أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خليل عبد السلام جبر - صفقة القرن بين التوظيف المصطلحي والاستتباع الغربي (الجزء الأول)















المزيد.....

صفقة القرن بين التوظيف المصطلحي والاستتباع الغربي (الجزء الأول)


خليل عبد السلام جبر

الحوار المتمدن-العدد: 7635 - 2023 / 6 / 7 - 14:57
المحور: القضية الفلسطينية
    


مشهد رقم (1)
عندما اجتاح نابليون بونابرت مصر، جلب معه أول طابعة للورق تعرفها الديار المصرية، وكان غرضه منها طباعة المناشير التي تدعو المصريين إلى تقبل الفرنسيين الذين جاءوا _على حد زعمهم_ لتحرير المصريين من استبداد المماليك، وتدعي أن أهداف الحملة هي نشر قيم الحرية والمساواة وتمكين الناس من حقوقهم، فكانت الطابعة واستخدام المصطلحات أدوات لتزييف الوعي بهدف السيطرة والهيمنة، وفي ظل هذا التحدي الكبير انخرط عدد من مشايخ الأزهر في جدل حول الحكم الشرعي لاستخدام هذه الطابعة، إلى ان تم حسم الأمر بتداول فتوى شرعية مفادها التحريم. وخلال هذا الوقت كان نابليون قد استكمل سيطرته على مصر ليواصل طريقه لاجتياح بلاد الشام.
مشهد رقم (2)
لقد أظهر دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض جدية ملحوظة في تطبيق ما بات يعرف بصفقة القرن، وسرعان ما عرفت المنطقة حراكا رافضا لهذا المخطط، فشهدت تحركات سياسية، وعقد مؤتمرات علمية، وتنظيم مسيرات شعبية احتجاجية، وتنفيذ اضرابات شاملة، كما عرفت فيضا من التحليلات السياسية في وسائل الاعلام المتنوعة، وكذلك على جدران وسائل التواصل الاجتماعي الالكترونية.
وبالرغم من هذا الزخم الاحتجاجي العام، يلاحظ أن ترامب قد استكمل ترتيباته لما ستكون عليه المنطقة في الفترة القادمة، فعقد مؤتمر إعلان التنفيذ في دولة عربية، ثم تسارعت الخطوات العملية لتجسيد صفقة القرن، فنقلت السفارة الأمريكية إلى القدس، وتبعتها في ذلك سفارات العديد من الدول الأخرى، وبدأ الكيان الصهيوني ينعم بهرولة الدول العربية المعلن للتطبيع معه، وبالحفاوة التي يستقبل بها وزراؤه في عواصم عربية، بعد أن استكمل التهام الضفة الغربية من خلال تسريع بناء المستوطنات، وكذلك النجاح في اغراق غزة بمشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية بعد عزلها سياسيا عن المحيط وتقديمها الى العالم بوصفها قضية إنسانية واقتصادية، ثم محاولات احتواء قرارها السياسي من خلال أموال "المتبرعين الجدد"، إضافة إلى تكريس واقع الانقسام المرير داخل المجتمع الفلسطيني.

ما بين المشهدين
ما بين المشهدين أزيد من مائتي سنة مرت على العالم العربي وهو يواجه التحديات الغربية المتلاحقة، ورغم ذلك فقد كان منطق المواجهة هو ذاته، ضجيج شعاراتي، وزخم احتجاجي عام سرعان ما يخبو عندما يفتعل الغرب مشكلة جديدة تنسي العرب التحديات السابقة، ليعلوا صوتهم من جديد بخطاب احتجاجي بذات النبرة والمنطق والأسلوب، وهكذا توالت الانهيارات ابتداء باحتلال أوروبا لجل الدول العربية، ثم مرورا بزرع الكيان الصهيوني في قلب المنطقة، ووصولا إلى الإعلان عن تطبيقات صفقة القرن.
ولكن إذا تخلينا عن اللغة الانفعالية وتحلينا بصرامة الانضباط الأكاديمي في المقاربة والتحليل، يمكننا صياغة المشكلة في عبارة توصيفية، محددة وواضحة، وهي (جهود كبيرة وفشل في مواجهة التحدي).
والأسئلة المثارة في ظل هذا الموقف هي: كيف يمكن تفهم أسباب ذلك الفشل المتكرر والمتوالي؟ ولماذا تخلفت النتائج عن مستوى الجهود المبذولة، وما مدى تأثير ذلك في عدم القدرة على مواجهة فرض صفقة القرن، وكيف تم إفراغ الزخم الاحتجاجي ضد مشروع صفقة القرن من أية قدرة على التأثير أو التصدي؟ وكيف تم توظيف المصطلحات والمفاهيم في تمرير هذا المخطط، وبالتالي تقبله من الناحية الواقعية.
للإجابة عن الأسئلة السابقة ينبغي القيام بمقاربة تاريخية لطبيعة المواجهة مع الغرب بصيغتيه، القديمة بقيادة (بريطانيا وفرنسا)، والمعاصرة بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية..

