أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الامين - عصام ...الخريج الذى فقد نفسه














المزيد.....

عصام ...الخريج الذى فقد نفسه


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 1723 - 2006 / 11 / 3 - 04:03
المحور: الادب والفن
    


- ألم تظهر وظيفة جديدة ؟ ‍
أخرج عصام بطاقته وناولها للرجل الذي قلب في الأوراق أمامه ثم رد البطاقة وأجاب
- نأسف لا توجد وظيفة لك ‍‍‍‍‍‍‍!!
- لماذا لا توجد وظيفة لي ؟ ‍!
- أنت محظور .. هل كنت تمارس نشاط سياسي أبان دراستك للجامعة ؟
- نعم كنت في الجبهة الديموقراطية .
- هل لا زلت تمارس السياسة اليوم ؟
- لا إني أتضور جوعاً لا أجد الوقت الكافي لتعاطي مع السياسة .. هل هذا يعني أني لن أحصل على وظيفة ؟
- يمكنك معاودتنا دائماً ، ربما رفع عنك الحظر أو صدر قرار جديد .
رد عصام في نفسه " ما جدوى الانتظار .. حتى إذا حصل على وظيفة لابد أنهم سيحيلونه للصالح العام لسبب نفسه .. إذن سينتظر الديمقراطية " .
نفس الأسئلة ونفس الإجابات لا تتغير وتمضي تباعاً ، هذا الرجل المحنط الذي يجلس خلف النافذة . هذا العاطل عن المواهب ، تحول إلى إنسان آلي يرد ببلاهة يحسد عليها ابتعد عصام من النافذة ، خرج يجرجر أذيال الخيبة . هذا العام الثاني وهو يطارد أحلام الوظيفة من خلال هذا الرجل أبو الهول الذي يقبع خلف الشباك في لجنة الاختيار للخدمة العامة السودانية .
* * *
ظل عصام يسير مترنحاً من فرط الجوع .. وهو لا يكاد يتحصل عن ثلاث وجبات في اليوم كما أن مصروفه الاحتياطي الذي أحضره معه من البيت قد بدأ يضمحل .. كانت ظاهرة الثراء الطفيلي والانفتاح تحيط به من كل جانب العربات ذات الدفع الأمامي . المباني الضخمة للبنوك ، محلات السوبر ماركت تعج بالحلويات التي لا تشبع ولا تغني من جوع .
جلس عصام تحت ظل شجرة لبخ ، قبعت تحتها امرأة تبيع الشاي تناول منها كوب ، أخذ يرشف الشاي في مرارة بعد أن أراح جسده المنهك على حجر جوارها ، كانت الأوراق النقدية من فئة العشرة جنيهات تنهال على المرأة كالمطر وظن عصام أنها تقترب من المئات " تباً لهذه الشهادة الجامعية اللعينة فهذه المرأة دخلها اليومي يبدو أكبر من دخل وكيل وزارة …. اللعنة كل شيء أصبح بالمقلوب" نهض عصام وختم جولته اليومية بالسفارات العربية وأعاد أدراجه بعد أن حشر نفسه حشراً في إحدى الباصات المنهكة التي يتعلق بها الكادحين تعلق النمل بقطعة السكر ، كان الحر قائظ ، وصل عصام إلى منزل عمه في أم بده ، منزل متهالك ، دخل إلى الغرفة ، طالعته بصورته الباهتة كالمعتاد في مرآة خزانة الملبس القديم نظر في ذعر إلى نفسه فقد بدت صورته باهتة فعلاً ، " ما هذا ؟! هل في طريقه إلى الاختفاء ؟؟ " إ، صورته غير واضحة المعالم . حاول صاحبنا إنارة الغرفة ، للأسف لا يوجد تيار كهربائي فتح جميع النوافذ نظر إلى نفسه في المرآة مرة أخرى " يبدو أن في الأمر خلل ما " صورته فعلاً باهتة ، قد يكون ذلك ناجم من الحالات النفسية التي تعتريه ، إن الإحساس بالضآلة يولد لديه هذا الإحساس الكئيب " لا بأس ، لا بأس ، غداً سنرى " . أخرج عصام الفرش المتهالك في الفناء واستقلى عليه ونام .. في الصباح نهض وبدأ يحي أبناء عمومته فرداً فردا فينظرون حولهم في دهشة ممزوجة بالرعب أوجس خيفة ، دخل الغرفة ونظر إلى المرآة " يا للهول !! اختفت صورته تماماً ، إذن فقد تلاشى، كيف حدث ذلك ، لم يعد هناك أدنى أثر لصورته في المرآة" تملكه ذعر شديد " كيف يمكنه التعامل مع الناس ؟!.. كيف سيحصل على وظيفة وقد اختفى عن الأنظار " حتى بني عمومته لم يروه . حاول طرد هذه الأوهام وليكن ما يكون . أرتدى ملابسه على عجل وخرج . ركب الحافلة المكتظة ولدهشته الشديدة تجاوزه الكمساري دون أن يطالبه بالنقود " لم يره الكمساري أيضاً !! ما هذا الكابوس المزعج " نزل كالمعتاد في المحطة الوسطى في الخرطوم وتوجه نحو لجنة الاختيار اللعينة .. نزل وتقدم بخطى ثابته نحو النافذة المعهودة وجد نفس الرجل .
- السلام عليكم .
- ……………
نظر الرجل إلى الفراغ الخالي في دهشة !! .
- هل توجد وظائف خالية جديدة من فضلكم ؟
هب الرجل كالملسوع يحملق في الفراغ أمامه وهو لا يعلم من أين يأتي هذا الصوت تجمع بقية الموظفين حول الرجل المذعور ، كان هناك صوت مجهول يتحدث إليهم … كان الصوت واضح النبرات وتشوبه المرارة .
- أخبروني .. ألا توجد وظائف جديدة ؟ !
صعق رجال المكتب عندما رأوا شهادة جامعية وبطاقة شخصية تخرجان من مكان مجهول في الفراغ أمام النافذة وتسبحان في الهواء في طرقهما إليهم ، دب الذعر في المكان وعرف عصام المسكين إنه اختفى تماماً من جراء تعاظم إحساسه العميق بالضآلة الناجم عن الأوضاع المقلوبة في البلاد التي أصبح فيها الوزراء اكثر من المزارعين والبنوك أكثر من المستشفيات .
تم إغلاق مقر لجنة الاختيار للخدمة لاحقاً بعد أن أصبحت مسكونة بالأشباح التي تخرجت من الجامعات والمعاهد العليا .



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسان والابداع
- الحقيقة والجمال
- نظرية داروين واشكالية الحلقة المفقودة
- الطيب والشرير والقبيح
- اني جاعل في الارض خليفة
- قطار الشمال الآخير
- (3-3)النقل والعقل
- نسبية المعرفة(2-3)ا
- نظرية المعرفة(1-3)ا
- ميتافيزقيا الزمان والمكان
- حكاية حليمة الصومالية
- الدين والاخلاق عبر العصور
- نوستالجيا
- الانسان اولا
- .........الطاووس
- العراق وسباق المسافات الطويلة
- موت شاعر
- الرأسمالية ليست نهاية التاريخ
- قصة قصيرة:.........الكلب........
- الاصولية المزعومة والعلمانية المفترى عليها


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الامين - عصام ...الخريج الذى فقد نفسه