أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فواز فرحان - أسلمة النظام الرأسمالي ... 1















المزيد.....


أسلمة النظام الرأسمالي ... 1


فواز فرحان

الحوار المتمدن-العدد: 7650 - 2023 / 6 / 22 - 22:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نزولاً عند رغبة الكثير من الأصدقاء وبعد مناقشات مطولة تناولت التغييرات الكبرى التي تحدث في عالمنا على مختلف الصُعُدْ السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتي تلت أزمة كورونا التي شكلت الإنعطاف الأكبر بعد الربيع العربي الذي أخرج نمطاً سياسياً جديداً في العالم العربي ، وأغلب هذه النقاشات تناولت التحوّل الأكبر في السياسة الاوربية والأمريكية تجاه مختلف قضايا العالم وتناقض مواقفها تجاه الحرب الروسية ـ الأوكرانية ..
سنعود لكارل ماركس الذي وصف المراحل العليا للرأسمالية بأنها ستتحول بشكل تدريجي الى مجتمع خدمات ومجتمع الخدمات هذا قد يستغرق بين ثلاثة عقود الى خمسة ( 30 الى 50 عاماً ) ومنذ سبعينات القرن الماضي دخلت الكارتيلات الكبرى للنظام الرأسمالي في هذا المنعطف فقد فقد الدولار ما يقابله من ذهب وبدلاً من أن ينهار في عشر سنوات قاوم حتى اليوم على توازنه لأن القائمون على الإدارة الرأسمالية لمجتمع الخدمات سواء في الولايات المتحدة أو في إمتداداتها الاوربية والآسيوية وبدأت بتصدير هذا الدولار عديم القيمة الى بلدان منظومة الناتو ومنظومة الرأسمالية الصاعدة في آسيا وبلدان الشرق الأوربي ، أي أن مجتمع الخدمات الذي تحدث عنه ماركس بدأ في الظهور منذ منتصف سبعينات القرن الماضي ، ورغم أن البعض من كتاب ومنظري الماركسية اعتبروا أنه تاريخ موت الرأسمالية إلاّ أن هذا الإعتبار لم يكن موفقاً في قراءة جوهر المنظور الاقتصادي الذي يحرك النظام الرأسمالي ، ففي جوهر التحول الى مجتمع الخدمات تراجعت الرأسمالية الى الخلف وبدأت تعمل في الخفاء للتغطية على عمليات السلب والنهب والتي كانت تجري في طول العالم وعرضه تحت مسميات مختلفة ..
ومن مميزات مجتمع الخدمات التي عشنا تفاصيلها المرحلية في أوربا هو إبتعاد الأسعار السوقية عن القيمة والطلب والعرض للقيمة يؤثران بشكل مباشر على هذا الإبتعاد عن الأسعار السوقية ، طبعاً بالعرض والطلب يتعلق أمر شروط الإنتاج التي تنظم القيمة السوقية ، وفي اغلب دهاليز المنظومة الرأسمالية سواء في أوربا أو الولايات المتحدة لم يكن بإمكان أغلب منظري الماركسية والمتعاطفين مع الطبقة العاملة كشف أسرار أسس السعر الحقيقي لكل بضاعة لأسباب عديدة سنتوقف عندها بالتفصيل من خلال البحث ..
والحقيقة التي لا يمكن لأي منصف فهم رأسمال كارل ماركس ونظرية الاقتصاد السياسي تجاهلها هو أن نظرية ماركس عن القيمة هي وحدها من أعطت الإيضاحات الكافية لهذه الظواهر في الرأسمالية وتناقضاتها التي تتفاقم كلما تقدمت الى الأمام ..
وفي مسيرة التطور الرأسمالي كما نعلم أن تركز الإنتاج يؤدي الى تأكيد سيطرة الإحتكارات بقوة ، وتتحول الرأسمالية في مراحلها العليا والأخيرة الى مجتمع خدمات مركز لكن تختفي هنا أضراس الرأسمالية الى الخلف لتتحول الى إمبريالية حقيقية تمثل الخدمات واجهتها ..
وهنا لا تنعدم المزاحمة في المنظومة الرأسمالية بشقيها ( الخدمات والإمبريالية ) بل يتبدل شكلها وتتفاقم تناقضاتها ، لهذا يبقى ويتركز الميل الى توزيع الرساميل بين الفروع وهذا ما سأثبته فعليا من خلال أمثلة حصلت فعلياً في النظام الرأسمالي الذي حكم كارتيلات اوربا الخمسة بعد الحرب العالمية الثانية ..
لكن قبل الخوض في شرح تفاصيل تركز الميل الى توزيع الرساميل لا بد من ذكر أن معدل الربح الوسط يبقى يعمل حتى في ظل المرحلة العليا لمجتمع الخدمات والتي نسميها إمبريالية ، وسيطرة الإحتكارات تخلق المزيد من العوائق والتناقضات أمام تشكل المعدل العام للربح في المجتمع القائم على الخدمات ومراحله العليا ، وكذلك تخلق عوائق وتناقضات لسعر الإنتاج نفسه ، وما لم ينتبه لهُ أغلب المتخصصين في دراسة النموذج الحديث لمجتمع الخدمات والعولمة أنه وبالرغم من تضاعف عدد السلع التكنولوجية الحديثة في الأسواق وبالرغم من إختراق شركات الفواكه والأغذية الإحتكارية أغلب بلدان العالم إلاّ أن المعدل العام للربح في المرحلة الحالية يميل الى الهبوط تدريجياً الى أن يتفاقم بشكل يؤدي يإما الى تغيير جذري في المنظومة الرأسمالية وخدماتها وإمبريالتها أو الى ثورة تطيح بكل جذورها من الأساس !
ورغم أن الدراسات الألمانية الأخيرة لكتاب ماركس ومحاولات إستنباط الإطار العام لما يحدث على أرض الواقع الاقتصادي حديثاً خاصة فيما يتعلق بالنموذج الذي فرضته الرأسمالية في المانيا إلاّ أن اغلب منظري الاقتصاد الألماني فشلوا في تحديد السبب الجوهري لميل معدل الربح العام عند الشركات والكارتيلات الإحتكارية الى الهبوط ..
ولو عدنا لكارل ماركس سنرى أنه أعاد سبب ميل معدل الربح الى الهبوط الى البنية الجماعية للرأسمال الاجتماعي ، فالتعطش الى فائض القيمة في مجتمع الخدمات يتسع ويتفرع بطريقة عنكبوتية رهيبة تشمل فئات خارج إطار منظومة الرأسمالية المركزية وإحتكاراتها أي الى فئات مصنفة كبرجوازية صغيرة وأخرى طفيلية تعتاش على نهب مقدرات بلادها والتمتع بها ، فالتعطّش الى فائض القيمة يجبر هذه المنظومة الرئيسية للرأسمالية التي تتخفى خلق تسمية مجتمع الخدمات الى رفع إنتاجية العمل عن طريق الثورة التقنية الحديثة من أجهزة متقدمة الى برامج كمبيوترية حديثة الى نظام للشحن والنقل يقوم على أساس الثورة المعلوماتية وخدمات الأنترنت ، لهذا تجهّز الرأسمالية منظومتها بأفضل تقنيات تتلائم وتطور العقل والعصر على السواء ..
ونتيجة لكل ذلك ترتفع بإستمرار بُنية الرأسمالية التقنية وتدخل عصر الأتمتة والسرعة الخارقة في الخدمات بطريقة تبهرنا ، والحقيقة هنا تكمن في أن نسبة وسائل الإنتاج الى قوة الأيدي العاملة في الإنتاج أمر يرفع بدوره بنية رأسمال المجتمع العضوية ويخفض معدل الربح ..
ولأنني استخدمت عنوان أسلمة الرأسمالية في أعلى البحث أود أن أجيب على سؤال لصديق عزيز وجهه لي ( وهل هناك دين للرأسمالية ؟ ) نعم صحيح الرأسمالية هي نفسها أكبر ديانة على الأرض لكن تستخدم الدين كسلعة لها فهو الوحيد القادر على خلق عقول استهلاكية تعود على الشركات المتعددة الجنسيات بتريليونات الدولارات وباقي عملاتها ..
في نفس الوقت تحارب الرأسمالية الأديان التي تدعو للتحرر والتنور على الأرض لأنها أديان ترفض القهر والاستغلال والقتل وتأمل بمستقبل للإنسان يُسيره الوعي المتفوق الذي لا يسمح لألاعيب الرأسمالية من إختراق مجتمعاتها ..
عندما تغلغلت الشركات المتعددة الجنسيات في الساحة الأوربية ركزت على موضوع الدين في الأساس قبل أن تركز على بناء البنية التحية والبنيوية لشركاتها ومصانعها وركزت جهدها على تعاون الفاتيكان في خلق هوس جماهيري واسع يترك تأثيره في نظام سياسي وهذا ما خلقته العقول الرأسمالية من نازية مباركة من الفاتيكان الى فاشية مباركة ومرحب بها ..