جذور الأزمة وطبيعة المواجهة
منذ البدء كانت تطلعات أوروبا واضحة للسيطرة على العالم العربي لما يتمتع به من موقع استراتيجي وثروات طبيعة، فكانت الحروب الصليبية التي ألبست ثوب الدين بهدف استقطاب المواطن الأوروبي العادي واستلحاقه في صفوف جيوشها المسيرة لمواجهة هي في الأصل ذات أهداف اقتصادية، وتمكنت أوروبا من احتلال القدس ومناطق متفرقة من الشام لفترة طويلة، وحتى بعد طرد الصليبيين من القدس والشام، لم يتخلى الأوروبيون عن حلمهم في السيطرة على العالم العربي إلى أن كانت الثورة الصناعية التي عززت منطق استلحاق العالم العربي لدوافع اقتصادية فرضتها فائض الصناعة واحتياجاتها من البحث عن مصادر للمواد الخام وأسواق جديدة، وأيد عاملة رخيصة، فكانت المنطقة العربية تتوافر على هذه المؤهلات مما دفع أوروبا إلى احتلالها عسكريا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ولتأبيد هيمنته وسيطرته على الأرض عمد الغرب إلى جملة من الترتيبات كان أبرزها:
1- تأسيس الدوائر الاستشراقية التي لم يكن الهدف منها البحث العلمي بموضوعية وتجرد، وإنما الغاية منها العمل على ثلاثة مستويات متكاملة:
أولها: عمل داخل العقل الأوروبي لتزييف المفاهيم المتعلقة بالآخر، كما حدث في الحروب الصليبية التي ألبست ثوب الحروب الدينية وذلك لاستقطاب الأوروبيين، وتسهيل انخراطهم في تلك الحملات التي لم يكن لها أهداف غير الهيمنة ونهب ثروات الشعوب، أو تصويرها الاحتلال والهيمنة على أنهما وسيلة لنقل الحضارة لتلك الشعوب المتخلفة، فتضمن تقبله للاحتلال بوصفه مهمة حضارية، كما حدث مع الحملة الفرنسية، وما شهدته المنطقة من احتلال فيما بعد.
اما المستوى الثاني فهو عمل داخل العقل العربي بهدف تشويه تاريخه وقيمه ودينه، وبالتالي سلخه عن هويته كي يسهل استتباعه لدائرة المركزية الغربية، فيصبح في الذهنية العربية الجمعية أن التبعية للغرب هي طبيعة الأشياء، وقدر محتوم ينبغي الاستسلام له والعيش في ظله.
أما المستوى الأخير الذي يضطلع به الاستشراق وهو جمع المعلومات اللازمة التي تمكن الدوائر العسكرية من استملاك المنطقة العربية، وهذا ما خلص إليه إدوارد سعيد في كتابه الاستشراق حيث يقول: " وإذا اتخذنا من أواخر القرن الثامن عشر نقطة للانطلاق محددة تحديـدا تقريبيـا، فإن الاستشراق يمكن أن يناقش ويحلل بوصفه المؤسسة المشتركة للتعامل مع الشرق، التعامل معه بإصدار تقريرات حوله، وإجازة الآراء فيه وإقرارها، وبوصفه، وتدريسه، والاستقرار فيه، وحكمه، وبإيجاز، الاستشراق كأسلوب غربي للسيطرة على الشرق واستبنائه، وامتلاك السيادة عليه"، وقد جعل إدوارد سعيد ذلك إحدى خلاصاته في موضع آخر " وأن يقول المرء ببساطة، إن الاستشراق كان جانبا من جوانب الإمبريالية ليس قولا مثيرا لكثير من الجدل ".
2- اسقاط الخلافة العثمانية: إن بقاء هذه الخلافة بوصفها كيانا موحدا لشعوب المنطقة، يتناقض جوهريا مع الوجود الغربي. لذلك كان الانقضاض على الدولة العثمانية يمثل ضرورة لاستكمال عملية الهيمنة، وهنا يمكن لنا تلمس التوظيف المصطلحي في عملية القضاء عليها، من خلال الترويج لمفهوم "رجل أوروبا المريض"، الذي تحول إلى مسلمة سياسية تشرعن الإجهاز العسكري على الدولة العثمانية، وتقاسم تركتها، إلى ما كان في فترة لاحقة، من تقسيم المنطقة إلى دويلات ليسهل استلحاقها من خلال اتفاقيات مثل اتفاقية سايكس بيكو وما تلاها من اتفاقيات على شاكلتها.
3- إن هذا الواقع الجديد لم يفرض بالقوة العسكرية والسياسية فحسب وإنما سبقه تأسيس فكري صارم يكرس منطق الفرقة والصراع من خلال الترويج لمفاهيم القطرية والوطنية الضيقة والعرقية وتهميش المفاهيم الموحدة بدعوى أنها مفاهيم مثالية وغير واقعية، وقد أدى هذا الضغط المفهومي إلى تصوير العدو على أنه الجار القريب مما أدى إلى الانكفاء على الذات، وعمل كل دولة عربية على مصالحها الخاصة، وهو ما دفعها في نهاية المطاف إلى الارتماء في أحضان القوى الغربية، ومن ثم اعلان موت مفهوم "القرار الوطني المستقل"، وضمن هذا السياق يمكن الإشارة إلى اتجاه الغرب إلى صناعة قيادات سياسية تابعة تعفيهم من الكلفة العالية للاحتلال العسكري المباشر، وهذا السياق أيضا يتيح لنا تلمس أسباب زرع الكيان الصهيوني في قلب المنطقة..
