أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آزاد أحمد علي - رواسب الحروب العراقية في رواية نافذة العنكبوت














المزيد.....

رواسب الحروب العراقية في رواية نافذة العنكبوت


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 1296 - 2005 / 8 / 24 - 10:15
المحور: الادب والفن
    


رواسب الحروب العراقية في رواية:
نافذة العنكبوت

تمثل هذه الرواية سيرة حياة أخوين أحدهما أصيب بالعجز الجنسي في الحروب العراقية المعاصرة والأخر مصاب بهلوسات هذه الحرب. لكن لا يقتصر نسيج الرواية على سيرتيهما بل يتعداه الى ما هو متخيل وما هو مفترض داخل نسيج الرواية.
الرواية تبدأ زمنيا بتوجه الأخ الأصغر عبد الرحمن الى المترل في إجازة، ينطلق من قطعته العسكرية في إحدى جبهات "البوابة الشرقية". أثناء الإجازة يتزوج عبد الرحمن بسرعة وبطريقة استعراضية من الفتاة شيرين ... طوال تسعة أشهر التي تمثل الحمل والتي تتحول الى أشهر للانتظار الطويل يعجز العريس عبد الرحمن الفار من الجيش أن يحقق زواجه فيزيائياً / جسدياً على اعتبار أنه لم يقدم أي دليل مادي على نجاحه في فراش الزوجية. وبالتوازي مع ذلك تظهر مظاهر الحمل على العروس! ويصبح زمن الحمل هو نفسه زمن الرواية وفصولها وملابساتها.
أما الأخ الأكبر المندغم مع شخصية الراوي / الكاتب, فإنه يلازم العروسين ويراقب بتلذذ عقدة شقيقه العاجز جنسياً, وهو الموظف القادم أيضاً من مدينة بعيدة الى مترل والده في البلدة. أما الأم الأرملة فهي تعيش حالة رعب دائم لعدم رؤيتها نتائج نجاح ابنها في ليلة الزفاف.
مصائب هذه العائلة العراقية الصغيرة في رواية نافذة العنكبوت كثيرة: فرب الأسرة غائب في عملية اغتيال غامض وربما غرائبية من قبل النظام الديكتاتوري. أنها عائلة منكوبة منذ بداية النص ... لكن حالة العجز الجنسي لعبد الرحمن تخيم تقريبا على كامل مساحة الرواية ليجعل منها الكاتب موضوعاً جوهرياً ومضموناً رئيسياً ذات دلالات رمزية توازي أحداث الحرب العراقية ـ الإيرانية الطويلة، وفي الوقت نفسه منبثق عنها درامياً. يبالغ الكاتب في تشكيل مناخات غرائبية كأن تلجأ الفتاة "العروس" بشكل يومي الى غرفة مهجورة في الدار, تعيش مع العناكب لا بل تعرض جسدها لنشاط العناكب! فيراقبها الراوي ـ الأخ الأكبر عبر ثقب في الجدار ويسعى لتوظيف هذا السلوك المشين لصالح مناخ الخراب الروحي العام المخيم على زمن الرواية.
تبدو هذه الرواية من تداعيات زمن الحرب في العراق لا بل يمكن اعتبارها إحدى أوجه لوثة الحرب التي أصابت المجتمع العراقي بدءاً بالفرد الذي يتخلى عن قيمه الأخلاقية وانتهاءً بالمجتمع مروراً بالعائلة. فالأخ الذي يتلذذ بمراقبة العجز لدى شقيقه ويستمتع بمراقبة جسد زوجته، يعبر بتصرفه هذا عن الانحطاط الأخلاقي الذي لازم الحرب بوصف هذه الأخيرة انحطاطاً أخلاقياً على مستوى أعم. فهذه التصرفات الشاذة والبعيدة عن طبيعة المجتمع العراقي تظهر في نسيج الرواية مع جملة من التراكيب الخطابية، على أنها من سمات عهد الانحطاط الذي دخله العراق بدخوله الحروب ... العنصر / الحدث الآخر الذي