أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - آزاد أحمد علي - وجهان لحواء














المزيد.....

وجهان لحواء


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 1410 - 2005 / 12 / 25 - 04:26
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يتبادر للذهن للوهلة الأولى عند قراءة هذه الرواية* ـ خاصة عندما تكون الكاتبة هندية وموضوع النص هو الحب ـ إن حالة سينمائية أو صيغة ما للأفلام الهندية ستسيطر بطريقة أو بأخرى على النص. لكن المفاجأة ستكون كبيرة للقارئ عندما يجد نفسه في مواجهة غير مألوفة مع نص متقن, يتمتع بتماسك وقوة روحية قد تكون مستمدة من روحانية الحدث وفورة الدراما وخطورة المضمون، فالنص يسعى لأن يكون مصيدة للرجل الشرقي. فهذه الرواية ـ الصرخة تعري الحياة العاطفية والعائلية والنفسية دفعة واحدة لمجتمعات عديدة, تتعدى المجتمع الهندي الذي أنتجه, وتجرد الرجل الشرقي من سلاحه.
تبدأ رواية أمريتا بريتام بمشقة الولادة: ولادة طفل لأم عاشقة. فالحدث إذا يشكل مناسبة للمكاشفة, مكاشفة الذات أولاً وصياغة الأسئلة الصعبة ثانياً: يحق لمن أن يكون والد الطفل ؟ العشيق أم الزوج ؟ فالموضوع يخيم بظلاله ما دامت الأم تعشق رجلاً آخر غير زوجها, تعشقه من بعيد, هكذا بروحانية عالية، لدرجة أن الحب الروحاني لرجل بعيد, شطرت المرأة ـ الشخصية الرئيسية "أنيتا" إلى شطرين متكاملين, وفصلتها بالتالي إلى شخصيتين متناحرتين: أنيتا الجسد التي تعيش مع زوجها, وأنيتا الروح التي تحوم حول طيف عشيقها المفترض(الشاعر ساجار).
منذ اللحظة ـ الحدث الأول يبدأ الشجار بين شطري أو لنقل وجهي أنيتا حول أحقية أبوة الطفل. فهل أبوته تعود للحبيب الروحي أم للأب الواقعي أي الزوج؟ هذا السؤال يأتي درامياً في سياق هيجان عشقها للشاعر ساجار لدرجة أنها تتخيل أن ملامح الطفل تطابق ملامح العشيق وأنه قد تجسد في صورة الوليد الجديد, على الرغم من أن جسدها لم يلامس جسده.
الميزة الأولى لهذه الرواية التي تعالج موضوعاً أبدياً في تكراره تكمن في صياغة السؤال الحرج: من القادر فعلاً أن يعشق بصدق الرجل الشرقي أم المرأة الشرقية ؟ وكان الجواب على الشكل صرخة لا بل نشيد تم ضبط إيقاعه روائياً، حيث عبر النص بصدق عن معاناة ورغبات المرأة الشرقية ورسمت سعيها لمقاومة الجور الذي لحق بها تاريخياً, ليس في موضوع الحب ذاته وإنما في شكل هذا الحب وأطره الاجتماعية وما يترتب عليه من أسئلة الواقع والحياة، هذا الحب الذي يظل روحانياً ويظل إشكالياً ما دام الرجل الشرقي غير قادر على تفهمه والإحاطة به.
إن حب أنيتا المتزوجة لساجار ودفع هذا الحب ـ روائياًـ إلى أقصى درجات الروحانية وأعلى درجات الصدق والشفافية في مناخ شرقي، شكلت في الواقع شحنة الرواية الأساسية، فعندما تكتشف المرأة أن حياتها الزوجية خاوية وزوجها مجرد قرين جسدي, وأن جسدها لم يعد قادراً للانفصال عن روحها التي لم ولن تتآلف مع روح الزوج, قررت ترجمة الحقيقة المرة إلى موقف وسلوك، وأدركت أن الحياة الزوجية شيء والحب غالباً ما يكون شيء آخر تماماً. فأطلقت المرأة العنان لجنون روحها فعشقت ساجار حتى نهايات العشق، لكنه لم يكن كذلك في تجاوبه وردة فعله. وبعد طول انتظار وتواصل روحي ظهر القرين الروحي متعطشاً للجسد، ولم يكن بالمستوى الروحي المتوقع لشاعر وعاشق في الوقت نفسه. لذلك انحرف مسار النص وكأن الكاتبة تود القول بأن الشاعر أخفق في أول امتحان روحي, مما أجاز لأنيتا أن تبحث عن حب آخر كبديل واضح لهذا الفقدان والفشل، لكنها تصطدم ثانية بجدار الرجل الجسدي، لتهيأ الكاتبة الإطار الفني والدرامي الكافي لإدانة الرجل الشرقي الى أعلى درجات الإدانة، هذه الإدانة لا تأتي كخطاب محمول على كتف النص أومفصول عنه, وإنما منبثق من سلوكية الحبيب الشاعر: (الرمز المخلص نظرياً لحرية المرأة, خاصة أنه من مواليد الثامن من مارس)، وكأن الكاتبة تريد بذلك أن تعيد تشكيل ملامح الرجل الشرقي: فهو كاذب في عواطفه صادق في تعطشه لصورة المرأة الأخرى, المرأة الحلم, المرأة البعيدة، وغير قادر أن يستمر في حب المرأة التي في متناول اليد، وإنما يسعى دائماً للأخرى، تلك المتخفية وراء الأفق، تلك التي مازالت حلماً.
ويبدو أن الكاتبة الهندية تود القول في سياق نصها الروائي بأن: أن الرجل العاشق سواء كان شاعراً في الحالة الأولى "ساجار" أم فناناً في المرة الثانية "إقبال"
غير قادر أن يتمثل روحانية المرأة وصدق عواطفها, ولن يتمكن من أن يبادلها هذا السمو الإنساني, لدرجة أنها تستنطق " إقبال" إذ يقول: لم تكن طبيعة الرجل كطبيعة المرأة فالرجل جائع بطبعه لجسد المرأة ومتعطش لتملك هذا الجسد. أما المرأة فإنها الوفية والقادرة أن تحب بصدق لدرجة أنها تستطيع دمج صورة الحبيب بصورة الابن, وإن وجدت صعوبة بالغة في الاحتفاظ بالابن والحبيب في الوقت نفسه, وذلك في سياق بحثها الدؤوب والإنساني عن حقيقة الحياة وجوهرها النابض بأطياف الحب, والهارب من كل قانون اجتماعي. فعندما يتعذر عليها أن تدمج حب الرجل ـ الحبيب بصورة الابن, حينئذ تفقد توازنها وقوتها وتميزها عن الرجل فتسقط في الهاوية, هاوية الجنون أو الموت أو كلاهما معاً.

