أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زهير شمشوب - من طوفان نوح إلى طوفان الأقصى... طوبا للراكبين














المزيد.....

من طوفان نوح إلى طوفان الأقصى... طوبا للراكبين


زهير شمشوب

الحوار المتمدن-العدد: 7830 - 2023 / 12 / 19 - 18:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد ذكر الله تعالى قصة سيدنا نوح مع قومه في أكثر من سورة، لكن السورة التي استأثرت بالنصيب الأكبر من هذه القصة هي سورة هود، بل إن السورة التي جاءت في القرآن باسم هذا النبي لم يأت فيها إلا الخبر عن مجهود نوح عليه السلام في دعوة قومه و شرحه آيات الله في الخلق ليومنوا له، لكن سورة هود ـ و هي التي جاءت على رأس لائحة السور التي شيبت رسول اله صلى الله عليه وسلم ـ فصلت في الأمر تفصيلا.
إن ما يقع اليوم في غزة لنذير عواقب، مهما توهم المتوهمون أنها خطيرة على المستقبل فإنها لن تكون أخطر مما سبق، و إني لأرى إنها ستكون فاتحة عهد جديد يعلن فيه نهاية الاستبداد الصهيوني و يفتح الباب لتصورات جديدة عن وضعية فلسطين، كل فلسطين، و معها وضعية الإسلام في الشرق الأوسط و العالم، إن تسمية المواجهة الأخيرة مع الاحتلال الصهيوني "بطوفان الأقصى"، ليحمل أكثر من دلالة على أن هذا الطوفان سيكون له نفس أثر الطوفان الذي حصل على عهد سيدنا نوح عليه السلام، و ستترتب عنه ـ رغم الجراح و المآسي و التضحيات ـ حياة جديدة في جغرافية جديدة و بيئة و مناخ جديدين، و فعلا إنه الطوفان الذي سينتهي بإغراق الظلم و الاحتلال و التعنت ولو بعد مرور مائة و ستة و عشرين سنة و هي المدة التي تفصلنا عن تاريخ أول مؤتمر صهيوني سنة 1897.
و ما المشككون و المرجفون في جدوى علميات المقاومة إلا صنفان صنف يمني النفس بالهزيمة ليبرر تخاذله و جبنه، و صنف انساق مع طروحات الاحتلال إثر مقارنة بئيسة و مغشوشة بين قوة المقاومة الفلسطينية و قوة سلطة الاحتلال و الصنفان معا؛ قليل الحيلة المتخاذل و المنافق المتآمر، إنما هما استمرار لجرثومة العصيان التي أصرت على الكفر بدعوة نوح عليه السلام و أبت أن تركب السفينة الناجية، و هي التي لا تجعل للإيمان بأقدار الله مكانا في حياتها.
و ما حال قوم نوح في مواجهتهم لنبيهم ببعيد عنا في هذا الحال؛ فقد جادل قومه بدعوة الحق و هم جادلوه بالباطل فلما أعجز دفوعاتهم و أظهر إصرارهم على الكفر، أرادوا المرور إلى مرحلة جديدة لما "قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين" الآية، و هي مرحلة ما بعد الجدال ظنا منهم أنهم يعجزونه بتوقيف سلاح الجدال عنده، و الدعوة إلى أن يسرع بما يدعي من العذاب، و لسان حالهم يعلم أن العذاب و الرحمة ليست بيد نوح بل بيد الله الذي يرفضون الإيمان به، و أمثال هؤلاء اليوم يقفون نفس الموقف من دعوات المقاومة التي أصبحت طروحاتها حول جدوى المقاومة من قبيل الضلال القديم.
فقد انطلقت المقاومة في صمت تعد العدة للمواجهة في صبر و تأن، و كأنها تصنع الفلك الذي سيركبه أهل الجهاد يوم الطوفان، فالاستعداد بالسلاح و العتاد مهما قل أو بدا بسيطا، لا يمكن أن يكون محط تبخيس أو استهزاء، لكن دعاة القعود و ضعفاء الإيمان كلما مروا على أهل المقاومة و هم يستعدون سخروا منهم، فكيف لمجموعة صغيرة من المجاهدين أن تحقق الانتصار على القوة التي لا تهزم ببنادق و صواريخ قصير المدى؟ و إلى متى يجدي الاختباء في الأنفاق؟ حتى إن الواحد من هؤلاء ليجتهد في توصيف صورته السوداء ليقنع الناس بالقعود عن النصرة، و ليعمم منطق السخرية من كل ثبات على مبدأ المقاومة "إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون" الآية، و لما جاءت ساعة الحسم و أذن الله أن يقضي أمرا كان مفعولا، فار تنور المقاومة مشتغلا، معلنا بزوغ نور صبح حي على الجهاد، و آن وقت نجاة من كتب له الله النجاة، و كان من ركاب سفينة المقاومة و النجاة، و من تخلف تخلف مع المغرقين، "قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين و أهلك إلا من سبق عليه القول و من آمن و ما آمن معه إلا قليل" الآية، و قضى ربه أن يكون ركاب السفينة أزواجا، و كذلك من آمن بالمقاومة رجالا و نساء، فالكل محكوم بالزوجية إلى الله الفرد الصمد، فكان أولئك أهل نوح أهل المقاومة و أهل النجاة، و من تخلف فقد كان من المغرقين، و قضت حكمة الله أن لا يومن لنوح إلا من قد آمن زمن العدة و الاستعداد و قد كانوا قليلا، فقد غلبت غشاوة الهزائم المتراكمة و انصراف الناس إلى الدنيا يعيشونها مرقعة، يكتفون فيها بالكفاف المفروض لا الكفاف المتولد عن زهد و تعفف، و عين الرضا الرمداء كيف لها أن تميز العيوب في وجود الآفتين، و إن نبهت إليها تنبيها و أخطرت بعواقبها إخطارا؟ "و لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم و إليه ترجعون" الآية.
فهل ترفع علينا أبوب السفينة فنلقى في ظلمات موج التشكيك و الانهزامية و الخنوع، و إنه لموج كالجبال، تتلقفنا مياهه العاتية لا ناولوا على شيء فنضيع مع الضائعين؟ أم نركب الفلك، فلك العزة و الكرامة و الإيمان بموعود الله الذي كتب "لأغلبن أنا و رسلي" الاية.
ربنا لا تجعلنا من الذين حال الموج بينهم و بين نبي الله نوح فلم تنفعهم توبة لما رأوا العذاب و صدق دعوة النبي إذ "لا عاصم من أمر الله إلا من رحم" يوم يغيض الماء و يقضى الأمر و يستوى حال الأمة و تستقر، و يهبط النصر بسلام من الله و بركات كما هو مقدر لا محالة في الوعد الإلهي " لن يضروكم إلا أدى و إن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون" الآية.



