أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - تاريخ إنجلترا – 17 تشارلز الأول وقصة إعدامه















المزيد.....

تاريخ إنجلترا – 17 تشارلز الأول وقصة إعدامه


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 7801 - 2023 / 11 / 20 - 00:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الفصل الثالث والثلاثون

تشارلز الأول، 1625-1649.


قُتل الكثير من النبلاء العظام في حروب الوردتين، وفقد البارونات كل السلطة والقوة التي اكتسبوها عندما أجبروا الملك جون على توقيع وثيقة الماجنا كارتا.

لذلك، وجد ملوك إنجلترا أنهم يمتلكون كل السلطة، وطوال عهود ملوك تيودور الخمسة، لم يكن لدى الملك ما يمنعه من فعل أي شيء يحلو له تماما.

في نفس الوقت، كان الإقطاعيون والتجار، أعضاء مجلس العموم، يزدادون ثراء وقوة يوما بعد يوم، ويملكون من الوقت ما جعلهم يتثقفون ويقرأون ويفكرون أكثر من قبل.

أثناء عهد الملكة إليزابيث الطويل، من 1558 إلى 1603 تاريخ وفاتها، كانوا راضين. لقد أحبوها وكانوا فخورين بها، وعرفت هي كيف تتعامل معهم. كانت توبخهم في بعض الأحيان، لكنها سرعان ما تعود تسترضيهم.

لكن جيمس الأول، كان رجلا صعب العريكة شديد المراس، ليس من السهل التعامل معه. وبدلا من محاولة إرضاء أعضاء مجلسي اللوردات والعموم، كان يتحدث كثيرا عن نفسه كملك، وعن وجوب طاعته.

إلى أن أغضبهم، غضبوا، فرجعوا إلى القوانين وبدأوا يتساءلون عن مقدار السلطة التي تمنحها له. وعندما توفي، كان ابنه تشارلز شخصا أكثر لطفا وظرفا من أبيه.

كان رجلا نبيلا في مظهره وأسلوبه، ولم يكن يركن إلى حيل وعادات والده المحرجة وغير المرغوبة. كان طيبا وجادا أيضا، ولم يكن لديه ما يعيبه من خصال أو سلوك.

لذلك سارت الأمور، في البداية، بهدوء لعدة سنوات، وبدا أن هناك تحسنا كبيرا في شئون الدولة. لكن عدة أشياء كانت ضده. كان صديقه، دوق باكنغهام، رجلا فخورا وأنانيا، أهان الجميع تقريبا، واستغل صداقته للملك بشكل سيء.

وكان الناس منزعجين أيضا من أن الملك يبغي الزواج من أميرة على غير الملة، كاثوليكية رومانية، هنريتا ماريا، التي لن تذهب إلى الكنيسة معه، ولا حتى تسمح بأن يقوم بتتويجها رئيس أساقفة إنجليزي.

في زمن الملكة إليزابيث، كان هناك بوريتان، وتعني الأطهار، يرغبون في تغيير كتاب الصلاة بشكل كبير، وكانوا يرون أن أسلوب العبادات القديم هو أسلوب خاطئ. وكانوا يعارضون استخدام الصليب في المعمودية، والخاتم في الزواج.

في العديد من الكنائس، كانوا يستخدمون أسلوبهم الخاص، ويفعلون ما يحلو لهم. لكن في عهد جيمس وتشارلز، تغيرت الأمور. فقام الدكتور لاود، الذي جعله تشارلز رئيس أساقفة كانتربري، بزيارة جميع الكنائس، وأصر على أن يتم ترتيبها بشكل صارم.

فإذا لم يرتدِ رجل الدين لباس الكنيسة المناسب، أو لم يضع الصليب على جبين الطفل المعمد، أو لم يطع القوانين الأخرى لكتاب الصلاة، يتم عقابه.

وكانت هناك مسألة كبيرة أخرى توجب الاستياء، وهي الطريقة التي يحصل بها الملك على الأموال. الطريقة الصحيحة هي أن يدعو برلمانه بشقيه، لكي يمنحه ما يريد.

لكن كانت هناك وسائل أخرى ملتوية. أحدها، هي الدعوة في كل أنحاء البلاد لجمع الأموال باسم السفينة. وكان قد بدأ هذا الأسلوب، عندما جمع الملك ألفريد الأموال بحجة بناء أسطوله البحري، لإبعاد الدنماركيين. لكن الأموال، لم تنفق على السفن وبناء الأسطول كما هو معلن ومتوقع على الإطلاق، ولكن تركت للملك كي يستخدمها ويعبث بها كيفما يشاء.

