أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - في إشكالية العقل والتعقل عند الإنسان














المزيد.....

في إشكالية العقل والتعقل عند الإنسان


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7716 - 2023 / 8 / 27 - 19:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إشكالية العقل والتواصل بين الناس من منظومة الفكر والتفكر تظهر لنا أنماطا متعددة من العلاقات البينية، منها ما هو متقارب لكنه يحتفظ بنوع من الاستقلالية والتأني ومرد ذلك أن الأفكار الحقيقية والجادة والمؤسسة لما بعدها، لا تنتقل بذات السرعة التي تنتقل بها بقية الأفكار البسيطة أو المعتادة والتي من سهولها تعبر الحواجز والتحفظات، هناك نمط أخر من الأفكار التي تحمل معها رؤيا بعيدة وأستراتيجية معقدة لكنها تبني حلول وتتوسم مستقبلا تريده متحركا وحرا، وهذا أيضا من الصعب أن يتعايش في مجتمع يسلم بحقيقة القضاء والقدر مثلا أو تتبنى مقولان ليس بالإمكان أفضل مما كان، هنا أيضا تتعثر هذه الأفكار أولا لأن حجمها ومقدار تأثيرها لا يتناسب ولا يتوافق مع القدرة العقلية العامة والخاصة، وقد لا تنجح في بناء وجود لها، عملية بناء عقل في مجتمع أضاع مفاتيحه الكبرى أو تغرب عن ضميره، عملية من الصعب أن تتم بشكل طبيعي، فصنع العقل الواعي الإيجابي تماما مثل خلق انسان جديد من طين غير مستعمل سابقا.
هناك نمط أخر من العقول السائدة والتي تحمل نوعا من القدرة على التجاوب وهو العقول التي تشكك ثم تمتحن ثم تقبل بما يصلها، هذه النمطية نادرة لكنها موجودة وتزداد مع إزدياد عوامل التحرر والتعليم وأحترام الذات، وهي تقريبا لشكل الجزء المهم من الواقع الفكري والمعرفي، ومع أن هذا النمط ينمو ببط وينتشر بهدوء لكنه في الغالب مقموع ومغيب، ومحارب من الكثير من ما يسمى بالوسط الفكري السلطوي والاجتماعي المهيمن الذي يسعى لفرض معادلاته وقوانينه على لعقل الجمعي بأي طريقة، إن ارتباط السلكة بكافة مفاصلها بفكرها وأيديولوجيتها تفرض نوعا من المحددات والمحرمات على بقية الأفكار والعقول المنافسة والمناظرة.
الغريب للمتتبع للواقع العقلي والفكري هو ما نشاهده من هيمنة عجيبة عليه من قبل ما يعرف بالغوغاء المرددون لأفكار ثابتة لا تتزحزح برغم هزيمتها، أولئك القشريون أو الذين يتعاملون مع الظاهر المحسوس دون أن يفهموا تركيبة الفكر والعلاقات التي تربط أجزاءه أو تربطه بالمجتمع، ويبقى العقل السطحي القشري هو السائد والحاضر الاكبر في الواقع، وهو الذي يملأ الواقع ضجيجا وانشغالا دون أن يقدم فكر أو يصنع رؤيا، ولأنه عقل تبريري انتقادي مستفز، تجده في كل فكرة يدافع عن نفسه وكأنه المدان، ذلك لأنه لا يملك القدرة على الاستيعاب والهضم وتطوير الفهم، فلا يغرنك من يحمل هذا العقل فالفيل والعصفور كلاهما يحمل دماغا وعقلا مختلفا، ولكنهما بتصرفات به بذات الطريقة، العقل العميق المركب الراشد يقلب الفكرة على سبعين وجها حتى يقرر الرد، أما عقول السطحين فإنها قبل أن يكمل القراءة قد كون ردا كاملا مؤطرا غير قابل للنقاش، وهنا نقع في المصيبة أن من يتكلم سيتهم بالجهل والتخلف والفراغ والهذيان وربما بالكفر ايضا.
