أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد الله الحريف - الاختيارات الاقتصادية السائدة: تكريس للتبعية والهشاشة والافتراس وتدمير البيئة















المزيد.....

الاختيارات الاقتصادية السائدة: تكريس للتبعية والهشاشة والافتراس وتدمير البيئة


عبد الله الحريف

الحوار المتمدن-العدد: 6914 - 2021 / 5 / 31 - 16:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



إذا ما استثنينا محاولة حكومة عبد الله إبراهيم التي أجهضت في المهد، ضلت الاختيارات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خاضعة، بالأساس، لمصالح الثالوث المكون من الإمبريالية الغربية، وخاصة الفرنسية، والكتلة الطبقية السائدة المشكلة من الملاكين العقاريين الكبار والبرجوازية الوكيلة للشركات المتعددة الاستيطان والمخزن. فما هي مصالح هذا الثالوث؟
1.مصالح الإمبريالية الغربية في المغرب:
تتجلى مصلحة الامبريالية الغربية في الحفاظ على المغرب كسوق لمنتجاتها الصناعية والزراعية، منها بالخصوص المواد الغذائية الأساسية( الحبوب والسكر والزيوت)، والخدماتية والثقافية والتكنولوجية والعلمية والفنية ذات القيمة المضافة المرتفعة وكمصدر للخامات المعدنية والنصف مصنعة والمواد الزراعية، خاصة منها النهمة في استهلاك الماء ، وكقاعدة لاستقبال الشركات المتعددة الاستيطان التي تحول نحو بلادنا أنشطة صناعية تتمثل في عمليات إنتاجية بسيطة( تركيب السيارات وصناعة أجزاء غير أساسية في الطائرات وغيرها من الأجهزة والآلات…) وأنشطة خدماتية رتيبة. هذه الأنشطة الصناعية والخدماتية التي تستفيد من امتيازات هائلة( اعفاءات ضريبية ومناطق حرة وقروض بأسعار فائدة ضئيلة) تتسم بكونها ذات قيمة مضافة ضعيفة وتستغل استغلالا بشعا يدا عاملة رخيصة. كما لا ترى الامبريالية مانعا في إقامة صناعات وأنشطة ملوثة في بلادنا، خاصة الصناعة الكيماوية. وجل هذه الأنشطة الصناعية والخدماتية تابعة بالكامل للمركز الامبريالي الذي يمكنه تحويلها، في أي وقت، إلى منطقة أخرى. أما الاختيارات في الميدان الزراعي، فتكرس ارتهان تغذية الشعب المغربي للسوق الامبريالية وتمثل، بالتالي، سلاحا فتاكا لفرض التبعية والخضوع للهيمنة الامبريالية. هكذا يتبين أن الاختيارات والسياسات الاقتصادية المتبعة، منذ الاستقلال الشكلي، عاجزة على أن تكون قاطرة لبناء نسيج صناعي واقتصادي مستقل ومتكامل يلبي، في المقام الأول، الحاجيات الأساسية للشعب المغربي.
وتلعب فرنسا والاتحاد الأوروبي والمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية( البنك العالمي وصندوق النقد الدولي …) الخاضعة للامبريالية الغربية، وخاصة شركاتها المتعددة الاستيطان، دورا أساسيا في بلورة ومتابعة تطبيق هذه التوجهات والاختيارات الاقتصادية.
كما تقوم منظمة التجارة العالمية بدورا خطير في فتح أبواب البلاد على مصراعيها أمام المواد والخدمات، بما في ذلك الخدمات الاجتماعية العمومية( التعليم والصحة بالخصوص) مساهمة بذلك ومحفزة على تخريبها.
2.مصالح الكتلة الطبقية السائدة:
تتقاطع، إلى حد كبير، مصالح الكتلة الطبقية السائدة ومصالح الامبريالية:
فالبرجوازية الوكيلة هي برجوازية تبعية أي شريك من موقع ضعيف للشركات المتعددة الاستيطان. فهي تقوم بأنشطة اقتصادية( صناعية وفلاحية وتجارية وغيرها) بسيطة ومكملة لأنشطة هذه الشركات والتي يمكن أن تستغني عنها. وبكلمة، فإنها خاضعة للامبريالية وعاجزة على بناء اقتصاد وطني مستقل.
أما ملاك الأراضي الزراعية الكبار، فهم ورثة المعمرين الذين يستفيدون من دعم الدولة ويوجهون إنتاجهم، بالأساس، نحو الخارج، وخاصة أوروبا الغربية، وهم معفون من الضرائب ويهربون جزء من العملة الصعبة التي يحصلون عليها نحو الخارج، وخاصة الجنات الضريبية. وهم الذين وقفوا ويقفون سدا منيعا أمام أي إصلاح زراعي يمكن الفلاحين من الأرض ويساعدهم على تطوير إنتاجيتهم. هذا الإصلاح الزراعي الذي كان من شأنه أن يطور ويوسع السوق الداخلي ويمكن من تطوير التصنيع وأن يحد من الهجرة القروية إلى المدن التي تؤدي إلى:
-تشكل جيش من العاطلين يضغط على الأجور
-الضغط وعلى الأراضي في المدن، مما يغذي ويضخم المضاربات العقارية التي يستفيد منها كبار ملاكي الأراضي والسلطات التي تسهر على التخطيط الحضري( كبار موظفي وزارة الداخلية والوكالات الحضرية والمنتخبين المحليين…).
هكذا تتم خدمة مصالح البرجوازية العقارية في المدن( ارتفاع صاروخي لأسعار العقار) وباقي مكونات البرجوازية المحلية والشركات المتعددة الاستيطان من خلال الحفاظ على الأجور في أدنى مستوى.
3.مصالح المخزن:
إن وظيفة المخزن الأساسية، وعلى رأسه المافيا المخزنية، تتركز في فرض السياسات والاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تبلورها الامبريالية الغربية خدمة لمصالحها ومصالح عملائها المحليين: الكتلة الطبقية السائدة. ومصلحة المافيا المخزنية الخاصة تتمثل في الاستفادة من تحكمها في مفاصل الدولة وكل أجهزتها العسكرية والأمنية والأيديولوجية والإدارية والإعلامية والحقل الديني وغالبية “المجتمع المدني” لتنمية مصالحها الاقتصادية الخاصة:
