حالة المجتمع حين تقوى فيه الأنانية وتتفاقم

سعاد الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 7822 - 2023 / 12 / 11 - 14:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

ما هي الأنانية؟
المفهوم السائد أن الإنسان الأناني هو ذلك الشخص الذي لا يهتم إلا بنفسه، ويتفاخر بتجاهل حاجات الآخرين ومشاعرهم، مما يتسبب في نفورهم منه وتجنبه. و مصطلح الأنانية يشير في الحقيقة إلى من يضع رغباته واحتياجاته فوق رغبات الآخرين واحتياجاتهم
هناك نبوآت عن عصرنا الأناني ومنها ما جاء في كتاب الشريماد الذي عمره حوالي خمسة آلاف عام(المجلد 12، الفصل الثاني) حالة المجتمع حين تقوى فيه الأنانية وتتفاقم فتطفو على السطح

ومع كل يوم يمر، سيتدهور حال المجتمع حين تقاس كفاءات الفرد وقدراته ونسَبه بحجم ثروته، وتسلطه الذي يعطيه القوة فتحسم مباديء العدالة والدين انطلاقامن مبدا التمكن والسيطرة على الوضع في التلاعب بكل ما يكون تحت سيطرته. على أساس هو الكل بالكل وتخضع الاعمال ، التي يقوم بها في هذه الحالة على الغش والإحتيال ويفلح باظهار قوته على الآخرين بغض النظر عن جودة ما يخضع لسلطته فيقـَرَّر حسب المزاجية ويفرض على الأخرين رايه بالتسلط . المحبةوالأنانيةطبيعتان متضاربتان بالإنسان فالمحبة هي رؤية خيره الحقيقي وخير غيره أما الأنانية هي انغماس الفرد بالمصلحة الزائفة، “الذاتية” خاصته.
فتعريف المَحَبَّةُ: من الحُبُّ، وهو نقيضُ البُغضِ. وأصلُ هذه المادَّةِ يَدُلُّ على اللُّزومِ والثَّباتِ، واشتقاقُه من أحبَّه: إذا لَزِمه، تقولُ: أحبَبتُ الشَّيءَ فأنا مُحِبٌّ، وهو مُحَبٌّ .
المَحَبَّةُ اصطلاحًا:
(المَحَبَّةُ: الميلُ إلى الشَّيءِ السَّارِّ) .
(المَحَبَّةُ: مَيلُ النَّفسِ إلى ما تراه وتظُنُّه خيرًا، المحبة اذن هي اعتبار الغير مستحقا لمشاركته بأفراحه وأحزانه. بينما الأنانية هي اعتبار الغير وسيلة لإشباع رغباتنا الشخصية ثم التغاضي عن معطيات الآخرين وتجاهل كيان الاخرين حسب مصلحته بينما المحبة هي طبع الإنسان الأصلي ومنبع سعادته فيكتفي الإنسان ببُعد الفضيلة بالقليل ويجد سعادته بأخلاقه الحميدة وحكمته وعلاقاته مع من حوله وبلمسة من الحياة الروحية، فتكون احتياجاته المادية قليلة.
يتصرف إنسان كهذا باستقامة عالية وبحس الواجب والمسئولية. عندما يعظم بُعد التملك، تكبر معه اعتبارات الخيرفي سعادة الاخرين .
بينما الأنانية هي تشويه لطبع الانسان الأصلي، وسبب شقائه ف٠٠٠٠٠الأنانيةحسب مذهب اليوغا، طبيعة الإنسان أن يكون منغمسا بالخير في علاقاته بالآخرين. تنقطع هذه العلاقة عندما يكون هنالك حسد وتحتل احتياجات الإنسان وشهواته المرتبة الاولى. ويكون الحسد والقطيعة الناتجة عن حب الذات هي التي تخلق له تلك الهوية هويته الشخصية، الذات الحقيقية التي تمثل روح أزلية ذات علاقات محبة للخير لكن عندما يحسد الانسان يختفي الخير عن عينيه. ينسى علاقات الخير مكتفيا بذاته ويكوّن هذا أيضا قيمتة الذاتية، رغبته أن يكون رائعا، موضعا للإعجاب ، وهكذا يعزز هذه الإحتياجات للغاية وتتحول احتياجاته استحواذية وأكثر بكثير من احتياجاته الإعتيادية.فالأنانية إذا ً هي اندماج إشباع الرغبات الذاتيةالجسديةوالنفسية .
وهنالك ثلاث درجات للأنانية: أنانية ببُعد الفضيلة، أنانية ببُعد التملـّك وأنانية ببُعد الجهالة. الأنانية ببُعد الفضيلة تقريبا معدومة، ويميـّزها شعور بالقناعة والرضا النابع من طيبة الفرد تجاه الآخرين. الأنانية ببُعد التملك تتميّز بتصرف انتفاعي تجاه الآخرين، والأنانية ببُعد الجهالة يميزها الإستحواذ وتدمير الذات وتصل إلى العنف واستغلال الآخرين بصورة همجية.