وبعد انتهاء المشروعين النازي والفاشي واللذين كانا في الأساس صناعة الشركات الرأسمالية وبنوكها لقتل أكبر عدد من الطبقة العاملة في طول أوربا وعرضها نشرت نظامها بعد أن نهبت مقدرات القارة من الجذور ..
خلقت الكارتيلات الخمسة الأساسية لبرنامجها ..
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا واسبانيا وإيطاليا ..
تقاسمت الشركات المتعددة الجنسيات الـ 72 هذه البلدان وقسمتها الى مقاطعات بعد ان الغت الدولة الوطنية فيها وحولتها الى شركات تابعة لها ..
سنركز على النموذج الألماني ..
قسمت هذه الشركات المانيا الى ستة عشر مقاطعة قسماً منها أعطي لشركات كانت مهمتها بناء نظام اشتراكي في الشرق والقسم الآخر كانت مهمته بناء نموذج سموه دولة عدالة إجتماعية ، كل مقاطعة المانية تقاسمتها 9 الى 14 شركة وقامت هذه الشركات بتأسيس منظمات مجتمع مدني حتى تنشر أفكار النظام الجديد على الشعب ، وأسست التأمين الصحي بشكل درجات يتناسب ودخل الفرد ، وأسست شركات التأمين متعلقة بكل تفاصيل الحياة في هذا البلد ، وخلقت بنية اقتصادية واجتماعية تتناسب ومشروعها الرأسمالي على الأرض الألمانية ..
تحارب من يحاربها بحجة هي خلقتها في الأساس ( النازية والعنصرية ) وتحوّل حياة الشعب تدريجياً الى حديقة خلفية تضع كل تفاصيل مشروعها بنفسها ، فبدءاً من أصغر بلدة يتم انتقاء الشخصيات التي خدمت النظام الرأسمالي ومؤسسات المجتمع المدني التي روّجت للنظام الى المجالس البلدية ونفس الامر يحدث مع انتقاء ممثلي لبرلمان كل مقاطعة بحيث يعمل هذا البرلماني وفق ما تقتضيه ضرورة نجاح المشروع الذي يطبق على ارض الواقع في بلاده والذي تديره الشركات المتعددة الجنسيات ..
وخلقت أحزاب وشخصيات تأتمر فقط بأمرها وأنشأت ديمقرطية كارتونية ينجح فيها فقط من يتمادي ويتكالب في خدمة مشروعها ، وحتى ينسجم كل شيء مع المشروع خلقت دستوراً ومحكمة اتحادية يصبان في النهاية في خدمتها وليس شيئاً آخراً وترسل للجحيم كل من يحاول المساس بهذا النظام ..
ستة عشر برلماناً في مقاطعات المانيا ومعه ستة عشر رئاسة وزراء ووزراء تصرف الشركات الرأسمالية ما مجموعة واحد ونصف تريليون سنوياً كرواتب ومستحقات لخدمات يقدمونها لمشروع إدامة الكارتيل الإنكلو ـ سكسوني في المانيا ، دولة عدالة اجتماعية حقيقية بالنسبة لأصحاب رؤوس الأموال والإحتكارات ففيها أربعة طبقات ..
ــ طبقة الرأسمالية العابرة للقارات والملكة لكل شيء على الأراضي الألمانية ولها طائراتها الخاصة ومنتجعاتها الخاصة ومطاراتها الخاصة وهي فوق القانون والدستور الألمانيين ، لهم مدارسهم ومطاعمهم ومراكز ترفيههم لا يُسمح للطبقات الأخرى من الإقتراب اليها بأي شكل من الأشكال ولهم مدارسهم ومعاهدهم التي تدرّسهم علوم تختلف عن العلوم التي تقدم للطبقة الأدنى منهم ..
ــ طبقة الرأسماليين الغربيين والألمان من الذين قدموا خدمات كبيرة للمنظومة الرأسمالية وبرنامجها في المانيا وهي طبقة أيضا لها مدارسها وقوانينها ودستورها ومدارسها ومستشفياتها لا يحق للطبقة الأدنى من الاقتراب اليها ..
ــ طبقة الرأسماليين البسطاء أصحاب المعامل والمصانع والمانيفاكتورات التي ترفد المصانع الكبرى بقطع الغيار والمواد الاحتياطية ..
