أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - صواريخ غزة في ميزان العقل واستراتيجيات التحرر الوطني















المزيد.....

صواريخ غزة في ميزان العقل واستراتيجيات التحرر الوطني


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 7657 - 2023 / 6 / 29 - 15:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


من أولويات حق العقل علينا أن نُعمله لتدبير أمور حياتنا الخاصة والعامة، وإن كان الأفراد يخضعون لتأثيرات متناقضة ما بين نوازع العقل ونوازع العاطفة فإن الدول ومن يحكمها من قيادات، يفترض أن تغلِّب العقل على العاطفة، وحتى بالنسبة للشعوب الخاضعة للاحتلال يجب أن تخضع للعقل والعقلانية في ممارستها للسياسة وللمقاومة، فهذه الأخيرة ليست فعلاً عاطفياً وانفعالياً أو مجرد ردة فعل على الاحتلال وممارساته العدوانية بل تحتاج لوجود رؤية واستراتيجية عمل وطني، ومن حق العقل علينا كفلسطينيين نتعرض لتهديدات تمس وجودَنا الوطني أن نُوقف حالةَ العبثية والتخبط التي أصبحت تحكم وتسيّر كل مناحي حياتنا، في العمل السياسي والدبلوماسي وفي نهج المقاومة.
غياب العقل والعقلانية عند الطبقة السياسية لا يعبر دائماً عن جهل بل قد يكون عملاً مقصوداً لتضليل الجماهير وجعلها تعيش في أوهام، لأن الخطاب المتعالي والمنفصل عن الواقع والذي يدغدغ مشاعر الجماهير دون أن يلامس العقل كالحديث عن التمسك بالثوابت الوطنية والتأكيد على الوحدة الوطنية أو عن التضامن العربي والإسلامي مع قضية فلسطين وتضخيم خطاب المقاومة والتحرير... دون ممارسة على الأرض تتوافق مع هذه الشعارات ، أمور غير عقلانية تضر بالقضية الوطنية أكثر مما تنفعها.
مؤشرات الخروج عن العقل والعقلانية في العمل السياسي الفلسطيني متعددة منها ما يتعلق بالعمل السياسي الرسمي للقيادة ومراهنتها على التسوية السياسية والأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية ليعيدوا لنا حقوقنا المسلوبة ويحموا الشعب من بطش الاحتلال ولم تتراجع عن هذه المراهنات بالرغم من تدهور وتراجع دور الأمم المتحدة وفشلها في حل أي نزاع دولي ، وهي مراهنة أقرب للوهم و تخفي في ثناياها حالة عجز وفشل في القيام بالواجب الوطني، ومنها ما يتعلق بالمقاومة المسلحة ونهجها والانزلاق نحو تغليب المصالح الحزبية والشخصية وحسابات أجندة خارجية متعددة.
وحيث إننا كتبنا وتحدثنا مطولاً عن فشل نهج التسوية السياسية وأوهام المراهنة على الشرعية الدولية فقط لاستعادة حقوقنا المشروعة، فسنخصص هذا المقال لموضوع غياب العقلانية في ممارسة المقاومة المسلحة وخصوصاً الصواريخ المنطلقة من غزة.
نعم، المقاومة حق مشروع للشعوب الخاضعة للاحتلال، ولكن يجب ممارسة هذا الحق بعقلانية وبتخطيط حتى نتجنب ردة فعل من العدو تُوقِع خسائر أكثر مما يُنجز الفعل المقاوم، فكم من حقوق أضاعها أصحابها لسوء تصرفهم وليس لقوة الخصم، المقاومة حق ولكن: أين ومتى وكيف يُمارَس هذا الحق؟
سواء أسميناها مقاومة أو جهاد أو حركة تحرر فهي تندرج في سياق المقاومة الشعبية أو حرب تحرير شعبية، والمقاومة الشعبية تحتاج لاستراتيجية وطنية تكاملية توظف كل طاقات وإمكانيات الشعب لمواجهة الاحتلال.
نتفهم حالة الغضب والحقد على الاحتلال كما نتفهم حالة التعاطف والتأييد الشعبي لكل عملية نضالية تستهدف العدو، سواء كانت إطلاق صواريخ من غزة أو عملية فدائية في الضفة المحتلة، إلا أن العقل يحتم على المقاومين معرفة أو توقع ما يفكر به العدو وردة فعله وليس الاكتفاء بالحديث بعد العملية عن البطولات والانتصارات، فحسابات النصر والهزيمة تشمل الفعل وردة الفعل والمقارنة بينهما، كما أن ردة فعل العدو لن تقتصر على الجماعة التي قامت بالعمل الفدائي بل سيَدفِع الشعب والمشروع الوطني كله الثمن.
ودعونا نخضع الأمور التالية لحسابات العقل والعقلانية وهل بالفعل كان التعامل مع هذه القضايا عقلانياً ويخدم المصلحة الوطنية:
1- عندما تم تبني خيار السلام والتسوية السياسية بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني ورفضت حركتا حماس والجهاد الإسلامي هذا النهج انقسم الشعب وأصبح نصفه مع الحل السلمي التفاوضي ونصفه مع استمرار الكفاح المسلح، وكل طرف يشكك في الآخر ويخونه ويعمل على إفشال مساعيه.
2- بعد خروج جيش الاحتلال من غزة بمقتضى المخطط الصهيوني الذي نفذه شارون خريف 2005، أعلنت الفصائل المسلحة أن المقاومة في غزة أجبرت إسرائيل على الانسحاب، ومع افتراض صحة هذا القول كان من المفترض والمطلوب أن تنقل حالة المقاومة المسلحة إلى الضفة الغربية لتحريرها أيضاً، وأن يتفرغ الفلسطينيون لبناء القطاع وتنميته وإثبات قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم بطريقة ديمقراطية وعقلانية، ولكن الذي جرى أن حركة حماس تفردت بحكم غزة وحدث الانقلاب وما هو قريب من الحرب الأهلية كما تعاظم تسليح غزة وأصبحت تطلق صواريخ على إسرائيل، مما أدى لعودة التصعيد في القطاع بينما كانت المقاومة المسلحة شبه متوقفة في بقية الأراضي الفلسطينية.