4- صناعة التابع من خلال الغزو الفكري المبرمج والمتواصل لتكريس المركزية الغربية في القيم والفكر والثقافة والسلوك، وقد كان لتوظيف المصطلحات دورا بارزا في إنجاح هذا الغزو، فقد اعتنت الدوائر الغربية من خلال مراكز دراسات متخصصة إلى صياغة المصطلحات صياغة دقيقة تؤدي إلى غرضين أساسيين ومتكاملين، أولهما: تقبل الانسان العادي للمصطلح دون أن يثير لديه أية ريبة من وجود أهداف تهدد كيانه، وهذ واضح من استخدام مفاهيم من قبيل مفهوم "الاستعمار" الذي يحيل إلى قيم نبيلة من قبيل الاعمار والبناء والتطوير ولكنه في حقيقة الأمر يكرس ما هو نقيض ذلك من الهدم التخريب ونهب ثروات الشعوب.. والمنطق ذاته ينطبق على باقي المفاهيم، ومن أشهرها:
أ-مفهوم الحداثة: الذي أسال كثيرا من المداد، وأثار نقاشا واسعا، والذي من دلالاته اللغوية التجديد والتطوير والتنمية الشاملة، إلا أن تجربة المشاريع التحديثية على النمط الغربي في الوطن العربي تؤكد أنها لم تؤسس لتنمية حقيقة، كما أنها ناقضت كل ما وعدت به، وجل ما قامت به هو عملية استتباع شاملة للغرب.
ب- العولمة: لقد برزت ظاهرة العولمة عقب الانتصار الساحق للغرب الرأسمالي في مطلع التسعينات ، وفي خضم ذلك عمد الغرب إلى خلق آليات جديدة تمكنه من استيعاب التطور الهائل لاقتصادياته التي أضحت محتاجة إلى أسواق جديدة تحل بها مشكلة الوفرة في الإنتاج، فكانت العولمة التي شاعت في بداياتها باعتبارها مصطلحا أغرى كثيرا من الناس، لما يحتويه من قيم التعاون العالمي من خلال فتح الحدود، والتواصل السهل بين الشعوب، والتبادل التجاري الحر، إلى أن ظهر الوجه البشع للعولمة، وتبين أنها ليست سوى نظام غربي للهيمنة يتخذ من العالم مرتعا له، يحتوي إضافة إلى الاقتصاد، كلا من السياسة والثقافة والاجتماع والسلوك والقيم، أو بمعنى أدق: كانت العولمة كما مارسها الغرب أداة لدقع العالم بالهوية الغربية ونحوها دون أدنى اعتبار للخصوصيات الثقافية والحضارية للمجتمعات الإنسانية.
أما الغرض الآخر للانتقاء المصطلحي لدى الغرب هو تهيئة المناخ المناسب لتمرير مخططاته في الهيمنة، وضمان تقبل الشعوب لها من خلال الترويج للمصطلح قبل تطبيقاته، فيثار حوله نقاش واسع بين مؤيد ورافض ثم يظهر رأي ثالث محاولا التوفيق، وفي خضم الأخذ والرد يتم التطبيع مع المصطلح ويظهر في الذهنية العامة على كونه قدرا لا فرار منه، وهذا ما كان فيما يتعلق بالعولمة حيث شاعت في بداياتها باعتبارها مصطلحا، ثم تحول المصطلح إلى مفهوم فضفاض وغامض يحتوي، إضافة إلى الاقتصاد، كلا من السياسة والثقافة والاجتماع والسلوك والقيم، إلى أن تجسدت تطبيقات العولمة بعد تقبلها ليتبين أنها كانت –كما أشرنا- أداة لدقع العالم بالهوية الحضارية الغربية.
وفي هذا السياق يمكن تناول مفهوم "نهاية التاريخ"، فتحت تأثير المفعول الانتصاري للحرب الباردة- خرج المفكر الأمريكي-الياباني الأصل فرنسيس فوكوياما بنظريته التي عرفت "بنهاية التاريخ" ليعتبر أن الذي حدث ليس مجرد انتهاء الحرب الباردة، بل نهاية التاريخ ذاته، بسيادة القيم الليبرالية في العالم، وانتشار الديموقراطية الغربية باعتبارها الشكل النهائي للحكومة البشرية، والأفق الذي يدل على نهاية التاريخ.
ورغم ما تختزنه النظرية من غطرسة وهذيان القوة، إلا أن الغرض الأساسي منها هو تهيئة المجتمع الدولي لتقبل الغرب كقوة عالمية وحيدة، وتصويرها على أنها حتمية تاريخية ينبغي الرضوخ لها وتقبلها، وبالتالي ضرب أية قوة منافسة يصبح أمرا مبررا ومقبولا..

