أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيولُ ربيع الشمال: 27















المزيد.....

سيولُ ربيع الشمال: 27


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 7643 - 2023 / 6 / 15 - 16:47
المحور: الادب والفن
    


دارين، كانَ يعشقُ جوليا بجنون؛ ليتبيّنَ بحَسَب شهادة والدها، أنها بنفسها مجنونة. عَشِقها، كونه أحب كل ما هوَ إيطاليّ؛ وإذا هيَ متبرئة من جنس أبيها، وتعلنُ بصورة قاطعة أنها لا تعدّ نفسها إلا سويدية. إلا أنه، للحقيقة، جنّ بردفيها، لما أبصرها، مُتلصصاً، مُتمددة على بطنها، عاريةً تماماً، ثمة على سرير تاجر المخدرات. وحُسنها النادر حقاً، مُستمدٌ من والدتها مع لمساتٍ لونية قليلة من والدها، المُقرّ بقبحه حينَ جرى تشبيهه بالممثل المفضّل لدى بازوليني. والآنَ، لدينا جيني أيضاً ( وينقصنا ماهو )، لكي تكتمل المصحّة العقلية. أساساً فإنّ دارين، بوصفه رساماً وشاعراً، فإنه يُعتبر ذا لوثة بعقله، وذلك بنظر الكثيرين؛ بما فيهم نموذج المثقف، الكردي، المُداوم يومياً في مقهى " الحجرة الحمراء ".
يومياً أيضاً، وتحديداً منذ الليلة الفضيحة في الملهى، ستحلّ جيني ضيفةً في شقة صديقتها ذات الحجرتين. وقد استأثرتا بالطبع بحجرة النوم، فيما دارين أزيحَ إلى حجرة الصالون كي ينام على أريكةٍ تتحول ليلاً إلى سرير بحجم سرير الكُريدور. تعساً ومُحبطاً، رأى أنها طريقة غير لائقة لإبعاده عن الشقة. ولو أنّ جوليا طردته علناً، لما شعرَ بمثل تلك المهانة. لكنها لا تنفكّ تعلنُ أنه حبيبها، وأنها تتمنى بقاءه تحت سقفها. لعلها امرأة سادية، حظيت بضحيةٍ ـ مثل دارين ـ تتلذذ بالتنكيل به، ومن خلاله، بجنس الرجال جميعاً. وكان في الوسع إعتبارها من الجنس الثالث ( سحاقية )، لولا أنها في فراشه، كانت كاملة الأنوثة ولا تشبع من المضاجعة. إذاً، أيّ نوعٍ من النساء هيَ؟ في أساطير ألف ليلة وليلة، يُمسخ الإنسانُ بناءً على ذنبٍ معيّن قد أرتكبه، وغالباً هذا العقاب مردّه أحد أفراد الجنّ: المفردة الأخيرة، يُعتقد أنها منحولة عن " الجنون ". وعلى ذلك، وعلى أغلب تقدير، فإنّ جوليا مَسَخت نفسها بنفسها بإعتبارها من طائفة الجنّ.
جيني، بالرغم من كل شيء، هيَ إنسانةٌ طيّبة. بالأخص نهاراً، عندما تذهب إلى عملها في السوبرماركت وتدع حجرةَ النوم لدارين كي يُضاجع صديقتها؛ كي لا نقول، عشيقتها. كذلك تحملُ لمطبخهم، يومياً تقريباً، كيساً مُتخماً بالمواد الغذائية، حصلت عليها مجاناً من المخزن لأن فترة صلاحيتها موشكة على النفاد. هذا، قد يُذكّرنا بشيمة الحوت. لكن جيني لم تكن أبداً بخيلة، ولا جشعة ولا نصّابة. كذلك لم تفكّر، قط، بإغواء دارين في أثناء غياب صديقتها عن المسكن لشأنٍ من الشئون. مع أنه يشتهيها، كونه يفنى بالجميلات الشقراوات ذوات الأجسام الممتلئة، الشبيهات بموديلات الرسام رينوار. لقد طلبت منه ذات مرة أن يرسمها، لكنه رفضَ أن يُنجز بورتريه قبل أن تقف أمامه موديلاً بكامل عريها. لما أحتجّت، قال لها ضاحكاً: " أيتها الراهبة، البلهاء! أنا كل ليلة أراكِ خارجة إلى الحمّام وأنت عارية تماماً ". بيد أنه لم يقل لها، كيفَ استرقّ السمعَ عدة مرات من وراء باب حجرة النوم، بهدف التيقّن مما لو كانت تعتلي صديقتها. لكن، متى إذاً تفعلان ذلك؟ على الأرجح، عندما تسترقان بدَورهما السمعَ من وراء باب حجرة النوم وتسمعان صوتَ غطيطه المُزعج. طوبى للطيّبات، اللواتي يخجلنَ من المضاجعة في حجرة النوم ويفعلن ذلك في الملهى أمام أعين عشرات المتفرجين!