ــ الطبقة العاملة والعاطلة عن العمل ..
الطبقتين الأخيرتين ينطبق عليهم الدستور والقانون الاتحادي بكل تفاصيله ولهم مدارسهم المتواضعة ومستوصفاتهم ومستشفياتهم التي تكون فيها الخدمات تتناسب ومستوى دفعهم للضرائب .. والبعض يرى أن لافرق في المانيا بين غني وفقير أمام القانون وهذا صحيح لكنه لا يعلم أن الطبقة الغنية التي يراها أمام عينه هي ثالث طبقة من الرأسمالية أما الطبقات العليا فلا يُسمح له بدخول مدارسها ومستشفياتها وأحيائها بالأساس ..
وبصريح العبارة أن كلمة عدالة إجتماعية من وجهة نظر الرأسمالية سليمة وقد تطبق مستقبلاً في الإشتراكية ومجتمعاتها لأنه لا يمكن مساواة عالم يقضي سنوات طويلة من حياته في الأبحاث بشخص يرفض التعليم والعمل وتطوير مواهبه ويكون ظلماً حقيقياً لو تجاورا في السكن ..
لنعود الى جمهورية فايمار التي أسستها بريطانيا في المانيا عام 1919 الى 1933 والتي كانت مرحلة انتقالية تمهد لوصول النازية للحكم ، في ظل حكومة فايمار سمحت بريطانيا لنواب البرلمان وأعضاء الحكومة بنهب مقدرات المانيا ووضعها في بنوكها وبنوك بريطانية أخرى في أميركا وكانت تشترط على كل نائب في البرلمان موضوع وضع مدخراته ورواتبه وامتيازاته في بنوك معيّنة تعود لها ، وسادت الفوضى والبطالة والمحاصصة العنصرية والطائفية في البلاد بشكل دفع الألمان أنفسهم لإختيار نموذج صنع في الأساس في لندن وواشنطن وهو كان المطلوب بالنسبة لهم ..
تمت ملاحقة كل نواب البرلمان وأصحاب الوظائف المهمة بتهم الفساد وهرب من المانيا سبعة ملايين شخص معهم أموال تقدر بترليون وسبعمائة مليون مارك في ذلك الحين جمدتها البنوك البريطانية بحجة الدعاوي المقامة على أصحابها وتباطأت في إعادتها الى أصحابها الى أن تم القضاء على معظمهم وزج المعظم الآخر من أصحاب الملايين والمليارات في السجون وتحولت تلك الأموال الى عهدة الشركات المتعددة الجنسيات وبنوكها ..
وجاء النظام النازي كرأس حربة للرأسمالية بشعار الدين والعرق المميّز عن العالم ونهب كل مقدرات اوربا وقتل لها ما يقارب 126 مليون من شبابه وأيديه العاملة وسلم كل شيء للشركات المتعددة الجنسيات ومقراتها في النمسا وسويسرا وقدرت أموال النازية التي نهبتها من أوربا بسبعة تريليون دولار ونصف في ذلك الحين ما عدا الذهب والألماس والموارد التي لا تقدر بثمن في حضارات شعوب القارة ..
أموال جمهورية فايمار يضاف لها أموال النازيين تقدر بتسعة تريليون دولار تم نهبها من المانيا لوحدها ، فجاءت الشركات المتعددة الجنسيات وبنوكها وبأموال مسروقة من المانيا في الأساس لتبني نظام الجمهورية الرأسمالية الاتحادية وأصبحت تقرض الحكومات المتعاقبة بميزانيات خرافية بفوائد مرتفعة تعلم تمام العلم ان ناتج المانيا لا يستطيع تسديد الديون التي قدمتها للحكومات المتعاقبة لهذا وضعت شرط فرض ضريبة سكن على كل من يشتري عقار في المانيا لأن الأرض تحولت بإتفاقية رسمية بين أول حكومة المانية بعد الحرب العالمية الثانية الى ملكية صرفة للشركات المتعددة الجنسيات ، أي أن المانيا أصبحت عملياً ملكاً للشركات وليس لشعبها ومن يشترى داراً على أرضها يشتري الغطاء والأرض لا تباع لهذا يدفع ضريبة سنوية تجعل الشركات تستثمر كل قطعة ارض الف مرة على مدار مائة عام هكذا تعمل الرأسمالية في المانيا !!!
النموذج الألماني هو جزء من الكارتيلات الخمس التي أنشأتها الرأسمالية في اوربا وحولت مجتمعاتها الى مجتمعات استهلاكية بحتة من خلال الشعار المسيحي للقارة فكل شركة كانت تسيطر على أي ارض او قرية كانت القوة المحركة للشركات من الأعلى تفرض عليهم بناء كنيسة قبل بناء البنية التحتية للشركة والعمل فيها ..
آلاف الكنائس بنيت على الرغم من أنف سكان الكثير من المدن الاوربية الذين كانوا يرفضون تعيين قطعة أرض لهذا النوع من المشاريع لكن الغاية دائماً تبرر الوسيلة في المشروع الرأسمالي في اوربا ..
ونستطيع تطبيق نفس المقاييس على الكارتيلات الأربعة الأخرى في اوربا من حيث النشأة والأساس السياسي والاقتصادي ، لكن أكثر ما يغيض الانسان الحر هو أن هذا النظام الرأسمالي أنشأ أحزاب يسارية لهُ في القارة تغازل طروحاته في ديمقراطية تعكس مصالحه والكثير من السذج في عالمنا اليوم يعتقدون أن اليسار الأوربي يعمل لمصلحة الطبقة العاملة وينهض بمهمتهم الثورية في القضاء على الفقر والعوز والإستغلال ..
اليسار الأوربي هو ذراع الرأسمالية الخفي في تحولها المقبل نحو رأسمالية الدولة ، فكل ما سيقوموا به هو التوزيع العادل للفقر بين جماهير اوربا بعد أن نشف حليب البقرة المسيحية وتحمل الرأسمالية وشركاتها حقائبها لتتجه الى العالمين العربي والإسلامي ومقراتها الى العالم السلافي لتحارب تحت أعلام جديدة وخدم جدد ( الرأسمالية لا تموت بل تتلون ) ..
ومنذ منتصف سبعينات القرن الماضي دخلت الرأسمالية نفق تناقضاتها بالتحول لمجتمع الخدمات ، هذا التحوّل تسبب في تراجع التطور الروحي والفكري عند الأوربي لدرجة مكنت الرأسمالية من تحويل مجتمعات اوربا الى حدائق خلفية لسياساتها وشعوبها الى قطعان ماشية وكل اختراع وابتكار يأتي من سيرن أو غيره من مراكز الإبتكارات الرأسمالية يُسلم لشاب أو عائلة المانية أو إيطالية أو فرنسية أو بريطانية خدمت الأسمالية لثلاثة أجيال وتصاحب عملية اسناد الابتكارات بروباغاندا إعلامية وقصة خرافية ووهمية لبطل قضى على الفقر واخترع اختراعات هزت العالم بينما الكبار يضحكون على عقول الصغار في قرارة انفسهم ..
ووجت الوحدة الألمانية أول ضربة للطبقة العاملة في المانيا حيث تضمنت اتفاقية الوحدة بين هلموت كول وغورباتشوف تسليم كل مقدرات المانيا الشرقية ومصانعها وبنوكها الى الاتحاد السوفيتي يعني ما يقارب تريليون مارك الماني مع مصانع وقطع غيار ومخازن تقدر بالمليارات ايضاً ، والضربة الثانية كانت في خلق اليورو حيث سحبت الطبقة الرأسماليسة أربعة تريليونات دولار من الطبقة العاملة بطريقة لم يفهمها الاوربيون ، ليس ذلك فحسب بل من خلال العملة الجديدة إرتفعت الأسعار 100% من خلال تحول العملة وهو ما ساهم في خلق طبقات واسعة فقيرة في القارة ، وجاءت ازمة الرهن العقاري عام 2008 لتسحب من الطبقة العاملة الاوربية نفس المقدار من الأموال دون ان ينتبه له الاوربيون الفقراء ..
كل هذه الاحداث مهدت للفترة التي تنبأ ماركس بحدوثها في أن نهاية الرأسمالية في مكان ما ستجعل أسيادها يخترعون الأوبئة والأمراض والكوارث لخلق نظام قانوني جديد يمدد لسيطرتهم بطريقة مختلفة ..
وكانت أزمة كورونا وإيقاف الرحلات الجوية وفرض أجواء من الهوس الجنوني مقدمة لنقل ودائع البنوك ومراكز التقنية والروبورتات المتقدمة الى روسيا وتركيا والصين ليتحفوننا بإنجازات سنتحدث عنها طوال العقود المقبلة وآخر إنجازات الصين نقل ملكية شركات السيارات الكبرى في المانيا ( المارسيدس ــ والفولكس واكن ـ والبي إم في ـ وأودي ) الى الصين وسيتم نقلها تدريجياً وتخلي ألمانيا عن التسمية بعد 25 سنة ..
