|
حركة مكشوفة في التوقيت والمكان
كاظم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1745 - 2006 / 11 / 25 - 11:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جاء أغتيال وزير الصناعة اللبناني بيار الجُميل ، ليؤكد يد العون الدموية الممدودة والمخفية لقوى الرابع عشر من اذار ، وبشكل خاص لأطرافٍ بعينها داخل هذا التجمع . ولا يفوت على الكثيرين طبيعة هذا العون ومن يقف وراءه من دوائر المخابرات الدولية ، والتي اصبحت لها مكاتب رسمية وتحت يافطاتٍ دبلوماسية ، تمارس من خلالها نشاطاتها المختلفة ، لقد جاء هذا الأغتيال السياسي لشاب وسياسي لبناني ابن عائلةٍ عريقة ، ليعزز فكرة الأزمة التي وجد نفسه فيها فريق (الاغلبية) ، بعد نتائج وتداعيات الحرب العدوانية الاخيرة على لبنان ، وبشكل خاص بعد ان دخلت الحالة السياسية اللبنانية في صراع مكشوف ، بين القوى الوطنية المعارضة وبين هذا الفريق حول شكل السلطة وصيغتها ، وبعد ان ُرفع الغطاء عنها بأستقالة وزراء حزب الله وحركة امل. لقد ادرك هذا الفريق الحاكم والمسيطر على الحكومة والداعمين له ، بأنه في مأزق حقيقي ، يطال شرعيته الدستورية والتوافقية ، وان هذا المأزق له استحقاقاته السياسية ، التي يجب ان تدفع ، خاصة وان المطالبة بأستقالة الحكومة واجراء الانتخابات المبكرة ، صارمطلبآ وطنيآ ، بعد ان فشلت المشاورات بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، وبعد ان اصبح النزول الى الشارع لفرض مطالب المعارضة مسألةً مفروغ منها .
لذلك ، ولتعطيل خطط المعارضة الوطنية واندفاعها ، ومد حبل الأنقاذ للفريق الحاكم ، لابد من (حدثٍ جلل) تهتز له اركان الحياة السياسية ، ويحفز جذوة المشاعر العاطفية ، ويعمل على خلط الاوراق من جديد ، ليتكرر المشهد السياسي بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، حيث تذبح الضحية السياسية ، والمُختارة بدقة ، والمحسوبة نتائج اغتيالها وتأثيراتها وفعلها على المدى الوطني والطائفي ، ولتتكرر صياغة المشهد العاطفي والسياسي ، وترفع الستارعن الممثلين الرئيسيين من اقطاب الفريق الحاكم ، لتبدأ عملية الابتزاز والمتاجرة بدم الضحية . فتكون الُتهم جاهزة لسورية ، بانها من يقف وراء الاغتيال ، ويكون اللوم والتعنيف من حصة المعارضة الوطنية ، بسبب رفضها المحكمة الدولية ، ومحاولتها اسقاط حكومتهم .
وبعيدآ عن تفصيلات عملية الأغتيال ، والتي تؤشر الى العديد من علامات الاستفهام ، فأن قراءة الاحداث والتطورات الداخلية اللبنانية والاقليمية ، تستبعد التورط السوري ، وتقرب المتضرر الرئيسي من هذه المتغيرات ، وهم اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية ، والتي اصبح حلفاءها من الفريق الحاكم في وضعٍ لايحسدون عليه ، واصبحت المطالب بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية او الانتخابات المبكرة ، بمثابة الخسارة التكتيكية للتطلعات الغربية والامريكية بترتيب البيت اللبناني داخليآ ، والذي سيسمح بدوره بالهيمنة الامريكية على القرار السياسي اللبناني ، وتحويل قوة اليونيفيل الى اداة فعلية لخلق التوازن الداخلي ، ولما له من تأثير اقليمي بعد ذلك . لذلك فأن مدبري عملية الأغتيال السياسي هذه ، استهدفوا بشكل واضح قلب الطاولة ، وتغيير مسار الاحداث واتجاه الخطاب ، وخلق مناخ سياسي ، يهيئ لقوى الرابع عشر من اذار مستلزمات الهجوم العكسي ، لأجبار قوى المعارضة على تقديم التنازلات وتجاوز المطالب الوطنية الاساسية ، والتأثير على القوى المسيحية الاخرى لعزل حزب الله وحركة امل . وعليه كانت دعواتهم الأمرية والأنفعالية بأستقالة رئيس الجمهورية ، ومطالبة بعض اقطابهم للرئيس نبيه بري بالدعوى لعقد مجلس النواب لأقرار مشروع المحكمة الدولية الذي اقره مجلس الامن . من الصحيح القول ان عملية الاغتيال لبيير الجميل يوم الثلاثاء 21/11 ، قد اربكت وعطلت لحين ، تحرك المعارضة الوطنية بالنزول الى الشارع ، لكنها لم تُضعف او تلغي طبيعة الخلافات وجذورها السياسية ، وافاق تصعيدها ، والتي يريدها البعض من اقطاب الفريق الحاكم ، تدويلآ للأزمة او المساومة على الأسقاط المتبادل للحكومة ورئاسة الجمهورية ، خاصة وان امرار نظام المحكمة الدولية مرتبط بأحترام الاليات الدستورية اللبنانية ، بأقراره من البرلمان اللبناني وبتوقيع رئيس الجمهورية عليه ليكون ساريآ ، حسب ما نص عليه قرار مجلس الامن الدولي . ومن هنا فأن الفريق الحاكم بحاجة الى تمرير دستوري وتوافقي لهذا النظام ، الذي سيجبر قوى الحكم للعودة للحوار، وهذا ما اشارت اليه كلمة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة يوم 23/11 بدعوته لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لتفعيل الحوار والتشاور . ورغم ان حزب الله وقوى المعارضة الوطنية لم تغلق باب الحوار والنقاش حول مطالبها ، فأنها اكدت هذا التوجه حتى بعد عملية الاغتيال التي جرت ، عارضةً مطالبها ومتجاوزةً الاصوات العالية للفريق الحاكم ، وداعمةً لخياراتها في التحرك القريب ، والذي يعني انها ماضية في اسقاط هذه الحكومة او تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، وهذا ما يجعل خيار الحوار ممرآ اجباريآ لقوى الحكم ، التي تحاول الاستفادة وابتزاز المعارضة بما حدث ، وبنفس الوقت تحاول تجيير زخم الدعم الامريكي والفرنسي لصالح اجندتها التفاوضية مع فريق المعارضة الوطنية . فأن كانت طبيعة هذا الاغتيال السياسي لبيير الجميل مكشوفة المرامي والاهداف ، فأن محاولات تجييرها لصالح فريق الحكم او بعض اطراف الرابع عشر من اذار، محدودة الأفق ، في ظل متغيرات تفرض نفسها على الساحة الاقليمية ، معززةً امكانيات قوى الممانعة والمقاومة من الاتساع بحجمها الوطني وتأثيرها السياسي ، ومنعشة الامل بالخيارات الوطنية الاصيلة .
#كاظم_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهمة التحرير والبديل الوطني العراقي
-
المتغيرات واستراتيجية حزب الله
-
هل حملت زيارة رايس أي معاني استراتيجية ؟
-
القرارات الدولية وهستيريا العبث الأمريكي
-
فاشية المسلمين ! أم فاشية رأس المال الأمبريالي
-
معالم ما بعد قرار مجلس الأمن المنتظر
-
معالم ما بعد قرارمجلس الأمن المنتظر
-
قراءة في متغيرات التكتيك الأمريكي وفرص نجاحه
-
ضربة الردع المحدودة
-
التوقيت الأمريكي لغياب الزرقاوي !
-
الديمقراطيات الوطنية خيار اصيل لمجتمعات الشقاء
-
حكومة دائمة لعراق مؤقت وموقوت
-
المنتفضون ! ليس السُنة من يحابيهم زلماي خليل زادة !
-
الحالة العراقية بين الواقع والطموح
-
العراق الى اين ؟ سمات المشهد العراقي
-
وانقلب السحر على الساحر
-
المواجهة المؤجلة ومصير المشروع الامريكي
-
مشروع ليبرالي عالمي ام ديمقراطية وطنية
-
الترشيد الامريكي لتداعيات الانتخابات العراقية
-
الليبرالية المسخ
المزيد.....
-
تُعتَبَر هذه البحيرة الضخمة في إسبانيا إنسانًا وفقًا للقانون
...
-
-لا نريد أن نعيش نكبة أخرى-.. شاهد ما قاله رياض منصور عن إخر
...
-
هل تؤدي عمليات تجميل الوجه إلى الإصابة بالإيدز؟
-
منحته 3 آلاف جنيه إسترليني.. بريطانيا ترحل طالب لجوء إلى روا
...
-
شرطة نيويورك تداهم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب
-
تقارير: إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة من أجل اتفاق غزة
...
-
بيان صادر عن المنبر العمالي العربي المناهض للإمبريالية والصه
...
-
طريقة علمية لتجنب الكآبة
-
-كلاشينكوف- تكشف عن درونات جديدة بمواصفات مميزة
-
قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|