أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - النهج الديمقراطي العمالي - ظروف نشأة اليسار الجديد - المغرب















المزيد.....



ظروف نشأة اليسار الجديد - المغرب


النهج الديمقراطي العمالي

الحوار المتمدن-العدد: 509 - 2003 / 6 / 5 - 15:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



 
إن اليسار الجديد كحركة سياسية اجتماعية نتاج للتطورات العميقة التي عرفها المغرب غداة استقلال 1956 فهو جزء لا يتجزأ من الحركة التقدمية المغربية, وقد كان ولا يزال في خندق المعارضة الجذرية لحكم التكتل الطبقي الرجعي السائد.
فالاهتمام بظروف نشأته, وتجربته وتطلعاته لا يمكن إلا أن يغني الحوارات والنقاشات الجارية حاليا في مختلف الأوساط المناضلة, ومن هنا تأتي أهمية المبادرة التي أقدمت عليها جريدة "النهج الديموقراطي".
إن هذه المبادرة ستسمح بلا شك لمناضلين عايشوا هذه التجربة الغنية بالأحداث, بسط آرائهم وتقييماتهم, مهما اختلفت, وهذا ما سيمكن الجيل الجديد من المناضلين وكل المهتمين بقضايا الشعب المغربي, من الإلمام بجانب التطورات السياسية التي عرفها مجتمعنا خلال العقود الأخيرة, وأتمنى أن نرى مستقبلا مبادرات أخرى حول المقاومة الريفية بقيادة عبد الكريم الخطابي, وحول الحركة الوطنية بشكل عام والمقاومة, وجيش التحرير بشكل خاص...
إن مساهمتي المتواضعة ستركز بالأساس على الظروف الموضوعية التي كانت وراء ميلاد الحركة الماركسية-اللينينية المغربية "اليسار الجديد" أما الجوانب المتعلقة بتقييم التجربة والجواب على "ما العمل؟ " فإنني أعتقد أن هناك مناضلين عايشوا التجربة أكثر مني , وواكبوا النقاشات الداخلية لهذا اليسار في السنوات الأخيرة, يمكن أن يساهموا بشكل أكثر إيجابية.
 
