أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - أخيرا، وجدت الهند من يشغل حقيبة الخارجية!















المزيد.....

أخيرا، وجدت الهند من يشغل حقيبة الخارجية!


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1726 - 2006 / 11 / 6 - 10:47
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


منذ استقالة أو إعفاء السياسي العجوز " نيتوار سينغ" من منصبه كوزير للخارجية الهندية قبل نحو عام على اثر الكشف عن تورطه في تعاملات غير قانونية ضمن ما عرف بصفقة "النفط مقابل الغذاء" العراقية، ظلت هذه الحقيبة شاغرة، فيما كانت العلاقات الدولية تدار مباشرة من قبل رئيس الوزراء مانموهان سينغ، و المهام الدبلوماسية الخارجية يكلف بها وزراء الدولة أو وكلاء الخارجية. وقد نشأ عن هذا إشكالات بروتوكولية فضل معها وزراء الخارجية الأجانب تأجيل زياراتهم للهند، بل أثار هذا الوضع تساؤلات مصحوبة بالاستغراب في الداخل و الخارج حول ترك هذه الحقيبة شاغرة في وقت يتنامى فيه مركز الهند الدولي و تنتظرها استحقاقات كثيرة.

لم يكن للأمر بطبيعة الحال علاقة بخلو الهند من شخصيات دبلوماسية مؤهلة، بقدر ما كان له علاقة بحرص مانموهان سينغ و زعيمة حزب المؤتمر الحاكم سونيا غاندي على دقة الاختيار هذه المرة كيلا يتكرر ما ألحقه الوزير السابق من تشويه بسمعة الدبلوماسية الهندية، و ما أضفاه على سياسات البلاد الخارجية من مسحة يسارية ذكرت المراقبين بمواقف الهند زمن الحرب الباردة. هذا ناهيك عن رغبتهما في الإتيان بشخصية محنكة تستطيع بنجاح إدارة المستجدات الكثيرة المرتبطة بملفي علاقات نيودلهي بكل من إسلام آباد و بكين، و أشكال التعاون مع القطب الأمريكي - و لاسيما التفاهم حول الشئون النووية - التي ما برحت تثير انتقادات الداعمين للحكومة الائتلافية الحالية من القوى اليسارية والشيوعية الممثلة في البرلمان.

و مما تسرب أن سينغ و غاندي ظلا يبحثان على مدى عدة اشهر عن الشخصية المناسبة إلى أن اقتنعا بان أفضل من يمكن أن يعهد له بقيادة الدبلوماسية الهندية و الدفاع عن سياسات الحكومة الخارجية في البرلمان في هذا المنعطف الهام هو وزير الدفاع براناب موكيرجي. فالأخير سياسي مخضرم ذو تاريخ يزيد عن ثلاثة عقود في أروقة حزب المؤتمر، فضلا عن ولائه و إخلاصه لهذا الحزب الذي حكم الهند معظم سنوات ما بعد الاستقلال. هذا الولاء الذي ورثه الرجل عن والده "كامادا كينكار موكيرجي" احد المحاربين من اجل الحرية في صفوف حزب المؤتمر منذ عام 1920 ، و الذي قضى بسبب نشاطه أكثر من عشر سنوات في سجون الهند البريطانية، قبل أن تستقل الهند و يصبح نائبا عن حزبها التاريخي في المجلس التشريعي لولاية البنغال الغربية في الفترة ما بين عامي 1952 و 1964 . إلى ذلك فان موكيرجي الحاصل على إجازة في الحقوق وشهادتي ماجستير في التاريخ والعلوم السياسية من جامعة كلكتا يملك خبرة طويلة استمدها من عمله كمعلم و صحافي و مؤلف و محامي قبل دخوله المعترك السياسي. و هو لئن عجز عن الفوز بمقعد نيابي قبل عام 2004 ، فان ذلك لم يقف دون توليه عشرات الحقائب الوزارية في حكومات المؤتمر المختلفة منذ عام 1974 بما في ذلك حقائب التجارة و المالية ، إضافة إلى حقيبة الخارجية التي حملها لفترة قصيرة بين عامي 1995 و 1996 .


غير أن سينغ و غاندي اصطدما بتردد الرجل و تفضيله البقاء كوزير للدفاع على إشغال حقيبة كالخارجية تتطلب مهامها رحلات خارجية مستمرة، و بالتالي الابتعاد عن الشأن الداخلي الذي هو محل الاهتمام الأول للساسة الهنود، و مصدر نفوذهم و قوتهم الانتخابية. و هكذا تطلب الأمر عدة اشهر إضافية لإقناعه بقبول المنصب.

و الحقيقة أن من يقرأ تاريخ تشكيل الحكومات الهندية منذ الاستقلال سيجد الكثير من الإشكاليات والتطورات التي أحاطت بعملية إشغال حقيبة الخارجية تحديدا. فعلى سبيل المثال ظلت هذه الحقيبة طويلا ضمن مسئوليات رئيس الوزراء نفسه، و لاسيما في ظل الحكومات التي شكلها قادة حزب المؤتمر التاريخيون. و لئن قيل في أسباب احتفاظ أول رؤساء الحكومة جواهر لال نهرو بالحقيبة من عام 1947 و حتى وفاته في عام 1964 ، عدم وجود شخصيات وقتذاك ذات خبرة طويلة في العلاقات الخارجية تضاهي خبرة و علاقات نهرو الدولية الواسعة، فان السبب الآخر كان إجماع الساسة الهنود بمختلف مشاربهم على مهارات الرجل و ثقتهم بصواب سياساته – على الأقل حتى عام 1962 الذي ثبتت فيه فشل سياساته حيال الصين - و حرصهم على توفير جهودهم للتعامل مع الملفات الداخلية الصعبة. هذا المنحى استمر مع ثاني رؤساء الحكومة لال بهادور شاستري الذي حكم من 1964 إلى 1966 ، رغم عدم إلمامه الواسع بالشئون الخارجية، وتوطد في معظم سنوات حكم خليفته انديرا غاندي التي شهد عهدها تطورات إقليمية و دولية عاصفة تطلبت قيادتها بنفسها للشئون الخارجية بالتعاون مع مستشاريها الكبار.

