كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7687 - 2023 / 7 / 29 - 09:58
المحور:
كتابات ساخرة
من علامات الحكومات الفاشلة، وشطحات المجتمعات العاطلة انها تخلت عن الكائنات البشرية التي مازالت على قيد الحياة، وراحت تبحث عن طرق العناية بالموتى، فتنازلت عن واجباتها الأساسية في النهوض بمشاريع التنمية المستقبلية المستدامة، وفقدت اهتماماتها في التفاعل مع الإنسان الحي، وفشلت في توفير ما يحتاجه من أمن واستقرار وخدمات تضمن له العيش الرغيد، وراحت تكرس مشاريعها في المتاجرة بالموتى، وفي استثمار المقابر والمدافن. حيث لا شغل لبعضها هذه الأيام سوى إزالة المقابر القديمة والأثرية عن أماكنها، وتسويتها بالأرض بذريعة بناء المجمعات السكانية، أو بذريعة شق الطرق السريعة، ومن ثم لجوءها إلى فتح أبواب التنافس امام المستثمرين لبناء مقابر حديثة تتوفر فيها مستلزمات الموت (المريح)، ومعدات الانتقال إلى العالم الآخر. فتوسعت أعمال بعض شركاتها في مجال الاستثمار العقاري للقبور، وبسطت نفوذها على مساحات واسعة خارج المدن والقصبات، ثم قامت بفرزها وتقسيمها وتجهيزها باستراحات فارهة، ومظلات تحيط بها الأشجار، وربطتها بطرق ومسارات وبوابات الكترونية ومكاتب للاستعلامات. وتنوعت عروض المقابر في المكاتب العقارية، وأصبحت لديهم الآن مقابر قريبة من المناطق الترفيهية، ومقابر على ضفاف الانهار، واخرى قريبة من المولات ومراكز التسوق، ومقابر محمية بحراسات مشددة، ومقابر مجهزة بمنظومات التكييف المركزي حتى لا يموت الميت من الحر. وجرى تصنيف المقابر إلى مستويات وطبقات: مقابر لعامة الناس، ومقابر للنخبة وأصحاب الدرجات الخاصة، ومقابر للقوات المسلحة، واخرى للشرطة والسلك الدبلوماسي، ومقابر وطنية وأخرى مخصصة للوافدين والأجانب. فارتفعت أسعارها بمعدلات هائلة. تتزايد وتتصاعد مع أوجاع الناس وأحزانهم. وتستغل حاجتهم لأماكن تأوي جثامين موتاهم. .
وتلاحقت الاعلانات المنشورة في الصحف وفي مواقع التواصل لتقديم عروض وتخفيضات لأسعار المقابر من فئة خمس نجوم. وهذا هو الشغل الشاغل الآن في معظم البلدان العربية. .
كانوا يحملون شعار: (الحي أبقى من الميت). لكنهم يحملون الآن شعار: (الميت أبقى من الحي). .
ولله في خلقه شؤون. .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