حُفرة على الطريق

حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر
(Hasan Atta Al Radee)

الحوار المتمدن-العدد: 7697 - 2023 / 8 / 8 - 22:17
المحور: كتابات ساخرة
    

حُفرة على الطريق.
في شارع مركزي وسط المدينة البائسة كان هناك حُفرة على الطريق بسبب خللاً ما ، اشتكى الأهالي للبلدية والمؤسسات ذات الصلة ، اجتمع المسؤولون لوضع حلول لتلك المشكلة التي تُهدد حياة السكان وأغلبهم من الأطفال والنساء، فالتهديدات التي نجمت عن الحفرة عديدة منها سقوط أطفال في الحفرة، وحوادث طرق وخسارة اقتصادية بسبب إمكانية سقوط مركبات ودراجات هوائية وعربات وغيرها في تلك الحفرة.
تم الاجتماع في مقر البلدية وبتواجد الصحافة وبأيدهم الكاميرات، انتهى الاجتماع وبعد مناقشة المُجتمعون (خلية الأزمة ) اقترحوا عدد من المقترحات كانت كالتالي:
المقترح الأول: طم (غمر) الحفرة بالرمال ، رُفض هذا المقترح لأن طم الحفرة يحتاج لمصاريف تتحملها البلدية والتي تحتاج لاستخدام شحن وكباش و" عدة عربات يجرها حمار " من الرمل، فتلك العملية مُكلفة ولا تتناسب وإمكانيات البلدية المادية.
المقترح الثاني : وضع إشارة أن هناك خطر على الطريق ولف الحفرة بالأحبال لكي ينتبه إليه الأهالي لعدم الاقتراب، رُفض هذا المقترح لأنه ذلك لن يمنع من حدوث كارثة إذ يمكن أن تسقط سيارة داخل الحفرة إذا كانت مُسرعة في الليل, وكذلك يُمكن أن يسقط من لديهم ضعف في النظر وكذلك العمى.
المقترح الثالث : بقاء الحفرة كما هي، وتعيين موظف " حارس للحفرة" لإرشاد الأهالي وإخبارهم بالخطر، رُفض هذا المقترح لأن تعيين موظف سُيرهق البلدية التي تعاني من عجز مالي متنامي، كما أن حارس واحد لا يكفي لهذه المهمة، فقد نحتاج إلى حارسين أو ثلاثة وهذا لا يمنع كذلك من انشغال الحارس وغفلته أحياناً.
المقترح الرابع: بقاء الحفرة كما هي ، ووضع سيارة إسعاف لإنقاذ المصابون ، ففي حال حدثت كارثة يمكن نقل المصابون بالإسعاف للمستشفى، رُفض المقترح لأن المستشفى بعيدة عن مكان الحفرة عدة كيلوات مترات، كما أن تواجد الإسعاف على مدار الساعة يحتاج لموظفين عدد 2 ، مُسعف وسائق، إضافة لمصاريف الوقود .
المقترح الخامس: بناء مستشفى أمام الحفرة ، قُبل هذا المقترح لكن هناك مشكلة بسيطة في طريقها للحل ، تتمثل في البحث عن تمويل لإنشاء المستشفى، تم كتابة مقترح مشروع وإرساله لجهة مانحة، بدورها وافقت على إنشاء المستشفى لأغراض إنسانية بحتة لكن طالبت الجهات المعنية بتسهيل الإجراءات ومنها إزالة الحفرة عن الطريق، حيث ليس من المنطق إنشاء مستشفى في منطقة غير آمنة ، فالحفرة تُعيق عمل المستشفى.
مشكلة بسيطة حلها لا يحتاج للكثير من المال والجهد لكن وضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب قد فاقم الأزمة.
بعد طلب الجهة المانحة لحل مشكلة الحفرة عاودت خلية الأزمة الاجتماع مجدداً ، تم الاجتماع لكن لم يتم التوافق على مقترح لحل المشكلة، ولا زالت المشكلة متفاقمة ، فالحفرة موجودة، ووجود ضحايا لا زال مستمراً، والمانحين في انتظار إنجازات خلية الأزمة التي لم تدرس أو تعي ماهية إدارة الأزمات ، لكنها تُبدع في خلق الأزمات.
هكذا الحال في قطاع غزة، اجتمع اليوم الموافق 8 أغسطس 2023 سياسيون ونشطاء مع رئيس سلطة الطاقة للتباحث في أزمة الكهرباء المستمرة منذ 17 سنة، وعند استفسار عضو مكتب سياسي للجبهة الديمقراطية (لتحرير فلسطين) عن : هل في منح للمواطنين ، رد رئيس الطاقة قائلاً : سيكون هناك مشروع لتزويد الأسر المهمشة بالطاقة الشمسية مجاناً لمواجهة أزمة الكهرباء والتخفيف من عبء شبكة الطاقة التي تعاني من عجزاً مستمراً .
في هذه الحالة سنواجه مشكلتين رئيسيتين :الأولى ما هي معايير وشروط أن تكون الأسرة مُهمشة ( قد يُصنف مسؤول ثري أنه من الأسر المهمشة ليستفيد من ألواح الطاقة الشمسية ) ، والثانية : كيف سيوفر الفقراء المُعدمون / المُهمشون بعد عامين ثمن لبطاريات جديدة أو إصلاح القديمة .
أزمة الكهرباء وحلولها كأزمة الحفرة على الطريق، الحل بسيط وسهل لكن خلايا الأزمة وتجارها دوماً يضعون العصي في الدواليب لكبح جماح أية حل لأي أزمة يُمكن أن تؤثر على ثروتهم وتجاراتهم الرابحة، الحل بسيط وسهل : توفير الكهرباء 24 ساعة وبسعر أقل من نصف شيكل أسوة بدولة الاحتلال ( إسرائيل) والتي يبلغ متوسط نصيب الفرد من الدخل فيها 40 ضعف متوسط نصيب الفرد من الدخل في قطاع غزة، وإعفاء كامل للفقراء والعاطلين عن العمل، ويا حبذا لو تم التعامل مع الكهرباء كسلعة عامة وتتحمل أعباءها الحكومة أو الحكومات الفلسطينية أطال الله في عمرها .

#حسن_عطا_الرضيع (هاشتاغ)       Hasan_Atta_Al_Radee#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل