أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ندى أسامة ملكاني - السياسة كتدبير لشؤون المجتمع














المزيد.....

السياسة كتدبير لشؤون المجتمع


ندى أسامة ملكاني

الحوار المتمدن-العدد: 7840 - 2023 / 12 / 29 - 13:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعد السؤال عن سبب تأخر العرب وتخلفهم بمقابل تقدم الغرب وتطورهم سؤالا إشكاليا في الفكر السياسي ومجمل الأبحاث التي تناولت بالتحليل موضوع الحداثة ومكوناتها وإسقاطاتها على الواقع العربي، تعددت الإجابات عن هذا السؤال فمنهم من نظر إلى الاستعمار كسبب من أسباب التخلف، ومنهم من أرجع التخلف إلى أسباب اقتصادية، ومنهم من سلط الضوء على العامل الثقافي. وفي معرض الحديث والتحليل تأتي مشكلة الصراع بين التقليد والحداثة كمشكلة شغلت بال المفكرين والباحثين منذ أن تساءل العرب عن سبب تقدم الغرب وتخلف العرب.
رأى بعض المفكرين أن على العرب أن يسلكوا طريق الحداثة كما عرفها الغرب ليحرزوا التقدم، وفي ذلك قام العديد من النخب الثقافية والسياسية بإلقاء إصبع الاتهام على المجتمع بأنه عصي على التغيير بسبب ثقافته الموروثة، أي إدانة المجتمع باعتبار أنه يعاند أي تغيير إيجابي تقترحه النخب. أود هنا الإشارة أنه غاب عن ذهن البعض أن أي تغيير يفتقد إلى حوار مع المجتمع واعتباره ندا لا شيئا دونيا سيبقى يدور في فلك تنظير متعال لا علاقة له بحاجات الناس
هناك مشكلة بمفهوم السياسة بحد ذاته، تعددت تعاريف السياسة. لكن يمكن القول إنها لغة ارتبطت بفعل ساس يسوس باللغة العربية أي القيادةـ وفي اللغة الأجنبية فهي مشتقة من الكلمة الإغريقية POLIS أي الدولة أو المدينة. أما اصطلاحا تشير إلى رعاية الشؤون الداخلية والخارجية للدولة. وبما أنها تهدف إلى رعاية هذه الشؤون فهي تقود الجماعات البشرية إلى ما فيه خيرها ومصلحتها أي أن هناك مهارات معينة للقائمين على الشأن السياسي يجب أن تتوفر فيهم لتحقيق تلك الغايات. فالسياسة هي تدبير شؤون المجتمع وليست جملة أوامر ونواهي وانصياعات تملى على الناس، عندئذ يتضح الفرق بين الحكومة والدولة ويكون الولاء للدولة والانتماء إليها وتكون الحكومة وكيلة على الشؤون العامة، وتسهم في إضفاء الشرعية على الدولة لأنها بالأساس نتاج تفاعل إيجابي بين المجتمع والقائمين على إدارة شؤونه. ما يجعل التقيد بالقانون تقيدا طوعيا لا إكراهيا بل نابع عن شعور عميق بالانتماء إلى دولة.
لقد حققت نمور آسيا تقدما دون الالتزام بمقولة "الحداثة طريق التقدم" "الإسلام هو الحل" "لا تنمية دون ديمقراطية" ، منذ السبعينيات حتى تسعينيات القرن العشرين استطاعت هذه الدول أن تحرز نهوضا دون التقوقع بمقولات ثنائية انتقائية أو أن يرهقها الحديث عن التقليد والحداثة وذلك بفضل انتقال قامت به حكومات تعتبر أن السياسة إدارة المجتمع وتدبير شؤونه لا إنقاذه من نفسه ومن ثقافته الموروثة.
المجتمعات المتخلفة لا تحتاج إلى إنقاذها من نفسها ومن ثقافتها الموروثة بل إلى سياسة بمعنى تدبير شؤون المجتمع وليس لومه باستمرار من قبل النخب الثقافية والسياسية، بل إن بعض هذه النخب في المجتمعات العربية تحتقر مجتمعاتها وكأنها ليست منه فتفتر همة هذا المجتمع ويصبح فاقد الطاقة على الإنتاج والعطاء. إذ تعتبر هذه النخب أن المجتمع غير قادر على قبول الديمقراطية لأسباب دينية أو اجتماعية أو ثقافية، متناسيا أحيانا الحوار الذي يجعل من الديمقراطية نمط حياة وليس صندوق اقتراع وحسب...وأن النهوض ليس وصفة جاهزة بل نتاج اختبار عميق للموارد والواقع، وأننا إذا اعتبرنا المشكلة في التأخر ثقافية فإن ردم الهوة بين المجتمعات يغدو صعبا إن لم يكن مستحيلا فضلا عن اختلاف السياق، فالسياق هو نتاج تفاعل مجموعة من العوامل الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والذي يعطي لظاهرة ما معناها في إطار مجتمع معين وإذا ما نقلت تجربة مجتمع ما دون النظر عميقا بمفهوم السياق لن تكون تجربة ناجحة .. فالحداثة ليست سبيلا أحاديا للتقدم ...والثقافة ليست عائقا أمام الديمقراطية .....بل يجب أولا تحديد جملة عوامل متراكمة وليس عاملا واحدا يفسر سبب التأخر والعمل على حلها دون التوقف كثيرا عند سؤال الحداثة والتقليد على أهميته في تشريح ظاهرة التخلف...لكن يبقى لمفهوم السياسة كتدبير شؤون المجتمع باعتباره هدف وموضوع وغاية هو الأساس.
ومن ناحية أخرى، لا يغيب عن أذهاننا أن الدولة العربية تتنازعها ثلاث هويات هوية عربية هوية قطرية وهوية دينية فضلا عن هوية ليست واضحة المعالم في عصر العولمة وتقارب المسافات، ويبقى للسياسة كتدبير لشؤون المجتمع دور مهم في رسم معالم هوية جامعة في إطار الدولة العربية بحوارها مع المجتمع بحيث تكون الهوية بوتقة حاملة للانتماءات المتعددة، دون إلقاء اللوم على المجتمع بل بإشراكه بفاعلية. فبحسن إدارة المجتمع يترجم التعدد إلى تفاعل، لكن بالمقابل لا يتنصل المجتمع من مسؤوليته بإعلاء قيم العمل وثقافة الانتماء للوطن وحس المسؤولية. أما الغرق بالماضي وإضاعة لحظة الحاضر التي تنقل للمستقبل والبقاء في دائرة البحث عن الفرق بين التقليد والحداثة وعائق التقليد يجعل التغيير صعب المنال.



