أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نجم خطاوي - من أجل أن لا يطول إنتظار شاكر الدجيلي ( أبو منير ) طويلا خلف القضبان















المزيد.....

من أجل أن لا يطول إنتظار شاكر الدجيلي ( أبو منير ) طويلا خلف القضبان


نجم خطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1733 - 2006 / 11 / 13 - 09:50
المحور: حقوق الانسان
    


في شتاء عام 1979 وصلت مدينة ( براشوف ) الرومانية ملبيا دعوة صديق لي يدرس الهندسة في جامعة هذه المدينة . هذا الصديق تربطني به علاقات الدراسة والزمالة , يوم كنا طلابا في نفس الثانوية , ويوم كنا سوية وسط صفوف اتحاد الطلبة العام , قبل أن يتم تجميد نشاط هذه المنظمة , وليرحل بعدها هذا الصديق للدراسة في دولة رومانيا .
الرحلة في القطار , من مدينة براغ التشيكية , حتى براشوف , طويلة ومرهقة , خفف من تعبها احتفاء صاحبي وحرارة اللقاء به واستذكار المدينة والأصدقاء في الوطن . كنت في تلك الأيام أعيش وأعمل في معمل للحديد في براغ , التي قدمتها في تموز 1979 هاربا من جحيم دكتاتورية صدام .
كانت سعادتي لا توصف بلقاء صاحبي , بعد أربع سنوات من الفراق . وجلسنا نستذكر شوارع المدينة , وأزقتها ومقاهيها , والأصدقاء , وأيام المراهقة والفتوة , والكفاح في صفوف اتحاد الطلبة العام , ومضايقات رجال الأمن , وغيرها ... .
ولم ينغص تلك السفرة شئ , سوى مشاهداتي لحالة زميلي هذا , ولزميلين كانا يشاركانه الدراسة في جامعة هذه المدينة , إذ كانوا يقضون أيامهم وسط التوتر والترقب وانتظار المجهول متأهبين للرد على هجوم الآخرين .
وخلاصة الأمر أن صديقي وصاحباه كانوا الطلبة الشيوعيين العراقيين الوحيدين الذين يقيمون في هذه المدينة , والنشطين في جميع الفعاليات السياسية والتضامنية التي تقام في هذه المدينة , وسط جيش من الطلبة القادمين للدراسة على نفقة الحكومة , والذين قدموا على نفقتهم الخاصة , وكان اغلبهم من الموالين للسلطة , ويكنون العداء للحزب الشيوعي العراقي , ولكل من يناصره . وكانوا لا يرتاحون كثيرا لنشاط صديقي وزميليه , وتفانيهم في سبيل فضح الإرهاب في العراق يومها .
لقد انتابني العجب وأنا استمع لقصة المعركة التي خاضها صاحبي هذا مع شلة منهم هاجمته قرب الجامعة , وكان وحيدا , وكادوا أن يقتلوه , رغم مقاومته لهم . وقد رقد لأيام في مستشفى المدينة . والذي زاد عجبي إن صاحبي هذا , قد سور باب غرفة سكنه في القسم الداخلي , بسلك كهربائي , ربطه بزر على الحائط قرب سرير نومه , والسبب هو خشيته من هجوم طلبة منظمة الاتحاد الوطني , ورجال مخابرات النظام في العراق , من الذين شاركوه السكن والعيش في نفس القسم الداخلي الطلابي , وفي الأقسام الداخلية المجاورة .
وكنت أظن بأني سوف لن اسلم من معركة حامية الوطيس معهم . ولكن السفرة مضت في سلام , واحتفلنا بمقدم العام الجديد هناك وسط الثلج وأضواء المدينة وأفراح الناس .
في اليوم الذي نويت فيه العودة إلى مدينتي براغ , وصلت إلى صديقي أخبار من زملائه في (بوخارست) , تتحدث عن إصابة أحد الطلبة من زملائنا ( شاكر ) الدارسين في دولة بولونيا , بإصابات بليغة , بعد تعرضه لهجوم من قبل طلبة منظمة الاتحاد الوطني , وبعض رجال السفارة العراقية . وكتب زميلي وصديقاه مذكرة للتنديد بهذا العمل , وعبروا عن تضامنهم مع زميلهم ( شاكر ) .
حين وصلت مدينة براغ , قرأت أيضا بيانا للتضامن مع الطلبة التقدميين في جمعية الطلبة العراقيين في بولونيا الذين تعرضوا للهجوم , ومع زميلهم المصاب ( شاكر ) .
ومضت الأيام , ونسيت الحدث هذا , بعد أن دارت بي الدنيا دورات ودواليب .
في عام 1992 وصلت السويد , التي ستصير لاحقا منفاي الأخير . في الأيام الأولى ومن خلال نادي 14 تموز الديمقراطي العراقي , في منطقة ( ألفيك ) في ستوكهولم , تعرفت على مجموعة من الناس العراقيين الطيبين . وكان هذا المكان يجمعهم في كل يوم جمعة عصرا , حيث يلتقون للحديث والسمر , ولإحياء المناسبات الوطنية والأمسيات الثقافية والسياسية .
في الأيام الأولى تعرفت بالزميل ( شاكر ) , وجلسنا نتحدث عن هموم الوطن , وذكرته بالحادثة , وبرسائل التضامن التي أرسلناها. وللحقيقة فأن هذا الزميل ( شاكر ) قد جلب انتباهي منذ المساء الذي تعرفت به في ستوكهولم , لحماسه ودفء مشاعره .
من بين الكثير من زميلات وزملاء هذا النادي , تميز ( شاكر ) بنشاطه المتفاني وحيويته ومواظبته على حضور جميع الأمسيات والفعاليات التي كان النادي يقيمها , عدا عن مشاركته الحيوية في كل المساجلات الفكرية والسياسية التي كانت تدور في الأمسيات . وكان المبادر في المقترحات وداعية لا يكل للنشاطات والعمل .
وتمر الأيام , لتجمعني مع الزميل شاكر ( أبو منير ) , رابطة العمل سوية في السياسة , وسط صفوف الحزب الشيوعي العراقي , وكذلك في نشاطات نادي 14 تموز المختلفة والمتنوعة , والعديد من النشاطات التضامنية مع الشعب العراقي .
في كل تلك الفعاليات والنشاطات والمبادرات كان هو السباق دوما , يأتي في كل المرات قبل الموعد , دون التفكير بمشاغل عائلية , أو التحجج بالطقس والثلوج . كانت القاعة المجاورة لسكنه , مكانا للعديد من الفعاليات التضامنية والسياسية والندوات , يحجزها دون كلل أو ملل , يرتبها قبل موعد الحضور , ويرتبها ثانية بعد الانتهاء .
في المجادلات السياسية العامة , وتلك التي وسط صفوف الحزب الشيوعي العراقي , كان لديه ما يتحدث به ويقوله , وبعد أن يكون قد تهيأ بوقت كاف , أخذا القضية بكل جد , وبحيوية المتفاني . في أيام العطل والمناسبات وحين كان الكثير يستمتع بوقته وعطلته , كان شاكر يقضي الوقت بين استقبال الضيوف القادمين من مدن أخرى إلى ستوكهولم وبين حل قضية لزميل معين , أو الذهاب لفعالية سياسية أو تضامنية . لم تقتصر نشاطاته السياسية والتضامنية على قضية الشعب العراقي وحده , بل كان ينشط مع زملائه ورفاقه لنصرة قضيا الشعوب العربية , والتضامن مع الشعب الكردي , ومع بقية شعوب العالم . وعبر نشاطه في لجان العلاقات , وفي النشاطات التضامنية , كان لا يدخر جهدا في نصرة قضية شعبه , والشعوب الأخرى .
لقد سرت معه , ومع رفاق وزملاء آخرين , وسط برد وثلوج ستوكهولم , في مسيرات طويلة تضامنا مع شعب فلسطين ضد عدوان إسرائيل , وفي التضامن مع سوريا ولبنان ضد تهديدات إسرائيل, وفي مسيرات أخرى للتضامن مع الشعوب الأخرى . وبالتأكيد كانت قضية العراق والديمقراطية شغله الشاغل .
ويذكر الكثيرون من الأصدقاء والرفاق , مواقفه الواضحة من قضية الحصار الذي سببه نظام صدام حسين , وفرضته الأمم المتحدة جورا على الشعب العراقي , إذ كان يتحرق ألما على المعاناة التي يعيشها الناس في الوطن .
ومثله مثل الملايين من العراقيين استبشر شاكر خيرا بزوال النظام في بغداد نيسان 2003 , رغم معارضته الشديدة , سوية مع رفاقه وأصدقائه , لاستخدام الحرب كوسيلة لإنهاء النظام . وقد عبرت جميع منظمات الحزب الشيوعي العراقي في كل دول العالم لمعارضتها للحرب وسيلة لإسقاط نظام صدام , بسبب الويلات والمصائب التي تجلبها الحرب , والذي نشاهده اليوم يعكس هذه الحقيقة . ورغم سنوات المنفى الطويلة , كان شاكر يحن للعودة لوطنه والعيش هناك في دولة القانون والحرية . وكان الألم يعتصره والآلاف من الوطنيين من ربعه , للحال الذي انتهت إليه الأوضاع في العراق , بعد تعقد وتشابك المصالح والرؤى , ودخول القوات الأجنبية لتحتل الوطن , جالبة معها أجندتها ومشروعها ومصالحها .
وعاد شاكر ( أبو منير ) ليساهم في تعمير ما هدمته يد الديكتاتورية والحروب , غير مبال بالظروف الصعبة التي تمر على الوطن , والتي تجعل من العيش صعوبة لا تضاهى وخصوصا بالنسبة لمن عاش في بلدان أوربا وغيرها .
لقد كانت الدهشة كبيرة ومؤلمة لنا جميعا نحن الذين عرفنا هذا المناضل الوطني الشيوعي وعشنا قريبا منه ومعه , يوم سماعنا لخبر اختفاءه في سوريا , حين كان يروم العودة إلى العراق قادما من السويد نهاية آذار 2005 . واليوم يمر قرابة السبعة عشر شهرا , وهذا الوطني الذي لم يرتكب جرما , لا يعرف له خبرا , رغم المناشدات الكثيرة , ورغم نداءات التضامن والمطالبة بإطلاق سراحه .
قبل أيام , فعل الطيبون في مدينة ستوكهولم , من أصدقائه ومعارفه ومناصريه , ومعهم ولده الحزين لفراق الأب , فعلوا حسنا حين ساروا في حشد باتجاه وزارة الخارجية السويدية , يطلبون عونها في الحرية لشاكر والتضامن معه . ولم لا وهو الصوت الوطني الذي طالما تحدث للصحف السويدية , وللتلفزيون السويدي , مناصرا قضايا الحق والعدالة , في وطنه , وفي العالم . وهو أيضا مواطن يحمل الجنسية السويدية .
أكتب هذه الكلمات عساها أن تكون معينا لجهودنا جميعا ولأصواتنا التي يحتاجها الصديق والرفيق العزيز شاكر في محنته اليوم , ومن أجل أن لا يطول عذاب عائلته وأهله ورفاقه والجميع , وأن لا يظل شاكرنا طويلا خلف القضبان .