أولا : المميزات الأساسية للوضع الداخلي:
1-    على المستوى الاقتصادي:
لقد تميز الوضع الاقتصادي بالمغرب خلال الستينات بارتفاع نسبي في معدل النمو وهذا ناتج عن سياسة السدود وتمركز الأراضي الخصبة في أيدي فئة قليلة من المحظوظين, وإنشاء المكاتب الجهوية للإستثمار الفلاحي للرفع من مساحة الأراضي المسقية وتشجيع الإنتاج الزراعي  من أجل التصدير (الحوامض, فالبواكر... ) وظهور ثم ازدهار الصناعة الفلاحية هذا من جهة أولى, ومن جهة ثانية فرغم تخلي الحكم على برنامج الاقتصاد الوطني الذي حدده المرحوم عبد الرحيم بوعبيد وفريقه خلال 59-60  شجع الحكم الاستثمار في قطاع الصناعة التحويلية الموجهة أساسيا إلى السوق الخارجية, وكذا قطاع السياحة...
2-     على المستوى الاجتماعي
أما الواقع الإجتماعي فيمكن تركيز سماته فيما يلي:
-         عملية عصرنة بقايا الإقطاع, فخلال عهد الإستعمار, كانت أجود الأراضي بأيدي المعمرين
الأجانب(سهول الغرب السايس, بركان, تادلة...) أما الملاكين المغاربة الكبار (القاعدة الإجتماعية للمخزن قبل الإستعمار وللمعمر خلال مرحلة الإستعمار) فقد احتكروا الأراضي الاخرى الصالحة للفلاحة وللرعي (الأطلس المتوسط, سفوح الاطلس الكبير...) وخلال الستينات أعطيت  لهم كل المساعدات والتسهيلات لأخذ مكان المعمرين الاجانب(لهذا أطلق عليهم إسم المعمرين الجدد), ولعصرنة نشاطهم(إنشاء مراكز الأشغال في المناطق البورية, ومراكز الاستثمار في المناطق السقوية...)
-         ظهور وتطور سريع لما يمكن تسميته بالبرجوازية البيروقراطية لقد منح الحكم التسهيلات
لأطر الدولة العليا" مدنيين وعسكريين" لبناء ثروات خيالية في ظرف وجيز الاستيلاء على الأرض المساهمة في الشركات, تلق الرشاوي...) وكل هذا قد تم على حساب الصالح العام, وبوسيلة أغلبيتها غير شرعية.
-         توسيع مجال النشاط الإقتصادي للبرجوازية التقليدية ليشمل" الصناعة والفلاحة والسياحة,
 والصيد البحري, والأبناك, والتأمين..." بعدما كان هذا النشاط ينحصر في ميدان التجارة, والصناعة التقليدية والنقل الداخلي.
ويمكن ملاحظة تكامل وترابط وتداخل مصالح هذه الفئات الثلاثة, التي شكلت موضوعها قطبا لا وطنيا, حيث ضمان استمرار هيمنتها, ونمو مصالحها يمر عبر الإرتباط الوثيق بالدول الإمبريالية( فرنسا والولايات المتحدة) وعبر سياسة القمع الداخلي.
-         تدهور خطير لوضعية الفلاحين الصغار والمتوسطين : لقد هلل الفلاحون لاستقلال 1956,
وعمت الفرحة كل قرى البادية, وظن الجميع أن المسؤولين الجدد سيسترجعون الأراضي الجماعية التي استحوذ عليها المعمرون تعسفا, لتسلمها إلى أصحابها الشرعيين, وقد خابت أمال الفلاحين لأن الأراضي المسترجعة ذهبت إلى غير أهلها, وأخطر من ذلك, فإن التسابق للإستيلاء على الأراضي الفلاحية من طرف أفراد التكتل الرجعي الحاكم كانت في الواقع عملية نزع الملكية من آلاف الفلاحين, أضف إلى ذلك الاضطهاد السياسي والاجتماعي الذي كانت تعاني منه البادية إن هذه الظروف الجديدة قد أعطت انطلاقة عملية الهجرة نحو المدينة, لتزدهر مدن القصدير, وتتوسع أحزمتها, وقد تحولت أغلبية باقي صغار الفلاحين إلى عمال زراعيين يكدحون في ضيعات المعمرين الجدد وفي شروط ينعدم فيها الحد الأدنى للأجور, والانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي, والحد الأقصى لعدد ساعات العمل... وفي غياب التنظيمات الفلاحية, ومحدودية التأثير السياسي للقوى الوطنية, فقد كانت مقاومة الفلاحين دون المستوى الضروري, رغم بعض الإنتفاضات العفوية(مثل انتفاضة أولاد خليفة بإقليم القنيطرة حيث استشهد العديد من الفلاحين الأبرياء برصاص قوات الدولة...).
أمام تنامي سخط الفلاحين واستجابة لنصائح الولايات المتحدة وعلى غرار تجربة إيران الشاه والمكسيك( عملية الثورة الخضراء) حاول الحكم نهج سياسة جديدة في الميدان القروي, مع الحفاظ على مصالح التكتل الطبقي السائد وفي مقدمته ملاكي الأراضي الكبار, ويمكن تلخيص جوهر هذه السياسة في محاولة خلق شريحة متوسطة من الفلاحين, وذلك بواسطة توزيع جزء هام من أراضي الدولة, وقد سهرت أجهزة الدولة على تنظيم" المستفيدين" من هذه العملية في تعاونيات يتجاوز دورها النشاط الفلاحي والهدف من هذه العملية يكمن في محاولة تخفيف حدة الصراع الطبقي في البادية, وتكوين ركيزة اجتماعية إضافية للحكم في المجتمع المغربي.
-         تدهور وضعية الطبقة العاملة رغم نموها الكمي, وذلك لعدم احترام القوانين الجاري بها العمل
من طرف الرأسماليين المغاربة ومن ضمنهم المقاولات العمومية, إن دوس حقوق العمال كان يتم تحت حماية مختلف أجهزة الدولة, وقد خاضت الطبقة العاملة المنظمة آنذاك في إطار ا.م.ش. نضالات مريرة(مثل إضراب عمال الفوسفاط سنة 1968 الذي دام أكثر من شهرين).
-         بروز حركة الشبيبة التعليمية لقد لعبت الحركة الوطنية دورا مهما غداة 1956 في فتح باب
 المدرسة أمام أبناء الجماهير الشعبية.
وبعد وصول الأفواج الأولى إلى الثانوية والجامعة اتضح لها أن خيرات البلاد الكثيرة محتكرة من طرف فئة قليلة وأن أغلبية الشعب محرومة, وستبقى محرومة, وأن أفاق مستقبل أبناء الشعب تبقى مظلمة, لقد اكتشفت هذه الأجيال الطبيعة الحقيقية للحكم, ومن هنا ستلعب هذه الفئة الإجتماعية دورا مهما في تأجيج الصراع الطبقي.
3-     على مستوى الثقافي
كأن هدف الحكم هو تعميق الجهل داخل المجتمع, وكانت استراتيجيته في هذا الميدان تعتمد على خلق كل مظاهر الثقافة المحافظة التي تساعده على إعادة إنتاج العلاقات الإستغلالية والمخزنية السائدة, إن محاولة تكوين جمعية هادفة ومستقلة عن أجهزة الدولة تكاد أن تكون من المستحيلات, وقد يتعرض أصحاب المبادرة للإعتقال بتهمة الإخلال بالأمن العام... ولولا صمود بعض المثقفين لما رأت مجلة" أنفاس" النور. هذه المجلة التي لعبت دورا مهما في الدفاع عن مكونات الثقافة الشعبية, ودورا لا يقل أهمية في نشر الوعي داخل أوساط الشباب.
ومن الوسائل التي حاول الحكم استعمالها لفرض هيمنة الثقافة السائدة نذكر استغلال الدين عن طريق الإذاعة والتلفزة والمسجد( خطبة يوم الجمعة أصبحت دعاية سياسية) والمدرسة(قرار إجبارية الصلاة في التعليم الإبتدائي والثانوي)...
4-     على المستوى السياسي:
لقد اتسم الصراع الطبقي باحتداد قوي على المستوى السياسي, وذلك منذ 1956.
يمكن تقسيم الفاعلين السياسيين الرئيسيين إلى الأقطاب الآتية :
أ?-       الحركة الوطنية بمفهومها العام, وهي تضم بشكل أساسي الأقطاب الآتية:
-         حزب الاستقلال كحركة سياسية- تنظيمية
-         الإتحاد المغربي للشغل"ا.م.ش" كقطب نقابي.
-         مجموعة المقاومة وجيش التحرير.
-         الحزب الشيوعي رغم أن وزنه كان جد محدودا.
ب?-  الملاكون الشبه- الإقطاعيون, وقد شكلوا قبل 56 |إحدى أهم ركائز الإستعمار.
ت?-  مجموعة من المثقفين " الليبراليين" المنحدرين من أوساط" العائلات الكبيرة" الحضرية والذين ترعرعوا في أحضان المستعمر وتشبعوا بثقافته.
ث?-  مجموعة الأطر المغربية التي تمكنت من كسب مواقع مهمة داخل أجهزة الدولة, بعد 1956( خصوصا الأطر العسكرية التي شاركت في الحروب الاستعمارية ضد شعوب المنطقة الهند- الصينية ).
إن الفئات الثلاثة الأخيرة تمكنت من إيجاد وبسرعة فائقة أرضية مشتركة صلبة للتكتل من أجل الحفاظ على مصالحها وتنميتها, خصوصا وأن فرنسا كانت عازمة على تسليمها مقاليد الحكم وقد لعب المثقفون الليبراليون" رضا كديرة" دورا مهما في بناء استراتيجية سياسية ذكية مكنت هذا التكتل من بسط سيطرته الشبه المطلقة على المجتمع وذلك في غصون 7 سنوات فقط.
إن مكونات الحركة الوطنية التي قادت نضالات الشعب المغربي نحو الاستقلال, فقد عجزت عن تحقيق ما كانت تطمح إليه الجماهير الشعبية, وذلك راجع لأسباب عدة, منها:
-         إن حزب الاستقلال في تلك المرحلة, كان عبارة عن جبهة واسعة لتيارات سياسية وفكرية تعبر في
العمق عن مطامح مختلف الفئات الاجتماعية التي كانت تشكل قاعدة التنظيمية, فشعار الاستقلال غير كافي لتوحيد الرأي, خصوصا وأن هذا الحزب كان يفتقد إلى برنامج سياسي واقتصادي لما بعد الاستقلال.
-         إن قيادة ا.م.ش. كانت منذ 1955 حريصة على فرض سيطرتها على الطبقة العاملة وبكل الأساليب,
وذلك بإبعادها على الهموم السياسية والفكرية, وكانت تناهض كل عمل من شأنه توعية العمال بدورهم الطبقي في عملية تحرير المجتمع, فرغم مساهمة قيادة ا.م.ش في تشكيل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية(ا.م.ق.ش ) فإنها لم تتخل في يوم من الأيام عن سياسية عزل العمال عن النضال السياسي.
-         أما مجموعات المقاومة وجيش التحرير والتي يمكن تصنيفها بالجناح العسكري  للحركة الوطنية, فرغم
وعي جل قادتها بالمشاكل الأساسية لما بعد الاستقلال السياسي وإيمان هؤلاء القادة بضرورة الاستمرار في عملية التحرير لبناء مغرب وطني تقدمي فإن التكتل الطبقي الرجعي المتنامي تمكن من تفكيكها وإجهاض مشروعها في المهد, مستغلا في ذلك الصراعات الداخلية للحركة الوطنية, وانعدام الوعي الثوري لدى قواعد لمقاومة وجيش التحرير, والامتداد المخزني عبر بعض أطر جيش التحرير المرتبطين بملاك الأراضي الكبار الشبه الإقطاعيين والذين كان لهم تأثير مهم في بعض المناطق( الأطلس المتوسط وشرق البلاد).
إذن يمكن, وبكل تركيز, تلخيص مميزات الصراع السياسي خلال فترة 56-60 فيما يلي:
-         انفجار التناقضات الداخلية للحركة الوطنية والتي تمخض عنها ميلاد الاتحاد الوطني للقوات الشعبية
 بكل تناقضاته الداخلية.
-         ويمكن أن نقول أن فرنسا والولايات المتحدة  كانت تلعب دورا مهما, عبر عدة قنوات في تاطير وتوجيه
 الصراع السياسي لتلك المرحلة, والهدف من ذلك هو التحكم في عملية بناء دولة ما بعد 56 بشكل يمكنها من لعب أدوار إيجابية في إطار استراتيجية الإمبريالية المعادية لحركات التحرر عبر العالم, والحركات العربية والإفريقية بشيء خاص.
إن انتفاضة العامل عدي وبيهي بتافلالت لا يمكن تفسيره إلا بمحاولة فرنسا خلق حزام أمني شرق المغرب لعزل المقاومة الجزائرية عن المقاومة المغربية وقطع طرق التموين عن المقاتلين الجزائريين... إن ما حاولت فرنسا القيام به شرق المغرب خلال 56-57, هو ما قامت به إسرائيل في جنوب لبنان ربع قرن من بعد.
إن منع الحزب الشيوعي المغربي في آخر الخمسينات لا يمكن إلا أن يخدم سياسة الإمبريالية الأمريكية التي كان من أهدافها القضاء على الثورات التقدمية عبر العالم, وذلك في مواجهة حركات التحرر الوطني, ولمعسكر الاتحاد السوفياتي.
إن فترة 61-65 قد عرفت حسم موازين القوى لصالح التكتل الطبقي الرجعي القاعدة الاجتماعية للحكم المخزني, وذلك بفرض دستور يشرعن الحكم الفردي, وبناء مؤسسات دستورية- البرلمان- الجماعات المحلية) بأساليب بعيدة كل البعد عن الأساليب الديمقراطية, لقد عجزت الحركة الوطنية وقف ذلك المسلسل الرهيب رغم المقاومات التي بذلتها مختلف مكوناتها, ورغم تضحيات العشرات من المناضلين.
ويمكن تلخيص الأساليب التي ساعدت الحكم على حسم موازين القوى لصالحه في النقط الآتية:
-         الصراعات الداخلية لمكونات الحركة الوطنية, فرغم تواجدها في الحكومات الأولى ورئاستها للمجلس
 الإستشاري المشكل غداة استقلال 56 فإن أقطاب الحركة الوطنية لم تتمكن من توحيد صفوفها والتحكم في مجرى الأحداث على الصعيد الوطني.
-         انعدام أي مشروع مجتمعي متكامل من شأنه تجنيد الطبقات الشعبية حول قيادة تقدمية منسجمة, وذلك
رغم اجتهادات بعض رموز الحركة الوطنية (الهدي بن بركة, الفقيه البصري, عبد الرحمان اليوسفي...)
-         سكوت جل أطراف الحركة الوطنية على القمع الدموي الذي تعرض له سكان الريف والذي ذهب
ضحيته آلاف من الأبرياء وقد أفقدها هذا السكوت شعبيتها في تلك المناطق.
-         ظهور تنظيمات سياسية رجعية برعاية الحكم, مثل الحركة الشعبية التي تميزت بنغمة الدفاع عن
 مصالح البادية بشكل عام ومصالح الأمازيغية بشكل خاص, وجبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية المتميزة بنغمة الدفاع عن القيم الديمقراطية وتحديث المجتمع...
-         تشكيل أجهزة القمع الرهيب التي لم تتردد في الاعتقالات التعسفية, وطبخ الملفات, والاختطاف, والتصفية الجسدية ...
لقد حمل حزب الاتحاد الوطني لقوات الشعبية" ا.و.ق.ش." مشعل المقاومة والتصدي منذ نشأته, وذلك رغم تناقضاته الداخلية, وقد شكل الاستفتاء على الدستور الممنوح الأول محطة تاريخية مهمة حيث واجه فيها الحزب مخطط الحكم بقراره مقاطعة الاستفتاء, وقام المناضلون الاتحاديون رغم القمع الرهيب بدعاية مكثفة عبر كافة التراب الوطني, وقد تبنى حزب الاستقلال آنذاك موقف التكتل الرجعي الداعي إلى التصويت بنعم؛ أم قيادة ا.م.ش فحالت دون أن يعبر العمال عن موقف نضالي وذلك باسم استقلالية العمل النقابي وأولوية الخبز عن السياسة...
بعد مغادرة وزراء حزب الإستقلال الحكومة عشية الانتخابات التشريعية الأولى, لوحظ  تقارب بين أو.ق.ش. وحزب الاستقلال, هذا التقارب الذي تقوى بعد الانتخابات التي نزل فيها الحكم بكل ثقله لفبركة برلمان مزور لم يعكس في شيء الواقع السياسي بالبلاد : لقد تدخلت مختلف أجهزة الدولة مستعملة مختلف الوسائل بما في ذلك الطائرات المروحية باقليم الغرب لإرهاب الجماهير ودفعها للتخلي عن القوى الوطنية... إن النتائج الانتخابية أرغمت أو.ق.ش. وحزب الاستقلال على اتخاذ موقف مقاطعة الانتخابات الجماعية "القروية والحضرية" رافضين بذلك تزكية مسلسل التزوير والإرهاب.
إن التناقض بين الحكم والحركة الوطنية بقيادة أ.و.ق.ش. أصبح عدائيا, واتضح أن التغيير الجذري أصبح طموحا شعبيا. وفي هذا المناخ الثوري, استغل الحكم تردد أطراف الحركة الوطنية, وهشاشة تنظيماتها, لتدبير مؤامرة 1963 ضد أ.و.ق.ش. : اعتقال مئات المناضلين, اختطاف العشرات, نفي المئات, استشهاد الآخرين...
بعد كل هذه الأحداث بدأ يتضح لكثير من مناضلي أ.و.ق.ش. أن التعايش مع ركائز الحكم أو بناء مجتمع ديموقراطي في ظل تلك الهياكل السائدة أصبح من المستحيلات...
وقد تعددت الأجوبة على السؤال المعروف: ما العمل ؟ لم يستطع الحزب , الذي كان شبه مشلولا, تأطير النقاشات الداخلية ومركزة الأراء... فبدأت كل مجموعة تمارس قناعاتها خارج الضوابط الحزبية, فهناك من بدأ في تشكيل نقابات قطاعية خارج أ.م.ش (النقابة الوطنية للبريد, النقابة الوطنية للتعليم ...).
وهناك من بادر في تنظيم المقاومة المسلحة (مجموعة الشهيد شيخ العرب في 64)...
وفي هذه الأجواء المتسمة, بالإرهاب السياسي, والزحف على خيرات الوطن, وتشريد آلاف الفلاحين... بدأ يتغير خطاب حزب الاستقلال منتقدا مختلف جوانب سياسة الحكم, وبدأت تتبلور الأسس النظرية لشعارات أواخر الستينات وبداية السبعينات: الأرض لمن يحرثها, التعادلية...
وإذا كانت جريدة"التحرير" الاتحادية, قد لعبت دورا مهما في فضح سياسة الحكم ابتداءا من أواخر الخمسينات, وذلك رغم الإعتقالات التي كانت تشمل مسؤوليها, والرقابة المفروضة عليها, ومصادرة الكثير من أعدادها, فإن الصحافة الاستقلالية, قد لعبت كذلك دورا لا يقل أهمية ابتداء من الانتخابات التشريعية الأولى (جريدتي "العلم و La nation" و" L opinion"  بعد منع "La nation") كما لعبت جريدتي الحزب الشيوعي "المكافح ثم الكفاح الوطني " دورا مهما في نشر الأخبار حول النضالات العمالية.
وفي هذه الظروف المتسمة كذلك بحدة الصراعات السياسية برزت خلافات داخل التكتل الرجعي الحاكم, ستبقى مخلفاتها تسمم العلاقات بين أحرضان و كديرة إلا حدود وفاة هذا الأخير, وقد نتج عن ذلك الشلل التام للفديك ذلك المخلوق الإداري, وقد سهلت فيما بعد هذه التناقضات مبادرة المعارضة البرلمانية الوطنية التي تمكنت من تمرير ملتمس الرقابة أطاحت به الحكومة.
وأمام عزم الحكم على تشديد الخناق عن كل ما هو حي, وعلى تصعيد سياسة الإرهاب (الاعتقالات, الإختطافات...) وأمام عجز أطراف الحركة الوطنية على تنظيم وقيادة المقاومة الشعبية, لم يبق أمام الشبيبة التعليمية بشكل خاص إلا ردود الفعل النضالية العفوية, وقد توجت هذه النضالات بانتفاضة مارس 1965 العفوية التي انطلقت من مدينة الدار البيضاء, لتشمل مدن أخرى لكن بأقل حدة.
لم تشف بعد دماء شهداء الدار البيضاء, حتى سارع قادة كل القوى السياسية إلى تلبية دعوة الحكم السياسية الإلتحاق بمدينة إيفران. لقد كان هدف الحكم هو إجهاض حركة المقاومة الشعبية التي بدأت تعم مختلف الأقاليم, وإيهام الجماهير بإمكانية الدخول في عهد جديد يتسم بالديمقراطية الحقة والتناوب السياسي ولهذا كان الحكم في حاجة ماسة على أن كسب مساندة أو حياد أقطاب الحركة الوطنية, إنها سياسة ربح الوقت لإعادة ترتيب البيت وتحديد خطة المرحلة.
إن إعلان حالة الاستثناء وإختطاف المهدي بن بركة, وتصعيد القمع بخرت كل الأوهام..إن انتفاضة مارس 65 هي بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس, فالتطورات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية التي عرفها المغرب منذ 1956, والتي اتسمت بالاستجواذ على خيرات البلاد من طرف التكتل الطبقي الرجعي, ومراكمة الإنتصارات السياسية لصالحه, وعجز أقطاب الحركة الوطنية على التصدي لهذا الإكتساح الرجعي... إن هذه التطورات قد دفعت ببعض المثقفين وبالشبيبة التعليمية المنحدرة من الأوساط الشعبية إلى البحث عن أسباب الإنتكاسات, إلى محاولة تقديم بدائل, وهكذا عمت النقاشات قواعد أ.و.ق.ش والحزب الشيوعي, كما تعدت هذه النقاشات الأوساط الحزبية لتشمل معظم الشباب المغربي في المدن وفي القرى,وعبر كافة التراب الوطني. وقد أصبحت الثانويات والكليات والمعاهد... عبارة عن" أ وراش" سياسية, أيديولوجية أعطت مناضلين من نوع جديد لم يترددوا للإلتحاق بقافلة النضال الجذري وبأفق جديد.
ثانيا: الربط الجدلي بين الوطني والقومي
إن غرس الكيان الصهيوني المصطنع في قلب جسم الأمة العربية والعدوان الثلاثي الفرنسي الإنجليزي الصهيوني على مصر في سنة 1956, بعد تأميم قناة السويس, والإنجازات السياسية الإيجابية للأنظمة الوطنية في مصر والعراق وسوريا...حرب اليمن الشمالية بين الجمهوريين والملكيين, وحروب التحرير في الجزائر واليمن الجنوبية, وثورات ظوفار, وايريتيريا, كل هذه العوامل لعبت دورا أساسيا في نشر الروح القومية العربية بالمغرب, ومعادة الإمبريالية, فقد كان لكل نضال قومي صداه في المغرب.
وهذا ما يفسر اليوم تضامن الشعب المغربي بكل مكوناته الثقافية مع الشعب العراقي رغم أخطاء قيادة هذا الأخير.
إن حرب يونيو 1967 ونتائجها الكارثية بالنسبة للأنظمة القومية, وبروز المقاومة الفلسطينية بوجه ثوري جديد, وظهور اليسار الماركسي الفلسطيني, إن هذه العوامل كلها ستمكن المناضلين من فهم التفاعل الجدلي بين التحرر الوطني والتحرر القومي.
ثالثا: التشبع بالفكر الثوري الأممي:
إن النقاشات والمطالعات, والبحوث قد مكنت مئات من المناضلين من الإضطلاع على تجارب الشعوب الأخرى. إن ثورة 1789 الفرنسية بشكل عام وكومونة باريس بشكل خاص, والثورات البلشفية, والصينية والكوبية وانتصارات حركات التحرر الوطني عبر العالم وأحداث مايو 68 بفرنسا, وتصاعد المقاومة الشعبة بقيادة الأحزاب الشيوعية بآسيا, والنقاشات النظرية داخل الحركة الشيوعية العالمية, إن كل هذه الأحداث التاريخية لعبت بدون شك دورها في تنامي الوعي الثوري بالمغرب خلال الستينات وبداية السبعينات.
وقد اتضح للعشرات من المناضلين الربط الجدلي وبين ثورات  الشعوب وصيرورة تحرير الإنسانية بشكل عام, وأهمية التضامن الأممي بين الشعوب بشكل خاص.
رابعا: ميلاد التنظيمات الماركسية- اللينينية
أن المحاور الأساسية للأوراش السياسية – النظرية التي عمت البلاد قد تمحورت حول:
-         التركيبة الطبقية للتكتل الحاكم وطبيعته الرجعية
-         الطبيعة الطبقية لمكونات الحركة الوطنية ومحدودية  نضاليتها.
-         الحركة الثورية والنظرية الثورية
-         الحزب الطليعي والثورة الشعبية.
-         الثورة الوطنية الديمقراطية والثورة الاشتراكية
-         الإستراتيجية والتكتيك في عملية التغيير
-         القضية الفلسطينية كقضية وطنية
-         الربط الجدلي بين الوطني والقومي والأممي
ومن خلال الفحص النظري لهذه المحاور, وعبر الممارسة النظرية اليومية وسط الجماهير, ومعايشته الواقع الحزبي بالنسبة للبعض, ومعايشة الواقع الإقتصادي والإجتماعي والسياسي بالنسبة للجميع, فقد بدأ العشرات من المناضلين الطليعيين في تشكيل الأنوية الأولى لليسار الجديد.
فبالنسبة لنا داخل الحزب الشيوعي (حزب التحرر والإشتراكي) فقد اتضحت وبكل سهولة الطبيعة الإصلاحية للجزب, وانفضحت استراتيجية قيادته الباحثة على التراضي بأي ثمن مع الحكم والتخلي عن الأهداف الثورية: صدور بيان لتدعيم الحكم غداة انتفاضة مارس65, الذيلية المطلقة لقيادة الحزب الشيوعي السوفياتي التحريفي, التخلي عن اسم الحزب الشيوعي وتبني اسم حزب التحرر والاشتراكية بدون نقاش قاعدي, وبدون تقديم العناصر الضرورية لتعليل ذلك الإختيار تصريحات المرحوم علي يعتة خلال محاكمته ومواقف متذبذبة من القضية الفلسطينية( مساندة مشروع روجيرز الأمريكي بدون نقاش داخلي)... إن هذه العناصر جعلت العشرات من المناضلين ينسحبون من الحزب, وذلك بداية من أواسط الستينات( مجموعات فاس بقيادة المرحوم حمامة, مجموعة مكناس...).
وقد توجت هذه الإنسحابات بتنظيم لقاء وطني حضره ممثلوا مختلف القطاعات الحزبية( الشبابية والعمالية, والفلاحية...) تقرر من خلاله الانسحاب من حزب التحرر والاشتراكية وذلك بتاريخ 30 غشت 1970, وهكذا تشكل التنظيم الماركسي اللينيني الذي حمل اسم" تنظيم أ" ثم اسم " منظمة إلى الأمام " وقد التحق بهذا التنظيم عشرات من المناضلين الذين كانوا يعملون خارج الإطارات الحزبية ومن ضمنهم الشهيد عبد اللطيف زروال.
أما على مستوى " أ. و. ق. ش " فإن الفوضى العارمة التي كانت تميز علاقاته التنظيمية, والانقسامات التي كانت تمزق قيادته( اتجاه قادة المقاومة وجيش التحرير بالخارج وامتدادا تهم الثورية, داخل المغرب من جهة, الاتجاه السياسي المعتدل الذي كان يتزعمه المرحوم عبد الرحيم بوعبيد, من جهة ثانية, والإتجاه السياسي- النقابي اليميني الذي كان يتزعمه عبد الله ابراهيم والمحجوب بن الصديق من جهة ثالثة...) إذن هذه الوضعية لم تساعد المناضلين من تنظيم انسحابهم من الحزب, وهكذا ظهرت للوجود عدة مجموعات من أصل اتحادي ( مجموعات الرباط, مجموعة مراكش...) وتوحدت أغلبيتها مع مجموعات انسحبت من حزب التحرر والاشتراكية قبل 1970 وشكلت تنظيما ثوريا ماركسيا لينينيا حمل اسم " التنظيم ب" الذي تولد عنه من بعد تنظيمات: لنخدم الشعب, 23 مارس, منظمة العمل, الحزب الاشتراكي الديمقراطي...
 