وسيلة أخرى لجمع الأموال للملك، هي الغرامات المشددة. كان الأشخاص الذين يرتكبون بعض الجرائم الصغيرة، والتي لا تخضع للقوانين العادية، يستدعون إلى غرفة في وستمنستر، مطلي سقفها بالنجوم، لهذا كانت تسمى غرفة النجوم.

ثم يحكم عليهم، أحيانا بدفع مبالغ طائلة من المال، وأحيانا يتم قطع آذانهم عقابا على ذلك. بدأت محكمة غرفة النجوم هذه أيام هنري السابع، ومن المدهش أن الإنجليز تحملوها لفترة طويلة.

كان البوريتان، الأطهار، مستائين للغاية. لقد تخيلوا أن الملك والدكتور لاود، يريدان تعيير عقيدتهم جميعا وتحويلهم إلى روم كاثوليك مرة أخرى.

وكان الكثيرون يكرهون قواعد الكنيسة السائدة هذه، لدرجة أنهم في عام 1620، أخذوا سفينة، ماي فلاور، على متنها 101 مهاجر، وذهبوا بها إلى أمريكا الشمالية لتأسيس مستعمرة هناك، حيث يمكنهم إقامة دينهم الخاص كما يحلو لهم. هم البوريتان أو الأطهار.

كان البحر هائجا ، وانحرف الحجاج عن مسارهم. عند الوصول إلى كيب كود، على الساحل الشمال الشرقي لأمريكا الشمالية، فحاولوا التوجه جنوبا ولكن قوبلوا ببحار أكثر قسوة.

لذلك، قرروا الاستقرار في مكان أطلقوا عليه اسم بليموث، به حقول ممتدة شاسعة، والكثير من المياه العذبة الجارية، بالرغم من عدم وجود سكان بشريين.

أولئك الذين صمدوا منهم في إنجلترا، استمروا في التذمر والنضال ضد لاود.

شيء واحد فعله تشارلز الأول، أسعد به شعبه، وهو إرسال المساعدة إلى البروتستانت الفرنسيين، الذين كانوا محاصرين في مدينتهم، روشيل.

لم يكن الإنجليز سعداء، لأن قيادة الجيش كانت قد أعطيت لدوق باكنغهام، المغرور والمكروه من شعبه. لكنه لم يذهب أبدا. فبينما كان في طريقه لتولي منصبه في بورتسموث، طعن في القلب من قبل رجل يدعى فيلتون. لا أحد يعرف بالتأكيد لماذا.

لم تكن الأمور تسير على ما يرام بالنسبة لتشارلز، حتى بعد موت باكنغهام. فكلما دعا إلى البرلمان، كان يلام هو والقوانين. فقام بالاستغناء عن البرلمان برمته.

وبما أنه، كان بحاجة ملحة إلى الأموال، فقد جاءت الدعوات لجمع أموال السفينة في كثير من الأحيان، وأصبحت الغرامات في غرفة النجوم أكبر وأثقل.

ثم انتشرت شائعة، أن رئيس الأساقفة لاود يحاولان جعل الاسكتلنديين يعودون إلى الكنيسة الكاثوليكية، من خلال منحهم أساقفة وكتاب صلاة.

ولكن في المرة الأولى التي تمت فيها قراءة الخدمة في كنيسة في إدنبرة، قفزت امرأة تبيع السمك، تدعى جيني جيديس، في غضب وألقت كرسيا ثلاثي الأرجل على رأس رجل الدين.

تخيل بعض الاسكتلنديين أنهم سيعادون إلى روما. كره آخرون كل ما أمر به في إنجلترا. كل هؤلاء تحالفوا معا، وأنشأوا جيشا لمقاومة الملك. فاضطر إلى الدعوة إلى البرلمان مرة أخرى، للحصول على المال الكافي لمقاومتهم.


الفصل الرابع والثلاثون

البرلمان الطويل، 1641-1649.


عندما اضطر تشارلز الأول إلى استدعاء برلمانه، اجتمع مجلس العموم، وهم غاضبين من عدم استدعائهم منذ مدة طويلة. وكانوا مصممين على انتهاز فرصتهم هذه.

