أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد قاسم - عاشوراء والدولة الاموية














المزيد.....

عاشوراء والدولة الاموية


رائد قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 7684 - 2023 / 7 / 26 - 00:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ال امية وال هاشم اسرتين قرشيتين فكلاهما من قريش ، هاشم بن عبد مناف هو شقيق لعبد شمس بن عبد مناف ومنه امية بن عبد شمس التي انحدرت من صلبه الاسرة الاموية ، فكلا الاسرتين ابناء عمومة على الحق والحقيقة يجمعهما الانتماء لقريش القبيلة التي خرج منها النبي محمد (ص) برسالة الاسلام وتأسيس الدولة العربية الاسلامية ، وهي التي حكمت المسلمين بعده من خلال العهد الراشدي ثم الاموي ثم العباسي ، حتى انتهت دولة الخلافة على وقع الغزو المغولي ودمار بغداد.
بعض خطباء عاشوراء بخطاباتهم الشعبوية ولغتهم الطوبائية المشوبة بالتعصب الشديد يحصرون الاموية في الخليفة الاموي يزيد بن معاوية ، ويتناولون سيرة الامويين من منظار عقائدي متزمت غالبا يقوم على عقيدة مركزية ( الامامة الالهية) وبالتالي رؤية تاريخية مستندة عليها ، تستند على الحق المطلق لائمة اهل البيت في الخلافة دون غيرهم من القرشيين ، وهو طرح بعيد كل البعد عن التاريخ الموضوعي ومئات الصفحات التي كانت فيها الاموية دولة وتاريخا وانجازا ، بما لا يمكن تجاوزها ، وإلا كان تاريخنا العربي ممزقا ومتناقضا ومهلهلا ، وهذا ما يعاني منه أي عقل ايدولوجي واقعا ، حيث ينتقي من التاريخ ما يتوافق مع منهجه العقائدي الذي يكون غالبا متطرفا ومتشددا ، لتكون قراءته للتاريخ مبنية على ايدولوجيا وثوقية غاية في التعصب.
عندما تستحضر الايدولوجيا الهائجة لتكون بديلا عن القراءة العقلانية فأن ذلك يؤدي الى عمى جمعي وسقوط في هوة الجهل المقدس السحيقة.
تشكل الدولة الاموية جزء لا يتجزأ من تاريخ العرب بعد الإسلام ، وتتجاوز ارثها التاريخي التقليدي لتشكل نهضة علمية وحضارية وواقع انساني ذو ابعاد واتجاهات واسعة وعميقة لا يمكن الفكاك منها او تجاوزها مهما كانت المبررات ، ومهما مورست الشعائر والطقوس المهيجة للمشاعر والمنشاة للافكار والاعتقادات المناوئة لها ، والمغيبة في نفس الوقت للتفكير النوراني المتزن، فلا يمكن تحويل الاموية الى كائن متوحش وعدو مطلق لعاشوراء الحسين، فعاشوراء وان ظلت في الوجدان بفعل تراجيديتها التاريخية او الميتلوجية ، او اختزالها في ممارسات فلكورية مأساوية ساحقة للتفكير النوراني في اغلب الأحيان ، إلا انها تظل جزء من مرحلة تاريخية لها معطياتها المكانية والزمانية ومعادلاتها الانتربلوجية المعقدة ، ولا يمكن بأي حال اسقاطها على كافة عهود التاريخ التي جاءت بعدها ، بكل ما تحمله من احداث ووقائع ضخمة تتجاوز الفرد بما هو فرد مهما كان مؤثرا في محيطه الخاص ومهما كانت مكانته بين اتباعه سواء كان فقيها او زعيما دينيا او خليفة او ثائرا.
تعبر عاشوراء العقائدية والقيمية عن استحضار مثالي لقيم الكرامة والمروءة والشجاعة والبسالة والتضحية في سبيل العزة والرفعة ، بينما تعبر في استحضارها التاريخي عن صراع على السلطة بين فرعين من قريش ، انتصر فيه فرع وهزم آخر ، في امتداد لصراع مستمر منذ ما قبل الاسلام ، ولم يتوقف عند عاشوراء بل ظل حيا حتى نهاية الدولة الاموية ، وانتقل الصراع بعدها الى ما بين الهاشميين انفسهم ، حيث خاض العلويون والعباسيون صراعا مريرا كانت له محطات تاريخية مهمة بين الاسرتين العريقتين.
فتح مصر والعراق وفارس والشام بما في ذلك القدس الشريف كان في العصر الراشدي وتحديدا في عصر الخليفتين ابو بكر وعمر ، بينما لم يشهد عهد علي مثل هذه الانجازات الضخمة ، إلا انه كان زاخرا بقيم الحكم النبيل والعدالة الاجتماعية والهيبة الروحية للخليفة القرشي الهاشمي ، ومثلث سيرته الفذة في الحكم ومعاملة الرعية باعتبارها شريكة في الدولة لا عنصر من عناصرها ممارسة فريدة لشخصية استثنائية بكل ألمعايير ، ولا شك عندي انه كان سابقا لعصره في العمل بنظم اصيلة وملهمة كسيادة القانون وخضوع الحاكم له ، فوقوفه بين يدي شريح القاضي في قصة اليهودي والدرع خير مثالا على سمو شخصية الامام علي وكونها مثالا عظيما للشرف والأصالة والإنسانية.
وبينما كان ائمة ال البيت فقهاء وعلماء ربانيين وكانوا اهلا للخلافة ايضا حتى قال الذهبي عن الامام جعفر الصادق: ( مناقب جعفر كثيرة، وكان يصلح للخلافة لسؤددِه وفضله وعلمه وشرفه رضي الله عنه) ، كان الخلفاء الامويون يفتحون الدنيا ويوسعون دولة العرب ودينها الاسلامي الذي حمله النبي (ص) جد العلويين وابن عم الامويين حتى وصل الاندلس غربا والهند شرقا ، وكان للحجاج بن يوسف سيف بني امية وطاغيتهم دورا مهما في هذه الفتوحات ، في مفارقة محيرة بين الايدولوجيا المثالية والتاريخ ، وتناقض صارخ بين الدين بكل ما يحمله من قيم نبيلة والسلطة القاهرة المتجبرة التي يمثلها الحجاج بن يوسف.
وما ان انقضت دولة الامويين بعد مائة عام حتى بعثت مرة اخرى في الاندلس ليؤسسوا دولة عظيمة عاصمتها قرطبة ، كانت لؤلؤة الدنيا في عصرها ، وكان ابناء اوربا يسافرون اليها ليتعلموا العربية وينهلوا من علوم العرب في الطب والفلك والفلسفة ويغرفون من حضارتها ومدنيتها.
ظلت كربلاء حية في وجدان وضمير وعقيدة الامة ، وتجدد ذكراها كل عام منذ قتل الحسين عام 60 هـ ، ولكن ايضا بقي الامويين بما حققوه وأنجزوه في كلا من دولتهم في الشرق ودولتهم في الغرب حاضرين وقد حفروا سيرة دولتهم في تاريخ الشرق الى الابد ايضا، ويبقى مسار كلا من الايدولوجيا والتاريخ متضاربا ، إلا انه لا بد من ان تكون بينهما مسارات التقاء وتواصل ، فمتى ما نضج العقل فانه حتما سيقرأ التاريخ بعين العقل والتبصر ، ولن يرى تناقض صارخ بين عاشوراء بكل ما سطرته من ملاحم البطولة والفداء والتضحية وبين الاموية وما قدمته من ارث خالد ، فعاشوراء قيم نابضة ، والأموية تاريخ مجيد رغم ما شابه من احداث جسيمة ، وان كانت عاشوراء هي الحسين بكل ما يحمله شخصه من قيم المجد والعزة والرفعة فان الاموية ليست يزيد بل تاريخ ممتد بين دمشق وقرطبة صفحاته المضيئة في التاريخ لن تغيب ابدا.