يدعم بنى الرواية الدرامية هو ظهور ملامح الحمل على شيرين رغم عجز زوجها الجسدي. فكل فرد من العائلة يفترض وجود سبب للحمل مختلف عن ما يعتقده الآخر, فيعتقد الأخ الأكبر ولكثرة مراقبته لجسد شيرين عبر ثقب الجدار أنه هو الذي ... وأن الحمل منه. أما الأم فأنها تعتقد جازمة بأن الحمل كاذب وأن بطن شيرين مليء برياح الخريف الصفراء. إن العجز الذي يسيطر على النص يظهر أخيراً على أنه من نتائج الحرب: هذه الحرب التي قتل فيها خطيب شيرين (الرجل الكامل). والتي خلفت ورائها رجل وربما ـ على مستوى آخر للقراءة "رجال عاجزين"
عبد الرحمن الفار من الجيش الذي دخل المترل بإجازة ولم يعد الى جبهات القتال وقبل أن يموت يفصح أخيرا عن أنه أصيب بشظية في الخندق جعله عاجزاً جنسياً, وأن رفيقه الذي قتل الى جواره كان قد وعد شيرين بالزواج بل كان قد تورط معها الى أبعد من ذلك.
لذلك جاء زواجه السريع من شيرين نوعاً من الوفاء لرفيق السلاح وتغطية على سمعة شيرين في الوقت نفسه. النص يتحمل أكثر من مستوى للقراءة لكن القراءة الأكثر وضوحاً توحي بأن النص يمثل بشكل ما رواسب الحروب العراقية في قاع المجتمع العراقي، ومؤشر على تحول وتغير الإنسان في العراق بالترابط مع استمرارية هذه الحروب التي جعلت واقع العراق مريراً سمته البارزة (العجز). كما يمكن اعتبار رواية نافذة العنكبوت المعادل الفني للخراب الروحي والخلقي الذي أصاب العراق لدرجة أن الحروب جعلت صورة العراق كاريكاتيرية لا معنى لها ولا معنى مطلقاً للموت في سبيل أجزائه المفككة: (ثم عاد إلى فراشه, يفكر بشيرين المعتصمة في غرفة العناكب, وبأصدقائه الجنود الذين يذهبون الى آلهة الحرب كالقرابين, الواحد تلو الآخر, معبأين بكل الحيامن الهائجة التي نزلت من ظهورهم لحظة الموت وذهبت سدى لتختلط بالتراب الأحمر الذي اعتاد أن يطلق عليه الوطن, وتمتم في نفسه: ماذا يعني له هذا الوطن المترامي المدجج بالأسلحة والمقسم الى مقاطعات وأقاليم ومناطق ؟! ) ص128.
الرواية تقول ببساطة أن انتقال الإنسان العراقي من حرب الى أخرى من حرب الثمانية أعوام الى حرب الاثنين والأربعين يوماً ومن الخنادق الترابية الى الخنادق الرملية جعلته يكفر بكل شيء.
لذلك جاءت الرواية لتؤكد على وجود رواسب اجتماعية لمرحلة الحروب القومجية، فجاء النص مشحونا بخطاب فضائحي يحمل بين طيا ته كل ما هو باهت وشاذ ومضطرب ومكتئب بلغة جرداء فاقعة.
إنها في المحصلة رواية صادقة الانتماء الى زمن الخراب العراقي المعاصر.

ـــــــــــــــــ
نافذة العنكبوت ـ شاكر نوري ـ رواية
بيروت ـ 2000
صورة الغلاف



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة أردوغان إلى -بيت الطاعة- الاسرائيلي
- قضايا العمال في العالم المعاصر وأهمية العودة إلى شجرة الحياة ...
- محكومون بالتعايش


المزيد.....




- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...
- صدر حديثا ؛ إشراقات في اللغة والتراث والأدب ، للباحث والأديب ...
- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آزاد أحمد علي - رواسب الحروب العراقية في رواية نافذة العنكبوت