فقاموا بوضع حد لجمع الأموال باسم السفينة، وغرامات محكمة غرفة النجوم. وألقوا في السجن اثنين من أصدقاء الملك، الذين لم يكونا على هواهم. وهما رئيس الأساقفة لاود وإيرل سترافورد.

كان الإيرل حاكما لأيرلندا، حافظ على النظام هناك، ولكن باستخدام القسوة. وكان يؤمن بالحكم الفردي، ويعتقد أن الملك هو الشخص الوحيد الذي يجب أن يحوذ على كل السلطات.

وكان ينصح الملك دائما بإخماد كل مقاومة بيد من حديد. كان الاعتقاد أنه رجل صعب، ومكروه للغاية. وعندما حوكم، أصدر مجلسا البرلمان حكما ضده بقطع رأسه. لكن، لا يمكن ذلك دون أمر الملك.

في البداية، وقف الملك تشارلز مع صديقه المخلص. لكن كان هناك اضطراب كبير، فخافت الملكة ووالدتها، وناشدت الملك أن ينقذ نفسه بالتخلي عن اللورد سترافورد، فوافق أخيرا، ووقع على الورقة التي تأمر بتنفيذ الإعدام. لقد كان عملا بائسا يدل على الضعف والجبن، وقد حزن الملك على صديقة بقية أيام حياته.

هذا شجع البرلمان على طلب المزيد من الملك والمزيد، وفي النهاية قرر الملك أن يوقفهم عند حدهم. لذلك قرر الذهاب إلى مجلس النواب، لكي يأمر بسجن الأعضاء الخمسة الذين تحدوا سلطته في حضوره.

لكنه كان قد أخبر زوجته بما ينوي، وكانت هنريتا ماريا حمقاء لدرجة أنها أخبرت السيدة كارلايل، إحدى سيداتها، التي أرسلت بدورها تحذيرا إلى الأعضاء الخمسة، حتى لا يكونوا في المجلس عند وصول تشارلز.

في نفس الوقت، انتفض سكان لندن في حشد كبير، كي يظهروا غضبهم الشديد منه، مما جعله يرسل زوجته الملكة وأطفالها بعيدا إلى خارج البلاد.

أخذت الملكة ابنتها ماري إلى هولندا للزواج من أمير أورانج. وهناك اشترت البنادق والبارود لجيش زوجها، لأن الأمور كانت قد تعقدت الآن، وبدأت الحرب الأهلية.

الحرب الأهلية هي أسوأ الحروب، لأنها حرب بين أفراد شعب واحد. كانت إنجلترا قد شهدت حربين أهليتين من قبل. حرب البارونات، بين هنري الثالث، وسيمون دي مونتفورت، حول الحفاظ على ال "ماجنا كارتا". وهناك حرب الوردتين، لتسوية ما إذا كان الحكم لعائلة يورك أم لعائلة لانكستر.

كان سبب هذه الحرب بين تشارلز الأول والبرلمان، هو تقرير ما إذا كانت سلطة الملك أم سلطة مجلس العموم هي الأقوى. أولئك الذين اصطفوا مع الملك أطلقوا على حزبهم اسم كافالييرز، ويعني الفرسان، لكن أصدقاء البرلمان أطلقوا على حزبهم "الرؤوس المستديرة". لأنهم اختاروا عدم ارتداء البواريك طويلة الشعر.

كان معظم أعضاء الرؤوس المستديرة من البوريتان، الأطهار، الذين يكرهون كتاب الصلاة ودور الأساقفة، ويعتقدون أن جميع الملاهي والملذات خطيئة، وكذلك جميع القواعد الصارمة للعبادة الدينية التي أحضرها رئيس الأساقفة لاود.

أما حزب الفرسان، من ناحية أخرى، فكانوا يعترفون بالأساقفة وكتاب الصلاة. كان بعض الفرسان رجالا صالحين جدا بالفعل، عاشوا حياة مسيحية حقة، مثل الملك.

جيش الملك كان بقيادة ابن أخته إليزابيث، الأمير روبرت. كان روبرت شابا متقدا شجاعا، وكان يميل إلى الاعتقاد بأن المعركة يجب أن تكسب قبل أن تخاض، وكان يندفع وسط الجيش المطلوب هزيمته بنفسه، دون انتظار لمعرفة ما إذا كانت مساعدته مطلوبة من قبل القادة الآخرين أم لا. لذلك كان يضر قضية عمه بقدر ما كان ينفعها.

كان حزب الملك هو الأكثر دراية بالحرب، حقق انتصارا في البداية. لكن عندما أصبح جنود البرلمان، أو الرؤوس المستديرة، أكثر تدريبا، كانت لهم الغلبة.