قلنا، أنّ صديقة دارين استمدّت حُسنها النادر من والدتها، التي ما زالت مُحافظة على الكثير من رونق الصبا. في المقابل، لم تأخذ عن الأم ثقافتها الواسعة. اللهم إلا السينما؛ مع أن الأفلام مُتاحة للجميع، مثقفين وغير مثقفين، سواءً في الصالات أو التلفاز أو الفيديو. وبينما يُفضّل دارين الأفلام الإيطالية ـ كما سبقَ وعلمنا ـ فإن صديقته، كالسويديين عموماً، مدمنة على مشاهدة الأفلام الأمريكية. شيئاً فشيئاً، وبفضل جوليا، أضحى مُنفتحاً على السينما الأمريكية. مع أنه في الوطن، أُعجبَ ببعض الأفلام الأمريكية، خصوصاً للمخرج فرنسيس فورد كوبولا. عموماً، كان دارين يكاد لا يعرف أهم نجوم هوليوود، الكلاسيكيين والمعاصرين، كغاري غرانت وأنطوني هوبكنز وأنطوني بيركنز وجاك نيكلسون وروبرت دي نيرو وآل باتشينو وتوم هانكس.. وإلى حدّ ما، شون كونري وكلينت إستوود ومارلون براندو. هذا الأخير، سيرتبط اسمه لدى دارين بواقعة على شيءٍ من الشناعة بالرغم من طرافتها.
في أحد نهارات ذلك الربيع، الذي ضافرَ من روعته غيابُ جيني في عملها، أفاق دارين من النوم ليجد صديقته مستلقية على السجادة، كما لو أنها أحد نقوشها. يبدو أنها كانت قد خرجت من حجرة النوم بعريها، لتتمدد على بطنها كي تتصفّح مجلة سويدية تُعنى بالديزاين. عدّ دارين ذلك، حركةَ إغراءٍ فجّة لم تكن جوليا بحاجةٍ لها. فإنه عادةً، غبّ استيقاظه وذهابه إلى الحمّام وتنظيف أسنانه، يدخل إلى حجرتها ويمارسُ معها الجنس حتى لو بقيت نصف نائمة تحلمُ بتلّ من البودرة. هذا النهار أيضاً، أدى طقوسَ الصباح ثم عاد إليها. تجاهلت من ثم وجوده فوق رأسها، بسبب إندماجها بالقراءة. كانَ عارياً بدَوره، فانحنى عليها رويداً وأولجه في مؤخرتها. وإذا بها تصرخُ بجنون، على غير توقّع: " لا، لا! ".. كانت تُردد ذلك وفي الأثناء، تضرب بيديها على الأرض. ثم هدأت بالتدريج، حتى وطلبت منه أن يقوم قليلاً كي يجلب زبدة من الثلاجة لتسهيل عملية الإيلاج: بعد خمسة أعوام ( وكانت جوليا قد أصبحت مُجرد ذكرى مُحزنة )، شاهد دارين في إحدى القنوات السويدية، لأول مرة، فيلمَ " التانغو الأخير في باريس "، المُنتج في مستهل عقد السبعينيات. بطلا الفيلم، مارلون براندو وماريا شنايدر، مثّلا نفسَ المشهد الفائت تقريباً. ومن النافل التأكيد، أنّ جوليا تقمّصت شخصيةَ بطلة ذلك الفيلم، وحملت دارين ( دونَ علمه بالطبع ) على أن يكونَ مارلون براندو!
في ذات العام تقريباً من أواسط عقد التسعينيات، عرَض التلفزيون السويديّ فيلماً روائياً أمريكياً عن علاقة الشاعر الفيلسوف نيتشة مع الكاتبة لو أندرياس. لقد عاشا تحتَ سقفٍ واحد مع طبيب ألماني على قدر كبير من الثقافة. عاشوا ثلاثتهم حياةً بوهيمية، إباحية. لمحض المصادفة أيضاً، أنه في تلك الفترة نفسها، وَصَلَ لدارين، على سبيل الهدية، الجزءُ الأول من ثلاثية هنري ميللر، " الصلب الوردي "، مترجمة للعربية. في هذه الرواية، يُفصّل ميللر بأسلوبه المُدمّر، الحياةَ شبه الإباحية التي أجبرَ على الركون إليها مع زوجته " مونا " وفتاة روسية إسمها " آناستاسيا ". المرأتان، جمعتهما علاقة جنسية، فاتحدتا في كثير من المواقف ضد الزوج المسكين؛ أو الذي قدّم نفسه كذلك! ونقرأ مقتطفاً من تلك الرواية، لنرى كيفَ تتفقُ أحياناً سيرةُ كاتبٍ أمريكيّ مع سيرة كاتبٍ أجنبيّ، يحملُ الجنسية السويدية:
" ناستاسيا متأكدة من الحمل، فقد انقطعت لديها العادة الشهرية "
قلت لهما: " هذا لا يعني شيئاً. لا بد من دليل أفضل من هذا "
فانبرت ناستاسيا: " لقد صار ثدياي ثقيلين "
ثم فكت ازرار بلوزتها وأخرجت نهدها. قالت:
" أنظر! "، ثم راحت تعصره بلطف، فانبجست منه قطرة أو قطرتان من مادة تشبه الصديد الأصفر.
قالت: " هذا حليب "
قلت: " وكيف عرفت ذلك؟ "
قالت: " لقد ذقته "
وطلبت من مونا أن تضغط لها ثديها، وأن ترى ما الذي يحدث. لكن مونا رفضت ذلك، متذرعة بأن ذلك يشكل إحراجاً لها.
" إحراج؟ تجلسين وساقيك مفتوحتين أو متصالبتين، وتعرضين علينا كل ما عندك وتمانعين في إخراج نهديك. هذا ليس حرجاً، هذا شذوذ وإنحراف "
وهنا انفجرت ناستاسيا بضحكة مجلجلة وقالت: " صحيح ما العيب في أن ترينا ثدييك؟ "
قالت مونا: " أنتِ الحامل ولستُ أنا ".
لكن دارين ما فتأ على إصراره، بكون النزعة الإباحية عند جوليا مردّها عرقها الإيطاليّ وعلى الرغم من محاولتها التبرؤ منه لسببٍ غير مُقنع. لنتذكّر روما الوثنية، المشكّلة عبرَ القرون الخصالَ المعروفة لذلك الشعب اللاتينيّ الحيّ: يوليوس قيصر، المعروف بجمعه للمحظيات والغلمان ومنهم كليوباترا الشهيرة؛ تيبيريوس الطاغية، المُنعزل في جزيرة كابري، أين أشادَ ثمة برجَ بابل جنسيّ؛ كاليغولا المهووس بالقتل، الذي منعَ شقيقته من الزواج كونها عشيقته؛ نيرون، ويقال أنه كانَ يُعاشر رحمَهُ؛ زوجة ماكرو، أبرز القواد العسكريين الرومان، وكانت تعتقد أن المني يُجدد بشرة المرأة، فتُجبر كتائبَ كاملة من الجيش على قذف مادة ظهرهم في حوض حمّامها حتى يمتلئ.
وأوبسالا الشبقة، الإباحية، هل وصلها الرومان؟ قطعاً لا. لقد وصلها الطلبة من كل الأصقاع الاسكندينافية، وكانوا في خلال دراستهم يرغبون بعلاقات جنسية عابرة. إن المركز الرئيس لسكة الحديد في المدينة، تنطلقُ منه القطارات شرقاً وغرباً، متمايلة مترنّحة. هناك يستوقفُ الغريبَ الخارجَ من مبناها الأثريّ، تمثالٌ للنحات السويديّ، برور يورث، أنجزه في مستهل عقد الخمسينيات: دائرة حجرية، ينبثق منها نافورة، يعلوها مجسّمٌ مزدوج، لإمرأة ورجل مُتدابرين. كلاهما عار تماماً، والرجل قضيبه ضخمٌ وبكامل إنتعاظه. كذا تعلنُ أوبسالا عن شبقها وإباحيتها. طوبى للطيبين!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيولُ ربيع الشمال: 26
- سيولُ ربيع الشمال: 25
- سيولُ ربيع الشمال: 24
- سيولُ ربيع الشمال: 23
- سيولُ ربيع الشمال: 22
- سيولُ ربيع الشمال: 21
- سيولُ ربيع الشمال: 20
- سيولُ ربيع الشمال: 19
- سيولُ ربيع الشمال: 18
- سيولُ ربيع الشمال: 17
- سيولُ ربيع الشمال: 16
- سيولُ ربيع الشمال: 15
- سيولُ ربيع الشمال: 14
- سيولُ ربيع الشمال: 13
- سيولُ ربيع الشمال: 12
- سيولُ ربيع الشمال: 11
- سيولُ ربيع الشمال: 10
- سيولُ ربيع الشمال: 9
- سيولُ ربيع الشمال: 8
- سيولُ ربيع الشمال: 7


المزيد.....




- روسيا.. تصوير مسلسل تلفزيوني يتناول المرحلة الأخيرة من حياة ...
- اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون والتخصصات المطلوبة 2024 با ...
- هل تبكي عندما تشاهد الأفلام؟.. قد تكون معرضا بشكل كبير للموت ...
- مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي يطلق دورته الثانية
- “نزل Wanasah الجديد” تش تش ???? وقت الدش.. تردد قناة وناسة ن ...
- فنان غزة الذي لا يتكلم بصوته بل بريشته.. بلال أبو نحل يرسم ح ...
- هاريس فرحت بدعم مغنية لها أكثر من دعم أوباما وكلينتون.. ما ا ...
- -الغرفة المجاورة- لبيدرو ألمودوفار يظفر بجائزة الأسد الذهبي ...
- النيابة تواجه صعوبة في استدعاء الفنان المصري محمد رمضان للتح ...
- فيلم اليكترا: تجربة بصرية وحسية لأربع ممثلات وكاتبة في بيروت ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيولُ ربيع الشمال: 27