الخلاصة:
إن اليسار الجديد هو نتاج طبيعي لظروف موضوعية تميزت:
1-     على الصعيد الوطني:
          بصيرورة إعادة الهيكلة الطبقية لمجتمع ما بعد 56 وما صاحبها من تراكم الثروات في قطب والفقر في    
          قطب آخر.
-         بتصاعد النهب الاقتصادي والاستغلال الطبقي, والاضطهاد السياسي والاجتماعي والثقافي.
-         بعجز أقطاب الحركة الوطنية في مواجهة سياسية التكتل الطبقي الرجعي.
2-     على الصعيد القومي:
-         ببسط الإمبريالية الغربية نفوذها على الأمة العربية عن طريق إسرائيل والأنظمة الرجعية العربية,   
     والدركيين الإقليميين وعلى رأسهم إيران الشاه.
-    بعجز الأنظمة القومية في مواجهة السيطرة الإمبريالية الصهيونية.
-    ببروز المقاومة الفلسطينية كقوة فاعلة في المنطقة.
3-     على الصعيد العالمي:
-         بالتصدع الذي عرفته الحركة الشيوعية العالمية وهيمنة الأطروحات  التحريفية السوفياتية.
-         بذيلية جل الأحزاب الشيوعية العربية للحزب الشيوعي السوفياتي.
-         بامتداد الصراع بين الشعوب المضطهدة من جهة, والقوى الإستعمارية والإمبريالية من جهة أخرى.
وقد تميز اليسار الجديد منذ نشأته بالإستقلال التام عن جميع الجهات, من الناحية السياسية والمادية, وذلك رغم تبنيه الإشتراكية العلمية ومساندته لكل الكفاحات عبر العالم, وفي مقدمتها نضال الشعب الفلسطيني ونضالات الشعوب المضطهدة في افريقيا وأسيا وأمريكيا اللاتينية وتعاطفه مع نضالات العمال بالدول الغربية.
 
