|
قراءة للآية 15 من سورة محمد ( أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ .. ولَّبَنٍ .. وخَمْرٍ .. وعَسَلٍ )
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7672 - 2023 / 7 / 14 - 08:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أستهلال : سأقدم قراءة للآية 15 من سورة محمد ( مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ ۖ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا لذة للشاربينْ ) مركزا على مقولة أنهار الجنة التي من " الماء واللبن والخمر والعسل " . الموضوع : من تفسير الطبري ، أنقل التالي ، وبأختصار حول تفسير الآية أعلاه ( الله وعد المتقون ب " أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ، يقول : حدثنا أبن عبد الأعلى .. عن قتادة ، في قوله : أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ، قال : من ماء غير مُنْتن " .. " يقول تعالى : وفيها أنهار من لبن لم يتغير طعمه لأنه لم يحلب من حيوان فيتغير طعمه بالخروج من الضروع ، ولكنه خلقه الله ابتداء في الأنهار ، فهو بهيئته لم يتغير عما خلقه عليه " .. " يقول : وفيها أنهار من خمر لذة للشاربين يلتذّون بشربها . كما حدثني عيسى ، قال : ثنا إبراهيم بن محمد قال : سألت عنها الحارث .. فقال : لم تدسه المجوس ، ولم ينفخ فيه الشيطان ، ولم تؤذها شمس ، ولكنها فوحاء : قلت لعكرمة : ما الفوحاء : قال : الصفراء " .. " يقول : وفيها أنهار من عسل قد صُفِّي من القَذى ، وما يكون في عسل أهل الدنيا قبل التصفية ، إنما أعلم تعالى ذكره عباده بوصفه ذلك العسل بأنه مصفى أنه خلق في الأنهار ابتداء سائلا جاريا سيل الماء .. " / نقل من موقع القرآن ) . القراءة : أولا - أن قرآن محمد ، مثل ما يقال ، نصوصه " تعرف من أين تؤكل الكتف" وفي شرح هذا المثل ( قال المطرزي في شرح المقامات : إن هذا المثّل يضرب للرجل الداهية ، الذي يأتي الأمور من مأتاها ، وذلك لأن أكل الكتف أعسر من غيرها ) ، فالقرآن وعد أتباعه بما يتوقون أليه ، وبما يفتقدونه ، وما يتمنون تناوله ، فالخمر الكل كان يشربه ( ما روي عن علي أن رجلاً من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف ، فسقاهما قبل أن تحرم الخمر ، فأمَّهم علي في المغرب - وفي رواية : فلما أخذت الخمر فينا ، وحضرت الصلاة ، أمروا رجلاً ، فصلى بهم - فقرأ: قل يا أيها الكافرون ، فخلط فيها - وفي رواية : فالتبس عليه فيها - فنزلت: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون / نقل من موقع أسلام ويب ) ، من بعد ذلك ، القرآن دعا الى أجتنابه وليس الى تحريمه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ / 90 – 91 سورة المائدة ) ، أذن قرآن محمد وعدهم بالخمر ، الذي كان يشربونه سابقا ، ووعدهم بماء صاف ، حيث أن من سياق الآية كان العرب يشربون ماءا آسنا ، وذات الأمر ينطبق على العسل المصفى الخال من القذى ، واللبن الغير محلوب من الحيوان ، وهنا التساؤل : هل هناك لبن صناعي ! . أن الآية وفرت للمتقين ما كانوا محرومين منه بالحياة الدنيا ، والآية أيضا تغري العرب ، وتجذبهم الى دعوة محمد ، وأيضا من أجل حثهم للمشاركة في غزواته ، وتوعدهم بعد أستشهادهم ، بهكذا أنهار ..
ثانيا - الآية بها بعض التبريرات / بالنسبة للخمر ، التي لا معنى لها ، كقوله " لم تدسه المجوس ، ولم ينفخ فيه الشيطان ، ولم تؤذها شمس ، ولكنها فوحاء " ، والتساؤل الذي يطرح : لماذا هذا التعبير ، ولماذا لم يقل القرآن لم تدسه النصارى / الذين لم يحرموا الخمر ، وهل الشيطان كان ينفخ بخمر الدنيا ، ولا ينفخ بخمر الجنة . ولكن الأمر الأنكى من كل ذلك ، هل الله جل ذكره خبيرا في الخمر ! ، ليوصفه بهذه الأوصاف . والتساؤل هنا كيف أن الخمر في الحياة الدنيا ، يحث القرآن على أجتنابه ، بينما يحلله في الجنة ، وبأنهار منه ! . هذه مجرد تساؤلات .
ثالثا – أيضا أن الآية من بنيتها ، فأنها تضم ضربا من الأسطرة ، لأننا لم نسمع أنهارا من الخمر ، بل جرنا من الخمر ، وذات الأمر ينطبق على العسل واللبن / فنقول طبقا أو أناءا ، أما الماء فيمكن قبول أمره ، لأن وجود الماء ، يكون عادة متوفر في النهر . أن النص القرآني دوما ، يتميز بمغالات في الوصف ، وذلك من أجل صدم المتلقي ..
خاتمة : هل الله في القرآن يغري عباده ، أن أتبعوه بأنهار من " خمر وعسل وماء ولبن " ، وهل من أسماء الله الحسنى ( المغري ) ، وهل الله بهالته يسكر عباده في الجنة .. من بنية الآية أعلاه ، يتبين لنا أن النص القرآني ، يخاطب العقلية العربية الجاهلية في تلك الحقبة ، ويتماشى مع تفكيرها ، ومع ما يدور في مخيلتها .. نقطة رأس السطر .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفتاوى .. الحكم على البشر بأسم رب البشر
-
بين القنبلة النووية و القنبلة الأسلامية .. أضاءة
-
أضاءة في بنية النص القرآني
-
قراءة لحديث ( والَّذي نفسي بيدِه ليوشِكنَّ أن ينزلَ فيكم ابن
...
-
الخلاف والأختلاف في الصلاة والسلام على - محمد -
-
لقاء سري جدا مع السيد X
-
أضاءة .. الأسلاميون في الغرب
-
قراءة ... للآية 55 / سورة آل عمران – وجهة نظر أولية
-
بين أسلام محمد وأسلام ما بعد محمد .. أضاءة
-
التاريخ الأسلامي بين ما كتب .. وما كان يجب أن يكتب
-
- البارقليط - بين المسيحية والأسلام
-
أضاءة .. بين تجديد الخطاب الأسلامي و الأصلاح العقائدي
-
تعبد محمد في - غار حراء - بين الحقيقة والوهم
-
الخلاف السني الشيعي في رواية - المهدي المنتظر -
-
العرب المسلمون والأنعزال عن الركب الحضاري .. أضاءة
-
أضاءة .. هل الأسلام لا زال مسكونا بالماضي
-
نحو فقه أسلامي معاصر
-
دور المرجعيات والمؤسسات الدينية .. في مستقبل الأسلام
-
تساؤلات .. هل الحكم يستمد من شرع الله ؟
-
حور العين .. هلوسة في مخيلة المعتقد الأسلامي
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص
...
-
-أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ
...
-
“بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر
...
-
“وفري الفرحة والتسلية لأطفالك مع طيور الجنة” تردد قناة طيور
...
-
“أهلا أهلا بالعيد” كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024 .. أهم ال
...
-
المفكر الفرنسي أوليفييه روا: علمانية فرنسا سيئة وأوروبا لم ت
...
-
المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف ميناء عسقلان المحتل
-
المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف قاعدة -نيفاتيم- الصهيونية+في
...
-
أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|