بافي رامان
الحوار المتمدن-العدد: 1736 - 2006 / 11 / 16 - 10:37
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
كلما تعمقنا في هذا الموضوع ندرك جيدا مدى استغلال الدين الاسلامي ابشع استغلال من قبل الارهابيين سواء كانوا حكام و سلطات استبدادية شمولية من خلال الارهاب المنظم على شعوبهم بشكل خاص و شعوب المنطقة بشكل عام ، و كذلك من قبل المنظمات الارهابية ، و حتى من قبل بعض الرجال الدين الذين استغلوا الدين بشكل انتهازي للتوصل الى مراكز مرموقة في الدولة من خلال مدحهم للسلطات الاستبدادية و التصفيق لهم ، و كذلك حتى استغلال الدين من قبل الدول الكبرى للسيطرة على شعوب المنطقة ، و ذلك من خلال استغلال المعتقدات الدينية عند اغلبية الشعوب و انتشار الجهل و الامية و الفقر و البطالة ووجود اعتقادات خاطئة للدين و الاعتقاد بالمشعوذين و الدجالين ، ومن جهة اخرى نتيجة ممارسات و اساليب الطغاة و الحكام الاستبداديين على شعوبهم و اعتبارهم خارج التاريخ فلا يجدون طريقة اخرى الامن خلال ان الله قد يعوضهم في الاخرة ، فمن هذه الممارسات بحق شعوبهم القتل و التشريد و التهجير القسري و الابادة الجماعية و محاربة العلماء و الفلاسفة ، لان هؤلاء الحكام مرتبطين بشكل مباشر او غير مباشر بالدول الكبرى و المافيات العالمية و تجار السلاح ، وان من يصنع السلاح لابد ان يجد لها ارضية خصبة لبيع منتجاتهم و لذلك لا بد من خلق حروب و توترات في المناطق الاكثر فقرا في العالم و الاكثر غنى من ناحية الثروات الطبيعية من الخامات النفطية و الفوسفات و الذهب و المياه ،
لذلك من خلال ذلك يمكن استغلال الدين بكل سهولة للسيطرة على عقلية البسطاء و المريديين و الصوفيين التابعيين للطرق الدينية و المرجعيات ، ولان اغلبية الرجال الدين يعرفون كيفية استغلال الدين من خلال طرق ملتويئة و تفسير القرآن حسب اهواءهم و ارضاءا لمصالحهم و مصالح اسيادهم سواء كانت من الانظمة الاستبدادية المحلية او حكام الدول الكبرى ، و من خلال ذلك يمكن ان نسلط الضوء على ممارسات تنظيم القاعدة و كيفية تشكيلها ؟ فمن هو اسامة بن لادن مؤسس و زعيم هذا التنظيم هو اسامة بن محمد بن عوض بن لادن ولد في الرياض في المملكة السعودية لآب ثري و الذي كان يعمل في المقاولات و اعمال البناء و الانشاء و كان ذو علاقة قوية مع عائلة آل سعود الحاكمة ، ترتيب اسامة بين اخواته هو 17 من اصل 52 أخ وأخت و نتحدر عائلة بن لادن من حضر موت في اليمن درس الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة ، و بعد تخرجه تولى ادارة الاعمال شركة والده و تحمل بعض المسؤوليات عن ابيه ، وبعد وفاة الوالد ترك لهم ثروة تقدر ب 300 مليون دولار ، مكنته ثروته و علاقاته من تحقيق اهدافه في دعم ما عرف بالمجاهدين الافغان ضد السوفيت في عام 1979 ، و باعاز من الامريكان و آل سعود في المملكة السعودية ، و في عام 1984 اسس بن لادن منظمة دعوية باسم (( مركز الخدمات )) و قاعدة للتدريب على فنون الحرب و العمليات العسكرية مثل (( معسكرات الفاروق )) لدعم و تمويل المجهود الحربي (( للمجاهدين الافغان )) و (( للمجاهدين العرب و الاجانب فيما بعد )) ، دعمتهما (( المنظمة و المعسكر )) كل من امريكا و اسرائيل و باكستان و العربية السعودية ، و تلقتا الدعم المادي و المعنوي من التدريبات العسكرية و الامنية من هذه الدول ، بل و تلقتا التدريبات من جهاز المخابرات الامريكية حسب تقرير محطة الBBC الاخبارية .
و في عام 1988 ، اشتهر بن لادن عمله في افغانستان بانشاء سجلات القاعدة لتسجيل بيانات المجاهدين ، و انضم اليها المتطوعين من (( مركز الخدمات ))ذوي الاختصاصات العسكرية و التاهيل القتالي ،و بعد انسحاب السوفيتي من افغانستان اعتبر اسامة بن لادن البطل القومي من قبل العربية السعودية ، و نتيجة هذا الدعم و الشهرة لاسامة بن لادن رأى في نفسه بانه يمكن ان يكون زعيم اكبر من الداعمين له و وقع في جنون العظمة لانه وجود نفسه خلال فترة قصيرة و بجهود هؤلاء الدول انه رجل مرغوب به ووجود ارضية خصبة جدا لكسب المريدين الميؤسين من الحياة نتيجة ممارسات الانظمة الاستبدادية في المنطقة و عرف كيف يستغل الاسلام للسيطرة على عقول العالم العربي و الاسلامي و انه تعلم اللعبة السياسية في المنطقة و توقع انه يمكن ان يسيطر على بعض المناطق في الشرق الاوسط ، و خاصة بعد ان عرف ان الصراع في افغانستان لم يكن كما كانوا يدعون انه بين المسلمين و الكفار و انما كانت الصراع بالاساس هو صراع اقتصادي و للسيطرة على المنطقة فما جرى كانت لخروج السوفيت و السيطرة على انابيب النفط و الغاز من جهة و للسيطرة على اكبر دولة تنتج المخدرات و لقطع الطريق امام الدول جنوب اسيا و السوفيت ، لذلك بعد انسحاب السوفيتي سرعان ما تلاشى هذا الدعم ، حين هاجم بن لادن التواجد الامريكي في السعودية ابان غزو العراقي للكويت عام 1990 و اسفر ذلك بخروج بن لادن الى السودان و تاسيسه لمركز عمليات جديدة هناك ، و بعدها غادر السودان ىمتوجها الى افغانستان نتيجة علاقته القوية مع حركة طالبان .
و في عام 1998 تلاقت جهود بن لادن مع جهود ايمن الظواهري الامين العام لمنظمة الجهاد الاسلامي المصرية ، و اطلق الرجلان فتوى تدعو الى قتل الامريكان و حلفاءهم اينما حلوا و جلائهم من المسجد الاقصى و المسجد الحرام لكسب عطف البسطاء و المستضعفين من المسلمين ، و لكن سؤال يطرح نفسه ؟ كم عملية عسكرية تكت حتى الان من قبل تنظيم القاعدة في الاراضي الاسرائيلية ؟ و بالمقابل كم قتلوا من الابرياء و العلماء و اساتذة الجامعات في الدول العربية و الاسلامية ؟ و ما مقدر الاذى الذي الحقه بالانظمة الاستبدادية بالعكس كل اعمالهم تخدم هذه الانظمة و تدافع عن مصالحهم ؟
و لكن اسامة بن لادن كشخص و تنظيم القاعدة كمنظمة اشتهرت بعد احداث 11 من سبتمبر ( ايلول ) رغم ان بن لادن اعلن برائته من هذه الاحداث بالصوت و الصورة في بدايتها و لكن اصرار الولايات المتحدة الامريكية عليه فانه نفسه صدق و اقتنع ، باه هو الذي ارتكب هذه الجريمة النكراء بحق الابرياء و شوهوا صورة الاسلام كدين في الغرب و ارتبطه بالارهاب ؟ لان الولايات المتحدة مع انظمة عربية محافظة ( السعودية ) دعما نشاط الاسلام السياسي كايديولوجية و كحركة سياسية اجتماعية ضد النزعة العلمانية الليبرالية عند شعوب المنطقة ، و من جهة اخرى دعمهما للانظمة الديكتاتورية الاستبدادية الشوفينية ضد شعوبهم ، و ازداد التيار الاسلامي السياسي كظاهرة بعد الثورة الاسلامية في ايران ، لان نظام الملالي الرجعي في ايران استغل الدين للسيطرة على الشعوب الايراني و اضطهادهم من الكرد و اذربيجان و حتى الفرس الوطنيين و الديمقراطيين من خلال استغلالهم للدين و اطماعهم في انتشار الامبرطورية الفارسية ، و في هذه الظاهرة تم انتاج ظاهرة تنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن . الذي خرج من معطف الحرب الافغانية ضد السوفيت ، و سؤال يطرح نفسه دائما لماذا انتشر هذه الظاهرة الاصولية بهذه السرعة ؟ فان السبب الاساسي هو غياب الديمقراطية الحقيقية في المنطقة و تهميش اغلبية شعوب المنطقة و اعتبارهم خارج التاريخ من قبل الانظمة الاستبدادية الشمولية ، لذلك و كما قلنا سابقا فان هذه الحركات الاصولية ووجدت ارضية خصبة لاستغلال هؤلاء البسطاء من الناس و دعوا الى تحالفات طبقية بين المحرومين في المدن و الحضر و انتلجينيسيا ( المثقفين ) الذين يمثلون الهامشين و هم الاغلبية العظمى في مجتمعات الشرق الاوسطية ليسعوا الى الوصول الى السلطة السياسية عن طريق استغلالهم للدين ، و جعلوا من الاسلام ستار لتحقيق اهدافهم و اهداف الاخرين من المافيات العالمية و تجار السلاح و غسيلي الاموال و الانظمة الاستبدادية ، و يخدعون الناس بشعارات اسلامية و دينية ، فهم اخطر من سواهم من المنافقين الظاهرين كالبعثيين لانهم يستخدمون اقوال الله تعالى و احاديث الرسول الكريم و الذي لا يستطيع الانسان البسيط الا التسليم له و لهذا فان الله تعالى قد يمكن الفاسق المتجاهر بالفسق و لا يمكن و يفضح من يستخدم الدين للدينا لان البسطاء في كثير من الحالات لا يفرق بين رجل الدين و الدين نفسه ؟
فان الارهابي اسامة بن لادن ، يدعوا في كل مرة الى تحريض البسطاء على الارهاب من خلال دعواته الزائفة الى الجهاد ضد الصليبين من خلال محاربة الامريكان في العراق و السعودية و السودان و كثير من الدول الاخرى ، و الهدف من ذلك لخلق البلبة و الرعب بين ابناء الشعب الواحد و لقتل الابرياء .
فكم قتل حتى الان من القوات الامريكية من قبل تنظيم القاعدة في العراق مقابل قتل الابرياء ؟ وانما كل الادلة تشير الى ان هؤلاء الارهابيين يحاولون ان يزرعوا بذور الفتنة الطائفية و ليثبتوا للعراقيين ان النظام الطاغي البائد هو انسب نظام لهم و لافشال التجربة الديمقراطية الفيدرالية ؟ فهل شهداء جسر الائمة كانوا صليبين ؟ ام قتل القيادات الكردية في اول يوم العيد الفطر السعيد خلال استقباله للضيوف مثل الشهيد سامي عبدالرحمن و الاخرين صليبين ؟ ام اختطاف الموظفين من وزارة التعليم العالي صليبين ؟ ام قتل العلماء واساتذة الجامعات صليبين ؟ ام قتل الكثيرين من العمال في الاسواق العامة و الموظفين الذين ينتظرون الحصول على رواتبهم صليبين ؟ و.................................. ؟