سرعان ما تبين أن أحد أعضاء البرلمان، وهو رجل نبيل يدعى أوليفر كرومويل، أنه قائد أفضل بكثير من أي شخص آخر ظهر في إنجلترا، ومنذ الوقت الذي وصل فيه إلى القيادة العليا، كان جيش البرلمان هو المنتصر دائما.

كانت أماكن المعارك الرئيسية الثلاث هي إيدجهيل، ومارستون مور، وناسيبي. نتيجة المعركة الأولى كان مشكوكا فيها، لكن المعارك الأخرى كانت انتصارات عظيمة للرؤوس المستديرة.

بعد مارستون مور مباشرة، أعدم البرلمان رئيس الأساقفة لاود. وفي الوقت نفسه، منعوا استخدام كتاب الصلاة، وأخرجوا جميع الكهنة من الكنائس، ووضعوا بدلا منهم رجالا على شاكلتهم، لم يرسمهم الأساقفة.

كما دمروا كل ما لم يعجبهم في الكنائس، الزجاج المطلي والتماثيل والمنحوتات. وعندما كان يستولى الجنود البوريتان على بلدة أو قرية، كانوا يربطون خيولهم في الكنائس، ويستخدمون وعاء الماء المخصص للمعمودية المقدسة، كحوض للشرب، ويطلقون النار على النوافذ.

بعد معركة ناسيبي، كان الملك تشارلز في محنة، لدرجة أنه فكر في الهرب إلى الاسكتلنديين، متذكرا أنه قد ولد بينهم، واعتقد أنهم يفضلونه على الإنجليز.

لكن، عندما جاء، عامله الجيش الاسكتلندي كسجين، وأظهر له القليل جدا من الاحترام. وأخيرا سلموه إلى البرلمان الإنجليزي مقابل مبلغ كبير من المال.

من ثم، صار تشارلز سجينا لرعاياه. يطلق على هذا البرلمان اسم البرلمان الطويل، لأنه استمر لفترة أطول من أي برلمان آخر على الإطلاق. لأنه قد أصدر بالفعل قانونا يمنع حله.


الفصل الخامس والثلاثون

وفاة تشارلز الأول، 1649-1651.


لم يكن يرغب البرلمان الطويل في إلغاء الملكية، فقط أرادوا أن يحجموا الملك وأن يجعلوه يمتثل لمشيئتهم ويفعل ما يريدون. لذلك، استمر يحكم، ولكن وفقا لمفاهيمهم وتحت إشرافهم.

في هذا الوضع، تخلى تشارلز عن الكثير من سلطاته، لكن عندما أرادوا منه أن يعلن عن إلغاء منصب الأساقفة في إنجلترا، لم يوافق أبدا، لأنه كان يعتقد بعدم وجود كنيسة حقيقية بدون أساقفة.

أخيرا، بعد نقاش عقيم واحتدام كبير، كان من الواضح أنه لن ينتهي أبدا، أرسل أوليفر كرومويل بعض ضباطه لأخذ الملك تشارلز من أيدي الأشخاص المعينين من قبل البرلمان لحراسته. لذلك بات الملك سجينا للجيش، بدلا من البرلمان.

كان كرومويل رجلا قديرا للغاية، ورأى أنه لا يمكن لأحد تسوية الصعوبات المتعلقة بالقانون وحقوق الناس سوى هو نفسه. وكان من رأيه، أن الأمور لن تستقر أبدا، ما دام الملك على قيد الحياة.

لذلك أرسل أحد ضباطه، يدعى برايد، لإحصاء جميع أعضاء البرلمان الذين لا يخضعون لإرادته، ثم عين الخمسين الذين بقوا في هيئة محكمة من الضباط والمحامين، لمحاكمة الملك.

أحضر تشارلز أمامهم. ولكن، لأنهم لم يكن لديهم الحق في محاكمته، رفض أن يقول كلمة أو يجيب على سؤال واحد. ومع ذلك، حكموا عليه بقطع رأسه.

لقد تحمل تشارلز كل هذا بوداعة وصبر، وغفر لجميع أعدائه، وصلى من أجلهم. وكان مستعدا للموت بنفس راضية لقدرها.

كانت الملكة في فرنسا، وكان جميع أطفاله في مأمن من إنجلترا، باستثناء ابنته إليزابيث، التي كانت تبلغ من العمر اثني عشر عاما، وهنري الصغير، الذي كان في الخامسة من عمره.