كيف يتحرر الانسان من الأنانية ويرجع إلى طبيعته الأبدية – علاقات خدمة ومحبة للخير.إلى بُعد الفضيلة ، فالدين يمنع إنحدار الإنسان ويشجعه على العمل ببُعد الفضيلة. ولكن مأثر الدين الحقيقي العليا هي إرشادنا إلى طريق الحرية المطلقة من الأنانية. هو طريق المحبة للخير. هدف الدين أن يمنع إنحدار الإنسان، ولكن مع مرور الزمن، يصاب معظم المؤمنين بعدوى الأنانية، وبالتالي يفسرون كتاباتهم بصورة مغلوطة، وهكذا بدل أن يمنع الدين انحدار الإنسان ويرشده ، باتجاه محبة الخير يساهم فعليا بانحدار الإنسان نحو الأنانية
حياة الناس في المجتمع قد تدهور إلى بُعد الجهالة هي إستغلال شائن، فساد أخلاقي، نزاعات، تفكك العائلة، وساوس، إضطرابات نفسية، قدرة تفكير منحطة وتدهور بكل الوظائف الحياتية. هذه قلة من أعراض المجتمع المصاب بالأنانية.
فما هو الحل؟
لتنظيم المجتمع ووضع أهداف روحانية للفرد فالمصاعب دروسا نتعلم منها .حياة كهذه تساهم في بناء المجتمع، بالإقتصاد وبالأمن أكثر بكثير من حياة ترتكز على دوافع المصالح الأنانية. صاحب الدوافع الأنانية لن يكون راضيا يوما. ليس صاحب الدوافع الأنانية مكسبا لمكان عمله، لعائلته ولمجتمعه بالأمد الطويل. ولكن حامل دوافع المحبة للخير له وللغير يستطيع أن يتعلم، ، كيف يتحرر بنطاق عمله من الأنانية ويكرس ثمار عمله لنموه الروحاني، فيُدخل محبته للخير
لتطهير الذات من الأنانية بشكل فرديّ، ترتكز على تطهير وتعظيم العلاقات، وبالإمكان تحقيقها بأحضان العائلة والمجتمع.
سريعًا عندما يعرف بأن المحيطين به لم يقدروه لذلك تخل عن عصبيتك لتقضى على أنانيتك.
قاوم رغبتك فى السيطرة على الآخرين.
الشخص الأنانى هو من يعتقد أنه الأكثر فهمًا وإدراكًا ومن ثم يميل إلى السيطرة على المحيطين به ويبدأ فى فرض القيود، ما ينفر الناس من حوله، لذلك حاول أن تطلق صراح الآخرين وتأخذ منهم النصائح قبل أن تعطيها لهم.
أدرك أنك ليس محقًا طوال الوقت
فالنرجسية تجعل البعض يرى نفسه وكأنه محق طوال الوقت ولا يخطأ أبدًا، فيكون الصوت العالى هو سبيله الوحيد لإثبات " الأنا"، لذلك يجب أن تدرك لا أحد يتسم بالكمال وأنك ليس على حق طوال الوقت لذلك يجب أن تتقبل انتقادات البعض فهناك فرق بين مفاهيم كالحب والتملك ، فالشخص الأنانى عادة ما يخلط بين مفاهيم الحب والامتلاك ومن هنا يبدأ فى محاولات متكررة للاستحواذ على من يحب ليبقى له وحده دون غيره، لذلك يجب أن ندرك أن الحب هو التضحية والعطاء وليس التملك
باختصار شديد للقضاء على أنانيتك حتى تتمكن من التواصل مع الآخرين
• فهناك وسائل نحو الشفاء من النرجسية ...تخل عن عصبيتك ...
• قاوم رغبتك فى السيطرة على الآخرين ...أدرك أنك ليس محقًا طوال الوقت ...فرق بين مفاهيم الحب والامتلاك
حياة كهذه تساهم بالمجتمع، بالإقتصاد وبالأمن أكثر بكثير من حياة ترتكز على دوافع المصالح الأنانية. صاحب الدوافع الأنانية لن يكون راضيا يوما. فصاحب الدوافع الأنانية لا يكون مكسبا لمكان عمله، لعائلته ولمجتمعه بالأمد الطويل. بينما حامل دوافع المحبة للخير له وللغير يستطيع أن يتعلم، حسب المبادئ الاساسية، كيف يتحرر بنطاق عمله في المجتمع الذي يعيش فيه من الأنانية ويكرس ثمار عمله لنموه الروحاني، فيُدخل محبته للخير بعلاقته الزوجية مع شريكة حياته ومع أولاده، ويلقى رضاه بخدمته ورفعه لمجتمعه. وبهذا يكون إسهامه بعمله، بعائلته وبمجتمعه على أحسن وجه، وبنفس الوقت، يكون منعتقا من الأنانية وراض عن حياته.
ترتكز البهاكتي يوغا او يوغا المحبة على الإيمان أنه بواسطة تجربة الإرضاء الروحاني، يمكننا، تدريجيا، أن نعكف عن حافز الأنانية الدنيوي ومحاولة تطهير الذات من الأنانية بشكل فرديّ، ترتكز البهاكتي يوغا على تطهير وتعظيم العلاقات، وبالإمكان تحقيقها بأحضان العائلة والمجتمع

#سعاد_الفضلي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل