أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - آزاد أحمد علي - الكرد الفيليون من الاستعراب التاريخي إلى سياسة التعريب المعاصرة مروراً بحملات الإبادة والترحيل















المزيد.....

الكرد الفيليون من الاستعراب التاريخي إلى سياسة التعريب المعاصرة مروراً بحملات الإبادة والترحيل


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 1721 - 2006 / 11 / 1 - 06:30
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


أشارت مصادر التاريخ الإسلامي إلى وجود الكرد في السهول الشمالية للخليج العربي، وخاصة في مناطق إيلام والسهول المحاذية لجبال زاغروس، ولم يكن عدد الكرد فيها قليلاً في تلك الحقب التاريخية، وعلى الأرجح كانت أغلبية الكرد قبل الإسلام وبعده سكاناً للسهول، بعكس ما روجه وثبته أغلب المستشرقين، وترسخ في أذهان الكثيرين بأن الكرد هم حصراً سكان جبال. في حين أن مصادر التاريخ العربية الإسلامية أكدت في القرون الوسطى على أن وجود الكرد هو أساساً في السهول، وإن لم يكن بوضوح، ولعل سبب ذلك يعود إلى أن ما هو كردي من الناحية القومية والأثنيه ظل ملتبساً ومتداخلاً مع ما هو أعجمي، خاصة بعد أن تثبت مصطلح العراق الأعجمي في معظم مصادر التاريخ الإسلامي ولدى البلدانيين والرحالة، وكانت "الأعجمية" تصنيفا لغوياً بالأصل يقصد به كل من لا يتكلم العربية، وبناء عليه يمكن أن يكون بعض الشعوب الرافدية الناطقة بلغة متميزة ومختلفة عن العربية قد أدرجوا ضمن هذا التصنيف إضافة إلى الكرد الذين حسبوا "فرساً" حينا وأعاجم حيناً آخر خلال المرحلة الأولى للإسلام، هذا ولم يحدد جغرافية انتشار الكرد بوضوح في جنوب وشرق العراق، وربما لم يكن هناك ما يستدعي ذلك لدى العلماء المسلمين، إلى أن جاءت الإشارة إلى التحديدات الجغرافية في مراحل متأخرة نسبيا عند بعض المؤرخين والبلدانيين ليساهموا في تحديد وتوضيح هذا الانتشار.
وعلى ما يبدو كان الكرد يقطنون مناطق واسعة من جنوب وشرق العراق، إلا أن أوساطاً متعددة من الكرد قد استعربوا بعد أن دخلوا الإسلام، ونقصد بالاستعراب اصطلاحاً: "الاندماج الاجتماعي والتماثل الثقافي اللغوي مع الوسط العربي"، وصولاً إلى الاندماج التام في المجتمعات العربية. وما يؤكد هذا الافتراض وجود الكرد بكثافة في جنوب وشرق العراق في القرن الثاني والثالث للهجرة، فقد بين الجغرافي والمؤرخ الكبير أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي المتوفى سنة 345 للهجرة، أن الكرد يسكنون مناطق واسعة من شمال الخليج العربي والعراق وأكد على وجودهم في حواضر الجنوب:(... وغيرهم من الأكراد ممن بزمام فارس وكرمان وسجستان وخرسان واصبهان وأرض الجبال، ومن الماهات، ماه الكوفة، وماه البصرة، وماه سبذان...) وهنا الماه يأتي بمقام المنطقة أو الدائرة(1).
وفي مراحل لاحقة أكد على هذا الوجود العالم الموسوعي مفتي دمشق، ابن فضل الله العمري القرشي في موسوعته الجغرافية والتاريخية (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) وبين أن الكرد موزعون في مناطق عديدة من سهول العراق:
(... والكرد جنس خاص من نوع عام، وهم ما قارب العراق وديار العرب، دون من توغل في بلاد العجم، ومنهم طوائف بالشام واليمن، وحول العراق وديار العرب جمهرتهم) (2) فأين ذهبت هذه الجمهرة من الكرد في محيط "ديار العرب"؟
لاشك أن أغلبهم قد استعربوا، وهذه ظاهرة موضوعية ضمن صيرورة التاريخ التي مرت بها المنطقة، وخصوصية التواصل وعمق العلاقات الاجتماعية الكردية العربية.
أما ما تبقى على كرديته في جوار عرب الخليج وجنوب العراق وشرقه فعلى الأرجح هم أجداد الكرد اللورية، والفيلية الذين تعرضوا لمحن كبيرة منذ نهاية العهد العثماني، وحتى أواخر القرن العشرين.
ولعل ما يؤكد قراءتنا التاريخية هذه هو ما ورد أيضا في كتاب: "الكرد الفيليون بين حملات التسفير وسياسة التعريب"، لمؤلفه الدكتور خليل إسماعيل محمد(3) حيث يعتبر الكتاب من الإصدارات الجديدة التي تعالج موضوع ووقائع الظلم الذي لحق بهذا الطيف الكردي الخاص، هذه الخصوصية المتأتية من الظروف التاريخية التي أشرنا إليها باختصار، ومن التباين المذهبي واللغوي من جهة، وقسوة المحن التي حلت بهم من جهة أخرى.
لذلك رأينا من الأهمية الارتكاز إلى هذا الكتاب العلمي الذي يعالج موضوع محنة الكرد الفيلية ويعمق المعرفة بالمجتمع الكردي نفسه، كما يفصح مضمونه عن التفرد والخصوصية المذهبية التي كانت سبباً إضافياً لتعمق معاناة هذا القسم من الكرد الجنوبيين، الذين تعرضوا لاضطهاد مركب قومي ومذهبي في الوقت نفسه.
لقد جاء الاهتمام بقضية الكرد الفيلية في سياق الظهور الموضوعي لمعضلة الكرد الفيلية السياسي المعاصرة، ليس لكونهم يتمتعون بخصوصية تميزهم عن الكتلة العامة للكرد فحسب، وإنما كونهم أحد أهم ضحايا سياسات التعريب والاستبداد والعنصرية التي مارستها الحكومات العراقية المتعاقبة وخاصة حكومة البعث، ولأنهم كانوا لقمة سهلة أمام تفاقم الظلم القومي والاستبداد السياسي، منذ تشكل دولة العراق العربية المعاصرة، وحتى يومنا هذا. وحسناً فعل الكاتب عندما أبدى الاهتمام بهذه المسألة، نظرا لموقع وثقل الكرد الفيلية على خارطة العراق الحديث السياسية منها والاجتماعية، لذلك يأتي التناول العلمي لموضوع الكرد الفيلية محاولة جادة في سياقها المعرفي والسياسي المناسب. كما جاءت قراءتنا للموضوع نفسه في بعده التاريخي، دعوة للبحث وللقراءة في جذور هذه المسألة، وبالتالي خطوة للاهتمام، وتأكيد على ضرورة التناول الأكاديمي لموضوعات كردية شائكة وذات صلة.
لقد جاء الكتاب على شكل مجموعة من المقالات والمحاور المعنونة بعناوين فرعية، دون تقسيمه إلى أبواب وفصول، حسب ما هو متعارف عليه في أغلب الكتب والأبحاث العلمية.
إذ يبدأ الكتاب بالتعريف بالمشكلة السياسية للكرد الفيلين في العراق ومن ثم البحث عن الجذور التاريخية لهذه الشريحة من الكرد، فيبين الكاتب بأن كلمة فيلي أو بيلي في المخطوطات السومرية تأتي بمعنى المحارب "المحارب" أو الثائر، الشجاع، كما أن الكلمة قد تكون اشتقت من مفردة (به بلي، به تي) القديمة وهو اسم للبارثين أو الأسكانين. كما يعتبر الفيليون في تصانيف الأثنوغرافيين كأصل للكرد اللوريين في لورستان جنوب غرب إيران، الذين يسكنون على القرب من مشارف الخليج. وبذلك يربط الباحث الكرد الفيليين المعاصرين بالشعوب القديمة التي كانت تسكن نفس المنطقة التي يسكنها اليوم الكرد الفيليون واللور، وبانزياح جغرافي بسيط. كما يستعرض بإيجاز ما جرى على المناطق الكردية الفيلية في شرق العراق وشرق بغداد بشكل رئيس، أي منطقة التخصر الجغرافي لخارطة العراق على الحدود مباشرة مع إيران، وما أصابها من تغيرات جذرية جغرافية وسكانية.
وحيث أن مؤلف الكتاب الدكتور خليل إسماعيل محمد، بروفيسور في الجغرافية، فقد جاء الكتاب في منهجه ومحوره الرئيس كتاباً في الجغرافية السكانية على الرغم من المحتوى السياسي للكتاب برمته، فقد درس منهجياً منطقة التخصر الحدودية بين العراق وإيران بالتفصيل وخاصة مناطق: خانقين، مندلي، جلولاء، واستعرضها من النواحي السكانية والاقتصادية والاجتماعية، مع بعض التفصيلات، من خرائط وجداول سكانية، اعتمادا على الإحصائيات الرسمية. وكشف بشكل رئيس عن التراجع الكبير في عدد سكان الكرد الفيلية في شرق العراق وجنوب شرقه نهاية العهد العثماني وأثناء الاحتلال البريطاني، ومن ثم تآكل المناطق الكردية أمام زحف القبائل العربية في العهود الوطنية وصولاً إلى مرحلة التسفير والترحيل والاعتقالات والإبادة الجماعية التي شنها نظام البعث إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية (1980 ـ 1988).
لقد كانت مناطق الكرد تتأثر هناك مباشرة بالحرب مع إيران، فكلما ساءت العلاقة بين الحكومتين العراقية والإيرانية، انعكس ذلك مباشرة على الكرد الفيلية، حيث كانوا يسكنون على طرفي الحدود بين الدولتين، وتجري الحرب في أراضيهم، بكل ما تحمل من كوارث، حتى أن جاء الإجراء الأقسى، عندما تم تجميع الكرد الفيلية وسحب الجنسية العراقية منهم (بحجة التبعية الإيرانية) وتسفريهم إلى إيران. وقد تم تسفير حوالي /120/ مائة وعشرين ألف إنسان منهم فقط في شهر نيسان من عام 1980.
وكان قبل ذلك أي بعد اتفاقية الجزائر عام 1975 بين نظامي شاه إيران وسلطة البعث في بغداد، قد قام النظام بإعادة توزيع الكرد الفيليين في مجمعات قسرية أعدت لهذا الغرض: (وفي ضوء اتفاقية الجزائر تم إخلاء الشريط الحدودي بين العراق وإيران وطلب كتاب الفرقة الرابعة الرقم 5716 في 21/8/1982، تحريم التواجد في ذلك الشريط ومعالجته ـ أن وجد ـ بالقوة، واستمر العمل بذلك حتى انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية وقد تم تسجيل ما يقرب من 169 قرية وتجمع سكني تعرضت للتدمير والتخريب في الوحدات الإدارية لمحافظة ديالى، وترحيل سكانها إلى محافظات وسط وجنوب العراق سنة 1975).(4)
يعتبر هذا الكتاب لبنة كبيرة في صرح الدراسات الجغرافية والسياسية التي تعالج موضوع الكرد الفيلية، وأساساً علمياً لدراسات أوسع.
وعلى الرغم من أهمية الكتاب ووثائقيته الفريدة، يؤخذ عليه أنه لم يتوزع بشكل منهجي على فصول متباينة ومتخصصة، حيث جاء على شكل مجموعة من الأبحاث الأكاديمية المتسلسلة والمتداخلة، لذلك عانى الكتاب من تكرار الأفكار وتداخلها وخاصة في مقدمة كل فقرة، كما لم يتم على الأرجح مراجعة النص بعد الطباعة.
ومع ذلك يظل الكتاب وثيقة علمية جامعة لموضوع الكرد الفيليين في العراق المعاصر وعرضاً وسجلاً مهما لمعاناتهم الكبيرة عبر التاريخ المعاصر. هذه المعاناة التي لا تحتاج إلى الكثير من البحث والدراسة والتوثيق فحسب، وإنما إلى المواقف السياسية والعمل المنهجي السياسي والاجتماعي الجاد لاستعادة الحقوق إلى أصحابها ورفع الغبن عنهم.
ـــــــــــــــــــــ
المصادر
1)أبي الحسن علي بن الحسين المسعودي، التنبيه والإشراف. صفحة78ـ طبعة القاهرة 1938
2)شهاب الدين أحمد بن يحي، المعروف بابن فضل الله العمري القرشي. مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، السفر الثالث والرابع، الصفحات 120-124، من منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية. جامعة فرانكفورت، 1988، مخطوط مصور عن نسخة طوبقابي سراي في استانبول.
3)البروفيسور الدكتور خليل إسماعيل محمد. الكرد الفيلية بين سياسة التعريب وحملات التسفير/ جامعة صلاح الدين، اربيل, كردستان العراق ـ 2004
4)المرجع السابق صفحة ـ 52
* دكتور مهندس-باحث وكاتب كردي سوري- قامشلي - سوريا



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاهدة سيفر ومشروعية استقلال كردستان
- الديمقراطيات الصعبة العراق أولا
- الديمقراطيات الصعبة- العراق أولاً
- أنثروبولوجيا المنزل البغدادي في مقام الجلوس
- سيرة الرماد اضطراب النص بين السيرة الجماعية والإيديولوجية ال ...
- اغاغوك: رواية عن الأسكيمو
- وجهان لحواء
- من أجل مجتمع أكثر وعياً بقيم التعايش والمواطنة
- جرعة الاتحاد الأوربي كعلاج سريع للجمهورية المريضة
- العمارة الإسلامية بين اشكالية الهوية ومنهجية التصنيف
- رواسب الحروب العراقية في رواية نافذة العنكبوت
- عودة أردوغان إلى -بيت الطاعة- الاسرائيلي
- قضايا العمال في العالم المعاصر وأهمية العودة إلى شجرة الحياة ...
- محكومون بالتعايش


المزيد.....




- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...
- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - آزاد أحمد علي - الكرد الفيليون من الاستعراب التاريخي إلى سياسة التعريب المعاصرة مروراً بحملات الإبادة والترحيل