المحمدية 21/08/98
 
سبق نشره بجريدة النهج الديمقراطي العدد 35/30 غشت 1998
 
 
 
 
قراءة في تاريخ وحاضر اليسار الجديد
 
في نهاية الستينات, بدأ عدد من المناضلين الذين ناضلوا لسنوات طويلة وسط حزبي " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" و" الحزب الشيوعي المغربي" الذي كان يسمى آنذاك حزب التحرر والاشتراكية بدأوا ينسحبون من هذين الحزبين ويشكلون خلايا سرية ستتبلور فيما بعد في إطار منظمات سرية ماركسية- لينينية. هكذا ستجتمع عدد من الخلايا والحلقات السرية المشكلة من مناضلين منحدرين, في أغلبهم, من حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في إطار منظمة ستعرف فيما بعد بمنظمة" 23 مارس" وستعيش في بداية تجربتها انشقاقا سيؤدي إلى تشكل منظمة "لنخدم الشعب" بينما سيؤسس, في 30 غشت 1970, مناضلون منحدرون بالأساس من "حزب التحرر والاشتراكية" منظمة ستسمى فيما بعد بمنظمة " إلى الأمام".
فما هي, يا ترى, الأسباب التي دفعت هؤلاء المناضلين إلى الانسحاب من الأحزاب الوطنية وتأسيس منظمات سرية ماركسية- لينينية؟ وما هي دروس تجربتها وأفاق نضالها وفعلها؟ لا شك أن الجواب على هذه التساؤلات مهمة شاقة وشائكة تتطلب أكثر من مقال لذلك ستحاول التركيز بعد التطرق لظروف النشأة, على الأسباب التي سمحت باستمرار وتطور الحركة الماركسية اللينينية المغربية, رغم حملات القمع الرهيب الذي ووجهت به والأخطاء التي ارتكبتها, وستنعرض في التقييم, خاصة لتجربة منظمة إلى الأمام.
 
