أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الله الحريف - في نقد التقاطعية















المزيد.....

في نقد التقاطعية


عبد الله الحريف

الحوار المتمدن-العدد: 7711 - 2023 / 8 / 22 - 18:51
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



لم أجد في التقاطعية ما يمكن أن يثري النظرية الماركسية وممارستنا النضالية وبرنامجنا العام. بالعكس، فإن هذه النظرية المزعومة تساهم في زرع اللخبطة والغموض.
إذا كان المشكل الذي تطرحه التقاطعية هو النضال ضد الاستغلال الطبقي والاضطهاد الجنسي والعنصري وغيرهما والتمفصل بين الاستغلال الطبقي ومختلف أشكال الاضطهاد، فإنها مسألة ليست بديهية فحسب، بل مهمة رئيسية يطرحها النهج الديمقراطي على نفسه.
يطرح البعض التقاطعية للدفاع عن المرأة التي يعتبرون أنها مهمشة، بل حتى مضطهدة في النهج الديمقراطي. وهو زعم لا أساس له من الصحة.
وللتذكير، فإن نضال النهج الديمقراطي يندرج ضمن أربعة سيرورات مترابطة بشكل وثيق:
في أول سيرورة وهي بناء الحزب، نعطي أهمية خاصة لكل أشكال الاضطهاد:
-نظريا في أطروحاتنا من خلال التأكيد على ضرورة النضال، الآن وهنا، ضد كل أشكال الاضطهاد ونعتبر أن هذا النضال ليس ثانويا وليس مؤجلا إلى أجل غير مسمى. بالنسبة لنا، النضال ضد هذه الأشكال الاضطهاد يجب أن يتمفصل مع الصراع الطبقي ضد الرأسمالية. هذا النضال يجب أن يقوي الصراع الطبقي الذي بدوره يجب أن يعطي دفعة للنضال ضد كل أشكال الاضطهاد، في إطار علاقة تفاعل دائم. وذلك مع التأكيد على مركزية الصراع ضد الرأسمالية الذي يشكل أساس هويتنا ومبرر وجودنا كماركسيين.
-عمليا من خلال بناء هيئات متخصصة خاصة( القطاع النسائي، دائرة الأمازيغية…).
إضافة لما سبق، فإن السيرورة الثانية تتمثل في الانخراط وتوسيع وتنويع التنظيمات الذاتية المستقلة للجماهير الشعبية، وخاصة الطبقات الكادحة، وتفرض علينا احترام استقلاليتها والدفاع، بشكل ديمقراطي، على تصورنا الخاص داخلها لأنها مخترقة بالصراع الطبقي. ألا تشكل هذه التنظيمات فضاء حيث يمكن أن تنتظم وتناضل ضحايا هذه الأشكال من الاضطهاد؟
ويحتل النضال ضد كل أشكال الاضطهاد أهمية بالغة في السيرورة الرابعة التي تتعلق بالمساهمة الفعالة في بناء أممية ماركسية.
صحيح أن النهج الديمقراطي، وعلى غرار باقي قوى اليسار، لم يستطع، رغم المجهودات المبذولة، أن يوسع تواجده وسط النساء. ألم يكن من الأفضل وعوض اعتبار أن الحل هو التقاطعية( أي نقل قضايا تعيشها المجتمعات الغربية والولايات المتحدة فيما يتعلق بوضعية المراة الملونة)، القيام بمجهود جدي لتحليل هذا الواقع قصد إيجاد الحلول للإكراهات التي تواجه انخراط المرأة، بقوة وكثافة، في العمل السياسي، بشكل عام، وفي حزبنا، بشكل خاص، وسبل تجاوزها؟
إن الخطأ الأساسي للتقاطعية يتمثل في وضعها مفهوم الاستغلال الطبقي ومفهوم الاضطهاد في نفس المستوى، بينما هما من طبيعة مختلفة نوعيا: ففي حين أن مفهوم الاستغلال يوجد في قلب المفهوم الماركسي لنمط الانتاج ويميز مرحلة طويلة من تطور الانسانية( مرحلة هيمنة نمط الانتاج الرأسمالي) ويهم البشرية جمعاء ويهتم بالأساس المادي لإنتاج وإعادة إنتاج حياة الإنسان، فإن مفهوم الاضطهاد يتعلق ب:
-ترسبات أنماط إنتاج سابقة( الباطريركا، العبودية، القبلية…)
-عناصر من البنية الفوقية( الدين، اللغة، الايدولوجيا…).
إن الرأسمالية، في نفس الآن، الذي تهدم الأسس المادية لأنماط الانتاج السابقة وأشكال الاضطهاد المرتبطة بها، تستفيد من هذه الأشكال، أساسا، لتقسيم وبالتالي إضعاف الطبقة العاملة. وهو ما يمكنها ليس من تكثيف الاستغلال فحسب، بل، وهذا هو الهدف الأعمق والأخطر، من زرع الغموض وسط الطبقة العاملة وعموم الكادحين ومحاولة إبعادها عن الصراع الأساسي ضد الرأسمالية.
ما كتبته أعلاه لا يعني أن الصراع الطبقي، في ظرف معين، لا يمكن أن يتجسد في شكل صراع ضد شكل من أشكال الاضطهاد. لكن الصراع الطبقي ضد الرأسمالية يستمر في حفر طريقه ويشكل بوصلتنا.
في الحقيقة، التقاطعية هي شكل “ذكي” لما بعد الحداثة( ما بعد الماركسية) التي لا تنفي الصراع الطبقي، لكن تضعه في نفس مستوى مختلف أشكال الاضطهاد.
إن هذا الانحراف ليس بسيطا لأنه ينفي المادية التاريخية التي ترتكز إلى أن، منذ بروز المجتمعات الطبقية، والصراع الطبقي، في إطار نمط إنتاج محدد،هو محرك التاريخ. هذا الصراع الذي يؤدي، في إطار سيرورة طويلة وعبر صدف متعددة، إلى تعويض نمط إنتاج بنمط إنتاج أرقى. بالنسبة لما بعد الحداثة، التاريخ نتيجة الصدفة الناتجة عن نضالات الحركات الاجتماعية المختلفة( الحركة النسائية، الحركات الهوياتية…). والنتيجة هي أن الحزب المستقل للطبقة العاملة والجبهة الشعبية كأدوات للنضال السياسي والنقابة كأداة للنضال الاقتصادي وأول مدرسة للصراع الطبقي ضد الرأسمالية أصبحت متجاوزة وأن الحزب أصبح مجرد تنسيق للحركات الاجتماعية وليس هيئة أركان الطبقة العاملة وعموم الكادحين الذي عليه بلورة الاستراتيجية والتكتيك والشعارات والبرامج…
إن تجربة إيفو موراليس في بوليفيا التي انبنت على حركة الشعوب الاصلية لم تستطع أن تصمد في مواجهة الامبريالية، بينما استطاعت كوبا التي ارتكزت على بناء حزب الطبقة العاملة وتحالفه مع الفلاحين، رغم 60 سنة من الحصار، أن تقاوم هجومات ومؤامرات الامبريالية الامريكية. ونفس الشيء بالنسبة للشعبوية اليسارية التي تمثلها بوديموص وفرانس أنسوميز، ناهيك عن سيريزا، حيث تجلت حدود استراتيجية تتجاهل الصراع ضد الرأسمالية والدور الأساسي للطبقة العاملة في هذا الصراع وأن هذه الشعبوية اليسارية لا تتعدى كونها إصلاحية-اجتماعية أكثر راديكالية من الديمقراطية-الاجتماعية.
والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي تصعد الرأسمالية، إلى مستويات غير مسبوقة، استغلالها للطبقات العاملة، يحاول البعض التقليل من الأهمية القصوى لهذا الاستغلال بوضعه في نفس مستوى أشكال من الاستغلال/الاضطهاد مهمة لكنها سائرة نحو الزوال بفعل دينامية الرأسمالية.
هكذا، فإن الرأسمالية نفسها، من خلال استغلالها للطبقة العاملة الذي يزداد توحشا وحربها الطبقية الشرسة ضد الطبقات الشعبية، تذكرنا بمركزية وحيوية وراهنية الصراع الطبقي ضدها وضرورة بناء أدوات هذا الصراع بدون ترجج أوتأخر أو إرتخاء.