#ندى_أسامة_ملكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والليبرالية
- الديمقراطية والمجتمع المدني
- العلاقات الروسية الأمريكية....بين التعاون والمواجهة
- أصل التفاوت بين الناس
- قراءة في كتاب المجتمع المدني والدولة المدنية
- اقتباسات
- روح السياسة ل غوستاف لوبون
- الشعبوية ٢
- الشعبوية ١
- لمجتمع المدني: دراسة نقدية 2
- قراءة في كتاب المجتمع المدني : دراسة نقدية 1
- قراءة في كتاب غريزة الحرية 2
- قراءة في كتاب غريزة الحرية 1
- هل انتهى القرن الأمريكي 2: قراءة نقدية
- قراءة نقدية في كتاب القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة ال ...
- المجتمع المفتوح والثقافة المدنية
- قراءة في كتاب أفيون الشعوب
- العبثية 3
- قراءة في كتاب سيكولوجية الإنسان المقهور 2
- قراءة في كتاب سيكولوجية الإنسان المقهور1


المزيد.....




- -حبت تكون زي أي صبية تنتظر مولودها-.. الأميرة رجوة تثير تفاع ...
- النيران تلتهم شاحنة على طريق سريع والسائقة عالقة فيها.. كامي ...
- مسؤول: روسيا تستهدف البنية التحتية للطاقة في لفيف غرب أوكران ...
- أفضل مدن العالم لتناول الطعام في عام 2024.. بحسب مجلة تايم آ ...
- ردا على مقترح بايدن.. نتنياهو يؤكد: شروط إنهاء حرب غزة -لم ت ...
- تعرف على المرأتين اللتين تتنافسان على منصب الرئاسة في الانتخ ...
- مجلس الدوما ينظر في منع نشاط مؤسسة كلوني في روسيا
- بوتين يهنئ باشينيان بعيد ميلاده
- الخارجية اللبنانية ترحب بخطاب بايدن عن غزة: حان الوقت لانسحا ...
- تونس.. الحكم على قيادي في حركة النهضة متهم بـ-مقتل رجل أعمال ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ندى أسامة ملكاني - السياسة كتدبير لشؤون المجتمع