1) ظروف النشأة       
 لقد تظافرت, في نهاية الستينات, ظروف داخلية وخارجية لتؤدي إلى بروز حركة سياسية تعمل في السرية وتتبنى الماركسية- اللينينية, رغم بعض الاختلافات فيما بين المنظمات التي شكلت هذه الحركة على مستوى قراءة وفهم التراث الماركسي واللبينيني وكذا على مستوى التصور الإستراتيجي للثورة المغربية ودور مختلف الطبقات الكادحة فيها.
أ?-       الظروف الداخلية
بعد أن استطاع النظام المخزني حسم مسألة السلطة لصالحه ولصالح الطبقات السائدة التي يمثلها( الطبقة الشبه الإقطاعية المشكلة من ملاكي الأراضي الفلاحية الكبار: قواد وشيوخ وأعيان البوادي المسمون كمبرادور) بعد صراع طويل مع الحركة الوطنية تمثل في تقسيمها واستغلال الفوارق الطبقية داخلها: السماح للجناح البرجوازي داخل الحركة الوطنية بتطوير مصالحه الاقتصادية وإدماجه داخل أجهزة الدولة ما عدا الأجهزة القمعية التي ظل النظام حريصا على مراقبتها وضمان ولائها). وذلك تحت شعارات " الوحدة الوطنية " " وبناء مغرب ما بعد الاستقلال" ؛ وتحييد الطبقة العاملة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل" بفضل إعطاء امتيازات للمركزية النقابية ودفعها إلى تبني سياسة الخبز والابتعاد عن القضايا السياسية ( قضايا التحرر الوطني والانعتاق من الإستغلال والاستبداد والقهر" والانعزال عن "حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية" مواجهة الجناح الراديكالي داخل الحركة الوطنية بالحديد والنار. تصفية وتقتيل عناصر جيش التحرير وحركة المقاومة المعبرين عن مصالح الكادحين في البوادي والمدن, إخماد الانتفاضات الشعبية, وخاصة في الريف سنتي 58 و 59, وفي الأطلس بالقمع الدموي كل هذا وتصاعد نهب المخزن والطبقات السائدة لخيرات البلاد وعرق كادحيها, وقد كان التقتيل الوحشي الذي ووجهت به انتفاضة الدار البيضاء في 23 مارس 1965 أحسن تعبير عن اختلال موازين القوى بشكل واضح لصالح النظام وبداية مرحلة جديدة من الإرهاب والاستغلال المكثف ومن تقوية الأسس الاقتصادية  للطبقات السائدة وربطها بالنظام المخزني عبر استحواذها, بأبخس الأثمان في الغالب, على ضيعات المعمرين والعديد من ممتلكات الأجانب" عقارات, محلات تجارية, شركات...)
وعوض أن تدفع هذه التطورات حزبي اليسار آنذاك الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب التحرر والاشتراكية إلى تنظيم مقاومة الجماهير الشعبية لجشع ملاكي الأراضي الكبار والكبمرادور وبطش النظام المخزني ونهبه, ارتكنا إلى الانتضارية والمساومات الفوقية بينما كان الجناح الراديكالي داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ينظم شبكات مسلحة معزولة سرعان ما تسقط في شباك أجهزة القمع. وتؤدي إلى اعتقالات وتعذيب فظيع وأحكام قاسية تصل في بعض الأحيان إلى الإعدام.
أما" حزب التحرر والاشتراكية" فقد كان يتميز بتقديم التنازل تلو التنازل للسلطة وبالتبعية المطلقة لسياسة الإتحاد السوفياتي الخارجية, الشيء الذي كان يؤدي به خاصة في القضايا القومية الفلسطينية تحديدا, على اتخاذ مواقف لا تخدم مصلحة شعوب العالم العربي.
إن هذا الواقع كان يخلق حالة من التذمر وسط أعداد كبيرة من مناضلي هذين الحزبين خاصة وأن الجماهير الشعبية, رغم كل القمع الذي ووجهت به لم تلبث أن انخرطت من جديد في النضال ضد سياسة الطبقات السائدة, فانطلقت منذ 1968 وبقوة كبيرة, النضالات العمالية, وخاصة في المناجم, وعرفت العديد من المناطق الفلاحية, خاصة المسقية, انتفاضات الفلاحين ضد استيلاء المعمرين الجدد الذين كانوا بدورهم قد سلبوها من القبائل أيام الاستعمار_ فلاحو أولاد خليفة بالغرب تسلطانت, أولاد تايمة) وتميزت الحركة الطلابية والتلاميذية بنفسها النضالي القوي وبديناميتها الفكرية.
ب?-  الظروف الخارجية
لعل أهم حدث كان بمثابة الصدمة بل الزلزال بالنسبة لكل  المناضلين هو الهزيمة النكراء التي منيت بها الجيوش العربية (الجيش المصري, والسوري والأردني) على يد الكيان الصهيوني فيما سمي بحرب الأيام الستة في يونيو 1967, وقد اعتبر ذلك انهزاما للأنظمة الوطنية في مصر وسوريا وتعبيرا عن  عجز البرجوازية الصغرى التي شكلت قاعدتها الاجتماعية عن قيادة حركة التحرر من الإمبريالية والصهيونية والرجعية وعن ضرورة النضال من أجل استلام الطبقة العاملة والكادحين عموما قيادة حركة التحرر الوطني.
وقد عزز هذا التصور التطورات التي عرفها العالم آنذاك :
فعلى صعيد العالم العربي برزت تيارات تتبنى الفكر الماركسي اللينيني, لعل أشهرها الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين.
في نفس الوقت كان انطلاق وتصاعد الكفاح المسلح من طرف الثورة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني يعيد الأمل إلى شعوب العالم العربي ومناضليها في إمكانية مواجهة الصهيونية ويبين أن المقاومة الشعبية قادرة أكثر من الجيوش والأنظمة العربية على الدفاع على القضية الفلسطينية, لذلك أثارت الثورة الفلسطينية تعاطفا واحتضانا منقطع النظير من طرف كل شعوب العالم العربي على الخصوص.
أما في فيتنام, فقد كان الشعب الفيتنامي بقيادة الحزب الشيوعي يلحق الهزائم على تلو الهزائم أعتى إمبريالية ألا وهي أمريكا بعد أن طرد الإمبريالية الفرنسية من فوق أرضه.
وفي أمريكا اللاتينية: كانت الثورة الكوبية قد استطاعت القضاء على نظام باتستا الموالي لأمريكا وتبنت الإشتراكية وقضت على الطبقات المستغلة.  في نفس الآن, كانت حرب العصابات في العديد من دول أمريكا اللاتينية وتحت قيادة حركات تتبنى الإشتراكية تهدد الإمبريالية الأمريكية في منطقة تعتبرها تابعة لها.
وفي الصين استطاع الحزب الشيوعي بزعامة ماوتسي تونغ من الإنتصار في حرب التحرير الشعبية على الإقطاع والإمبريالية ومكن ربع سكان العالم من الخروج من التخلف وبناء الإشتراكية, وقد كان لهذا الحزب الفضل في انتقاد تحريفية البيروقراطية السوفياتية وإطلاق الثورة الثقافية ضد خطر البيروقراطية داخل الحزب والدولة.
وأخيرا أثرتالحركات التي انطلقت في أوربا الغربية في 1968 وعرفت أوجها في فرنسا في ماي 1968 والتي قادها الطلبة والشباب ضد النظام الرأسمالي في هذه البلدان وما ينتجه من أشكال الإستغلال والإستيلاب والإضطهاد وكذا انتقادتها للأحزاب اليسارية التقليدية (الحزب الأشتراكي والحزب الشيوعي) أثرت في تشكل فكر وممارسة الحركة الماركسية اللينينية المغربية.
كل هذه العوامل مجتمعة "العوامل الداخلية والخارجية" كان لها أبلغ التأثير على المناضلين اليساريين في المغرب وكانت تدفعهم إلى إعلان القطيعة مع الحزبين الذين كانوا ينتمون إليهما وإعادة استكشاف التراث الماركسي-اللينيني وتنقيته من التشويهات والتحريفات التي لحقته وبناء منظمات ثورية تتبنى الإشتراكية العلمية وتعمل في السرية بسبب خطها الثوري وظروف نشأتها في مرحلة الإرهاب الأسود الذي أعقب انتفاضة 23 مارس 1965 وإعلان حالة الإستثناء.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
تقييم تجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية
وخاصة منظمة إلى الأمام وآفاق  تطورها
 
