أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيل الساعدي - (الأنتليجنسيا* العراقية) ما لها وما عليها















المزيد.....

(الأنتليجنسيا* العراقية) ما لها وما عليها


حسين عجيل الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 7766 - 2023 / 10 / 16 - 02:34
المحور: الادب والفن
    


تعد إشكالية المثقف والسلطة إحدى الاشكاليات الساخنة، ومحورا للنقاش والبحث والتنظير في الساحة العراقية، هذه الإشكالية الكبرى تعاني منها الطبقة المثقفة العراقية (الأنتليجنسيا Intelligentsia)،
التي تعتبر الأداة الأولية في عملية الاصلاح الجذري الذي ينطلق من بناء الذات وتصحيح مسارها ثم أصلاح بنية النظام السياسي والاجتماعي.
إن معظم نقاشات الطبقة المثقفة في العراق في عملية الاصلاح السياسي والاجتماعي لا تتجاوز المستوى النظري، والترف الفكري في الطرح، الذي لا طائل من ورائه، وهذا خلل منهجي تعاني منه هذه الطبقة في الساحة الثقافية العراقية، وغياب دورها أمام فوضى الإعلام وأنزلاق البعض منها في متاهات الجهل والتفاهة، فيفقد المثقف في ظل هذه الفوضى توجهه، ويصبح المجتمع عرضة لكل أشكال الابتذال، وفقدان المعايير الاخلاقية. فالمثقف ينبغي أن ينطلق من قاعدة الرفض للواقع البأس وفهم وإدراك أبعاده، ولا يلزم الصمت ازاء مايدور حوله من احداث.
سؤال يحتم علينا ان نطرحه، ما هي مكونات الطبقة المثقفة العراقية؟ وهل نعد الاتجاهات السياسية في الساحة العراقية (القومية والإسلامية والليبرالية واليسارية) كأطر سياسية ضمن مكونات (الأنتليجنسيا العراقية)؟.
هناك ضبابية في تشخيص الطبقة المثقفة واستقلالها وفرزها عن الاطراف المؤدلجة. لو اردنا إن نطلع على الطبقة المثقفة في العراق، نرى في مكوناتها أن تشكل فواعل اساسية في الساحة الثقافية والاجتماعية العراقية، ومكونات هذه الكبقة هم الشعراء والادباء والعلماء والمعلمون والاكاديميون والمهندسون والمحاميون وفنانون والتشكيليون والصحفيون وغيرهم، هؤلاء هم من يشكلون الاطار العام للأنتليجنسيا. هذا التنوع في الطبقة المثقفة، يجعلها أن تفكك اشكالية أن تكون الاحزاب السياسية وواجهاتها الاعلامية الغارقة في السلطة وفسادها من كونها (منظمات غير الحكومية)، أو ما يسمى (منظمات مجتمع مدني)، وبيان أن هذه الاحزاب عبارة عن مكونات سياسية، وايديولوجية تدور في فلك النظام السياسي والطامحة في الوصول الى هرم السلطة. يقول الروائي "توفيق الحكيم" عن مكانة الانتلجنسيا من السلطة : (الحكم الديمقراطي أو الشعبي لا يستطيع في كل الأحوال أن يخفض صوت الفكر الحر قهراً أو غصباً، ولكنه يستطيع أن يلغي وجوده إلغاءً بأن يستدرجه إلى حظيرة السياسة العملية. ومتى دخل رجل الفكر تلك الحظيرة فقد بطل نقده وتفسيره وتوجيهه)، فالمثقف الذي يمثل الجانب الخلاق في الفكر الاجتماعي والسياسي، أن لا يخضع للشروط الطبقة السياسية، والحذر من أن يستدرج وأن يأدلج من قبل هذه الطبقة وجره الى مستنقع العملية السياسية وفسادها، فيفقد حينها كل توجهاته النقدية ويلغي وجوده الفاعل في الساحة كمثقف حر ومستقل، وان لا يكون كما يقال في بعض الأوساط الفكرية الفرنسية (كلب حراسة) لمنظومة الفساد السياسي، لأن مجال المثقف يختلف عن مجال السياسي.
إن على النخب الثقافية التي تتسم بالقدرة على التفكير ورجاحة العقل، أن لا ترتهن بحزب او قبيلة او طائفة أو قومية، حتى تستطيع أن تمتلك التحليل الموضوعي العلمي والنقدي في عملية الإصلاح الشامل للبنية السياسية بكل مكوناتها، ومحاربة فسادها وتفعيل دور القانون وإنشاء نظام سياسي يكفله الدستور، والتوجه في نشر الثقافة المجتمعية بين طبقات المجتمع، والانشغال في عملية تفكيك المشكلات الأخلاقية والاجتماعية، والاقتصاية والابتعاد عن التصورات المبهمة للواقع، والميل إلى نكران الذات، ونبذ الولاءات الفئوية والمناطقية والقومية والطائفية التي تؤدي الى الانغلاق الفكري والى تقلبات اقتصادية وازمات سياسية، ومعالجة الخلل البنيوي في النظام السياسي. فينبغي أن يدرك المثقف العراقي ذات الوعي الأصيل مسؤوليته في أحداث فارق نوعي وايجابي في حياة الاجتماعية والسياسية وان يكون القوة المحركة والدافعة من خلال استثمار معارفه في تطوير الواقع في جميع جوانبه، وإدانة كل مظاهر الفساد المالي والاداري والسياسي، ورفض مطلق للأوضاع القائمة عن طريق الفكر المنضبط والمنظم والمرتكز على الدستور والقانون، والتفكير في حلحلت المشكلات الحقيقية التي تعيق تقدم البلاد ويعاني منها المجتمع.
