أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز باكوش - مدينة لا تمسح أحذيتها














المزيد.....

مدينة لا تمسح أحذيتها


عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)


الحوار المتمدن-العدد: 7873 - 2024 / 1 / 31 - 22:48
المحور: الادب والفن
    


فجأة، خطرت ببالي فكرة تلميع حذائي الصحي رأفة بمظهره الباهت. فقمت على الفور بجولة خفيفة انطلاقا من صيدلية باب الزيتونة. كان مزاجي معتدلا والوقت ما بعد ظهيرة خريف جاف لا تجود سماؤه بقطرة مطر. حين توغلت في سويقة الخضر العشوائية لعنت الفوضى التي تعرشت على ضفاف ثانوية سيدي عزوز العريقة. سقيفات عشوائية تعبث بها الرياح فوق عربات بيع الخضر والفواكه. متآكلة صممت على عجل كي تضيع كي تكون مآوى مهجورة كأصحابها. وصببت جام غضبي على شرذمة من منتخبي الزمن السياسي الضائع. وسرعان ما انزلقت مثل سمكة مخولة في مصب بارد. ولما وقفت أمام مفترق الطريق المفضي لقبة السوق المشور، القلب النابض للحاضرة العليا استحضرت زمن الطفولة والتجارة والحنين إذ منذ عقود والمدينة تشكو لله بؤسها ونكبتها في عينة متناسلة من منتخبين وصوليين انتهازيين. استولوا على أجمل البقع. واحتكروا أصوات البسطاء في أسواق الذمم عقب كل استحقاق .

الآن، أعبر نحو زنقة الجزارين ثم الطرافين التي لم تعد كذلك، كانت عيناي طائشتين مثل بندقية محشوة في انتظار ماسح أحذية على شكل فريسة. لأن المسعى في حد ذاته مجرد تقديم مساعدة، وليس لأناقة المظهر!!
يا إلاهي! مدينة بئيسة بدون أفق ولا انتظارات. حاضرة ماضيها أفضل من خاضرها بسنوات ضوئية. مدينة تكدس الإسمنت وتتسلح بانجرافاته. إذ في الوقت الذي تزدحم في أبوابها العاهات وتتكدس على مداخلها مظاهر البؤس وتلتمع في الأفق القريب علامات الشلل الاجتماعي ضدا على النماذج التنموية، لا يمكن فيه العثور على ملمعي أحذية على الجنبات! رغم أنها مهنة من لا مهنة له كما هي عنوان تخلف تنموي بلا مقدمات. واصلت السير مقذوفا عبر المماشي الزاحمة بالأنفاس والعطور والزفرات حتى أشرفت على ساحة باب أحراش. وأنا على يقين أن حذائي الشاحب الذي فقد نظارته سيغدو بعد حين في حلة أبهى وسيستعيد بعضا من جمال المظهر بعد دقائق.
لكن المكان الذي كان مخصصا لملمعي الأحذية، تلك الزمرة من صعاليك المجتمع. المركونين على الدوام بجانب المقهى العالية، التي أغلقت أبوابها جراء إفلاس متوقع كان فارغا، إلا من بضع طاولات لمقهى زائغة تكاد تستولي على الشارع العام كلية.
مسحت الفضاء بعينين باردتين وفم متيبس باحثا عن هدف ما، سألت عن كهل كان هنا وأثر هناك. عن رجل أكتع كان ملمع أحذية مألوف ومحترف فأخبرني أحدهم أنه توفي إلى رحمة الله. أما الشاب الذي التحق مؤخراً بالحرفة، فهو مكتئب، وقد كسر صندوق التلميع على رأس أحد زبنائه بعد أن لعبت البوفا بعقله.
فيما الشيخ الثالث يضيف المصدر ذاته فقد غير حرفته من ماسح إلى كسيح، بعد ان اختار التسول مهنة وارتكن بباب مسجد بعد ابتكار عاهة.
مدينتي باتت دون ملمعي أحذية إذن! لكن تازة ازدهرت بفئة أخرى من ماسحي الكابات ولاعقي المال العام، وملمعي الصفقات والاختلاسات وتناسل العشوائيات والتعاطي مع الشأن الاجتماعي بعاهات تدبيرية مستدامة!!
:



#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة والقراءة في عصر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
- مكاشفات
- شارع بوشكين
- يزيد فنان مغربي كندي يمس قلوب الناس بلغات العالم
- إجادة فن الاتصال والمعرفة المتخصصة عند أنتوني روبينز
- مغاربة كندا يتعدون 100 ألف
- رواية المسافرون الإنجليز -كشف إنساني عميق لأزمة أخلاقية مروع ...
- هناك 5 مليون عربي مقيمين في كندا الآن ، يشكلون نسبة 12.58% م ...
- رواية برلين 69 لصنع الله إبراهيم أو توثيق تاريخي لذبذبات مجت ...
- بعد واقعة البق والبرغوث بفرنسا، مؤثرون مغاربة على السوشل ميد ...
- سينما الإسلام نمطية اجترار وبرمجة مكرورة
- زلزال الحوز يكشف بؤرة خطيرة لانتحال الصفات
- جهة فاس مكناس تستقبل مليون من التلامذة على منوغرافية تعادل د ...
- قبعاتي
- السينما الكتاب والجريدة ضحايا الهجمة الشرسة للعولمة !
- محمد مزيوقا في أحدث رواياته -
- قراءة عاشقة في كتاب الصحفي المصري أيمن عبد العزيز - المغرب م ...
- غراميات سطوح ومغربات البيت العتيق في رواية -أوراق من شجرة ال ...
- قراءة في ديوان -كلام وكلام - للزجال المغربي سليمان مستعد
- سمارتفون شبابي للسينما التربوية


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز باكوش - مدينة لا تمسح أحذيتها