رابط توقيع الاتفاقية الصينية لتجريد المانيا من صناعاتها والتي أحدثت ضجة وقعها 14 وزير من الطرفين ( 28 وزير ) بحضور رئيسي الوزراء من البلدين وتحولت الى اتفاقية ملزمة لألمانيا بالتخلي عن مصانعها لعهدة شركات صينية ..
Deutschland und China: Lasst uns doch Freunde bleiben | ZEIT ONLINE
هذا نموذج لتحول وانتقال ملكية الشركات بين الأمم لكن في جوهره هو نقل أماكن الشركات وتحويلها بما ينسجم مع طبيعة عمل النظام الرأسمالي في بقع أخرى من العالم وتحت أعلام جديدة ..
لقد كانت فترة كورونا بمثابة بارومتر لقياس التزام سكان اوربا بكل إجراء قد تتخذه السلطات مستقبلاً لا سيما وأنهم يعدون العدة لأوربا تسود فيها رأسمالية الدولة وتتحول تدريجياً الى شبيه للنظام السوفيتي لكن بشكل يتناسب وطبيعة المجتمعات الغربية ..
فهم اختبروا من يرغب بالتمرد على القوانين واختبروا حجم ردود الأفعال على التخلص من كبار السن لقد كانت ردود الأفعال مطمئنة للنخبة الرأسمالية ومفرحة الى حد بعيد فقد أثمرت نتائج الأغذية المعدلة جينياً لشركات الفواكه المتحدة في اسبانيا وإيطاليا على تحويل المجتمع الأوربي الى مجتمع خاضع وخانع ويمكن قولبته بأي شكل تريده الرأسماليه له ..
معالم النظام الجديد تتضح برأسمالية إسلامية سنناقش بدايتها بالتفصيل وقيادة أرثوذوكسية روسية ـ صينية لهذه الرأسمالية تبدت ملامحها منذ عام 1993 في دبي وأبو ظبي وقطر ونقل مراكز الثقل المالي اليها للسيطرة على موانيء العالمين العربي والإسلامي أولاً ومن ثم إحداث الزلالزال المتمثل بالربيع العربي وإخراج العناصر الراديكالية الى السطح للقضاء عليها وبالتالي خلق رأسمالية فعالة لها ذراعين ( تركيا والباكستان ) ولها محركات فاعلة ( العراق وسوريا والجزائر ومصر والسعودية ) ..
يتبع ..



#فواز_فرحان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نمط الحياة كسلعة في النظام الرأسمالي الحديث ..
- سرّ الملكية ..17
- سرّ الملكية .. 16
- الحوار المتمدّن في منتدى الاعلام العالمي في بون ..
- خفايا سقوط الموصل .. بطولة المالكي
- الاقتصاد والماركسية .. 15
- الاقتصاد والماركسية .. 14
- الاقتصاد والماركسية ..13
- الاقتصاد والماركسية .. 12
- الاقتصاد والماركسية .. 11
- الاقتصاد والماركسية .. 10
- الاقتصاد والماركسية .. 9
- الاقتصاد والماركسية ..8
- الاقتصاد والماركسية ..7
- الاقتصاد والماركسية .. 6
- الاقتصاد والماركسية .. 5
- الاقتصاد والماركسية .. 4
- الاقتصاد والماركسية .. 3
- الاقتصاد والماركسية .. 2
- الاقتصاد والماركسية .. 1


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 مايو 2024
- بيان الحزب الشيوعي العراقي: إجحاف آخر بحق ثورة 14 تموز 1958 ...
- تجاهلت الحشود سؤالها.. عجوز بريطاني بين متظاهرين دعما لفلسطي ...
- بوتين يضع الورود على نصب تذكاري لجنود سوفييت قضوا دفاعا عن ا ...
- رئيس المكسيك ينصح بقراءة دوستويفسكي وتولستوي ولينين
- للمطالبة بالتثبيت.. احتجاج موظفي تحصيل “مياه الشرب” بأسيوط
- طلاب الجامعة الأمريكية يتظاهرون لمطالبة الإدارة بمقاطعة الشر ...
- عزالدين اباسيدي// حتى لا تدمر التضحيات
- 76 سنة بعد النكبة، لنعمل لبناء حركة دولية من أجل فلسطين!
- ما بين نكبتين


المزيد.....

- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فواز فرحان - أسلمة النظام الرأسمالي ... 1