أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالرحمن مطر - غزّة: التطبيع العربي والتضامن العالمي!















المزيد.....

غزّة: التطبيع العربي والتضامن العالمي!


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 7851 - 2024 / 1 / 9 - 08:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


تساؤلٌ مهم، يطرح نفسه في سياق الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزّة اليوم، يتمحور حول ما إذا كان التطبيع العربي من العوامل التي تمكّن الكيان الإسرائيلي من الاستمرار في انتهاك القوانين الدولية، والإفلات من المحاسبة والعقاب على جرائمها. وفي أن التطبيع لم يسهم في لجم، أو في وقف، جرائم الحرب ضد الفلسطينيين، أو في التخفيف من معاناة المدنيين في غزّة أو في الضفة الغربية، وتمكينهم من إدارة شؤونهم بالحدّ الأدنى من الاستقلالية.

الإجابة أن التطبيع الرسمي العربي يأتي بمثابة مكافأة لإسرائيل على جميع سياساتها، ويمنحها جانباً من القدرة على القيام بما تريد، والتنصّل من أيّ تبعاتٍ قانونية. ويمكن القول إن العدوان على غزّة هو حصاد مهم لعملية التطبيع، وليس ممكناً لإسرائيل أن تواصل حربها الانتقامية، من دون تفهّم واضح، يصل إلى درجة التأييد، والمشاركة من الحكومات المطبّعة معها، بصورة أو بأخرى.

شهدت السنوات الثلاث الأخيرة تطوراً لافتاً في عملية التطبيع، بشكلٍ لم يحدُث أن وصلت فيه العلاقات مع "إسرائيل" إلى هذه الدرجة من الوضوح والانفتاح، منذ اتفاقيات كامب ديفيد إلى وادي عربة، ومسار أوسلو لاحقاً، والتي كان من المفترض أن تؤدّي فعلياً إلى قبول تدريجي لإسرائيل في المنطقة. لكن الأخيرة، سرعان ما تمكّنت من القفز إلى أحضان الأنظمة العربية، التي بادر بعضها بالاتصال بإسرائيل، والبدء بمساراتٍ مختلفة من العلاقات الثنائية، على الرغم من تنامي (وصعود) التيار اليميني الأشد إعراضاً عن حقوق الفلسطينيين، وانتهاكاً لها.
وخلال أربعة أشهر فقط، تجرّأت أربع دول عربية على إقامة علاقات مع تل أبيب: الإمارات/ أغسطس، البحرين/ سبتمبر، السودان/ أكتوبر، المغرب/ ديسمبر 2020. فيما تعثرت مفاوضات التطبيع، في اللحظة الأخيرة بين الرياض وتل أبيب، قبيل الإعلان عنها، وجميعها يندرج تحت يافطة دفع عملية السلام، وتمكين الفلسطينيين من حقوقهم!

وفي الواقع، تبدو مجموعة التطبيع العربي التي تسمّي نفسها "دول اعتدال" منسجمة تماماً مع السياسات الإسرائيلية، وفي الحدّ الأدنى، أنها تتفهّم ظروفها ومعطياتها، وتتبادل معها المواقف التكاملية، سوى التنسيق الأمني والسياسي الذي لا يظهر مباشرة على السطح، لكنه موجود وقائم بمستوياتٍ عالية في العمق. وتتبدّى مظاهرها في طبيعة الممارسات والسلوكيات (السياسات والمواقف) التي اتّخذتها تلك الحكومات حيال العدوان على غزّة. أستطيع التدليل على ذلك بالمشاركة في حصار غزّة، عبر معبر رفح، وفي العزل السياسي لحركة حماس، وفي الاتصالات التي جرت مع قادة إسرائيل، وإدانتها عملية طوفان الأقصى، وكذلك في اتفاقيات الجسر البرّي الذي يصل بين دبي وحيفا.
وفي الوقت الذي لم تعمل فيه على تفنيد الرواية الصهيونية، بما يكفي، فإنها تجنّبت ممارسة أي ضغط، من شأنه أن يدفع نحو وقف العدوان، ووقف إطلاق النار، بأي صورةٍ كانت. وباستثناء الأردن، (دانت البحرين والإمارات حركة حماس) لم تستدع حكوماتٌ عربيةٌ أخرى سفيرها في دولة الاحتلال، وهذا إجراءٌ دبلوماسي تتمثّل قيمتُه في الرسالة التي يمكن أن تصل إلى المجتمع الدولي، وبالتالي، يحثّ حكومات الدول المساندة لإسرائيل، على كبح تأييدها الإبادة الجماعية في غزّة، وجرائمها في الضفة الغربية.

كما أنها تحول/ تمنع أي حراك شعبي جماهيري، مساند للقضية الفلسطينية، في بلدانها. ولذلك، على الرغم من المقاطعة الشعبية الواسعة للتطبيع، وفشل مساراته، لم تخرُج مظاهراتٌ شعبيةٌ عربية مندّدة بالعدوان، لا في دول التطبيع، ولا في دول الممانعة، باستثناء الأردن، وذلك تبعاً لمعطياتٍ أخرى، تتصل بالعلاقة الأردنية - الفلسطينية، وحالة الأردن، والظروف الداخلية المتعلقة بها. يُضاف إلى ذلك موقفا الشارعين، العراقي والمغربي. وقد ظلت مظاهر التنديد بالعدوان دون الحد الأدنى من المستوى الواجب، وكانت خجولةً جداً بالقياس إلى حركة الاحتجاج العالمي.