فمن خلال هذه الاعمال الارهابية يثبتون للعالم اجمع بانهم يريدون ان يرجعوا بالطاغية صدام للحكم ، و لافشال التجربة الديمقراطية الفيدرالية لكي لاتكون خطرا على بقية الانظمة الاستبدادية الشمولية ؟ فلو كانوا يحملون ذرة الاسلام و الدين الاسلامي فالافضل لهم ان يحاربوا الانظمة و الحكام الديكتاتوريين ، لان هذه الحكومات تدعي بالاسلام و تستخدم الاسلام و المسلمين شماعة لمقاتلة المسلمين قبل الاخرين ، و تستخدم الدين الاسلامي شماعة لحرق القرى و قتل الابرياء و المواطنيين العزل كما حصل في مدينة حلبجة و مناطق خورمال عندما استخدم بحقهم الاسلحة الكيماوية المحرمة دوليا من قبلالنظام الظاغي البائد في العراق مجرد انهم اكراد ، واغتصاب الفتيات ايام الطاغية في العراق رو الان في دارفور و مناطق اخرى في المنطقة ، و من المفروض ان يخوض زعيم الارهاب حربا ضد هذه الحكومات الارهابية و ليس ضد ما اسماهم الصليبين ، لان المشكلة في الشرق الاوسط ليست مشكلة دين و اسلام و ليست بين المسلمين و الصليبين ؟
ان الدين الاسلامي كدين لم يرضى بالغدر و لا الخيانة حتى مع الاديان السماوية الاخرى و لم يرضى بقتل الامنيين و الابرياء لان دين السلم كما قال الله تعالى (( و لا تقتلوا النفس التي حرم الله )) ، و يبدو انه مختبىء و مختفي عن الاحداث التي تجري في العالم لانه مخبىء في جبال طورا بورا في الكهوف ، مثل زعيمه صدام حسين الذي اختبىء في جحور الخلد و بين البساتين في تكريت ، و لا يسمع بان هناك الملايين من الابرياء تقتل في العراق و دارفور على يد الارهابيين ، و لم يسمع بقتل الناس في دارفور على يد الحكومة السودانية و ملايين من البشر تركوا منازلهم و ديارهم و مدنهم خوفا من هجمات الحكومة و مليشيات الجنجويد عليهم ، و لم يسمع هذا الارهابي بان هناك الاف من الفتيات اغتصبن من قبل الجيش و مليشيات الجنجويد ، اين اسامة بن لادن لكي يحافظ على ارواح علماء الدين مثل الشهيد الشهداء الشيخ معشوق الخزنوي عندما اختطف من قبل الحكومة البعثية الاستبدادية في سوريا و تم تعذيبه و قتله و الان ابنه الشيخ مرشد الخزنوي مطارد من هذه الحكومة و ابنه الاخر مراد الخزنوي رهن الاعتقال ، اين كان اسامة بن لادن عندما تقاطرت المنظمات الانسانية الغربية من كل صوب بتقديم الدعم و المساعدة الانسانية لانقاذ الشعب العراقي و الشعب في دارفور من الموت ؟ ؟؟؟؟ اين كان اسامة بن لادن عندما طالب المجتمع الدولي و الغرب بايقاف الابادة الجماعية و التطهير العرقي في عام 1991 في العراق و الان في دارفور و المطالبة بمحاسبة مرتكبي جرائم الانسانية و تقديمهم للمحكمة الدولية ؟ بل اين كانت و مازالت منظمات الاغاثة الاسلامية و منظمات الاغاثة العربية من ماساة الشعب العراقي و الشعب في دارفور ...... و ماذا قدمت للمتضريين ؟ غير تصدير لهم الارهابين من بلدانهم ؟ ماذا فعل اسامة بن لادن سوى تحريضه لابادة المسلمين و قتلهم في العراق و فلسطين و الشيشيان و البوسنة و الهرسك و افغانستان .............. بدعوى الجهاد ؟ ما هو ذنب عشرات الاف من المواطنيين الابرياء الذين لقوا حتفهم في احداث الحادي عشر من سبتمبر و الذي بسببه اعلنت امريكا و بقيت الدول الغربية محاربة الارهاب ؟ و اذا كان الارهابي حريص على الاسلام و المسلمين لماذا لا يظهر ليقاتل الصليبيين بنفسه ؟ لماذا يختبىء ؟ لان الزعيم الكردي صلاح الدين الايوبي عندما حارب الصليببين كان امام قواته و مع جيشه ؟ وللموضوع تتمة.
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