أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - أفغانستان .. التحدي الكبير للناتو















المزيد.....

أفغانستان .. التحدي الكبير للناتو


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1705 - 2006 / 10 / 16 - 10:22
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


من بعد سقوط المعسكر الشيوعي و اختفاء الاتحاد السوفياتي ، و على العكس مما كان منتظرا في حقبة ما بعد الحرب الباردة، استمر حلف شمال الأطلسي (الناتو) قائما، لكنه انتقل من مهمة احتواء التوسع الشيوعي في أوروبا إلى مهمة التدخل في مناطق الأزمات الساخنة و الحروب الأهلية، على نحو ما فعله في البوسنة أولا و في كوسوفو لاحقا.

وإذا كان نجاحه في وقف الحروب الدموية في منطقة البلقان و إعادة السلم و الاستقرار إليها، أمرا لا جدال فيه، فان تجربته الأولى و الوحيدة حتى الآن خارج القارة الأوروبية ممثلة في ما قام ويقوم به في افغانستان تبدو غير ناجحة تماما. وهذا ما يدفعنا إلى طرح سؤال محوري هو: لماذا حقق الناتو نجاحا سريعا في البلقان، فيما خطواته و عملياته متعثرة في افغانستان؟

و الحقيقة أن هذا السؤال طرح من قبل، لكنه عاد و فرض نفسه مؤخرا على ضؤ التصاعد الكمي والنوعي لعمليات حركة طالبان ضد قوات الحكومة الأفغانية و عناصر القوة الدولية للمساندة الأمنية المعروفة اختصارا باسم "ايساف"، و التي شملت نحو مائة عملية انتحارية هذا العام وحده. هذه العمليات التي باتت تذكر المراقبين بما كان يجري أيام التواجد السوفياتي في افغانستان، حينما كان المعدل الأسبوعي لعدد القتلى و المصابين من الجيش الأحمر بنيران الفصائل الجهادية هو خمسة عناصر، و هو نفس معدل خسائر ايساف و القوات الحكومية في الوقت الراهن.

صحيح أن افغانستان شهدت منذ الحرب التي شنتها الولايات المتحدة عليها في مثل هذه الأيام من عام 2001 لإسقاط نظام طالبان الأرعن، تطورات ايجابية تمثلت في سن دستور حديث وإجراء أول انتخابات ديمقراطية حرة و تشكيل سلطتين تشريعية و تنفيذية منتخبتين، ناهيك عن تحرير الإنسان الأفغاني من القهر و القمع و الفرمانات الطالبانية الظلامية و عودة المرأة الأفغانية إلى ممارسة دورها الطبيعي، بل و دخولها البرلمان كمشرعة و حصولها على حقائب وزارية. وصحيح أن الحكومة نجحت بمساعدة الولايات المتحدة و الدول المانحة في القيام ببعض المشروعات التنموية و بما أدى إلى تحسن الخدمات التعليمية و الصحية و الاجتماعية و ارتفاع معدلات الدخل الفردي وتأهيل طرق المواصلات البرية. حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى ارتفاع نسبة الحاصلين على العناية الطبية خلال السنوات الخمس الماضية من 9 بالمئة إلى 77 بالمئة، و إلى تضاعف عدد الملتحقين بالمدارس ست مرات، و إلى ارتفاع متوسط دخل الفرد السنوي من 180 إلى 350 دولارا، و إنشاء أو تطوير ما لا يقل عن أربعة آلاف كيلومتر من الطرق الحديثة.

غير أن الصحيح أيضا هو أن الأمن لا يزال غير مستتب خارج نطاق العاصمة و ضواحيها، وسط تذمر شعبي متزايد يصب في صالح المتمردين الطالبانيين، و هو ما دعا البعض إلى تحميل المسئولية لواشنطون على اعتبار أنها ركزت جهودها على نشر الديمقراطية في بلد ليس له تاريخ عريق في الديمقراطية، و انصرفت إلى الاهتمام بتشكيل السلطات التشريعية و التنفيذية، قبل أن تضمن استتباب الأمن و الاستقرار النهائيين، وقبل أن تخلق لنفسها دعما شعبيا عن طريق تحسين الظروف المعيشية و الخدمية. و من هنا فان حلف الناتو الذي تسلم زمام قيادة ايساف منذ عام 2003 وصار اليوم يقود نحو ثلاثين ألف عنصر منتمين إلى 36 بلدا بما فيهم 12 ألف جندي أمريكي، يواجه تحديا كبيرا غير مسبوق منذ إنشائه في عام 1949 ، لا سيما بعد أن تقرر مؤخرا توسيع مهام هذه القوة ليشمل جلب الأمن أولا إلى الأقاليم الأفغانية الجنوبية حيث معقل حركة طالبان والقوى الأصولية المرتبطة بها، ولاحقا إلى الأقاليم الشرقية المعقدة تضاريسيا ، علما بأن أقاليم الجنوب و الشرق تشكل مجتمعة نصف مساحة افغانستان تقريبا.