ما الذي تستطيع أن تؤديه الطبقة المثقفة العراقية في ظل تشتتها في هذه المرحلة؟
إن العراق اليوم يعيش مرحلة حرجة، تتمثل في تحديات شتى ومن هذه التحديات الحفاظ على اللحمة الوطنية من خلال درء خطر الحرب الأهلية، والتوتر الطائفي، ومقاومة الإرهاب، ومحاربة الفساد، فعلى الطبقة المثقفة أن توحد صفوفها من خلال خطاب وطني موحد وواعي، وأنْ تمارس دورها الفاعل في إشاعة المفاهيم (الحضارية والديمقراطية) التي يفتقر إليها الشارع العراقي اليوم إلى حد كبير.
في العراق يعتبر شارع المتنبي الرئة التي يتنفس منها المثقف العراقي نسيم الحرية بأفقها الرحب الواسع، ففيه تشكلت الجماعات الثقافية والاتحادات والمنتديات الادبية بكل أجناسها بشكل تلقائي وملفت للنظر، بعيداً عن التعصب الديني والمذهبي والقومي، حتى تسمى شارع المتنبي بـ(بورصة المعرفة). فهو فضاء واسع للمدنية والثقافة وللأدب، وواجهه حضارية مشرقة، ومستودعاً لمن خالف رأيه توجهات السلطة وطبقتها السياسية.
إن أنتليجنسيا شارع المتنبي لها القدرة على وضع المفاهيم والتقاليد الثقافية التي توحد أبناء المجتمع وتفكيك خطاب الإيديولوجيات الطائفية والعنصرية والسياسية المتشددة والمتناحرة، والذي بفعل هذا الخطاب أرادوا أستغلال جهل العامة من الناس، وأشاعة الأزمات الأقتصادية والصدمات الأجتماعية وما خلفه النظام السابق من تركة ثقيلة من المآسي والويلات في أستثمارها في مرحلة مابعد سقوط النظام السياسي في العراق.
هنا ينبغي أن يبرز الدور الحيوي للمثقفين العراقيين والمسؤولية التي تقع على عاتقهم، كونهم يشكلون شريحة متميزة داخل المجتمع بسلوكهم وأفكارهم وذوقهم، وأن يعملوا كجماعة ضاغطة من أجل قضايا المجتمع، لان المثقف (هو الذي يضع أوسع نظرة لتغيير المجتمع وأشملها، وهو الذي يعمل لصالح القطاعات العريضة فيه، وهو الذي يتميَّز بما لديه من قدرة على النقد الأجتماعي والعلمي).
أن الأنتليجنسيا العراقية ينبغي أن تمثل (لوبي ضاغط) على الكتل والأحزاب السياسية بكافة توجهاتها التي عاثت في المجتمع فسادا، ومنعها من الأنفراد بالقرار السياسي، ووضعها للآليات التي تساعد على نشر ثقافة السلم الأهلي والتسامح الديني بين مكونات المجتمع والحوار الحضاري البناء وأشاعة ثقافة الرأي والرأي الآخر واحترام الافكار البناءة، والاستماع إليها، ومناقشتها بكل موضوعية، من خلال تفعيل الحراك الثقافي والأدبي والأجتماعي في أروقة شارع المتنبي عن طريق وسائل الأعلام بكل تنوعاتها المرئية والمسموعة والمكتوبة، وتثقيف العقل الجمعي العراقي بما يتلائم وطبيعة المرحلة التي يمر بها العراق. ويكون المركز الثقافي البغدادي وحدائق القشلة والاتحادات والمنتديات مركز جذب للفرد العراقي في أوسع تجمع ثقافي يشهده العراق بعد 2003. حتى يصبح كـ(هايد بارك عراقي) قل نظيره في الدول العربية ومنطقة الشرق الاوسط، من خلال استغلال فسحة الحرية المتاحة له، فالمثقف على حد تعبير "سارتر" هو (إنسان يتدخل ويدس أنفه فيما لا يعنيه)، والمثقف العراقي ينبغي أن يدس أنفه فيما يعنيه لانه جزء من حراك شعبي ووطني. وأن يعمل على توجيه الرأي العام والتأثير على السلطة.
فعلى الأنتليجنسيا العراقية المتمثلة بالطبقة المثقفة والنخب الأكاديمية الواعية المنتجة للفكر الصحيح والحامية له، تقع عليها مسؤولية تاريخية في دعم المسيرة الديمقراطية في العراق الجديد، وأعادة الوجه المشرق للشخصية العراقية التي عانت من الأضطهاد والقهر السياسي والفكري والأجتماعي، والأرتقاء بها، وصياغة وعي حضاري جديد، والانصراف الى نشر الوعي في المجتمع، وأن يكون لها موقف من القضايا العامة، وأن لا تشكل نخبويتها، اشكالية في علاقتها مع الناس الذي ينبغي أن تكون متكلمة بأسمهم.
فالمثقف ينطلق من قاعدة الرفض للواقع البأس وفهمه وإدراك أبعاده، ولا يلزم الصمت ازاء مايدور حوله من احداث، فهو يمتلك إمكانية إنتاج خطاب فاعل يؤثر في المجتمع.