ومن هذه الزاوية أيضا يمكن النظر إلى نظرية "صدام الحضارات"، فإن انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي دفع الغرب إلى تأكيد نفوذه واستفراده، لكن تطلعاته اصطدمت بما أطلقت عليه الدوائر الغربية بـ "الخطر الأخضر"، ويتمثل خصوصا في المجموعات الإسلامية التي كانت تقاتل القوات السوفيتية في أفغانستان، وأيضا تخوفات من الهوية الإسلامية التي يمكن أن تستقطب شعوب المنطقة لتشكيل منظومة حضارية تكون عائقا أمام التقدم الغربي، فعمد الغرب إلى العمل على تدمير هذه القوة في مهدها، فكانت الخطوة الأولى هي تصوير الصراع بوصفة حتمية لا بد منها وذلك من خلال الترويج لمفاهيم تحريضية من قبيل "الأصولية" و"الخطر الأخضر" و"الإرهاب الإسلامي" وغيرها كثير...
ثم تكلل هذا الإنزال المصطلحي، بالخطوة الثانية وهي إعطاء الضربة العسكرية حتميتها وضرورتها، من خلال اصباغها بالصبغة العلمية، عندما نشر صمويل هنتنغتون في صيف عام 1993م، دراسته أو رؤيته عن "صدام الحضارات"، وتكهن أن العقود المقبلة ستشهد صراعا حضاريا يمثل المرحلة الأخيرة من نشوء الصراع في العالم الحديث وتطوره، وأشار إلى تحول الشعوب والحكومات اللاغربية من حالة كونها أهدافا إلى حالة أضحت فيها محركة للتاريخ ومشكلة لاتجاهه إلى جانب الغرب، وأضاف إلى تكهناته أن العالم في المستقبل سيتم تشكيله من خلال تفاعل أو تصارع بين سبع حضارات: الحضارة الغربية والكونفوشيوسية، والإسلامية، والهندوسية، والأرثوذوكسية، والأمريكية اللاتينية، ومن الممكن أن تضم إليها الحضارة الإفريقية، وقد قسم الحضارة الإسلامية إلى عربية وتركية وملاوية، كما قسم الحضارة الغربية إلى أوروبية وأمريكية، وأكد جوهرية الخلاف بين الحضارات، كما أكد أثر اختلاف الدين في جوهرية الصراع بين الحضارات، وهو الذي يجعل هذا النوع من الصراع، بنظره، أطول الصراعات وأكثرها عنفا، وخاصة الصراع بين المحور الأوروبي الأمريكي والمحور الكونفوشيوسي الإسلامي.
إن خطورة هذه النظرية تكمن أولا في تصوير العلاقات بين الحضارات على أنها تحمل طابعا تصارعيا، وثانيا في أنها تشرعن للغرب تدمير الكيانات الحضارية المخالفة، واستلحاقها بمركزه.
ثم كان مصطلح "الفوضى الخلاقة" الذي يتيح للولايات الأمريكية إعادة تدوير النظام السياسي العام في المنطقة ثم تشكيله من جديد بما يتوافق مع مسارات الهيمنة الغربية للمنطقة.. ولقد تم تداول هذا المصطلح حتى أصبح الانسان العادي يحيل أي تغير حتى ولو كان إيجابيا إلى الفوضى الخلاقة، وللأسف فإن الجميع استسلم لمنطق هذا المصطلح وهم يتابعون تدمير دول عربية كبرى دون قدرة على مواجهة ذلك.
وفي إطار صياغة المنطقة العربية صياغة جديدة تتوافق مع مسارات العولمة، وتتفق مع مخططات الغرب في الهيمنة على منابع النفط وممراته، وعدم السماح بظهور قوى منافسة لها، وإبقاء الكيان الصهيوني قوة إقليمية كبرى في المنطقة العربية، والاطمئنان على استمرار التجزئة في الوطن العربي، أعلن عن مشروع النظام "الشرق أوسطي"، وهو مشروع أمريكي بالأساس، يتكامل مع عملية التسوية السلمية بين الدول العربية و"إسرائيل"، وقد اشتهرت الفكرة بعد أن أثارها شمعون بيرس في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" الذي دعا فيه إلى ضرورة إقامة سوق إقليمية شرق أوسطية تكون "إسرائيل" عضوا فيها..
وتكمن خطورة المشروع في أنه كان مقدمة لتطبيع العلاقات بين "الكيان الصهيوني" والدول العربية، وبالتالي الاعتراف به، ليتحول من كيان مصطنع استيطاني مفروض ومرفوض إلى وجود مشروع، كما سينجم عن ذلك تبدل شديد في الهوية العربية الإسلامية للمنطقة، وسيفرض التبعية للغرب، ويحافظ على تفتت الوطن العربي...
وما أوردناه سابقا ليست قضايا متفرقة أو منفصلة، بل يوحدها ويربطها ناظم موضوعي وحيد وهو منطق الهيمنة الذي يوجه سياسة الغرب تجاه المنطقة، والذي وظف _كما أشرنا_ في سبيل تكريسه العديد من الأساليب، كان يتقدمها التوظيف المفهومي والمصطلحي.
ومن داخل هذا "الفضاء السياقي العام" يمكن تناول مخطط صفقة القرن، ووضعه في اطاره التاريخي العام..
يتبع .. الجزء الثاني