يتمثل الوجه المشرق في التضامن العالمي الذي اتّسم بإحياء الدفاع عن القضية الفلسطينية، وتوسّع قاعدته الشعبية، خصوصا لدى الجيل الأخير، من الشباب العالمي، الذي يرفض الرواية الإسرائيلية، يعترض على سياسات حكوماته، ويؤكد على جذور المسألة الفلسطينية الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي، ويؤيد قيام الدولة الفلسطينية. وعلينا الإشارة إلى الحركة الطلابية الشجاعة في الولايات المتحدة، بصورة خاصة، وفي كندا وجامعات أخرى في العالم، وما يمكن أن تنتج عنها من تطوّرات سياسية وفكرية تؤثر على التبنّي الأعمى للرواية الصهيونية، على الرغم من حملات وإجراءات تعسّفية تطاول النشطاء المطالبين بوقف الحرب، والضغوط الهائلة التي تطاول المؤسّسات الأكاديمية والجامعات، بما يتعارض والحقّ في حرية التعبير.
مظاهر التضامن العالمي التي لم يَرْقَ إلى مستوياتها أيُ حراكٍ عربي نتلمس بعضاً منها في أورقة الأمم المتحدة: محكمة العدل الدولية تتلقى طلباً بإحالة الوضع في فلسطين إليها من جنوب أفريقيا وبنغلادش وبوليفيا، وأخيراً من مجموعة نواب أوروبيين. وليس من دولة عربية بينهم! فيما قطعت دول أخرى علاقاتها مع إسرائيل وطردت سفراءها، فيما دانت برلمانات وحكومات أخرى جرائم إسرائيل بوضوح، وتنوي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، على الرغم من ضياع بوصلة السلطة الفلسطينية ذاتها.
وثمة تحدٍّ واسع لمحاولة عديد المؤسّسات الإعلامية والجامعية والحكومات الغربية، اتهام نشطاء الحرية بمعاداة السامية، وتتّجه المواجهة نحو الحراك القانوني، الذي يأخذ مساراً مهمّاً في مقاضاة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وقادة المجتمع الدولي الذين يدعمون الحرب ضد غزة، أمام المحاكم الوطنية والدولية، ولعل هذا يعيد تأسيس الحركة الشعبية المناصرة للقضية الفلسطينية، في جوهرها، ويدفع بها إلى واجهة النضال العالمي.

أيّاً تكن ادعاءات الحكومات التي تنتهج التطبيع، فإن ذلك لم يخدم القضية الفلسطينية على الإطلاق، ولم يؤدّ إلى التزام إسرائيلي بعملية السلام، بل على العكس، تطوّرت وتعددت جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين، وأصبحت العلاقات مع كيان الاحتلال عارية تماماً سوى من العار الذي يجللها بجلاء ومن دون حياء.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتفاضة ضد الأسد وقسد
- زلزال تركيا – سوريا: تجاهل وعجز دولي في الشمال السوري
- سجينة طهران.. شجاعة الإنعتاق من الخوف
- قماش أسود: حكاية الروح المتعبة
- الناتو في الشمال السوري
- طاغية الشرّ المطلق: بوتين من سوريا الى أوكرانيا
- الثورة السورية: الخوف والحرية
- سعيد مطر، صحافي في ذاكرة الأصدقاء
- صفيرُ الحلم
- أدب السجون والنقد المفتقد
- عام على رحيل المناضل منصور أتاسي: القيمة والمكانة المفتقدة
- أدب السجون
- بيروت
- أنقرة وواشنطن وشرق الفرات
- منظومة إس 400 والملف السوري
- في الحاجة الى مؤسسات الثورة السورية
- سوريا والدور الاسرائيلي
- التغيير والطغمة العسكرية !
- إدلب: القيامة الدامية !
- المجتمع المدني وسلطة الاستبداد


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن ينتقد 4 دول إحداها حليف قوي لأمريك ...
- هل تنقذ البذور المقاومة للجفاف الزراعة في المغرب من التدهور؟ ...
- كيم دوتكوم: إن أرسل الناتو قوات إلى أوكرانيا فالحرب النووية ...
- -مراسلون بلا حدود-: اسرائيل قتلت 100 صحفي فلسطيني ومهنة الصح ...
- تفاصيل غرق -شيفيلد- البريطانية..
- -ترينيداد وتوباغو- تقرر الاعتراف رسميا بدولة فلسطين
- -نيويورك تايمز-: كلام بايدن الفظ حول -الدول الكارهة للأجانب- ...
- الجيش الإسرائيلي ينفذ غارات ليلية ويلقي قنابل على قرى جنوب ل ...
- مصرع 20 شخصا على الأقل جراء حادث حافلة في باكستان
- مصر.. أب يذبح طفلته ذات الـ3 أعوام


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالرحمن مطر - غزّة: التطبيع العربي والتضامن العالمي!