01/2020



#عبد_الله_الحريف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مداخلة خلال الندوة الدولية التي نظمها النهج الديمقراطي العما ...
- راهنية بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة المغربية
- الانتقال من منظمة “إلى الأمام” إلى “النهج الديمقراطي”
- مهام القوى المناضلة في الدار البيضاء
- حركة 20 فبراير ورهانات التغيير
- اكتساح الرأسمالية للعالم ولمختلف ميادين النشاط الاجتماعي
- حوار النهج الديمقراطي مع الرفيق عبد الله الحريف
- مراكز القرار في هندسة وتدبير النموذج التنموي
- الحقيقة كاملة ومحاكمة الجناة في ملفات الشهداء والمختطفين جزء ...
- الحكم والدولة
- حول ما يقع في فيدرالية اليسار الديمقراطي
- الاختيارات الاقتصادية السائدة: تكريس للتبعية والهشاشة والافت ...
- النهج الديمقراطي: إستمرار وتطوير للحركة الماركسية-اللينينية ...
- موقف اليسار الماركسي المغربي من القضية الفلسطينية
- مداخلة في الندوة القرمية التي نظمتها جمعية “مناضلون بلا حدود ...
- قرائة في الإنتصارات التي تشهدها أمريكا اللاتينية ضد الهيمنة ...
- كلمة في إفتتاح اجتماع تنسيقية القمة الدولية للشعوب
- حول الدولة الاجتماعية
- نداء عالمي للإنسانية من أجل إيقاف النزاعات العسكرية و وضع حد ...
- البديل الاشتراكي هو الحل لأزمة الرأسمالية


المزيد.....




- قضية الصحراء ـ نجاح دبلوماسي للمغرب على حساب البوليساريو وال ...
- منطقتنا هي التجسد الأقصى لأزمة الرأسمالية العالمية
- هآرتس: الاحتلال يدمر إسرائيل من الداخل والليبراليون لا يمكنه ...
- “الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية” تدين المحاولات الأ ...
- التقدم والاشتراكية يؤمن بأن مستقبل المغرب لن يتحقق إلا بشباب ...
- ليسوا فقط أقل حظًا... أطفال الفقراء يشيخون أسرع بيولوجيًا وف ...
- -أحمق شيوعي-.. ماسك يرد على مستشار ترامب السابق بعد مطالبته ...
- متضامنون مع الطلاب السوريين في الجامعات المصرية ضد الإقصاء و ...
- متضامنون مع عمال شركة الشرقية للدخان الموقوفين عن العمال
- ارحموا أهل غزة!


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الله الحريف - في نقد التقاطعية