#زهير_شمشوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكبة الوزير أحمد بن عطية (ت553ه)
- الحكم بن هشام و أصل التهليل في الاذان عند المغاربة
- سلاطين و صلحاء بين الولاء و الجفاء
- عندما كانت الكعبة قبلة اليهود
- المهدوية و التصوف و الشرف في مغرب العصر الوسيط
- ملامح من التصوف الطرقي في المغرب الدعوة و التربية و الخدمة
- مجموعة لرصاد تراث فني هزم التهميش


المزيد.....




- مسيرات احتفالية بعد إعلان القسام أسر جنود إسرائيليين بغزة
- الرئيس التونسي يقيل وزيرين في تعديل مفاجئ
- أول مريض خضع لزراعة شريحة ماسك الدماغية يتحدث عن تجربته
- فيديو.. النار تبتلع مدينة ملاهي بالهند وتقتل 24 شخصا
- نتيناهو يعلق على فيديو -الجندي المتمرد- ويحذر من العصيان
- حماس تنفي استئناف المفاوضات مع إسرائيل ولا تأكيد من الوسطاء ...
- إسرائيل: قرار محكمة العدل لا يحظر جميع الأعمال العسكرية
- قتلى وجرحى في ضربات روسية على خاركيف بأوكرانيا
- استئناف محتمل لمحادثات الهدنة في غزة لكن الحرب مستمرة 
- الجيش الإسرائيلي ينفي خطف أي من جنوده في غزة بعد بيان حماس


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زهير شمشوب - من طوفان نوح إلى طوفان الأقصى... طوبا للراكبين