فمثلا حينما يسعى فكر ماضوي متحجر على مقولاته مهزوم بالعجز وعدم القدرة على أن يعي إشكاليته الذاتية من أن يتحرك في فضاء الزمن وحرية التطور، هنا ينشط بقوة مدعوم من عقلية جمعية مماثلة له ومؤيده بكل قوة لفرض نمط من الثقافة السلبية الإنهزامية التسليمية الخانعة للواقع، والمستجيبة لكل عوامل التقهقر والنكوص، بحجة أن الماضي لا يمكن أن يتكرر أو يتطور لأنه وليد فرصته النادرة والتي لا يمكن صناعتها مرة أخرى وهو النموذج الأرقى و الأبقى الذي يجب أن يسود، هنا على الفكر الحر والعقل المستنير أن يغادر موقع المتفرج أو الناقد الكلاسيكي ليقود ثورة القيم الفكرية بروح الإصلاح والتأسيس المستجد، وأن يحمل مسئولية النهوض بالواقع وتغييره طبقا لما يتناسب ليس مع إحداثيات الزمن وحدها، بل مع ضرورات الوجود والديمومة ومنها عوامل الدين والمنطق والعقل الراشد، فالعملية ليست إبدال ثقافة بثقافة وهذا محال، بل عملية تصحيح وتصويب لصنع العقلانية المنتجة للفكر والثقافة من داخل مكنونها النامي لينهض هو أيضا بالمسئولية الوجودية التكوينية.
إن إشكاليات العقل والفكر تبقى على مر التاريخ تعاني من نفس التحديات ونفس القوانين ونغس المعاناة بالرغم من كل التطور الحضاري والفكري، والسبب لا يعود فقط لطبيعة العقل وحده والفكر عموما، بل السبب الرئيسي والغالب هي العوامل النفسية التي تتحكم بالإنسان وتسيطر عليه في سلسلة من التفاعلات الذاتية والموضوعية، وعلينا أن نفهم أن الإنسان هو الإنسان يبقى يتصرف بكل القوانين الحاكمة أجتماعيا وفكريا طالما أنه يعاني أصلا من تنازع وجودي بين العقل والنفسي، بين الحلم والعمل، بين الذات والموضوع.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصية مفترضة من الإمام الحسين ع الى أنصاره ومحبيه.
- أنت جرحي... أو شيء يشبه شيء مني
- ربما .....وربما أنها ليست ربما
- الحب ... دين الله
- صلاة العشق
- ثمن
- من أنا ... قصة الهجر والحضور
- ربيع ..... ربيع قادم
- إعلان هزيمة
- رائحة الموت وأشياء أخرى.....
- الإسلام ومفهوم الزواج والنكاح في العلاقة الشرعية بين النساء ...
- عباسيات
- أضواء على ما يحدث في كربلاء -3
- أضواء على ما يحدث في كربلاء -2
- أضواء على ما يحدث في كربلاء -1
- في ذكرى العاشر من محرم
- الهدم الفكري ضرورة للبدء في البناء الجديد
- عصر الملا شيخ دبس
- العتيق ... هو الذي رأى كل شيء _ رواية ح 14
- عقيدة العصمة بين النص والأفتراض ج 6


المزيد.....




- تايوان تختبر نظام HIMARS الصاروخي الأمريكي لأول مرة.. ما الر ...
- ما هي أسرار مكياج صيف 2025؟ خبير تجميل يكشف أحدث الصيحات
- صيحة Polka Dots تعود مع كيت ميدلتون وتعيد إحياء إطلالة الأمي ...
- هدنة صامدة بين الهند وباكستان.. ما أسباب اندلاع النزاع؟
- غزة.. الذكاء الاصطناعي لإعادة تصميم المباني المدمرة
- إسرائيل تفرج عن 9 أسرى فلسطينيين وويتكوف يؤكد: - نعمل على تح ...
- الهند وباكستان تعلنان حصيلة ضحايا المواجهات العسكرية الأخيرة ...
- الحل في إسطنبول؟ لإنهاء الحرب.. زيلينسكي يشترط لقاء مباشرا ...
- ماسك، هيغسيث وروبيو في المقدمة.. من يرافق ترامب في زيارته -ا ...
- تحقيق ـ أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تستطيع أن تفهم -ما بين الس ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - في إشكالية العقل والتعقل عند الإنسان