–التحكم في موارد الدولة واستعمال جزء منها لتقوية موقعها الاقتصادي
–التحكم في القطاع العمومي المنجمي( الفوسفاط) والمالي( صندوق الإيداع والتدبير بالأساس) ومن خلاله التحكم في العديد من المشاريع الصناعية والسياحية والسكنية وغيرها واستعماله كصناديق سوداء لا تخضع للمراقبة والمحاسبة.
–الريع الذي يكتسي أشكالا مختلفة( تراخيص الصيد في أعالي البحار والمقالع والنقل، تفويت أراضي فلاحية أو في المجال الحضري بأثمان بخسة…) ويستفيد منه الضباط السامون وكبار المسئولين الإداريين والأمنيين والسياسيين وغيرهم أو يمنح مقابل رشاوى..
–الرشاوى على صفقات الدولة،خاصة في المشاريع الكبرى.
–المساهمة في الشركات الكبرى مقابل الحماية أو الاستفادة من امتيازات جمركية أو ضريبية وهي ممارسة مافيوزية بامتياز.
–حماية الاقتصاد ذي الطابع الإجرامي: إنتاج وتجارة المخدرات، وخاصة تصديرها، وتهريب البضائع و الأموال إلى الخارج ونحو الجنات الضريبية، وذلك إما من طرف نافذين كما تبين في قضية بانما بيبارز أو مقابل رشاوى بالنسبة للأثرياء من خارج المافيا المخزنية.
–الاحتكار الذي يتم التنظير له بضرورة التوفر على “أبطال وطنيين” والذي يتقوى ويمس عددا من القطاعات: التجارة الداخلية( مرجان و أسيما)، الاتصالات( “اتصالات المغرب”، “مديتيل” و”انوي”)، البنوك وقطاع البناء وغيرها.
إن هذا الافتراس للخيرات من طرف المخزن وتفشي الرشوة والمحسوبية والزبونية واختلاس المال العام والتبذير الذي يتسم به والغش والتهرب والامتيازات الضريبية للكتلة الطبقية السائدة وللشركات المتعددة الاستيطان والطابع المتخلف للاقتصاد الوطني، كلها عوامل تنتج عجزا مزمنا لميزانية الدولة وبالتالي يصبح اللجوء إلى القروض، وخاصة الخارجية، ضرورة بنيوية لهذه الدولة الفاسدة والمفترسة ولهذا الاقتصاد الرأسمالي التبعي والريعي. هذه المديونية التي تشكل أحد أهم الوسائل لفرض الامتثال لتوجيهات واختيارات للامبريالية الغربية.
4.أهم نتائج هذه الاختيارات:
لقد حاولنا أعلاه توضيح المسئولية المشتركة للامبريالية الغربية والكتلة الطبقية السائدة والمافيا المخزنية في بلورة وتطبيق الاختيارات الاقتصادية الحالية والتقاطع بين مصالح هذا الثالوث الجهنمي. ولعل التفصيل في مسألة المديونية الناتجة، كما أوضحنا أعلاه، عن تواطوء مصالح هذا الثالوث مسألة مهمة نظرا لانعكاساتها ليس فقط على المستوى الاقتصادي، بل أيضا الاجتماعي:
هكذا، وباسم حل أزمة المديونية، يتدخل صندوق النقد الدولي لفرض سياسات اقتصادية واجتماعية رجعية تتمثل في:
°خوصصة القطاع العمومي
°تصفية الخدمات الاجتماعية العمومية: التعليم، الصحة، السكن
°التراجع عن المكتسبات الاجتماعية: قانون الشغل، التقاعد، تجميد التوظيف العمومي واللجوء، أكثر فأكثر للتوظيف بالعقدة، تجميد الأجور…
°تصفية دعم المواد الغذائية الأساسية والطاقة.
°تقديم التسهيلات والامتيازات لجدب الاستثمارات الأجنبية.
°فتح أبواب البلاد أمام البضائع والخدمات والراسميل الأجنبية
أما البنك العالمي، فيتدخل لتأبيد الموقع المتخلف الذي يحتله الاقتصاد الوطني في قسمة العمل على المستوى الدولي بواسطة تحديد الاختيارات الاقتصادية الأساسية وبلورة “الإصلاحات” الاقتصادية الهيكلية ووضع الإطار المؤسساتي لهذه “الإصلاحات” التخريبية.
ومن الواضح أن هذه السياسات والاختيارات تخدم، في المقام الأول، مصالح الشركات المتعددة الاستيطان، أساسا منها الغربية.
ومن النتائج الخطيرة لهذه الاختيارات ما يلي:
-عجز بنيوي لميزانية الدولة
-عجز هيكلي للميزان التجاري
-عجز هيكلي على تلبية الحاجيات الغذائية الأساسية وتبعية غذائية شبه مطلقة للسوق العالمي الذي تتحكم فيه الشركات المتعددة الاستيطان، رأس رمح الامبريالية.
-استحالة تطبيق سياسة تنموية وطنية مستقلة وتكريس الاقتصاد المغربي كاقتصاد هش وتبعي عاجز على توفير مناصب الشغل الضرورية.
-دولة فاسدة ومفترسة وعاجزة على تلبية أبسط المطالب الشعبية.
-تدمير الفرشة المائية في عدد من المناطق بسبب التركيز على الحوامض والفواكه النهمة في استهلاك الماء، إنشاء صناعات ملوثة، استقبال نفايات خطيرة لدول أوروبية، تلوث الأنهر الكبرى، تقلص الغطاء الغابوي، التصحر، تلوث المدن الكبرى…
-أوضاع اجتماعية متردية لأغلبية الشعب المغربي
-تعمق الفوارق الطبقية والمجالية
-هجرة حاملي الشواهد العليا والكفاءات المتعددة التي تشكل خسارة ونزيفا كبيرين تضاف إلى الهجرة السرية ومآسيها الخطيرة
-تبعية ثقافية ولغوية للامبريالية الغربية حيث لا زالت اللغة الفرنسية سائدة في أغلب الإدارات. ورغم كل الكلام عن التعريب، تستمر اللغة الفرنسية، مع بعض المنافسة من اللغة الإنجليزية، في احتلال مواقع متقدمة في الكليات ومعاهد التعليم العالي. وتقوم مؤسسات البعثة الثقافية الفرنسية بدور خطير في تأبيد التبعية الثقافية واللغوية وبالتالي الاقتصادية لفرنسا لكونها تكون أبناء وبنات الطبقات السائدة ليشكلوا النخبة السائدة مستقبلا.
-تهميش القضية الامازيغية رغم أهميتها القصوى لتحقيق تنمية بشرية ومجالية حقيقية.



#عبد_الله_الحريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهج الديمقراطي: إستمرار وتطوير للحركة الماركسية-اللينينية ...
- موقف اليسار الماركسي المغربي من القضية الفلسطينية
- مداخلة في الندوة القرمية التي نظمتها جمعية “مناضلون بلا حدود ...
- قرائة في الإنتصارات التي تشهدها أمريكا اللاتينية ضد الهيمنة ...
- كلمة في إفتتاح اجتماع تنسيقية القمة الدولية للشعوب
- حول الدولة الاجتماعية
- نداء عالمي للإنسانية من أجل إيقاف النزاعات العسكرية و وضع حد ...
- البديل الاشتراكي هو الحل لأزمة الرأسمالية
- النظام الرأسمالي ما بعد الكورونا والأطروحات السديدة
- كورونا ومصير البشرية المشترك
- واقع اليسار في المغرب اليوم
- حوار حول التحضير للمؤتمر الوطني الخامس
- الرد الحاسم على الرأسمالية: بناء الأحزاب المستقلة للطبقة الع ...
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
- من أجل نقلة نوعية في سيرورة بناء حزب الطبقة العاملة وعموم ال ...
- لماذا بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة؟
- الحراكات الوطنية الشعبية ومهامنا
- النموذج الفلاحي الأمريكي
- في يوم الأرض
- من أجل جبهة واسعة للتخلص من المخزن والنيولبرالية


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد الله الحريف - الاختيارات الاقتصادية السائدة: تكريس للتبعية والهشاشة والافتراس وتدمير البيئة