبًا عميقةً في الذاكرة الجمعية الأوكرانية. وقد يكون من باب ردّ الفعل ميلها إلى الغرب وتطلّعها لتكون جزء منه، بعد انفصالها عن الاتحاد السوفيتي في العام 1991.
في الصراعات الأوراسية الجديدة - القديمة (الصين - تايوان)، لا يمكن إغفال دور واشنطن، إضافة إلى تأجيج الصراع الياباني - الصيني، مثلما هو بين كوريا الجنوبية والفليبين، وذلك بإيقاظ روح الكراهية والحقد، بما يعيق الرغبة في وصول هذا الجزء الأوراسي إلى الاستقرار والتعاون. وعلى حافة أوراسيا، تتعرّض غزّة إلى حرب إبادة جماعية من أكثر الحروب بشاعةً وتوحشًا من جانب "إسرائيل"، وبدعم ومساندة مادية ومعنوية من واشنطن، ولعلّ تلك الحروب وغيرها هي امتداد لتلك الحروب المعتقة، بما فيها "مبادرة الحزام والطريق"، التي تسعى واشنطن لعرقلتها بشتى السبل، لأنها تُدرك أن أحد مفاتيح حل لغز أوراسيا بيد الصين.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمسية الاحتفاء بعبد الحسين شعبان: زمن فلسطين والثقافة العربي ...
- طوفان الأقصى صراع الإرادات والعقول
- غزة والمعركة القانونية
- تداولية المسؤولية في الرابطة العربية للقانون الدولي
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ...
- رسالة إلى الرابطة العربية للقانون الدولي
- صورة ماركس
- الجواهري: ضَوءٌ غيرُ قابلٍ للخُفوت - كلمة الشاعرة د. سعاد ال ...
- غزّة وميزان العدالة
- إضمامة: صلاح عمر العلي -تراويح المراجعة وامتحانات اليقين- - ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين - الحلقة ال ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الس ...
- عبد الحسين شعبان: لا بدّ من مصالحات تاريخية وإلا فنحن سائرون ...
- الاستخدام السياسي للدين
- لماذا يُستهدف مسيحيو الشرق؟ Why are Christians in the East t ...
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (الحلقة الر ...
- -الإسلاموية- و-العلمانوية-
- صلاح عمر العلي تراويح المراجعة وامتحانات اليقين ( الحلقة الخ ...
- العرقية ومرادفاتها في عالم اليوم
- على هامش الحوار بين القومية والأممية


المزيد.....




- قديروف يعلن مشاركة قوات شيشانية في تحرير منطقة -أغورتسوفو- ف ...
- مصر تستعد لإحداث نقلة تاريخية في مجال القضاء
- الخارجية الروسية: الدول الإفريقية تنظر إلينا كضامن للأمن ونح ...
- رئيس الوزراء اليوناني يصل تركيا لدفع -مبادرة الصداقة- بين ال ...
- -الشتاء الديموغرافي- قادم.. متى سيبدأ عدد سكان الأرض في الان ...
- من هو زعيم طائفة البهرة الذي افتتح مسجد السيدة زينب مع السيس ...
- تكريم بطل ليبيا السابق للشطرنج جلال شاهين في اسكتلندا
- حكومة كويتية جديدة بعد حل الأمير مشعل الأحمد الصباح لمجلس ال ...
- قيس سعيد.. الرئيس التونسي يبكي بعد تغطية العلم التونسي بخرقة ...
- -بمجرد دخولنا على المصابين والأطباء ترتفع معنوياتهم- - أطباء ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لغز -أوراسيا-