تم إحضارهم إلى قصر وايتهول كي يراهم ويروه في الليلة التي سبقت إعدامه. أخذ الصبي الصغير على ركبته، وتحدث لفترة طويلة إلى إليزابيث، وأخبرها بالكتب التي يجب قراءتها وأعطاها رسالته إلى والدتها وإخوتها.

ثم أخبر هنري الصغير أن يعي ما قاله له من قبل، وأن لا يفكر أبدا في تنصيب نفسه ملكا طالما كان أخويه الأكبر سنا، تشارلز وجيمس على قيد الحياة. قال الصبي الصغير من خلال دموعه، "سوف أتمزق إلى أشلاء أولا."، ثم قبل تشارلز الطفلين وباركهما وتركهما.

في اليوم التالي، 30 يناير 1649، سمح للملك أن يرى الأسقف جوكسون كي يقرأ ويصلي معه، وأن يعطيه القربان المقدس. بعد ذلك، غفر لأعدائه وصلى من أجلهم، واقتيد إلى دار الولائم في وايتهول، وخرج إلى سقالة مغلفة بقطعة قماش سوداء.

قال صلاته الأخيرة، وقطع الجلاد رأسه بضربة واحدة، ورفعها للناس كي يروها من بعيد. ثم قام أربعة نبلاء مخلصون بدفنه ليلا، في كنيسة القديس جورج في وندسور، لكن لم يسمح لهم باستخدام أي خدمة على قبره.

صدم الاسكتلنديون كثيرا عندما وجدوا نتيجة بيعهم لملكهم، لدرجة أنهم دعوا ابنه الأكبر، تشارلز، وهو شاب يبلغ من العمر تسعة عشر عاما، للحضور كي يحكمهم، وعرضوا عليه وضعه على العرش الإنجليزي مرة أخرى.

جاء الشاب تشارلز، لكن وجدهم صارمين لدرجة أنهم جعلوا حياته مملة ومرهقة للغاية، لأنهم كانوا يرون الخطيئة في كل لعبة أو تسلية. ومع ذلك، أوفوا بوعدهم بالسير إلى إنجلترا، وانضم إليهم بعض الفرسان الإنجليز.

لكن أوليفر كرومويل وجيشه قابلوهم في ورسستر ، وتمت هزيمتهم بالكامل. كان على الملك الشاب تشارلز أن يهرب بعيدا مع عدد قليل من الأتباع، وكان هناك من يتبعه ويقتفي أثره عن كثب، لدرجة أنهم اضطروا إلى تعيينه رئيس حطابين، يدعون بندريل، كانوا يعيشون في غابة بوسكوبيل.

ألبسوه بدلة جلدية خشنة مثلهم، وعندما جاء جنود الرؤوس المستديرة للتفتيش، كان مختبئا بين أغصان شجرة بلوط فوق رؤوسهم.

بعد ذلك ، ساعدته سيدة تدعى جين لين في جزء آخر من رحلته، بأن سمحت له بالركوب على ظهور الخيل أمامها كخادم لها.

لكن، عندما توقفت في نزل، كان على وشك اكتشاف أمره، لأنه لم يكن يعرف كيف يدير قضيب الشواية في المطبخ عندما سأله الطباخ.

ومع ذلك، وصل بأمان إلى برايتون، التي كانت مجرد قرية صغيرة في ذلك الوقت، وأخذه قارب إلى فرنسا، حيث كانت والدته تعيش هناك.

في غضون ذلك، تم إرسال أخته الصغيرة إليزابيث، وشقيقه هنري، إلى قلعة كاريسبروك في جزيرة وايت. لكن كانت إليزابيث حزينة، وسرعان ما تم العثور عليها ميتة، وخدها يستريح على كتابها المقدس المفتوح. بعد ذلك، تم إرسال هنري الصغير ليكون مع والدته في فرنسا.

كانت الابنة الكبرى، ماري، قد تزوجت، عندما بدأت الحرب، من أمير أورانج، الذي عاش في هولندا، وتركت أرملة مع ابن صغير واحد.

وكان جيمس، دوق يورك، الأخ الثاني، في البداية في عهدة أحد النبلاء البرلمانيين، مع شقيقه وأخته، في لندن. ولكن، خلال لعبة الغميضة، تسلل من الحدائق والتقى ببعض الأصدقاء، الذين ألبسوه ملابس الفتيات وأخذوه إلى سفينة في نهر التايمز، التي حملته إلى هولندا.

تركت هنريتا الصغيرة، عندما كان عمرها ستة أسابيع فقط، لرعاية إحدى سيدات والدتها. عندما كانت في الثالثة من عمرها تقريبا، اعتقدت السيدة أنه من الآمن الهرب بالطفلة من إنجلترا حفاظا على حياتها.

في الطريق لطخت وجهها ويديها باللون البني وعصير الجوز، لتبدو وكأنها غجرية، وأخذت الطفلة على ظهرها، وسارت إلى الساحل.

لم تستطع هنريتا الصغيرة التحدث بصراحة، لكنها كانت دائما تطلق على نفسها اسما تقصد به أنها أميرة ، فاضطرت السيدة إلى تسميتها "بيرس"، والتظاهر بأنها صبي صغير.

في النهاية، عبرت البحر بأمان ولحقت بوالدتها في باريس، حيث كان ملك فرنسا، ابن شقيق الملكة هنريتا، لطيفا جدا مع المنفيين البؤساء.

كانت المشكلة هي أن الملكة قامت بتربية هنريتا الصغيرة ككاثوليكية رومانية، وحاولت أن تجعل هنري أيضا كذلك. لكنه كان كبيرا بما يكفي ليكون منحازا لكنيسة والده، فذهب إلى أخته في هولندا.

ومع ذلك ، أصبح جيمس مؤخرا إلى حد ما كاثوليكيا رومانيا. وكاد تشارلز أن يصبح كاثوليكيا، إذا كان قد اهتم بما يكفي بالدين. لكن هذين الأخوين لم يتعلما جيدا في باريس.

ثم انضم جيمس وهنري، بعد فترة، إلى الجيش الفرنسي، حتى يتعلما فن الحرب. كان كلاهما شجاعا للغاية، لكن كان من المحزن أنه عندما ذهبت فرنسا وإنجلترا إلى الحرب، كانا يقاتلان في جيش أعداء بلادهما.



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم زقزقة العصافير
- تاريخ إنجلترا – 16 جيمس الأول
- تاريخ إنجلترا – 15 إليزابيث الأولى الملكة العذراء
- تاريخ إنجلترا – 14 إدوارد السادس، ماري الأولى
- تاريخ إنجلترا – 13 هنري الثامن وزوجاته
- تاريخ إنجلترا – 12 ريتشارد الثالث وهنري السابع
- تاريخ إنجلترا – 11 إدوارد الرابع والخامس
- تاريخ إنجلترا – 10 هنري الخامس والسادس
- تاريخ إنجلترا – 09 ريتشارد الثاني وهنري الرابع
- الله يخرب بيتك يا عبده، أيها الغبي
- تاريخ إنجلترا – 08 إدوارد الثاني والثالث
- تاريخ إنجلترا – 07 هنري الثالث
- تاريخ إنجلترا – 06 ريتشارد قلب الأسد
- تاريخ إنجلترا – 05 ستيفن وهنري الثاني
- تاريخ إنجلترا – 04 ويليام روفوس وهنري الأول
- تاريخ إنجلترا – 03 الغزو النورماندي
- تاريخ إنجلترا – 02 غزاة الشمال
- تاريخ إنجلترا - 01 الغزو الروماني
- تاريخ فرنسا 33 – حرق باريس
- تاريخ فرنسا 32 – الجمهورية والإمبراطورية الثانية


المزيد.....




- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمارات ...
- أطفال غزة.. محاولة للهروب من بؤس الخيام
- الكرملين يكشف عن السبب الحقيقي وراء انسحاب كييف من مفاوضات إ ...
- مشاهد مرعبة من الولايات المتحدة.. أكثر من 70 عاصفة تضرب عدة ...
- روسيا والإمارات.. البحث عن علاج للتوحد
- -نيويورك تايمز-: واشنطن ضغطت على كييف لزيادة التجنيد والتعبئ ...
- الألعاب الأولمبية باريس 2024: الشعلة تبحر نحو فرنسا على متن ...
- جامعات تنتفض نصرة لغزة.. ما الذي حرك الغضب بقلاع المعرفة الأ ...
- الذكاء الاصطناعي يكشف مكان قبر أفلاطون
- رويترز: اجتماع عربي دولي بشأن غزة في الرياض هذا الأسبوع


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - تاريخ إنجلترا – 17 تشارلز الأول وقصة إعدامه