و بقدر ما سعد الأوروبيون الكبار بتقلص الدور العسكري الأمريكي في افغانستان لصالح دورهم من خلال الناتو، و ذلك على أمل أن يحقق الأخير ما عجزت واشنطون عن تحقيقه و بالتالي يعزز صورته كأقوى حلف عسكري في العالم، فان هناك من المؤشرات ما يفيد بأن مهمتهم لن تكون سهلة كما كانت في البلقان لأسباب كثيرة، بل هناك قوى أوروبية صغيرة ضمن الناتو تشعر بأن أخطاء الأمريكيين في افغانستان ستوقعهم في مستنقع لا سبيل للخروج منه سريعا، و بالتالي فهي غير متحمسة كثيرا للتدخل في الشأن الأفغاني، و إن شاركت ببعض القوات. و يقال أن الطالبانيين يلعبون على مخاوف هذه القوى الأوروبية و ترددها، فيستهدفون قواتها تحديدا بالعمليات الانتحارية كي يصار إلى سحبها.

بعيدا عما يميز الوضع في افغانستان عن الأوضاع في البلقان من عوامل سلبية مثل العصبية القبلية، و المنظومة الثقافية و الفكرية المنغلقة و المتوجسة من الأجانب، و التوجهات المحافظة، وتدني مستوى التعليم و الموارد البشرية، وبؤس المظاهر الحضارية، و استشراء ثقافة الكلاشينكوف كنتيجة لأكثر من ربع قرن متواصل من الحروب، فان هذه البلاد محاطة بدول لا مصلحة لأنظمتها أو لبعض قواها السياسية المتنفذة في أن ينجح الناتو في مهمته، و بالتالي فهي تدعم سرا و بطرق مختلفة ميليشيات طالبان و أنصار القاعدة، و تسهل مرور و انضمام الأصوليين الأجانب إليهم.

العامل الآخر المختلف هو انتشار زراعة المخدرات التي توفر للطالبانيين و أنصارهم موردا ماليا كبيرا لتأمين الحضور و الحركة و تجنيد الأنصار و شراء الذمم و القيام بعمليات كر و فر ناجحة. حيث تفيد مصادر الأمم المتحدة أن هذا النشاط بات مزدهرا في المناطق غير الخاضعة لسلطة الحكومة في جنوب البلاد، و أن المساحة المزروعة بالأفيون زادت بنسبة 59 بالمئة خلال العام الجاري فقط. و مثل هذا العامل لا يمكن التعامل معه بسهولة في ظل اعتماد الاقتصاد الأفغاني حتى الآن على زراعة المخدرات وضلوع بعض لوردات الحرب السابقين فيها، ناهيك عن غياب ثقافة الالتزام بالقانون.

إلى ذلك، هناك من العوامل الفنية ما يحد من قدرة و سرعة تنفيذ الناتو لعملياتها الأمنية والعسكرية ضد خصومه، خاصة في ظل تضاريس افغانستان المعقدة، أي على العكس مما حصل في البوسنة أو كوسوفو. فقوات ايساف التي انتقلت من مهمة تأمين الاستقرار في كابول من اجل إقامة سلطة شرعية منتخبة، و حماية المرافق الحكومية في العاصمة، و تدريب قوات الشرطة المحلية، إلى مهمة نشر السلام و الاستقرار خارج العاصمة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1510 لعام 2003 ، لا تزال قليلة العدد و العتاد مقارنة بما جند لوقف حروب الابادة الجماعية في البلقان. هذا ناهيك عما يقال من ضعف التنسيق والاندماج ما بين قوات الدول المشاركة و الذي يصل أحيانا إلى حد التنافس و تمسك قوات كل دولة بأنظمتها ومحظوراتها الخاصة في العمل الميداني، و تركيزها على حماية الذات قبل حماية أمن الأفغان.

وإذا شئنا إضافة عامل إضافي، فهو يأس الكثيرين من الأفغان من قدوم المساعدات الضخمة التي وعد بها المجتمع الدولي في مؤتمرات إعادة تعمير البلاد، أو سؤ استخدام المساعدات التي قدمت بالفعل و اكتشاف ممارسات فاسدة حولها. و هذا بطبيعة الحال يصب في غير صالح القوات الدولية، بمعنى انه يحد من دعم الأفغان لعمليات الأخيرة، كيلا نقول انه يشجعهم على التمرد على حكومة كابول و تصديق ما تروجه طالبان من أن التدخل الأجنبي لم و لن يأتي بالرخاء الموعود، وأن النظام الحالي ليس سوى مجموعة من الفاسدين المهتمين بمصالحهم الخاصة.



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا أختير -سورايود- زعيما لتايلاند؟
- وظائف شاغرة في الصين
- -عبدالله- يستولي على السلطة في تايلاند
- آسيا .. ما بين عقلانية وسطها و راديكالية أطرافها
- في وداع - كويزومي-.. و استقبال - شينزو أبي-
- نحو دولة طالبانية في -أتشيه- الاندونيسية!
- هذا الهندي الموهوب هو الأجدر بقيادة الأمم المتحدة
- صواريخ حزب الله الإيرانية: فتش عن الدور الصيني
- -جزار كمبوديا الأعرج- يرحل دون قصاص
- طالبان قد تستفيد مما يجري في الشرق الأوسط
- نهاية الإرث السياسي لآل باندرنيكا
- باعاشير طليقا!
- لماذا ننادي بعلمانية الدولة
- هل -مرعي بن عمودي الكثيري- هو السبب؟
- درس انتخابي من -كيرالا
- بعض العرب إذ يحللون نووية إيران
- سنغافورة كنموذج للمجتمع غير المسيس
- كل الطرق تؤدي إلى آسيا
- صناعة المعلوماتية ما بين الهند و الصين
- الشباب الكوري يقود ثورة تكنولوجيا المعرفة


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - أفغانستان .. التحدي الكبير للناتو