#خليل_عبد_السلام_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمكين المرأة والتقاليد الفلسطينية نظرات في نقد القوانين الاج ...
- قضية إسلامية المعرفة لدى المعهد العالمي للفكر الإسلامي.. أصل ...
- المعهد العالمي للفكر الإسلامي (ورقة تعريفية)
- شروط البناء الحضاري عند مالك بن نبي


المزيد.....




- تتمتع بمهبط هليكوبتر وحانة.. عرض جزيرة في ساحل اسكتلندا للبي ...
- خبير الزلازل الهولندي الشهير يحذر من ظاهرة على سواحل المتوسط ...
- فيديو.. الشرطة الأميركية تباشر بتفكيك احتجاج مؤيد للفلسطينيي ...
- مزيد من التضييق على الحراك الطلابي؟ مجلس النواب الأمريكي يقر ...
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 34596 قتيلا ...
- الجيش الأوكراني يحقق في أسباب خسائر كبيرة للواء رقم 67 في تش ...
- مسافر يهاجم أفراد طاقم طائرة تابعة لشركة -إلعال- الإسرائيلية ...
- الكرملين يعلق على مزاعم استخدام روسيا للأسلحة الكيميائية ضد ...
- بالفيديو.. طائرات عسكرية تزين سماء موسكو بألوان العلم الروسي ...
- مصر.. -جريمة مروعة وتفاصيل صادمة-.. أب يقتل ابنته ويقطع جثته ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خليل عبد السلام جبر - صفقة القرن بين التوظيف المصطلحي والاستتباع الغربي (الجزء الأول)