---------------------------------
* حسب تعريف معجم أكسفورد لعلم الاجتماع يشير مصطلح الانتلجنسيا (intelligentsia) إلى طبقة المتعلمين بصورة عامة في أي مجتمع، وإلى المثقفين والمعنيين بشؤون الفكر على وجه التحديد. وقد ظهر استخدام هذا المصطلح في القرن التاسع عشر في روسيا وبولونيا.



#حسين_عجيل_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رَقِيمُ الطفولةِ قراءة في نص الشاعر -علي الوائلي- (شيء من ال ...
- تجليات البنية السردية في نص الشاعر الدكتور -علي لعيبي-
- بُلبالة- السومرية..شاعرة أم مغنية؟
- تكثيف العبارة وأختزال المعنى في نص الشاعر -يحيى السماوي- ...
- -إنخيدوانا- (هي التي كتبت) الأميرة ، الكاهنة ، الشاعرة
- الريادة السومرية للحداثة - رؤية -
- (حكمة سومر أم فلسفة اليونان)
- البنية التركيبية والدلالية قراءة في نص الشاعر -حميد الساعدي-
- صراخ الصمت المقيد قراءة في نص الشاعر -مازن جميل المناف- (معا ...
- دلالة المدينة قراءة في نص الشاعر -علاء الدين الحمداني-
- من هو ؟!! في ديوان الشاعر -فاضل حاتم- (وحده يكتب وصاياه الأخ ...
- التمركز حول الذات قراءة في ديوان الشاعر -فاضل عباس- (أتكون ...
- سيميائية العنوان في ديوان الشاعر -كمال الشاطي- (صخب الصمت)
- العنونة وثنائية الضوء والظل قراءة في ديوان الشاعر -د.علي حسو ...
- نص الجسد و لذة النص قراءة في نص الشاعر -فائز الحداد- (هيبتان ...
- الأنا والآخر قراءة في نص الشاعرة التونسية -د. آمال صالح- (ال ...
- وخزات اللاوعي) في شعر -جاسم ال حمد الجياشي-
- الصورة الذهنية في ديوان الشاعر علاء الدين الحمداني (زغ ...
- دراسة في نص الشاعر -جاسم آل حمد الجياشي- (أوهام موصدة / ومفا ...
- فيافي الغربة


المزيد.....




- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيل الساعدي - (الأنتليجنسيا* العراقية) ما لها وما عليها