أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجبار الحمدي - قصة قصيرة بعنوان /صندوق حكايا














المزيد.....

قصة قصيرة بعنوان /صندوق حكايا


عبد الجبار الحمدي

الحوار المتمدن-العدد: 7876 - 2024 / 2 / 3 - 18:19
المحور: الادب والفن
    


صندوق حكايا
كان لوالدي، حمله طويلا في عجاف سنينه التي رامته حزن متجدد، لم يشرع قط في تغيير حرفته رغم كثرة مآسي حكايا الصندوق... الصندوق الاسود، هكذا كان يطلق عليه حينما سألته فقال:
اسمع يا بني هذا الصندوق فيه اسرار لو تفشت لربما احدثت كارثة.. لم اصبر فقلت على عجالة لكنه صندوق حكايا للأطفال.. اشار لي باصبعه ان اصمت ففعلت فأتم كلامه.. الجميع يعتقد ذلك وربما صدقوا ذلك لكن لكل حكايا مرام وسر خلفها.. فالاطفال يرون ما يسرهم ويضحكهم، والكبار يرون ما يخيفهم و يرعبهم.. ان هذا الصندوق عالم اسود كما هو صندوق الطائرات صعب كسره ولو كان الضغط او النار عليه بشكل كارثي.. ساقص عليك حكاية قصيرة، خذ ما تفهمه عنها، لعلك تصل الى المغزى منها..
ذات مرة وانا اقف على زاوية شارع يكاد يكون فرعيا على ناصية بقايا رصيف مناديا بدرهم استمتع بحكاية.. العبرة فيها والحكمة منها، اكتشف اسرار الكون الآخر
فجأة توقف سيدة جاوز عمرها الأربعين منه غير انها مكتنزة الجسم، مفاتنها بارزة، جميلة بطلاء الوجه.. توقفت لبرهة دون ان توجه لي اي كلمة، لكنها كسرت صمتها وقالت:
- اي عالم تقصد؟ و اي سر يمكن لصندوق حكاياك ان يفشي للعامة من الناس؟
- عفوا سيدتي إنه صدوق ملئ بقصص وحكايا كل ما عليك هو ان تضغطي احد تلك الازار الملونة فتشاهدي ان لكل زر حكاية وقصة يرويها صوت مخدوش متحشرج من كثرة إعادته لقصها.. فلا علم لي ما هي الحكايا التي ترغبين في سماعها ومشاهدة بعض صورها؟..
- يبدو ان لديك فراسة حتى تلقي باللوم على صوت لا صاحب له و صورة ربما أضاعت ألوانها، تغيرت معالمها مثل الراوي
- لا أخفيك القول هي كذلك، صارت الصور باهتة وقد عاصرت عقود بعضها يركب بعض دون وجه حق، حتى ولاداتها اكثرها جاءت من بيوتات دعارة وزنا محرم، وتلك لها حكايا في الصندوق بعنوان أبناء الملاجئ لقطاء ارصفة وشوارع
- افهم ما ترمي به.. أظنك تعنيني، لعل مظهري يبديك قولك هذا، لكن صدقني ما كنت ابيع جسدي لولا حاجتي إطعام أفواه عائلتي الكبيرة فأخوة لي كانوا ثلاثة جميعهم متزوجين... كنت الفتاة المدللة بينهم مع والدي حين كنت صغيرة، كبرت وهم تزوجوا ومن ثم انجبوا اطفالا كثر... حالتنا جيدة مقارنة بما حولنا من مآسي في مجتمع وبيئة نتانة سادتها واصحاب السلطة كانت رائجة، حتى جاء هادم اللذات إن صح التعبير معه قذيفة اسقطها بيد احد زبانيته الجدد المتأرجحين على احد تلك الولاءات فقتلت جميع خوتي و والدي و امي... لم يبقى سواي والاطفال هم سبعة، حرت بهم طويلا، مَلّ اقرباء لنا منا، دفعوا بي الى الشارع لأتسول، اغتصبوا بيتنا الصغير، رموا بي الى غرفة صغيرة كالقبر مع ابناء اخوتي... مللت التسول فعالمه بغيض والعبودية فيه اصعب من عبودية الحبشي بلال في بداية اسلامه، رجال متخفين يركبون الفاره من السيارات، يلبسون الوفير والفاخر من الثياب، يستعبدوننا، يحسبون انفاسنا إن لم نفعل ما يقولون... حتى يوم هربت الى غير رجعة، فترة كنت اشعر ان الموت يتربص بي فهم كقابض الارواح حتى زلقت رجلي الى امرأة رأفت في حالي واخذتني وابناء اخوتي في ليلة مظلمة الى مكان شعرنا فيه بالرفاهية و النظافة.. اطعمتنا افضل أكل والبستنا اجمل الثياب، هكذا بقيت و إياهم لفترة حتى ظهرت مخالب الاختيار إما...و إما فكنت مطواعة لا خيار لي إما ان تبيع اولاد اخوتي قطع غيار و انا مثلهم او انساق لرأيها.. ففعلت، هل هذه الحكاية لديك شبيهها في صندوقك الاسود.. اكثر من عشرين سنة وأنا أنام على اسرة مختلفة و احيانا كثيرة في زوايا أزقة افرع شوارع.. ومرات في غرف فنادق... لا يمكنني ان أحصي عددها لكن يمكنك ان تحزر فانت كما يبدو لي خبير بحكايا مثل حكايتي أليس كذلك؟؟
- لا ادري بماذا اجيبك؟ لكن لدي الكثير مثل حكايتك فغالبا ما يشاهدها و يستمع لها من دفعت به الحال لأن يكون احد القوادين الذي يتبختبر بمهنته و الحاشية التي تسير على ظله في زمن رجال الظل في قباب سلطة.
- حسنا إذن أسألك ان تضيف حكايتي الى صندوقك الاسود واعني هنا صدرك فبالتأكيد لديه أسرار حكايا تفوق صندوقك الخشبي... الى اللقاء
هذه يا بني حكاية من حكايا الصندوق، سأعهد به إليك حتى تكمل رسالتي في طرح اللامتغيرات في زمن التغيير الكاذب.. واوصيك ان تورثه ابنك من بعدك إن كان لك حظ في ارتباط غير معنون.

