أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - لماذا ألصقت التوراة الخطيئة بالمرأة؟!















المزيد.....

لماذا ألصقت التوراة الخطيئة بالمرأة؟!


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7852 - 2024 / 1 / 10 - 11:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لماذا ألصقت التوراة الخطيئة بالمرأة ؟!

عُثِر في سوريا عام 1929 على لوحين من الطين، مدونة عليهما كتابة باللغة الأوغاريتية ويعودان إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. في سبعينيات القرن الفارط، درس مضمون اللوحين كُلٌّ من الدكتورة مارغو كوريل ويوهانس دي مور الأستاذ الفخري في جامعة اللاهوت البروتستانتية في أمستردام، وتوصلا إلى أنه أسطورة كنعانية حول خلق أول رجل وامرأة، ووضعا كتابًا بهذا الخصوص عنوانه:"آدم، حواء، الشيطان...بداية جديدة).
خلاصة الأسطورة، أن (إيل) كبير الآلهة الكنعانية عاش على سفح جبل أرارات مع زوجته (عشيرا)، في حقل كروم كبير تتوسطه شجرة الحياة. وتشير الأسطورة إلى الإله (حورون) إله الشمس، الذي لا علاقة له بالخصب والحياة، كما الإله إيل وزوجته عشيرا. يتردد الإله حورون بين العالم الأعلى كأحد أشكال الحرارة والشمس، والعالم الأسفل كإله للموتى والجحيم. وبذلك، فهو يشبه الإله (نرجال) إله الموت، الذي يتماهى مع كونه الشيطان. يدخل الإله نرجال إلى حقل كروم إيل أو فردوسه الكرمي ويحاول إزاحته، ثم تحويل شجرة الحياة إلى شجرة الموت بعد تسلقها كثعبان. الإله إيل، بدوره "ليس نائمًا على اودانه" بلهجة أشقائنا المصريين، يدرك خطة حورون، فيقبض عليه ويرميه من أعلى الجبل وفردوسه إلى الأسفل، فلم يلبث حورون أن تحول إلى شيطان شرير يعبث بالأرض. لم يكتفِ إيل بذلك، بل أرسل الإله (آدم) كي يضع حدًّا لحورون، لكن الأخير يتحول إلى ثعبان ضخم يلدغ آدم ويسممه. تبادر الإلهة (شناس)، إلهة الشمس الكنعانية، التي كانت تعالج سم لدغات الثعابين، بصنع إمرأة من طين طيب اسمها (حواء)، أي السيدة التي تحيي، وترسلها إلى المسموم آدم الذي فقد الخلود. حاولت حواء أن تحيي آدم ولو لزمن، ويبدو أنها نجحت بذلك، لكي يتصل بها جنسيًّا فتحمل منه وتلد وبذلك تحافظ على نسله بعد فقدانه الخلود. على هذا النحو، فَقَدَ آدم وحواء الخلود الإلهي، فاستبدلا به الخلود عبر التكاثر.
يلاحظ هنا أن آدم لا يفقد الخلود ويسقط على الأرض بسبب الخطيئة، بل لأنه حاول إنقاذ العالم من شرور "الشيطان حورون". أما حواء، فتظهر في الأسطورة، كمخلوقة شمسية تنقذ آدم الفاقد للخلود عن طريق التناسل. يؤكد البروفيسور خزعل الماجدي، في مؤلفه "أنبياء سومريون" تشابه هذه الحكاية "مع شذرات من الكتب العبرية المنتحلة (أبو كريفا) والخفية (سيدوبايغريفا) ومخطوطات البحر الميت".
لربما لحظ قارئنا معنى اسم المرأة التي صنعتها إلهة الشمس الكنعانية شناس من طين "حواء"، أي السيدة التي تحيي. يكاد هذا المعنى يتطابق مع نظيره في العبرية، حيث يعني اسم حواء (التي منها كل حي). ويبدو المعنيان كأنهما ترجمة حرفية لمعنى الإلهة السومرية (ننتي)، سيدة الحياة وسيدة الضلع. ويعني اسمها بالسومرية (السيدة التي تحيي)، أما المقطع الثاني من اسمها (تي) فيحيل إلى (الضلع). هذا الترادف، كما يرى صموئيل نوح كريم (الضلع مع الحياة)، "أوحى لكتبة التوراة صياغة أسطورة خلق حواء من ضلع آدم" (أنبياء سومريون: ص 171).
وقد يكون تغليف خلق المرأة من ضلع آدم الأساس الأول المغلف برداء المقدس في التاريخ الإنساني، للانتقاص من شأنها وتأكيد هامشيتها مقارنة بالرجل وتبعيتها له. وسيكون يسيرًا بعد ذلك التأسيس لتبرير وضعية متدنية للمرأة، ووصمها بنقص العقل ودمغها بالخطيئة. على هذه الأرضية، لطالما شطح الخيال الذكوري مسنودًا بخبط رجال الدين وتخليط المفسرين في اجتراح مسوغات دونية المرأة.