3- جاء الانقسام وحديث (الحرب على غزة) الذي اخترعته وروجت له قناة الجزيرة القطرية وكأن الضفة والقدس لا تشهد حرباً وعدواناً أكثر خطورة، وأصبحت المعركة وكأنها بين الكيان الصهيوني وقطاع غزة، وفي المواجهة الأخيرة بدت وكأنها بين الكيان الصهيوني وحركة الجهاد الإسلامي، وحتى داخل الضفة لم يكن هناك أي استراتيجية للمقاومة، بل نجد أحياناً من يشكك بأعمال المقاومة الفردية.
4- إذا كانت حركة حماس تعلم أن إسرائيل التي تمنع قيام سلطة ذات سيادة في الضفة يحكمها من اعترفوا بها ويرفضون العمل العسكري، فهل تعتقد حماس أن إسرائيل ستسمح لها بتأسيس سلطة سياسية في الضفة الغربية. وسؤال آخر: لماذا تعمل حركة حماس على إضعاف السلطة الوطنية في الضفة، سلطة منظمة التحرير الفلسطينية وعنوان المشروع الوطني، وحركة حماس أوقفت المقاومة المسلحة عبر حدود قطاع غزة مقابل الحفاظ على سلطتها وحياة قياداتها؟
5- أين حسابات العقل في (مقاومة) الصواريخ والأنفاق؟
بالرغم مما تثيره الصواريخ من قطاع غزة تجاه الأراضي المحتلة من مشاعر وأحاسيس عاطفية وحالة تأييد شعبي، إلا أنه من خلال إعمال العقل والتفكير المنطقي بالهدف من وراء إطلاق الصواريخ والنتائج المترتبة على ذلك سواء من خلال ردود الفعل المدمرة للعدو، أو ردود الفعل الدولية حيث ينظر العالم إلى الأمر وكأنه اعتداء من جماعات مسلحة على دولة عضو في الأمم المتحدة.
صحيح أن صواريخ المقاومة تحدث حالة فزع ورعب عند بعض الإسرائيليين وتؤثر على مجريات الحياة العادية إلا أن العدو يستطيع بسهولة استيعاب الضربة وإعادة الأمور خلال أيام بل ساعات الى ما كانت عليه، أما ردود فعل العدو وصواريخه فتلحق أضراراً مع كل جولة حرب تتراكم ويصبح من الصعب إصلاحها وتجعل قطاع غزة وفصائل المقاومة أكثر خضوعاً لابتزاز العدو والجهات المانحة، هذا بالإضافة الى التداعيات السياسية حيث تبعد مواجهات غزة الأنظار ما يجري في الضفة.
من فكر بمواجهة العدو بالصواريخ والإنفاق إما أنه وطني ولكنه يفتقر لأية معرفة بحروب التحرير الشعبية واستراتيجياتها وبالتالي عمله لا يندرج في السياق التحرري الوطني، أو أنه يعمل لصالح جهات خارجية تهدف للحفاظ على التوتر في فلسطين وعلى جبهة غزة لصالح أجندة خاصة بها لا علاقة لها بتحرير فلسطين.
فكيف تحصر حركة مقاومة فعلها المقاوم في المربع العسكري الذي يتفوق فيه العدو كثيراً، وأين العقلانية في تفكير يعتقد أن الصواريخ والأنفاق يمكنها أن تحرر أرضاً؟
أين العقلانية في سيطرة حزب على جزء من الأراضي المحتلة (قطاع غزة) ما زال يخضع للاحتلال والحصار ويتحكم العدو بكل منافذه ويتحكم بكل ما يحتاجه الشعب من مقومات حياة من المواد الغذائية والطبية ومواد الإعمار والسفر والتجارة إلى الأموال القطرية التي تسدد بها سلطة حماس جزءا من رواتب موظفيها؟!!! ومع ذلك يتم إطلاق الصواريخ تجاه هذا العدو ويصرح قادة مقاومة بأنهم سيدمرون إسرائيل وأنهم حققوا توازن قوى ورعب معه؟!!!!!
أين العقلانية وأبسط متطلبات استراتيجيات حروب التحرير الشعبية عندما تطلق فصائل المقاومة مئات وآلاف الصواريخ على العدو بدون أن تلحق به أضرار بشرية أو مادية ذات أهمية حيث يكون العدو استبق الأمر بدعوة مواطنيه للتحصن بملاجئ معدة مسبقاً أو نقلهم لأماكن أمنة، بينما صاروخ واحد من العدو يمكنه تدمير برج سكني أو مؤسسة صناعية ويمحوه بالكامل؟ وسكان القطاع بدون ملاجئ أو أماكن آمنة وتحت أنظار طائرات الاستكشاف وأبراج المراقبة؟
أين العقلانية عندما تعلن حركتا حماس والجهاد عن انتمائهم لمحور المقاومة وتتحدثان عن وحدة الساحات في الوقت الذي يتواصل فيه الاستيطان والإرهاب والعدوان المتكرر على القطاع ويتم تدنيس المسجد الأقصى بل سيطرة اليهود عليه... ولا نسمع أو نرى أي رداً من محور المقاومة-إيران وسوريا وحزب الله- والأنكى من ذلك إعلان بعض قادة المقاومة أن غزة لن تسكت في حالة العدوان على ايران!!
وأخيراً بعد ما آلت إليه القضية الوطنية وبعد وصول الطبقة السياسية الى طريق مسدود وأصبحت معنية بالحفاظ على مصالحها وامتيازاتها أكثر من حرصها على المصلحة الوطنية، مطلوب أن يتوقف الشعب عن المراهنة على الأوهام والشعارات الكاذبة التي تروجها الأحزاب، سواء كانت شعارات الشرعية الدولية والتسوية السياسية أو شعارات المقاومة والجهاد، وخصوصاً وقد رأينا ما آلت إليه الأمور في الضفة والقدس في ظل سلطة وضعت كل بيضها في سلة المراهنة على السلام وعلى الشرعية الدولية، وما آلت إليه الأمور في قطاع غزة في ظل سلطة فصائل المقاومة المسلحة ومطلقي الصواريخ.