لقد قدمت الحركة مفاهيم جديدة للعمل السياسي وتمثلت بالخصوص, فيما يلي:
-         التأكيد على أن النظام المخزني غير قابل للإصلاح وأن التناقض الأساسي في بلادنا هو بين الكمبرادور وملاكي الأراضي الكبار والإمبريالية من جهة, وكل الطبقات والفئات الشعبية من جهة ثانية وأن حل هذا التناقض يتم في ظل الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية التي تضم مجمل الطبقات والفئات الوطنية وأن تحالف العمال والفلاحين تحت قيادة الحزب البروليتاري الثوري هو العمود الفقري لهذه الثورة وبالتالي فإن بناء هذا الحزب مهمة حاسمة لنجاح الثورة وتوحيد الحركة الماركسية-اللينينية المغربية يشكل خطوة على هذا الطريق.
-         وبالتالي ركزت على النضال وسط الطبقات الكادحة وعلى رأسها الطبقة العاملة والإلتحام بهمومها ومشاكلها والعمل على تنظيمها ونبذ الإزدواجية التي طبعت ممارسة القوى السياسية المعارضة آنذاك في الإنتظارية والسلبية ومحاولة الركوب على النضالات أو تلجيمها أو اللجوء إلى محاولات مسلحة معزولة.
وأعطت منظمة "إلى الأمام" أهمية قصوى لتربية المناضلين في خضم النضال, وليس بالإنكماش على الذات في إطار خلايا التكوين كما عملت على تسليحم لمواجهة القمع والتعذيب والصمود في وجه الهجومات الإيديولوجية الرجعية والإصلاحية والإستمرار  في النضال في أحلك ظروف السرية والسجون, وقد عبرت العديد من المقالات عن هذا التوجه, منها "لنبن الحزب البروليتاري تحت نيران العدو" إن هذا التوجه الكفاحي لعب دورا هاما في التصدي لمحاولات الإجتثات وساهم في استمرار وتجدد منظمة "إلى الأمام" وفي إشعاعها.
-         جعلت منظمة "إلى الأمام" من ضمن أهم أولوياتها الإهتمام بالنظرية, وأكدت على تبنيها للإشتراكية العلمية وعلى دراسة التراث الإشتراكي والإستفادة من دروس الثورات الشعبية, وخاصة الثورات الروسية والصينية والفيتنامية والإنفتاح على الفكر الراديكالي والسعي إلى إعادة استكشاف التاريخ الكفاحي لشعبنا الذي شوهته القراءات المخزنية المغالطة والتصورات الخاطئة للتيارات السائدة داخل الحركة الوطنية:
-         كما دأبت الحركة على تحليل مستجدات الوضع السياسي في محاولة لفهم تطوراته, ليس في تجلياتها السياسية السطحية, بل في محدداتها الطبقية العميقة, ولذلك أعطت أهمية كبيرة لدراسة التشكيلة الطبقية والتغيرات التي تطرأ عليها.
-         وأكدت دائما على الدور الحيوي للنقد والنقد الذاتي, والتقييم المستمر للممارسات والمواقف والأهداف والأسس النظرية.
وسعت الحركة إلى نشر آرائها السياسية وفكرها الماركسي اللينيني وسط أوسع الفئات الشعبية (إصدار دورية ومناشر وكراسات...).
وانخرط مناضلو الحركة الماركسية-اللينينة المغربية في النضال على مختلف الواجهات, بحيوية وتفان كبيرين, فسعوا إلى الإلتحام  بنضالات العمال وتواجدوا في النقابات المنضوية في " الإتحاد المغربي للشغل " ثم بعد تشكل " الكونفدرالية الديمقراطية للشغل" وبروزها كمركزية نقابية مناضلة, ورغم تشبثهم بالوحدة النقابية للطبقة العاملة, اعتبروا أنه يجب العمل في المركزيتين النقابيتين المناضلتين والتواجد في هذه المركزية أو تلك حسب ما يخدم مصالح الشغيلة.
ورغم محاولاتهم إيجاد إمكانيات للارتباط بالفلاحين ونضالاتهم واهتمامهم الكبير بما كان يجري في البادية  المغربية, لم يستطع مناضلو الحركة تحقيق أي تواجد يذكر وسط الفلاحين, وذلك بسبب الحصار البوليسي المضروب على البادية وطبيعة أغلب المناضلين كمثقفين ومتعلمين مرتبطين بالمدن أساسا.
ونظرا لما كانت تتمتع به, في نهاية الستينات وبداية السبعينات, الشبيبة التعليمية (الطلبة والتلاميذ) من نضالية عالية, ووعي متقدم وبما أن عددا كبيرا من المناضلين كانوا طلبة أو تلاميذ, فقد اهتمت الحركة بهذين القطاعين اهتماما كبيرا وقادت نضالاتهما بل استطاعت أن تستلم, في 1972 خلال المؤتمر 15, قيادة "الإتحاد الوطني لطلبة المغرب" وأسست في 1972, النقابة الوطنية للتلاميذ كنقابة سرية مكافحة.
والتفتت الحركة في وقت مبكر إلى الأهمية القصوى للمسألة النسائية. وأولت اهتماما ملحوظا للعمل الجمعوي, خاصة الثقافي لما له من دور في نشر الثقافة والوعي التقدميين.
وكانت الحركة سباقة إلى تنظيم أشكال مواجهة القمع والدفاع عن حقوق الإنسان حيث تشكلت في 1972 لجان مناهضة القمع ضمت آنذاك عددا من المنظمات كالاتحاد الوطني لطلبة المغرب والاتحاد الوطني للمهندسين والنقابة الوطنية للتعليم... وسيتطور هذا الاهتمام ليؤدي إلى مساهمة حاسمة لمناضلي الحركة في بناء وتوسيع وتطوير حركة حقوق الإنسان, وخاصة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
وحولت السجون من أماكن يراد لها أن توقف النضال وتزرع اليأس في النفوس إلى قلعات للمواجهة والتصدي وهكذا جعلت من المحاكمات مناسبة لمحاكمة النظام المخزني والطبقات السائدة وسياستها الاقتصادية والاجتماعية الرجعية وللتعبير عن المواقف الثورية. وبفضل الإضرابات عن الطعام وخاصة اللامحدودة منها, ومختلف أشكال الاحتجاج والتصدي لمحاولات الإبتزاز والمساومة على المواقف والتشبث بالكرامة, وبفضل تضامن حركة العائلات ونضالها المستميث وتعاطف كل شرفاء هذا الوطن, استطاعت مجموعات المعتقلين السياسيين المرتبطين بالحركة الماركسية-اللينينية أساسا أن تساهم بقوة في تشكل رأي عام وطني ودولي يآزر ضحايا خرق حقوق الإنسان في المغرب ويطالب بالديموقراطية الحقة, وكان لهذه النضالات داخل السجون ونشر ثقافة التحدي والصمود واستمرار المناضلين في السجون في الإنشغال بقضايا الشعب المغربي وفي تقييم تجاربهم والاجتهاد النظري وتتبع الأوضاع في المغرب وخارجه بالغ الأثر على صيرورة النضال الجماهيري وساهمت في إذكاء جذوة النضال وبعث الأمل وفي التحاق العديد من المناضلين الجدد بالحركة وأعطت دفعة للنضال من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان وقوت المواجهة الشعبية للسياسات التصفوية للمخزن, وسنسوق هنا كمثال حركة الطلبة القاعديين المتعاطفة مع اليسار الجديد والتي لعبت دورا كبيرا في تنظيم المواجهة الطلابية للمخططات التصفوية في التعليم العالي وقدمت في سبيل ذلك تضحيات جسام وكذا حركة حملة الشهادات المعطلين التي تنظم فعل هذه الفئة على طول خريطة البلاد.
غير أن القمع الوحشي الذي واجه الحركة منذ نشأتها والأخطاء التي ارتكبتها أدت إلى إرباك مسيرتها مؤقتا وقد نتج عن ذلك بروز اتجاه قبل بقوانين اللعبة التي سطرها الحكم وسيعرف فيما بعد ب"منظمة العمل الديموقراطي الشعبي" بينما استمر الإتجاه المتشبث بالأسس الثورية التي أنبنت عليها الحركة في محاولة تطوير الخط السياسي حيث انصب على تقييم التجربة وإعطاء أجوبة على مستجدات الوضع السياسي والطبقي وتعميق معرفته بتعقيدات مجتمعنا. وقد تمثلت الخطوط العريضة لتقييم تجربة"إلى الأمام" في اعتبار أنه ساد الإعتقاد:
إن الثورة على الأبواب خاصة في الفترة التي شهدت احتداد التناقضات في قمة السلطة والتي انفجرت في شكل محاولتين انقلابيتين الشيء الذي أدى إلى سيادة الاندفاعية وطغيان رد فعل وغياب أو ضعف التكتيكات المحكمة والإنسياق وراء تقييمات ذاتية كاحتقاره قوة العدو ودور القوى الإصلاحية ومعاداتها كما أنه تم التركيز على العمل وسط الشبيبة التعليمية بدل الإنغراس وسط الطبقة العاملة والفلاحين والكادحين بشكل عام.
وقد تم إسقاط بناءات استراتيجية مستنسخة من تجارب أخرى على واقع بلادنا حيث كانت منظمة "23 مارس" تعتقد أن الثورة المغربية ستكون على شاكلة الثورة الروسية (انتفاضة شعبية تحت قيادة الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي البلشفي) في حين ظنت منظمة "إلى الأمام" أن الثورة في المغرب ستكون على شاكلة الثورة الصينية (حرب تحرير شعبية طويلة الأمد بقيادة الحزب الشيوعي وتحالف الطبقة العاملة والفلاحين) كما تم تبني تصورات للطبقات والصراع الطبقي اتسمت إلى حد ما, بالاقتصاداوية والميكانيكية مما كان يؤدي إلى استخلاص خلاصات متفائلة من الأزمات التي يعيشها نظام الرأسمالية التبعية في المغرب. وقد كان من نتائج ما سبق ضعف أو غياب الربط ما بين الاستراتيجية والتكتيك مما كان له أثر سلبي على كل منهما.
أما على المستوى التنظيمي الداخلي, فقد تميزت منظمة "إلى الأمام" في فترة 1970-1972, بضعف التنظيم واالمركزية والعفوية, وقد أدى تقييم التجربة في نوفمبر 1972, إلى ضبط التنظيم ومركزته كضرورة موضوعية أمام تصاعد وتيرة القمع دون أن يؤدي ذلك إلى غياب الديموقراطية الداخلية التي شكلت مبدأ ثابتا في ممارسة منظمة "إلى الأمام" ومثلت أحد العوامل الذي يسمح لها بالإستمرار والتجدد.
وفي مجال العمل الجماهيري ارتكبت بعض الأخطاء لعل أهمها تركيز بعض المناضلين على الصراع الفوقي ضد الأجهزة في المنظمات الجماهيرية عوض العمل الدؤوب والطويل النفس مع القواعد, وتحميل بعض الإطارات أكثر من طاقاتها "الإتحاد الوطني لطلبة المغرب" أو اللجوء إلى السرية بالنسبة لإطارات كان الواقع والنضال يتيحان إمكانية بناءها في العلنية " النقابة الوطنية للتلاميذ" وعدم قبول المكتسبات والتشبث في بعض الأحيان بمطالب غير واقعية وحتى النهاية.
ورغم ما سبق, فإن الأطروحات الأساسية حول طبيعة النظام القائم والطبقات السائدة والطبيعية المتذبذبة للأحزاب الإصلاحية كتعبير عن قاعدتها الطبقية المشكلة من طبقات وسطى وتبني خط النضال الجماهيري والتركيز على الطبقة العاملة والكادحين والعمل على بناء الحزب الثوري البروليتاري والاهتمام بالنظرية والاجتهاد دون الإنكماش على النفس بل التأكيد باستمرار على ضرورة البناء في أتون النضال والصمود في وجه القمع بمختلف أشكاله المادية والمعنوية وفي وجه الإغراءات والتنظيرات الانتهازية وإقامة علاقات داخلية ديمقراطية, كل ذلك أبان عن صحته ولا زال إلى يومنا هذا يشكل بحق مفخرة الحركة الماركسي-اللينينية المغربية.
وقد عمل المناضلون المتشبتون بخط هذه الحركة  على إعادة بنائها بعد ضربات القمع التي تلقتها خلال السبعينات, مستفيدين من تقييم تجربتها, ومن تحليل المستجدات التي عرفتها بلادنا منذ أواسط السبعينات وتوفير أجوبة عليها نجملها في ما يلي:
- لقد تغنى النظام المخزني بإطلاق ما سماه ب" المسلسل الديمقراطي" والذي تحمست الأحزاب الاصلاحية له أما الحركة فقد اعتبرت أن هذا المسلسل الديمقراطي المزعوم ليس سوى طلاء زائف لإخفاء تعمق مخزنة المجتمع وتزايد الاستبداد وتكريس الحكم الفردي وتفاقم تفقير وتهميش وتجويع السواد الأعظم من الشعب.
-         كما أدانت سياسة " السلم الاجتماعي" معتبرة إياه مؤامرة هدفها تصعيد نهب عرق الكادحين والمزيد من إغناء الأغنياء وتفقير الفقراء.
والحال أن التطورات اللاحقة أكدت ولا تزال تؤكد إلى يومنا هذا سدادة هذين الموقفين.
ودافعت عن حل ديمقراطي لقضية الصحراء يتمثل في تقرير المصير للشعب الصحراوي وإعادة بناء وحدة شعوب المنطقة ذلك الحل الذي تبناه الرأي العام والمنتظم الدولي وأصبح الحكم في المغرب نفسه يقبله رسميا.
وقد حاولت منظمة" إلى الإمام" تدقيق إستراتيجيتها بفضل معرفة أحسن لواقع مجتمعنا وللتناقضات المختلفة التي يحبل بها. الشيء الذي  دفعها إلى إعطاء أهمية خاصة للقضية الأمازيغية وللخصوصيات الإقليمية وللعمل وسط الأحياء الشعبية, كما أن ذلك ساهم في إغناء تكتيكاتها وإعطائها مضمونا متقدما يمزج, في ظل ميزان معين للقوى, بين ما يمكن تحقيقه وما ينير للجماهير أفق التحرر من الاستبداد والاستغلال والاضطهاد مما أدى إلى بلورة برامج مرحلية ومتوسطة المدى.
إن هذه التطورات من صمود الحركة وخاصة منظمة " إلى الأمام" في وجه القمع, في الساحة والسجون, وتفاني مناضليها في النضال وبلورة أجوبة سديدة على مستجدات الواقع والتشبث بالروح الثورية وبالجوهر الحي للماركسية وبالديمقراطية داخليا وفي علاقاتها بالجماهير... أكسبت المناضلين المتشبثين بالمشروع الأصلي للحركة تعاطفا واحتراما كبيرين في الثمانينات في العديد من الأوساط الشعبية, وخاصة الشباب في نفس الوقت أدى القمع الرهيب الذي ووجهت به الحركة إلى تحفظ العديد من المناضلين على الإلتحاق بالمنظمات السرية والتي لم تكن هي نفسها قادرة على استيعاب ذلك الكم الهائل من المتعاطفين. ولإيجاد الحل لهذه المعضلة وفي غياب الشروط الموضوعية آنذاك لبناء تيار سياسي علني واستفادة من تجربة بناء تيار الطلبة الديمقراطيين في الجامعة كتيار علني والتي طرحت فكرته " إلى الأمام" في يناير 1976 ضمن نشرة سميت " 24 يناير" صدرت في نفس السنة والذي عرف انتشارا واسعا غداة رفع الخطر عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب تحت اسم النهج الديمقراطي القاعدي, طرحت منظمة "إلى الأمام" ضرورة بناء تيارات ديمقراطية ذات أفق ثوري كتيارات علنية في القطاعات الجماهيرية الأساسية مع إمتدادات داخل المنظمات الجماهيرية, على أن تشكل مجمل هذه التيارات الديمقراطية حركة ديمقراطية ذات أفق ثوري علنية وطرحت فكرة إصدار جريدة علنية تتحلق حولها تلك التيارات وتشكل لسان حالها وبالفعل فقد أصدرت عدة مجلات مثل " المقدمة" وفي بداية التسعينات جريدة " الأفق" وقد تعثر هذا المشروع لعد أسباب نذكر منها:
-         اعتقالات 1985 التي مست أغلب أطر منظمة " إلى الأمام".
قلة الأطر المتمرسة بسبب اعتقال العديد من الأطر ولجوء جزء منها إلى المنفى وابتعاد جزء آخر منها عن العمل السياسي وانغماسها إما في العمل الجماهيري النقابي أو الجمعوي, أو في اهتمامات عامة فكرية وغيرها, وهذه الظاهرة " ابتعاد أطر محنكة ومناضلة عن العمل السياسي" تضر أيما ضرر بالتطور السياسي لتيارات اليسار الجديد الجذرية وتشجع العديد من المناضلين المترددين على الاستمرار في مواقفهم الرافض للتنظيم.
-         كرد فعل على تركيز الحركة على الشبيبة التعليمية والطلبة بالخصوص في الفترة الأولى من تجربتها, تم انسحاب منظمة " إلى الأمام" كلية من القطاع الطلابي وترك حركة الطلبة والقاعدين بدون تأطير سياسي, وقد كان من نتائج ذلك أن تربى العديد من مناضلي هذا القطاع على رفض التنظيم وعلى تشكيل المجموعات والتكتلات وبروز الزعامات وتفاقم الصراعات التي تطورت إلى صراعات تناحرية, وفي بعض الأحيان عنيفة. وقد أدى إلى تعقيد عملية رفد الحركة بمناضلين جدد من هذا القطاع وعمق بالتالي إشكالية الأطر المشار إليها أعلاه.
-         انطلاق الصراع بدون هوادة من طرف البعض ضد منظمة " إلى الأمام" وأبرز رموزها, وذلك باللجوء إلى المزايدات, والمغالطات ومختلف الأساليب اللارفاقية, وقد ساهم ذلك الصراع في إحباط العديد من المناضلين
ورغم ما سبق, وبفضل ما ستعرفه الساحة من تطورات في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات, ستنطلق دينامية جديدة وسط المناضلين الديمقراطيين
فعلى مستوى الوضع العام في البلاد, تعيش الحركة الجماهيرية تناميا كبيرا خلال هذه المدة تحت تأثير التدهور المروع لأوضاع الجماهير بسبب إلقاء أعباء الأزمة المتفاقمة لنظام الرأسمالية التبعية ولنهب المخزن على كاهل الجماهير الكادحة : الإضرابات النقابية الكبرى في1986 و 1990 والانتفاضات الشعبية في 1984 و 1990  في عدد من المدن المغربية: نضالات المعتقلين السياسيين وعائلاتهم ونضالات الحركة الحقوقية والحركة الثقافية الأمازيغية والحركة النسائية, وستلتحق المعارضة البرلمانية بهذا المد النضالي ( تقديم ملتمس الرقابة, المطالبة بإصلاحات دستورية وسياسية, تأسيس الكتلة الديمقراطية, الدعوة لإضرابات عامة من طرف  ك. د. ش و إ. ع. ش. م...) وقد لعب ذلك النضال دورا أساسيا في عزل النظام ومضاعفة الضغوط الدولية عليه خاصة في ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان والرشوة والفساد الإداري والمخدرات وقد تزامن ذلك مع تفكك الاتحاد السوفياتي وانهيار المعسكر الشرقي وتصاعد موجة المطالبة بالديمقراطية في مختلف أنحاء العالم في هذا الإطار, سيقدم النظام بعض التنازلات, من ضمنها العفو الشبه العام عن المعتقلين السياسيين والكشف عن بعض المختطفين في تازمامارت والسماح بعودة جل المنفيين وإعلان المغرب بالالتزام بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا ومصادقته على جل المواثيق وكذا عدد من الإجراءات السياسية الأخرى.
وبالرغم من أن الإصلاحات لم تطل ما هو جوهري حيث ظلت الدساتير المتتالية تشرعن الحكم الفردي والاستبداد المخزني, فإن هذه التغييرات فتحت الإمكانية أمام فصائل اليسار الجديد للنضال من أجل حقها في حرية التعبير والتنظيم.
لذلك ستنطلق في هذه الفترة بالذات نقاشات واسعة من أجل " تجميع المناضلين الديمقراطيين" أي محاولات بناء إطار قانوني يجمع شمل المناضلين الذين أفرزتهم تجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية, وهم مناضلون ارتبطوا إلى هذا الحد أو ذاك, بهذا الشكل أو ذاك, في هاته الفترة أو تلك, بتجربة الحركة أو تعاطفوا معها, ولم تكن تجمعهم, في الغالب, علاقات تنظيمية وانخرطوا في العمل على مختلف الواجهات, وخاصة المنظمات الجماهيرية, وأصبحوا يشكلون قوة لا يستهان بها دون أن يترجم ذلك إلى قوة سياسية مؤثرة ودون أن يندرج فعلهم ضمن خطة موحدة بسبب تشتتهم. غير أن التجميع لم يكن هما تنظيميا فقط, بل كان أيضا يعبر عن ضرورة البحث عن شكل جديد للعمل السياسي يسمح بإنجاز ما تحبل به المرحلة من إمكانيات بوصفها مرحلة نضال من أجل الديموقراطية.
وغنى عن البيان أن مهمة " تجميع " المناضلين الديمقراطيين ليست بالأمر الهين لاختلاف التجارب والأجيال وضعف التواصل بسبب الأوضاع الصعبة التي عاشتها الحركة منذ تأسيسها ( توالي حملات القمع والاعتقال, لجوء العديد من المناضلين إلى المنفى, ظروف العمل السري...) زاد من تعمقها" أي المهمة" ما عرفه العالم, خلال هذه المدة, من زلازل وهزات (انهيار البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي, سيطرة النظام العالمي الجديد, التراجع والانهيار الذي شهده العالم العربي...) أثرت بشكل كبير على العديد من المناضلين.
وقد كان طبيعيا أن تبرز خلافات حول العديد من القضايا لكن الخلافات الأساسية التي أدت إلى تعثر التجميع وتوقفه هي التالية:
-         إلحاح مجموعة من المناضلين على بناء حزب سياسي بسرعة دون توفير شروط ولادته الطبيعية لأنهم كانوا يريدون منه أن يكون جهازا انتخابيا يساهم في " الاستحقاقات " الانتخابية التي كانت وشيكة.
-         تنكرهم لرصيد الحركة الماركسية اللينينية المغربية وتراجعهم عن ثوابتها الأصلية الأساسية(الاشتراكية العلمية, الموقف من النظام المخزني...)
-         رغم اتفاق الجميع على أن الإطار المنشود يتبنى استراتيجية النضال الديمقراطي, الجذري, كان هؤلاء المناضلون ينزعون إلى اعتبار أن النضال الديمقراطي يعني الاندماج في اللعبة السياسية بينما كان الآخرون يرون في النضال الديمقراطي الجذري صيرورة نضالية تروم توفير الشروط الموضوعية والذاتية لأحداث التحول الجذري المنشود (إمكانية انصهار المناضلين مع الجماهير في نضالها اليومي في أفق خلق تنظيمات دفاعها الذاتي وكذا الرفع من وعيها السياسي والتنظيمي وتوحيد صفوفها).
وقد أدت هذه الصيرورة إلى تشكل الاتجاهات التالية:
-         انشأ مجموعة من المناضلين تنظيما سياسيا قانونيا تحت اسم " الحركة من أجل الديموقراطية غير واضح المعالم لحد الآن وإن كان سقفه لا يتعدى النضال من أجل الديموقراطية بشكل فضفاض.
-         في حين ارتأى مناضلون آخرون بناء تيار سياسي ملتف حول جريدة" النهج الديمقراطي" يطمح إلى المساهمة في بناء الأداة السياسية للطبقة العاملة والتغيير الجذري ويشكل امتدادا فكريا وسياسيا لتجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية, وخاصة منظمة " إلى الأمام " ويستمد مرجعيته الفكرية من الماركسية كمنهج للتحليل والتفكير وكنظرية للتغيير الثوري ومتفتح على تجارب الشعوب ونضالاتها من أجل الإنعتاق من الاستبداد والاستغلال وعلى إنجازات الفكر التقدمي العالمي في ميدان حقوق الإنسان, وعلى رأسها حقوق النساء, وفي ميدان الحفاظ على البيئة والدفاع على الأمن والسلم العالميين والعمل على تطوير التضامن والتآزر بين الشعوب وفي مجال بلورة تصورات وممارسات ديموقراطية تسمح بالمشاركة الفعلية للمواطنين في صنع القرارات التي تهم مصائرهم.
-         أما بعض المجموعات المنحدرة من تجربة الطلبة القاعديين, فقد شكلت تيار" المناضلين الديموقراطيين المستقلين" لكنها لازالت تكتفي, في الغالب, بالتنسيق في المنظمات الجماهيرية ولا يظهر لحد الآن أنها تتوفر على تصور سياسي وفكري واضح وموحد ومعلن عنه.
-         وفي الأخير, هناك مجموعات من المناضلين لم تلتحق بأي من هذه التيارات الثلاثة وتعمل في بعض المدن بشكل موحد في الميدان الجماهيري.
-         وفيما يخض منظمة العمل الديموقراطي الشعبي التي تشكلت من جزء من مناضلي منظمة " 23 مارس" ورغم انسحاب أغلب الأطر القديمة وتشكيلها للحزب الاشتراكي الديموقراطي, لازال الاتجاه السائد داخلها يساير الكتلة ويهادن المخزن أكثر من مواجهته.
-         وإذا كانت التطورات الموضوعية قد أدت إلى هذا الفرز داخل المكونات المنحدرة من تجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية أو القريبة منها, فإن تتويج الكتلة لسياسة التنازلات تحت غطاء ما سمى بالتوافق والتراضي بدخولها إلى حكومة" التناوب" المزعوم بشروط المخزن وتحت رحمته يبين بما لا يدع مجالا للشك أن قيادة النضال الديموقراطي من طرف الكتلة التي تمثل, بشكل عام , قوى برجوازية صغرى ومتوسطة قد فشلت في تحقيق الحد الأدنى من الإصلاحات الفعلية بالحفاظ على جوهر السلطة المخزنية المستبدة وأن النضال من أجل الديموقراطية والكرامة لكي يأخذ مداه لابد أن تقوده الطبقة العاملة وعموم الكادحين الذين من مصلحتهم القضاء على الدكتاتورية وبناء نظام ديموقراطي في أبعاده السياسية والاقتصادية  والاجتماعية
لذلك يجب تحقيق القطيعة مع مفهوم غامض للنضال الديموقراطي لا يحدد طبيعة قيادته الطبقية ويحاول حصره في تحريك النضالات الجماهيرية أو الاستفادة من زخمها من أجل تحسين موقع هذه القوة أو تلك داخل لعبة سياسية وضع المخزن تفاصيلها بدقة وإتقان لضمان استمراره في حلة جديدة, وعلى عكس ذلك يطرح بإلحاح على المناضلين المتشبثين بالتغيير الديموقراطي الجذري, فأحرى المناضلين الذين يسعون للمساهمة في بناء الأداة السياسية للطبقة العاملة والكادحين, أن يعملوا على أن تستلم الطبقات الكادحة قيادة النضال الديموقراطي ذي الأفق الثوري, وعى المناضلين المتشبثين بفكر الطبقة العاملة (الاشتراكية العلمية) أن يلعبوا دورهم الحيوي في إنجاز هذه المهمة.
من كل ما سبق, يتضح أن "التجميع" لا يمكن أن يلعب أي دور في هذه المهمة, بل قد يؤدي لا محالة إلى إعطاء نفس جديد لقيادة البرجوازية للنضال الديموقراطي مع ما يستتبع ذلك من مآسي لشعبنا ومن أخطار المشروع الأصولي.
وعلى عكس ذلك, فإن توحيد المناضلين المنحذرين, من الحركة الماركسية-اللينينية المغربية أو من أحزاب أو تنظيمات أخرى "مثل حزب الطليعة بالخصوص" أو غير المنظمين, الذين يتشبثون بالمشروع الاشتراكي الأصلي ويعملون على بناء الأداة السياسية للطبقة العاملة والكادحين ويواجهون المخزن ويطمحون إلى بناء نظام ديموقراطي في مختلف أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على طريق بناء الاشتراكية,   توحيدهم في إطار سياسي إشتراكي واضح المعالم ستكون خطوة حاسمة على طريق بناء الأداة السياسية للطبقة العاملة والكادحين وإنجاز الثورة.
وفي هذا الإطار يطرح على هؤلاء المناضلين أن يقوموا بمجهود جبار للمساهمة في تجديد المشروع الاشتراكي والدفاع عنه ونشره وإعادة الإشعاع إليه وتوضيح تمفصله مع النضال الديموقراطي الجذري وتطوير أشكال التنسيق والعمل المشترك بينهم وصولا إلى بناء إطار موحد وفي هذا السياق, لابد من تقييم الإنهيار الذي لحق البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية, وخاصة دور الحزب وعلاقته بالدولة والمجتمع ومنظماته المختلفة, قصد بلورة تصور بديل للحزب في ظل الإقرار بضرورة بناء أدوات التنظيم الذاتي المستقل للجماهير واحترام حقوق الإنسان والديموقراطية, وتعميق مضمونها كديموقراطية للمشاركة.
وفي نفس الآن, يجب النضال من أجل بناء قطب ديموقراطي جذري يضم إلى جانب القوى الاشتراكية المذكورة أعلاه, كل المناضلين الديموقراطيين الذين يناضلون ضد الاستبداد ومن أجل الديموقراطية الحقة, هذا القطب يمكن إذن أن تنظم إليه التيارات المنحدرة من تجربة الحركة التي تراجعت عن المشروع الاشتراكي الأصيل, لكنها تشبثت بهدف التغيير الديموقراطي الجذري.
 