غير انه في عهود حكم حزب المؤتمر التالية، و مع بروز رؤساء حكومات ضعيفي الشعبية و قليلي الخبرة في الشئون الخارجية، انفصلت حقيبة الخارجية عن رئاسة الحكومة، و هو ما ترسخ بعد ذلك في ظل كل الحكومات التي شكلتها الأحزاب السياسية الأخرى من تلك التي حرص زعمائها على ايلاء القضايا الداخلية جل اهتمامهم طمعا في تمتين شعبيتهم الضعيفة وتمكين حكوماتهم الهشة من الاستمرار في السلطة، لكن مع احتفاظهم بحق التدخل في الملفات الخارجية ذات العلاقة بالداخل كملفات العلاقة مع باكستان و سريلانكا و بنغلاديش.

و من المفيد هنا التذكير بأن رئاسة الحكومة في الهند كانت على الدوام ذات تأثير قوي على رسم السياسات الخارجية و التدخل في تفاصيلها الصغيرة، مع بعض التباينات صعودا أو هبوطا بحسب قوة و نفوذ و خبرة و رغبة من يجلس على كرسيها. بيد أن هذا لم يمنع أمرين هما:

أولا ، مشاركة كل أعضاء الحكومة في مناقشة السياسات الخارجية للبلاد أو الاعتراض عليها. وفي الحالة الأخيرة كان الاعتراض مقدمة لترك الوزير لمنصبه على نحو ما حدث عام 1966 مع وزير إعادة التعمير الذي استقال احتجاجا على سياسة رئيسه شاسترى حيال اتفاقية طشقند للسلام مع باكستان، و ما حدث في عام 1968 مع وزير التخطيط و الرعاية الاجتماعية الذي ترك منصبه اعتراضا على الموقف المهادن لانديرا غاندي حيال قضية الغزو السوفياتي لتشيكوسلفاكيا.

ثانيا، بروز وزراء خارجية مرموقين تجاوزت أدوارهم تحليل الأحداث و تقديم المرئيات و تنفيذ السياسات الخارجية إلى صياغة تلك السياسات و توجيهها و تحمل تبعاتها شخصيا. من ابرز الأمثلة في هذا السياق الدور الذي لعبه وزير الخارجية، و رئيس الحكومة فيما بعد، أندر كومار غوجرال، في رسم سياسة الهند حيال الغزو العراقي للكويت و حرب الخليج الثانية. حيث انتهز غوجرال وجود حكومة ائتلافية ضعيفة على رأسها رجل قليل الخبرة هو " في بي سينغ" ليرسم بنفسه سياسات و مواقف محايدة إزاء الأزمة من تلك التي فسرت كويتيا و خليجيا و أمريكيا على أنها متعاطفة مع النظام العراقي.

الأمر الآخر الجدير بالذكر هو انه في مختلف الأحوال، و بغض النظر عمن يشغل حقيبة الخارجية، استطاع البرلمانيون الهنود أن يؤثروا في السياسات الخارجية للحكومة، بل و يجبروا الأخيرة أحيانا على التراجع عن مواقفها إزاء بعض القضايا. فمثلا اجبر النواب الهنود حكومة نهرو في عام 1963 على التراجع عن اتفاقية لمنح الأمريكيين تسهيلات لإقامة إذاعة موجهة ضد الصين على الأراضي الهندية. و بالمثل نجحوا في عام 1991 في إجبار حكومة الأقلية بزعامة تشاندرا شينكار على التراجع عن اتفاقية مع واشنطون لتزويد الطائرات الأمريكية العسكرية المتجهة إلى الخليج بتسهيلات في المطارات الهندية.

د. عبدالله المدني



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنغافورة .. دور جديد في الألفية الثالثة
- محمد يونس .. يستحق أكثر من نوبل
- أفغانستان .. التحدي الكبير للناتو
- لماذا أختير -سورايود- زعيما لتايلاند؟
- وظائف شاغرة في الصين
- -عبدالله- يستولي على السلطة في تايلاند
- آسيا .. ما بين عقلانية وسطها و راديكالية أطرافها
- في وداع - كويزومي-.. و استقبال - شينزو أبي-
- نحو دولة طالبانية في -أتشيه- الاندونيسية!
- هذا الهندي الموهوب هو الأجدر بقيادة الأمم المتحدة
- صواريخ حزب الله الإيرانية: فتش عن الدور الصيني
- -جزار كمبوديا الأعرج- يرحل دون قصاص
- طالبان قد تستفيد مما يجري في الشرق الأوسط
- نهاية الإرث السياسي لآل باندرنيكا
- باعاشير طليقا!
- لماذا ننادي بعلمانية الدولة
- هل -مرعي بن عمودي الكثيري- هو السبب؟
- درس انتخابي من -كيرالا
- بعض العرب إذ يحللون نووية إيران
- سنغافورة كنموذج للمجتمع غير المسيس


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - أخيرا، وجدت الهند من يشغل حقيبة الخارجية!