في سفر التكوين التوراتي، يوصي الإله (يهوه) آدم بعدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشر، لأنه إذا فعل فسيموت. في الوقت ذاته، يبدو يهوه مهتمًّا بآدم، فيفكر بخلق نظير له، كما فعل مع باقي المخلوقات. فقد أوجد نظيرًا لكل منها، ولا يعقل استثناء آدم من هذه القاعدة. وعليه، وكما نقرأ في سفر التكوين:"أوقع الرب الإله سباتًا على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم. فقال آدم هذه الان عظم من عظامي(لاحظ ياء النسبة بكل ما ترمز اليه من استتباع) ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة (لا تُذكر حواء بالإسم) لأنها من امرء أُخذت. لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأة ويكونان جسدًا واحدًا".
لكن المرأة المخلوقة من ضلع آدم سرعان ما تقع في خطيئة، سيطردان معًا بسببها من الفردوس. تقول التوراة إن الحية، التي تصفها بانها "أحيل حيوانات البرية" سألت المرأة:"أحقًّا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟". فترد المرأة:"من ثمر الجنة نأكل وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا". فقالت الحية للمرأة:"لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر. فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضًا معها فأكل". ولنا أن نلحظ الربط بين المرأة والحية، لجهة تحميلهما مسؤولية إغواء آدم، ليرتكب معصية الأكل من ثمر الشجرة المحرمة التي بسببها أُخرِجَ البشر كلهم من الجنة إلى جحيم الأرض. وفق سفر التكوين، يسأل الرب آدم: "هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها، فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت". المرأة بدورها، سألها الرب: "ماذا فعلت، فقالت: الحية غَرّتني فأكلت". وليس يفوتنا الإشارة إلى فعل الجنس، حيث يدعو آدم زوجه لحاجته لكنها اشترطت عليه الأكل من ثمر الشجرة أولًا.
في السياق، تجدر الإشارة إلى أن الأفعى أو الحية في الميراث السومري تحمل صفة إيجابية مقدسة، "فقد رمزت للإلهة الأم وللإلهة العذراء، التي كانت تلقب ب(والدة أو امرأة الثعبان العظيم)"(أنبياء سومريون: ص، 140). والدليل الثاني الأفقع، أن البشرية ما تزال حتى اليوم تستخدم صورة ثعبانين يلتفان على عصا كرمز للطب والشفاء. هذا الرمز مستمد من التراث الحضاري السومري، ويعبر عن المعنى ذاته: الطب والشفاء. لكن التوراتيين والتقاليد الحاخامية شيطنوا عناصر فردوس عدن المرتبط بمدينة أريدو السومرية وكائناته بما فيها الحية، لاختراع صيغة توراتية لبداية الخليقة. وقد نسف العلم وكشوفاته العظيمة في مراحل تطور الإنسان بخاصة، هذه الصيغة من جذورها.
كما لم يترك العلم هذه الصيغة، من دون وضعها تحت مجهر البحث والتفسير، في جوهرها السسيوتاريخي الثقافي. فقد رسمت التوراة نظرات الحضارات القديمة للمرأة، على صعيد تبرير سيطرة الرجل عليها بشكل خاص. كان لا بد من استسلام المرأة لهذه السيطرة، بحيث تبدو كما لو أنها قدرٌ لا فكاك منه. وكان المدخل الأفعل لتحقيق ذلك، إلصاق الخطيئة بها لتشعر بالذنب دائمًا !



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السحر !
- الوصايا العشر...أية أصابع كتبتها؟!
- سؤال بحجم الوطن العربي
- فيها إنَّ !
- الراعي والرعية !
- الإحتجاج بالنص الديني دليل أزمة وجودية !
- لماذا انهزمت الجيوش وتصمد المقاومة؟!


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- فيديو خاص: نداء عاجل من طلاب موريتانيا إلى الأمة الإسلامية؟ ...
- خطة مدغشقر.. يوم قررت ألمانيا النازية ترحيل اليهود إلى مستعم ...
- بالفيديو.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تسهدف قاعدة -رام ...
- “ابسطي طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات وعرب س ...
- اجعل أطفالك يمرحون… اضبطها الآن || تردد قناة طيور الجنة الجد ...
- التردد الجديد.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2024 على عرب سات و ...
- السيد الحوثي:مكافحة الإرهاب مؤامرة الغرب لاحتلال الدول الإسل ...
- غضب إسرائيلي ويهودي بسبب شعار في متحف بمدريد
- الجماعة الإسلامية في لبنان.. من جماعة إغاثية إلى حركة مقاومة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - لماذا ألصقت التوراة الخطيئة بالمرأة؟!