أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد يعقوب الهنداوي - المثقف العنكبوت والنهوض المستحيل لأمة تعشق انحطاطها















المزيد.....

المثقف العنكبوت والنهوض المستحيل لأمة تعشق انحطاطها


محمد يعقوب الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 7798 - 2023 / 11 / 17 - 17:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتبت هذه المقالة قبل سبع سنين، ونشرتها مع طلائع انتفاضة تشرين التي تزامنت في العراق ولبنان أواخر 2019. وحصل مذّاك الكثير من التطورات والأحداث التي تستوجب بعض التحديث والمعاصرة.

إذ أنجز السيسي العظيم انتصاره على الشعب المصري بالضربة القاضية وخفض عملة البلاد مائة وثلاثين مرة واستبدل لحم الدجاج بأرجله وأظافره التي اكتشف فيها قيمة غذائية عظمى فمنع تصديرها وجعلها حكرا للمصريين. وباع تيران وصنافير وبقاع أخرى وتنازل عن حصة البلاد من مياه النيل، وتمسك بموقفه البطولي بسجن (علاء عبد الفتاح) رغم أنف أمه (ليلى سويف) وأخواته (منى وسناء) المعتصمات أمام السجن منذ سنين لأن حريته اهانة لجيش مصر وسيادتها القومية والوطنية والفسلجية ولبواسير السيد الرئيس!

وتربع القائد المنقذ قيس سعيد على صدر تونس فأحالها مستنقع استبداد وجوع ومقبرة للأحلام ومنطلقا لشباب تونس وافريقيا الى أشداق الموت الذي لا يسأل عن هويات الغرقى وأصولهم أو لغاتهم وعقائدهم ودموع وعذابات الأمهات، فيما يقبض السيد الرئيس عمولاته علناً.

وجماهيرية ليبيا الاشتراكية العظمى التي تلذذ زعيمها الفذ ذو الخيمة العتيدة والحارسات الفاتنات باختزال طموحات شعبها وحقوقه بنعل بسطاله العسكري يعرضه على شاشة التلفزيون ثلاثة أيام بلياليها كلما تعكر مزاجه، حتى أصبحت ليبيا كلها رهن ذلك البسطال وورثته عنه عصابات تَعِد لكثرتها وشراستها ألا يخلو مستقبل ليبيا منها أبدا فلا يخفت ذكر القذافي وقذاف الدم وسلالته الافذاذ سيف العرب وسيف الاسلام وسيف الشاورما.

وتتمرّغ السودان في وحول الخراب وصراع مافيات العسكر والدين وتجارة الجنس والعبودية وشعارات المتفسخ عمر البشير ومرشده حسن الترابي. وتكشفت حقائق آلاف المدارس الاسلامية التي يتعرض فيها ملايين الأطفال للتقييد بالسلاسل والتعذيب والاغتصاب الجنسي المتواصل حتى يكبروا ليتولوا هم القيام بتلك المآثر بحق الأطفال الجدد على طريق نيل العمامة المقدسة وقيادة مجتمع مسلم تقيّ نقيّ ملتزم بالشريعة!

ولن أتحدث عن اليمن السعيد وجزائر المليون شهيد، فالمليون صار رقما مضحكا في زمن لم نعد نعرف حتى حدود بلادنا ومساحتها وأعدادنا فيها إذ تباد الملايين وتهدم مدنها على رؤوسها فتمضي بعريها لتشحذ وطنا بديلا على بوابات التشرد والذل والضياع.

وبإسم ربيع الخراب العربي، قطعوا أوصال سوريا الجمال والحضارة والرقي والعطاء العظيم وتقاسمت أشلاءها شراذم باعة الأوطان وتجار القوميات والأديان فصارت تتلقى الطعنات من كل صوب وعلى أيدي أولئك الذين آوتهم وأطعمتهم طويلا وجعلت لحياتهم معنى ومنحتهم اعتبارا ورفعة. بل بلغت صفاقة الشيخ الأردني (ياسر العجلوني) أن أصدر تعليماته نيابة عن هيئة علماء المسلمين، لنساء سوريا بتمليك أنفسهن إماءً وملك يمين للمجاهدين تنفيذا لإرادة رب العالمين!

وهكذا ينبغي أن تتعلم الشعوب الدرس: فمن يفكر بالثورة عليه أن يستعد لما لا نهاية له من الخراب والحسرات والانسحاق بين نعالين:

نعال السلطة الدينية المقدسة التي تحرم بيع الخمر لكنها تبيح بيع النساء واغتصاب القاصرات والصبيان، وتبيح للرجل بيع طفلته التي لم يتجاوز عمرها يوما واحدا ببضعة قروش ليتزوج ثانية، وتبيح أكل حقوق الناس ونهب حقوق المجتمع برمته، لكنها تحرم أكل لحم الخنزير! ....

سلطة الله التي لا يخدشها جوع الفتاة وعريها وحفاها وبحثها عن لقمة في المزابل، لكن يؤرقها ظهور شعرة من رأسها تثير بهيمية الرجل المسلم وشهوته وتنقض وضوءه فينادي بوجوب فرض الحجاب.

وبين بساطيل العسكر ومافيات القتل والاستبداد وزج البلاد في اتون حروب مجنونة تأكل شبابها وثرواتها خدمة لمصالح القوى الكبرى وتنفيذا لأوامرها على أيدي دماها المحلية وجلاديها!

وتكتمل المسخرة حين تجتمع السلطتان الدينية والعسكرية بيد واحدة، كما في العراق وايران والمغرب والسعودية واليمن السعيد وافغانستان وتركيا حيث تحققت أرقى صيغ الديمقراطية الأمريكية والانسانية الرأسمالية الحديثة!

ففي بقايا العراق، بلاد النهرين سابقا، جف دجلة والفرات وتحولت البلاد الى حقول موت بسرطانات المواد المشعة وغازات سامة تنفثها مئات المحارق القاتلة. وتتحاصص مافيات العنصرية القومية والطائفية الدينية ما تجود به عليها شركات النفط العظمى. أما ما تبقى من الأرض فخصصتها تلك المافيات لزراعة المخدرات وتهريبها ومعتقلات لرافضي طغيانها وفسادها.

وحين انتفضت جموع الشبيبة بفتياتها وفتيانها مطالبة بفرصة عمل تنقذها من جوع وذل البطالة، تركها المجتمع المؤمن بقدره فريسة لرصاص وهراوات مرتزقة أحزاب المحاصصة وضباع المرجعية الدينية والنهب الشرعي وجرى حصاد رؤوس المنتفضين وأجمل بنات البلاد بالآلاف أمام سمع وبصر وشاشات العالم كله ومباركة سفارات وزعامات الدول الغربية!

وإذا كان بديهيا أن تحرص البلدان الامبريالية على ابقاء بلداننا وشعوبنا راكدة في مستنقعات التخلف والعمى المزمن وكراهية التغيير والتحرر، تتجه بوصلة الادانة الى الشرائح الانتهازية الرجراجة المريضة بالنرجسية التي تزعم التثقف والطليعية بينما تمثل أحط وأتفه نماذج العهر الفكري والسياسي وخوف التغيير والثورة الحقة.

فبينما لعب مثقفو الغرب دورا جذريا هائلا في تثوير المجتمع وهدم سلطة اللاهوت ونشر العلمانية والتنوير، نجد مجتمعاتنا عاجزة تماما عن انتاج ظواهر مشابهة، بل ولم يعد نافعا حتى التطلع لظهور هكذا طلائع ثقافية ثورية، خاصة حين تعيق الرأسمالية المهيمنة ذاتها أي نهوض ثقافي حقيقي في بلداننا المبتلاة بتفاهة المثقف وشراسة وانحطاط رجل الدين الذي لا يرحم، ناهيكم عن التخلف الاقتصادي والتبعية السياسية المطلقة.

فطوال عهود تاريخنا تحت مظلة السلطات الدينية ورجال الله لم تنشأ ظواهر علمية وثقافية حقيقية تأخذ شكل حركات وتجمعات واسعة تؤسس ملتقياتها ومنابرها ومدارسها لتوسيع رقعة الثقافة والعلم الذي تحمله وتنشرها في محيطها المجتمعي وتضمن ازدهارها وخلودها، ناهيكم عن تجذّرها وإحداث التراكم الضروري لبناء الصروح العلمية.

بل كان العلماء والمثقفون في مجتمعاتنا دائما أفرادا معزولين منعزلين قلائل مرصودين من قبل المحيط العام والسلطة وجواسيسها، وكانوا كذلك يفتقرون الى البعد الإنساني في فلسفاتهم وثقافاتهم وعلومهم فتعالوا على المجتمع وأحاطوا أنفسهم بهالة من العظمة الجوفاء وسعوا الى الاقتراب من قصور السلاطين والتكسب من علومهم، محكومين بنرجسية قاتلة. ولذا كان سهلا اقتناصهم وسجنهم وتعذيبهم وقتلهم وصلبهم بتهمة الكفر والزندقة والتمثيل بجثثهم وسط تهليل الجموع الهادرة المنتصرة لدين محمد وآله.

وهذا نقيض مباشر صارخ وواضح لما حدث في أوروبا حيث نجحت الحركة العلمية والثقافية في أن تكون تيارا هادرا لم يلبث ان انتصر رغم كل طغيان الكنيسة وقوى العالم القديم المنتفعة من تجارة الخرافة، لأنه ارتبط دائما بالإنسان وبالمجتمع وبالسعي لإحداث فارق في حياة الناس وخدمتهم والتماهي معهم.

فالعلم الغربي كان علما إنسانيا أولا وقبل كل شيء بعكس الظواهر العلمية والثقافية في المجتمعات الإسلامية التي ظلت دائما، وعلى ندرتها الشديدة، نخبوية فردانية متعالية على المجتمع،

ولا شك ان اتساع رقعة الجهل المتوارث وضيق الأفق الحضاري المرتبط بالبداوة واحتقار العلم والعامة معاً، لعبت كلها، وغيرها من العوامل، دورا في ذلك.

والحال نفسه ينطبق في عراق اليوم على الثقافة، أو ما يتراءى من فُتاتها ونثارها الهامشي التافه، وهو ما يصح أيضاً على عموم المجتمعات العربية والإسلامية. فالمثقف مرتزق أناني تابع خانع أساسا وهو لا يمثل إلاّ نفسه، بل ويجتهد لتمييز نفسه عن عامة الناس ويستنكف من تقديم خدمة للمجتمع لا ينال ثمنها "نقدا".

لذا فشلت كل الظواهر الثقافية المتمردة في بلادنا في أن تجذّر نفسها وتصبح جزءا من تراب هذه الأرض والناس يستحيل معه اقتلاعها. وحصل للمثقفين المتميزين من حملة مشاعل الثورة والتنوير الحقّ ما حصل للعلماء المستفردين طوال تاريخ الاسلام.

فالمثقفون العراقيون، ومن يسمّون هكذا، كانوا وسيبقون الخونة الأبرز للشعب ولحركة التطور والتحرر والحياة لأنهم يمثلون روح المثقف العنكبوت الذي يجسد كارثتنا الوطنية ولا يمكن تفسيرها إلا به. ففي كل الشرق المسلم كانت المشكلة دائما، وستبقى، هي هذا المثقف العنكبوت الكثير الأرجل:

رِجْلٌ منها في القرية والبداوة، ورِجْلٌ في المدينة والمدنية.

رِجْلٌ في الجامعة، ورجلٌ في الجامع وتعاطي مفردات "سيدنا" و"مولانا" المخاتلة مع ارتداء البدلة الغربية وربطة العنق وألقاب "الدكترة" الجوفاء.

رجلٌ في "دواوين القبائل" و"المضايف" ومجالس الفصل العشائري، ورجلٌ في "دواوين الرئاسة" وإدارة الانتخابات "الديمقراطية"، ولا بأس أن يتواطأ "قليلا" لصالح أبناء طائفته وقريته وذوي النفوذ من قادة المافيات السياسية ممن ينفعونه في "اليوم الأسود".

رِجْلٌ في ألاعيب التجارة والمساومات والصفقات الانتهازية و"الحيل العلمانية"، ورِجْلٌ في التطيّر من الحسد وأخذ الطالع بكتاب الله والمسبحة و"الحيل الشرعية".

رِجْلٌ في التنوير والتنظير والصحافة "الحرة" والكتابة عن ماركس وهيغل، ورِجْلٌ في البسملة و"غسل الجنابة".

رجلٌ في السعي الى الانتفاع من آخر ابتكارات العلوم والتقنيات ومنجزات الثورة الصناعية والتقدّم، ورجلٌ مع الايمان بالغيبيات والسحر والشعوذة والدجل والأدعية المقدسة في زيارات أضرحة الأئمة والأولياء.

رِجْلٌ في اليسار وبرودون وريجي دوبريه، ورِجْلٌ في اليمين والصدر والسيستاني والتملق للمالكي والبارزاني والعبادي.

رِجْلٌ في دعوات الطليعية واقتفاء خطى المجتمعات الغربية المتقدمة، ورِجْلٌ في طويريج والدغارة والأعراف والتقاليد والتغنّي بها ورفض التقدّم والانفتاح.

رِجْلٌ ضد سمير أمين وچومسكي، ورِجْلٌ في مغازلة فوكوياما وهننغتون.

رِجْلٌ في الأصالة بمعناها الأكثر رجعية، ورِجْلٌ في الحداثة الأكثر إنفلاتاً.

رجلٌ مع التعليم الحديث وإتقان اللغات الأوروبية والمعارف الحديثة والتخصص في الفلسفة والكتابة عن الدايلكتيك وتطاوله حتى على "تخلف" كارل ماركس "الرجعي"، ورجلٌ مع "مدارس الخوئي" الشيعية يأخذ أبناءه اليها بلا خجل ليضمن لهم تنشئة إسلامية قويمة على مذهب آل البيت الذين يقدس تراب قبورهم.

رِجْلٌ مع العشيرة والطائفة والقومية والوطنچيّة والحنين الى "طويريج" (بستان بابل المزعومة)، ورِجْلٌ مع الدولة الحديثة وحقوق الانسان والحريّات الفردية.

رِجْلٌ مع غرائزيته وبهيميته الجنسية وخياناته الزوجية والطعن في الظهر لأقرب أقاربه، ورِجْلٌ مع نفاقه ومزاعمه الأخلاقية ومحاضراته الفلسفية عن "الهيغلية" و"فويرباخ" والفلسفة الألمانية وتنظيره للفن الحديث.

رِجْلٌ مع الإبداع والسريالية والتنوير، ورِجْلٌ مع الموروث المهترئ والتزوير.

رِجْلٌ مع تحرر المرأة واعتاقها وتوليها أعلى ذرى الإدارة والزعامة وحقول الإبداع والفنون والمساواة بين الجنسين بالحقوق والواجبات، ورِجْلٌ مع وصاية الذكر على الأنثى وتكفينها بأردية التخلّف وأقفال العفّة وعزلها عن الحياة العامة وتقييد حركتها ووضعها موضع الشك والشبهة في كل حركاتها وسكناتها وفرض "أحكام الشريعة" في الإرث والزواج واغتصاب القاصرات وسلطة الأب، فيما يمارس مثليته الجنسية مع س عبد اللطيف وض السامرائي وغيرهما.

رِجْلٌ مع وعي المرأة الاقتصادي والاجتماعي والحرص والتوفير في النفقات لصالح الأسرة ومستقبلها ما دام الامر يخص زوجته وبناته، ورِجْل مع عزل أخواته وأمه وحرمانهن من استقلالهن الاقتصادي وسرقته حقوقهن وخيانته الأمانة وتبذيره المستهتر ونفقاته على نزواته خارج البيت وسكره وقماره في اسطبلات ومضمار سباق الخيل مع أصيل طبرة وصبيان عبد القادر عبد الله وهيمنته على ميزانية العائلة وتصرفه بلا ضمير بمواردها وما تمتلك وتبديدها كما يشاء.

رجلٌ مع حقّ بناته وأخوات زوجته وأقاربها في الاستهتار "معه" والاستمتاع الجنسي مهما تقدم بهن العمر، ورجلٌ مع استنكافه من الزواج هو نفسه بمطلقة أو أرملة ذات أطفال، بل والدفاع عن تشريع تزويج الطفلة القاصر رغما عنها، ولكن مع انفاقه حقوق أخواته على محظياته تحت عنوان "الزواج العرفي" و"الاستمتاع".

رِجْلٌ مع الطفولة ورعايتها وتشجيعها على الإبداع والتألق والإزدهار ومطالبتها بالشطارة والنجاح والتفوق في المدرسة، ورِجْلٌ مع ضرب الطفل والقسوة عليه وإنكار حقه في التفكير وطرح الأسئلة بدعوى "الحلال والحرام" والتهذيب والاحترام و"العصا لمن عصى" ومعاملته كناقص عقل وإدراك ووعي.

رجلٌ مع الحق والعدالة والتعامل النزيه و"يشهد الله" على كلامي و "بحقّ أرواح موتاي"، ورجلٌ في سرقة أموال أخيه وحقوق أبناء أخيه ليورثها لأبنائه هو.

رجلٌ مع المساواة بين الأقارب و"إيتاء حقوق ذوي القربى" و"صلة الرحم"، ورجل في ظلم أخواته والاستحواذ على حقوقهن لصالح زوجته المتخلفة وإطلاق العنان لإبنه ليستهتر على خطى أبيه ويبدّد ما سرق بلا نبضة وجدان.

وكل هذي الارجل متطرفة جدا وعلى الدوام.

هذا التطرف لأرجل المثقف العنكبوت العراقي المنافق الدعيّ يحتاج علاجا جذريا والعلاج صعب عسير، بل وشبه مستحيل، طالما ظلّ المثقف الشرقي مرتزقا يعيش مخبرا يتواطأ مع المافيات ويلعق فضلات السلطات والقوى المتحكمة بالمجتمع وبالاقتصاد وبمصادر القوة في البلاد وعصابات الأحزاب الفاسدة.

ولأن اقتصاد بلد كالعراق اقتصاد طفيلي والناتج الاقتصادي الاجتماعي خارج الطفيلية الاقتصادية تافه أو شبه معدوم، وبما أن معظم الحركة الاقتصادية في البلاد تقوم على التجارة الطفيلية والريعية والسمسرة، وليس على الدورة الاقتصادية المنتجة التي تصنع المستقبل والأمل والازدهار، فلا يمكن التحرر من هذه العقلية العنكبوتية واستئصالها، لأن النظام الاجتماعي الاقتصادي السياسي وبنية المجتمع وأخلاقياته تحتاج كلها الى هكذا مثقف عنكبوتاوي.

وهنا أربعة نماذج مبتذلة لهؤلاء:

* شاعر فلسطيني مبتدئ إنتمى للحزب الشيوعي الإسرائيلي وتسلق على جسد الرفيقة ريتا عشر سنين حتى صنع لنفسه إسما "ثوريا" وانتشرت قصائده بين العرب وبين مثقفي اليسار في أوربا، ثم تذكر انه عربي مسلم شريف جدا فنبذ ريتا "اليهودية" ووضع بينها وبين عينيه بندقية!

* فيلسوف مفلس ومسترزق عراقي متخبط وغادر، عراب الخيانات الشخصية والاجتماعية والعائلية وتزوير الانتخابات العراقية طوال أكثر من عشرين عاما لصالح المافيات القومية والطائفية مقابل امتيازات كبيرة حتى كوفئ أخيرا بوظيفة (أمين عام مساعد) في ثاني أسوأ وأتفه منظمة عالمية بعد الأمم المتحدة وأكثرها فسادا، اضافة الى راتب تقاعدي ضخم وامتيازات كثيرة أخرى.

* شاعر احترف كتابة الأغاني الشعبية والقصائد الفلاحية وتعرض للسجن بعدما صار شيوعيا مع الموضة وظل يخلط بين الشيعة والشيوعية.

أخرجه صدام التكريتي من السجن في أواخر الستينيات شرط توظيف اشعاره لخدمة أفكار البعث، فأنكر عراقيته تماما وبالغ بعروبيته واسلاميته حتى صار فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين، وبالغ بتمجيد الانتحاريين والقتل على الهوية الدينية وتلذذ بسيول الدم في الشوارع.

وطوال نصف قرن مرت على العراق ثلاث حروب مدمرة وحصار رهيب أكل الأخضر واليابس وحصد مئات آلاف الارواح البريئة، لم يكتب عنها حرفا واحدا، لكنه أشاد بجهيمان العتيبي السلفي السعودي واعتبره مثلا أعلى للثورة أسوة بخميني ايران في تناقض مضحك يميز المثقف العنكبوت الأحمق،

وبينما شتم كل زعماء المشرق العربي لم يتطاول ابدا على صدام التكريتي وقذافي ليبيا ونظاميهما، فيما بالغ في شتم حكام الخليج بأقصى بذاءة استطاعها ثم ذهب ليموت تحت أقدامهم منطفئا ذليلا.

* معمم كوميدي ومتمرد دجال، ظل يدعو الى دولة لا دينية ويشتم الأحزاب الدينية ويقبض من التلفزيونات العربية وغير العربية، حتى حصل أخيرا على اللجوء السياسي في أمريكا، ومن هناك صار يتهم الأكراد بالانفصالية ويشتم المسيحي لأنه "أغلف" (غير مختون على الطريقة الإسلامية!)

وجوه مشرفة للثقافة العربية العنكبوتية!

* * *



#محمد_يعقوب_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة المصمم الذكي والتقدم الى الخلف لدى الربوبية
- تركيا أوردوغان راعية العقيدة وحامية حمى الاسلام
- فقاعة الاسلام العصري ومواكبة الحداثة
- مخاطر الاستغلال الجنسي والبدني للأطفال والقاصرين من قبل الما ...
- موسوعة (الكون) ومحاورات الإسلاميين عن الخالق
- أرقي وشيء فيك
- حَنِين
- ماركس يعود الى واجهة الفكر الانساني وتحولات المستقبل بأعظم ق ...
- سراج الحب الأول
- رَذاذ
- يعقوب
- الديمقراطية الإسلامية وشرعية المعاصصة الانتخابية ومهام النهض ...
- خرافة الفكر الإسلامي ومآخذها
- العلمانية ضرورة لازمة للتطور الانساني وجذوة الأمل
- حتمية التصادم وإستحالة التوفيق بين العلمانية والدين
- بنفسج
- نار الخيمة ترفد شعلة الثورة
- الاسلام والمرأة
- هَوى كلُّ قلبي
- حماية الطبيعة


المزيد.....




- صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة ...
- مقتل صحفيين فلسطينيين خلال تغطيتهما المواجهات في خان يونس
- إسرائيل تعتبر محادثات صفقة الرهائن -الفرصة الأخيرة- قبل الغز ...
- مقتل نجمة التيك توك العراقية -أم فهد- بالرصاص في بغداد
- قصف روسي أوكراني متبادل على مواقع للطاقة يوقع إصابات مؤثرة
- الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما لمتضامنين مع سكان غزة
- ما الاستثمارات التي يريد طلاب أميركا من جامعاتهم سحبها؟
- بعثة أممية تدين الهجوم الدموي على حقل غاز بكردستان العراق
- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد يعقوب الهنداوي - المثقف العنكبوت والنهوض المستحيل لأمة تعشق انحطاطها