#نجم_خطاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجم خطاوي ومجموعته الشعرية الجديدة - تحليق فوق الثلج
- الثقافة والإعلام في مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي
- القصف الكيمياوي لمقر الحزب الشيوعي العراقي-بهدنان,حزيران 198 ...
- هموم
- أنفال آب
- جادة كركوك
- زهير
- BENGT BERG قصائد مترجمة للشاعر السويدي
- منضد كتب
- سباقات
- إنطباعات أولية عن رواية(المطاردون)لمؤلفها كفاح حسن - ملازم ك ...
- هودج
- التشفي بكوارث الناس ليس من الشيم الثورية
- المهرج
- صد الرماح
- درب البسالة¨
- بعران وكلاب
- قصيدتان من الثلج
- عشاء الطائي الأخير - في ذكرى الشهيد باسل كاظم الطائي ( أبو ت ...
- مشاهدات عن المدينة


المزيد.....




- برنامج الأغذية العالمي يعلن خواء مخازنه في غزة
- الأمم المتحدة تنقل 1400 شخص من غوما إلى كينشاسا في عملية إنس ...
- الأمم المتحدة تحذر من جرائم الحرب بمالي وتدعو للتحقيق في الإ ...
- نتنياهو: النصر على حماس أهم من استعادة الأسرى
- الأمم المتحدة: 92% من الرضّع في غزة بلا غذاء كاف
- منظمة هيومن رايتس ووتش تتهم الأردن -بتهجير- سكان مخيم لاجئين ...
- الحرب في أوكرانيا: تقرير عن الاعتقالات التعسفية للصحفيين وال ...
- مدير عام صحة غزة يدعو الأمم المتحدة لإصدار إعلان رسمي عن حال ...
- الأمم المتحدة تدعو جميع الأطراف في سوريا إلى ضبط النفس
- بعد معاناة النزوح، قتل طفلي وأصيب زوجي وأبنائي بجروح خطيرة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نجم خطاوي - من أجل أن لا يطول إنتظار شاكر الدجيلي ( أبو منير ) طويلا خلف القضبان