 
سبق نشره بجريدة النهج الديموقراطي العدد 35/30 غشت 1998 
 
 

 



#النهج_الديمقراطي_العمالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهج الديموقراطي يدين هذه العمليات الإرهابية في المغرب
- فاتح مايو ..عيد العمال
- بيان بمناسبة فاتح ماي 2003 - المغرب
- لنتجند جميعا من أجل نصرة الشعب العراقي وضد الغزو الامبريالي ...
- بيان 8 مارس 2003
- بيان الكتابة الوطنية حول ما يتعرض له الحزب الإشتراكي اليمني
- المجلس الوطني للنهج الديمقراطي - المغرب
- حول الهجرة في أبعادها المتعددة
- التسلسل الزمني لأهم الأحداث التي عرفتها الحركة الماركسية – ا ...
- مواجهة الإيديولوجية الأمريكية
- دعم المقاومة الفلسطينية يمر بالضرورة عبر مقاومة الإمبريالية ...
- بيان اللجنة الوطنية للنهج الديمقراطي
- الطبقة العاملة بمنطقة الرباط – سلا – تمارة في مواجهة الليبرا ...
- قانون تنظيمي أم قانون تكبيلي للإضراب؟ قراءة نقدية لمشروع ا ...
- في مسألة التحالفات راهنا : القطب الديمقراطي الجذري
- أهم المراحل التي قطعها النهج الديمقراطي
- المفهوم الاشتراكي لقضية المرأة
- الديموقراطية تحت الحصار
- بمقاطعته العارمة لإنتخابات 27 شتنبر 2002 يعبر الشعب المغرب ...
- حول : - اليسار ومسألة التغيير السياسي والدستوري


المزيد.....




- سامح شكري يبحث مع نظيره الإيراني حل المسائل العالقة بشأن تطب ...
- بعد تلويح قطر بإغلاق مكتبها.. تشكيك بدور -حماس الدوحة- وحديث ...
- هل -فشلت- شركة تسلا على نحو غير متوقع؟
- في إطار مراجعة دورها - هل تغلق قطر مكتب حماس في الدوحة؟
- واشنطن تبحث عن نفوذها الضائع في ليبيا
- غانتس يعلن أن إسرائيل لم تتلق ردا عن موافقة حماس على الصفقة ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مبنيين في مستوطنة شتولا شما ...
- مصر.. بيان من وزارة الصحة حول الإصابة بالجلطات بسبب -أسترازي ...
- فوز عمدة لندن صادق خان بولاية ثالثة
- الأرثوذكس الشرقيون يحتفلون بمراسم -النار المقدسة- في القدس ( ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - النهج الديمقراطي العمالي - ظروف نشأة اليسار الجديد - المغرب