القاص والكاتب
عبد الجبار الحمدي



#عبد_الجبار_الحمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة بعنوان/ حوارات ارباب العصر
- مجسات هلامية / قصة قصيرة
- السبدة / قصة قصيرة
- دراسة نقدية ذرائعية مستقطعة
- أنامل وقحة/ قصة قصيرة
- تلك حكايتي/ قصة قصيرة
- المتسكع/ قصة قصيرة
- قصة قصيرة بعنوان لونلي بيرل ج2
- قصة قصيرة بعنوان/ بيرل الفصل الاول
- ظل العزلة/ قصة قصيرة
- قصة قصيرة بعنوان فزاعة القرن الواحد والعشرين


المزيد.....




- -مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي ...
- أوسكار فخري ينتظر منتجي سلسلة أفلام جيمس بوند
- -مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي ...
- الرحالة المسلم الذي تفوق على -ماركو بولو- وروى الأعاجيب عن ا ...
- فيلم -كبش فداء-.. تكريم لأصحاب مهنة توشك على الاندثار وتجربة ...
- إغناسيو ألفاريز أوسوريو: الحرب على غزة صراع استعماري وإسرائي ...
- بعد صفعه أحد المعجبين.. -الضحية- يطالب الفنان عمرو دياب بتعو ...
- بالفيديو.. نشطاء حقوق الحيوان يلصقون شخصية من فيلم كرتوني بر ...
- -ثقافة جنسية شاملة-.. مهندسون في -سبيس أكس- يقاضون ماسك
- فتح معبر رأس جدير بين ليبيا وتونس للحالات الإنسانية اعتبارا ...


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجبار الحمدي - قصة قصيرة بعنوان /صندوق حكايا