ـــــــــــ
· أمريتا بريتام ـ وجهان لحواء ـ رواية. ترجمة: سليمان الخليفي، الكويت،2000



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل مجتمع أكثر وعياً بقيم التعايش والمواطنة
- جرعة الاتحاد الأوربي كعلاج سريع للجمهورية المريضة
- العمارة الإسلامية بين اشكالية الهوية ومنهجية التصنيف
- رواسب الحروب العراقية في رواية نافذة العنكبوت
- عودة أردوغان إلى -بيت الطاعة- الاسرائيلي
- قضايا العمال في العالم المعاصر وأهمية العودة إلى شجرة الحياة ...
- محكومون بالتعايش


المزيد.....




- غضب في إسرائيل بشأن تصريحات نتنياهو عن أهداف حرب غزة
- 29 قتيلا في غارات إسرائيلية على غزة ومنظمة الصحة تندد بتقاعس ...
- تغير المناخ والجفاف يقوضان الثروة الحيوانية بالعراق
- وزارة الدفاع الروسية تنشر وثائق عن اقتحام الجيش الأحمر لبرلي ...
- تجدد إطلاق النار في كشمير مع إجراء البحرية الهندية تدريبات ع ...
- الإكوادور.. وفاة 8 أطفال بسبب عامل معدٍ لا يزال مجهولا
- الدفاعات الجوية الروسية تصد محاولة هجوم بالمسيرات على سيفاست ...
- الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة لن تلعب بعد الآن دور ال ...
- تحذير صحي هام.. منتجات غذائية شائعة للأطفال تفتقر للعناصر ال ...
- الدروز يغلقون عدة مفارق مركزية شمال إسرائيل في مظاهرات مطالب ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - آزاد أحمد علي - وجهان لحواء