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق بوتين
- صمود سوريا كشف مستور ما يسمى (الربيع العربي )
- في ذكرى الانقسام: لا حماس تحتفل ولا الاحزاب تندد
- هل تستحق (دويلة غزة) كل هذا الثمن؟
- من النكبة الى النكسة الى التطبيع، وماذا بعد؟
- تركيا كنموذج لعدم تعارض الإسلام مع الديمقراطية والعلمانية
- أسباب أزمة المشروع التحرري الفلسطيني، وإمكانية تجاوزها
- أسباب أزمة المشروع التحرري الفلسطيني، وإمكانية تجاوزها
- متغيرات دولية وعربية تحتاج لحاضنة رسمية فلسطينية
- مسؤولية الأنظمة العربية عن نكبة 1948
- هل ستغير اسرائيل المعادلة القائمة في قطاع غزة؟
- استهداف الجهاد الإسلامي محاولة لخلق فتنة وحرب أهلية في غزة
- استراتيجية حرب وعدوان إسرائيلية وغياب استراتيجية فلسطينية لل ...
- الحرب في السودان وفوضى (الربيع العربي)
- الدولة الفلسطينية بين الإعلان الرسمي والوجود الفعلي
- هل خرج الشرق الأوسط بالفعل من دائرة النفوذ الأمريكي؟
- لغز الصواريخ المنطلقة من جنوب لبنان إلى ىشمال إسرائيل
- أين الفلسطينيون مما يجري في (إسرائيل)
- في ذكرى يوم الأرض ما أحوجنا ليوم للأرض
- إضرابات النقابات في معادلة الصراع مع الاحتلال


المزيد.....




- مأزق بين الغيوم.. مضيفات طيران يفرقن شجارًا على متن رحلة جوي ...
- -آل بيت النبي وجدوا في مصر الأمن والأمان-.. السيسي يفتتح مسج ...
- لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانت ...
- هجوم روسي كبير على شرق أوكرانيا وسلطات كييف تجلي المئات من ا ...
- غزة ـ تواصل القصف وغوتيريش يجدد دعوته لوقف إطلاق النار
- ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات أفغانستان إلى 315 شخصا (فيديو)
- تقرير: الجيش الإسرائيلي يتستر على انتحار جنود في الساعات الأ ...
- مصر تمهل الأجانب مخالفي تشريعات الإقامة حتى نهاية يونيو لتسو ...
- كيف تصنعين بدائل المنظفات المنزلية بمكونات طبيعية آمنة؟
- ناد فلسطيني: 82 أسيرة في سجون إسرائيل الجهنمية


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - صواريخ غزة في ميزان العقل واستراتيجيات التحرر الوطني