#رائد_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعتقدات والدليل التاريخي
- الدين العربي
- المدنية بين النظم الدينية والايدولوجية
- العراق: من ابو مسلم الخراساني الى قاسم سليماني
- ربيع الوعي العربي
- العراق ودولة الطائفة
- النسوية المتطرفة والذكورية المتسلطة
- الدين ببساطة
- العقل الديني والعقل المدني
- المرأة وسياجات العزلة والتدمير
- مظاهر -العلمانية- في عصور الازدهار العربي
- سادتي الإيرانيين .. خوش آمديد !! ( أهلا وسهلا)
- رجال الدين .. تبا لكم!!
- دين الله أم دين الفقهاء؟
- الهزيمة الحضارية للفكر الديني
- الليبرالية المتطرفة والعلمانية المستبدة
- مارثون القطيف .. كرنفال للحرية !
- الجريمة بين المجتمع الديني والمجتمع المدني
- المرأة السعودية .. القانون أولى بأمري
- الطوائف الدينية وجدلية الولاء الوطني (1)


المزيد.....




- البنك الاسلامي للتنمية وافق على اقتراح ايران حول التمويلات ب ...
- استباحة كاملة دون مكاسب جوهرية.. هكذا مرّ عيد الفصح على المس ...
- قائد الثورة الاسلامية سيستقبل حشدا من المعلمين 
- تونس تحصل على 1.2 مليار دولار قرضاً من المؤسسة الدولية الإسل ...
- مين مستعد للضحك واللعب.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 20 ...
- «استقبلها وفرح ولادك»…تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ك ...
- لوموند تتابع رحلة متطرفين يهود يحلمون بإعادة استيطان غزة
- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد قاسم - عاشوراء والدولة الاموية