أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - سنغافورة .. دور جديد في الألفية الثالثة














المزيد.....

سنغافورة .. دور جديد في الألفية الثالثة


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1719 - 2006 / 10 / 30 - 09:55
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


حققت دولة المدينة الواحدة السنغافورية منذ استقلالها في منتصف ستينات القرن الماضي معجزة تنموية مشهودة، ارتفعت معها البلاد إلى مصاف الأمم المتحضرة مكتملة النمو، بل صارت اليوم نموذجا للآخرين في التنمية و الإدارة و التعليم و الصحة و الاستثمار و الخدمات و المرافق، بحيث لم يعد هناك زعيم في العالم الثالث إلا و يستخدمها كمثال لما يعد به مواطنيه في معرض بحثه عن التأييد و الدعم الشعبي. كذلك فعل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يوم أن استلم السلطة في غزة. لكن أين هي هذه الغزة اليوم من سنغافورة الموعودة؟ لقد أرجعها بعض قادتها بضيق أفقهم و مماحكاتهم و أنانيتهم و حماقاتهم إلى اقل من الوضع الذي كانت عليه سنغافورة في عام 1819، أي يوم أن نزل السير توماس ستامفرد رافيلز من شركة الهند الشرقية البريطانية على سواحلها فوجدها مجرد قرية بائسة للصيادين المعدمين.

لن نستعرض في هذه المساحة الصحفية الضيقة أدلة أو براهين حول المعجزة السنغافورية التي ما كانت لتتحقق لولا وجود قيادة ذكية ذات رؤى واضحة و سياسات عقلانية، و شعب خلاق، و إرادة حديدية. فتلك المعجزة ماثلة أمام أعين العالم بأسره ولا تحتاج إلى براهين. لذا سنكتفي بذكر دليل واحد فقط هو حجم الاستثمارات الاجنبية المتدفقة و التي ما كان لها أن تقفز من 5.4 مليار دولار في الستينات إلى 109 مليارات دولار في العام الماضي لولا ثقة المستثمرين بقدرات هذا البلد وتماسكه و استقراره و ازدهاره و تفوقه على نفسه.

بيد أن السنوات القليلة الماضية منذ بزوغ شمس الألفية الثالثة حملت معها تحديات جديدة للسنغافوريين، تجسدت تحديدا في صعود العملاقين الصيني و الهندي كقوتين اقتصاديتين جاذبتين للاستثمارات العالمية، و ساحتين تزخران بالفرص الاقتصادية المجزية و التسهيلات القانونية والضريبية و تتمتعان بموارد طبيعية هائلة و متنوعة وثروات بشرية مدربة و رخيصة. هذا التطور كانت له بطبيعة الحال آثار سلبية على قطاعات التصنيع و التصدير و الاستثمار و الخدمات في سنغافورة، لا سيما مع تقلص الفرص الجذابة في الأخيرة، و ارتفاع كلفة المعيشة، معطوفين على افتقار البلاد للموارد الطبيعية، وضيق رقعتها الجغرافية (700 كيلومتر مربع فقط)، و ضعف حجم الاستهلاك المحلي الناجم عن تواضع عدد السكان (أربعة ملايين نسمة مقارنة بنحو 1.3 بليون نسمة في الصين و 1.1 بليون نسمة في الهند).

من هنا بدأت القيادة السنغافورية في التفكير في كيفية مواجهة هذا التحدي، و هي مدركة تماما عجزها عن مناطحة العملاقين الصيني و الهندي أو الدخول معهما في منافسة شرسة، أو حتى الصبر و الانتظار لسنوات طويلة إلى حين حدوث ما قد يحد من انطلاقهما الاقتصادي الصاروخي مثل التضخم أو ارتفاع الطلب المحلي الضاغط على الموازنة.

و هكذا برزت فكرة أن الدور الجديد لسنغافورة في الألفية الثالثة يجب أن يتمثل في لعب مهمتين في آن واحد: الأولى هي لعب دور حلقة الوصل ما بين الصين و الهند و التعاون معهما، و الثانية لعب دور الجسر الموصل ما بين الأخيرتين و العالم الغربي. و يبدو من بعض الشواهد والتصريحات أن هذه الفكرة تحظى بدعم كامل من " لي كوان يو" أول رؤساء وزراء البلاد ومهندس معجزتها الاقتصادية ووالد رئيس الحكومة الحالي " لي هسيان لونغ"، إن لم يكن هو صاحبها، خاصة و أن الرجل كان احد أوائل قادة دول النمور الآسيوية الذين تبنوا منذ السبعينات نظرية ضرورة انفتاح الآسيويين مبكرا على الصين من اجل استغلال الفرص الواعدة فيها قبل أن يخطفها الآخرون.

أما العوامل التي تساعد سنغافورة على القيام بهذا الدور بنجاح و بالتالي توظيفه لصالح ديمومة نهضتها و ازدهارها فهي كثيرة. و يمكن في هذا السياق أن نذكر عوامل مثل وجود دولة القانون والمؤسسات المنضبطة التي يوازيها نظام اقتصادي منفتح غربي المعالم و الأطر، و خبرات إدارية راقية تتلائم مع حاجات السوق العالمي، و أجهزة تنفيذية تتميز بالشفافية و الصرامة و الخلو من مظاهر الفساد و المحسوبية و التسيب، و نظام تعليمي راق يستطيع تخريج الكفاءات على أعلى المستويات.

بمثل هذه العوامل التي تمتاز بها سنغافورة، مضافا إليها موقعها الجغرافي القريب نسبيا من الصين و الهند، ، يمكن للسنغافوريين أن يبيعوا جملة من الخدمات التي يحتاج العملاقين الهندي والصيني إليها بإلحاح أو التي تعانيان من تخلف أو نقص فيها في خضم معركتهما لبلوغ القمة. فعلى سبيل المثال، يمكن لقطاعات المصارف و التأمين و إعادة التصدير والتسويق و السياحة في سنغافورة أن تساهم بخبرتها في رفع كفاءة القطاعات المماثلة في البلدين وتخليصها من بعض الاحتقانات والمصاعب الناجمة عن ضغوط معدلات النمو المرتفعة و الحراك الاقتصادي المتسارع أو نقص المعرفة و الخبرة، كالصعوبات التي تواجهها الصين حاليا في مجال النقل البحري و توفير الخدمات السياحية بمعاييرعالمية.

على أن الأهم من هذا هو إمكانية تحويل البلاد الىقاعدة مركزية لتدريب وتأهيل الموارد البشرية الصينية و الهندية وفق قواعد و متطلبات الاقتصاد العالمي، أو إلى تحويل البلاد إلى مصدرة نموذجية لبرامج التعليم و التدريب و تنمية المواهب و الكفاءات في مختلف المجالات، و لا سيما الإدارة الحكومية و إدارة مؤسسات الأعمال ذات الطموحات التوسعية أو الامتدادات الخارجية. وإذا كان هذا يحتاج ابتداء إلى معرفة دقيقة بثقافة الصينيين و الهنود و طريقة تفكيرهم و نوعية قدراتهم و أساليب عملهم، فان خير من يمتلك ذلك هم السنغافوريون، على اعتبار أن 77 بالمئة منهم ينتمون إلى العرق الصيني، و نحو 8 بالمئة منهم من ذوي الأصول الهندية.

إن الأمم الحية هي التي لا تتوقف مسيرتها بفعل أي طاريء و لا تجبن أمام أي تحد، و إنما تجد لنفسها موقعا و دورا جديدا كلما أفقدتها الظروف و التحولات الخارجية دورها المتميز السابق. وسنغافورة هنا خير مثال على هذا.




#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد يونس .. يستحق أكثر من نوبل
- أفغانستان .. التحدي الكبير للناتو
- لماذا أختير -سورايود- زعيما لتايلاند؟
- وظائف شاغرة في الصين
- -عبدالله- يستولي على السلطة في تايلاند
- آسيا .. ما بين عقلانية وسطها و راديكالية أطرافها
- في وداع - كويزومي-.. و استقبال - شينزو أبي-
- نحو دولة طالبانية في -أتشيه- الاندونيسية!
- هذا الهندي الموهوب هو الأجدر بقيادة الأمم المتحدة
- صواريخ حزب الله الإيرانية: فتش عن الدور الصيني
- -جزار كمبوديا الأعرج- يرحل دون قصاص
- طالبان قد تستفيد مما يجري في الشرق الأوسط
- نهاية الإرث السياسي لآل باندرنيكا
- باعاشير طليقا!
- لماذا ننادي بعلمانية الدولة
- هل -مرعي بن عمودي الكثيري- هو السبب؟
- درس انتخابي من -كيرالا
- بعض العرب إذ يحللون نووية إيران
- سنغافورة كنموذج للمجتمع غير المسيس
- كل الطرق تؤدي إلى آسيا


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - سنغافورة .. دور جديد في الألفية الثالثة